واهم من يعتقد ان اصلاح النظام السياسي في البلاد يعتمد على فقط على ما تطالب به جماهير انتفاضة تشرين العظيمة والمرجعية والقوى الوطنية والتي عبر عنها شبابنا الأبطال في سوح المظاهرات بعد أن جادوا بأنفسهم ورووا بدمائهم الطاهرة وطنهم بكل بسالة وشجاعة وقصص ملحمية فذة سيفخر بها العراقيون والعالم على مر التاريخ..
فإصلاح هذا النظام لايرتبط فقط بسن قانون انتخابات جديد يلبي ما نطمح إليه من إتاحة الفرصة لإنتاج طبقة سياسية جديدة للمشاركة في القرار سواء من خلال الحكم أو المعارضة.. أوبسن قانون مفوضية مستقلة نزيهة تثمر عن نتائج حقيقية وغير مزورة.. وبلا ريب فإن العملية الانتخابية تتأثر كثيرا بمدى كفاءة هذين القانونين وهما ركنان رئيسان في اصلاح النظام السياسي لكنهما ليسا كافيين اذا لم تتحقق أركان رئيسة أخرى..
ويمكن إيجاز هذه الأركان بالآتي..
أولا.. تفعيل وتعديل قانون الأحزاب وخاصة فيما يتعلق بأهم ركنين فيه وهما.. التمويل.. والسلاح.. فهذان الأمران يكشفان الكثير عن الخلل الذي أصاب المنظومة السياسية وجعلها ترتبط بأجندات خارجية واحتكار مؤسسات الدولة لتصبح مؤسسات تابعة لأحزاب ولمجموعات مسلحة وكلنا يتذكر المكاتب الاقتصادية لهذه الأحزاب ..
ثانيا.. تغيير النظام الداخلي لمجلس النواب وآليات عمله وسلوكيات أعضائه بما يضمن فاعليته وقدرته على المراقبة النزيهة وتشريع القوانين المؤثرة في حياة المجتمع وطريقة الاستجواب.. وتجريم النفوذ السياسي.. وابتزاز المؤسسات الحكومية أو التوسط في التعيينات والعقود الخ .. وأهم نقطة فيه هو التعهد الصارم بعدم السماح بالمحاصصة في التصويت على المناصب الحكومية بدءا من الرئاسات العليا ولأدنى وظيفة حكومية..
ثالثا.. إلغاء جميع امتيازات أعضاء مجلس النواب ورفع الحصانة عنهم فهم مواطنون عراقيون ولا أفضلية لهم على من رشحهم فالحصانة والحمايات والرواتب العالية والسيارات المصفحة والجوازات الدبلوماسية وتوفير السكن الفاره والإيفادات وغيرها من الامتيازات كلها من بدع المنطومة السياسية الحاكمة وببقاء هذه الامتيازات سيتقاتل أصحاب المنافع الشخصية والحزبية للحصول على مقعد نيابي باعتباره مغنما يوفر المال والسلطة والفشخرة والتكبر ولذلك لابد من تصحيح هذا المسار والاقتداء ببرلمانات الدول المتقدمة واعتبار العمل البرلماني هو عمل خدمة وتطوعي وليس منصبا حكوميا..
رابعا.. مفهوم الكتلة الأكبر والذي بسببه لم تستطع القوى السياسية بلورة حكومة الأغلبية فلابد من تصحيح المفهوم واعتبار الكتلة الأكبر هي من فازت بأعلى عدد من المقاعد النيابية في الانتخابات وليس كما هو معمول به الان بالتكتل في داخل مجلس النواب مما سمح بتصاعد المساومات والانتقالات المبنية على المصالح الشخصية وعدم وضوح الحزب او الكتلة التي انتجت الحكومة او التي تعارضها وهو ماسبب في خلل كبير في ضعف الحكومات وابتزازها..
خامسا.. هناك جملة من الشروط الأخرى لإصلاح النظام الانتخابي والسياسي تتعلق بضرورة عدم السماح لموظفي الدولة والقضاة وأساتذة الجامعات والقادة والوزراء وكل الدرجات الخاصة والمدراء كافة بعدم السماح للترشح الا بعد أن يقدموا استقالاتهم قبل ستة أشهر من تاريخ الترشح لضمان عدم استغلال الوظيفة الحكومية ومنافعها في التأثير في أصوات الناخبين..
سادسا.. سن قانون خاص بالدعاية الانتخابية والتي افتقدت في سنواتها السابقة الى معايير العدالة وكانت تمثل ظاهرة غير حضارية وغير جمالية ويجب أن يضمن هذا القانون عدم تشويه المدن وتحديد أماكن الدعاية الانتخابية وتحقيق العدالة بين المرشحين وغيرها من المواد التي تقطع الطريق أمام أحزاب السلطة من استخدام نفوذها في السلطة والمال والسلاح والإعلام وهي الأركان الأربعة للعملية الانتخابية في العراق والتي بسببها ينالون الأفضلية دوما..
هذه أهم الأركان في إصلاح النظام الانتخابي والسياسي ومن دون تحقيق هذه الأركان لن تتحقق أي تغييرات في المنظومة السياسية وإن تغيرت فلن تستطيع القوى الجديدة من إحداث فرق كبير يسمح بتحويل الفوضى السائدة في البلاد الى نظام شفاف وعادل ونزيه ..
وأخيرا المجد والخلود لشهداء انتفاضة تشرين العظيمة فبدمائهم ودموع أمهاتهم وآبائهم وذويهم وجهاد المرابطين الأبطال وجرحاهم الأشاوس وبصبرهم ونضالهم وسلميتهم سينتصر العراق من جديد ليعود وطنا حرا أبيا.. ونصرنا قريب..