خاص : ترجمة – آية حسين علي :
لم يُعد الوضع في شمال شرقي “سوريا” مفهومًا أو واضحًا، وهذا ما يعرفه السكان، الذين يسألون بخوف عن ما سوف يحدث خلال الأيام المقبلة، بينما تؤكد “قوات سوريا الديموقراطية”، (قسد)، التي كانت تسيطر على المنطقة منذ عدة سنوات؛ أن الأوضاع سوف تعود إلى طبيعيتها بمرور الوقت، بحسب صحيفة (لا بانغوارديا) الإسبانية.
وأشار الصحيفة إلى أن المنطقة تشهد تواجد أطراف عدة؛ بداية من القوات الأميركية والروسية والسورية والتركية إلى جانب “الجيش السوري الحر”، المدعوم من “تركيا”، و(قسد)، حتى باتت تشبه لعبة الشطرنج مقسمة إلى مربعات صغيرة ومتباينة، ومع ذلك لا تزال المعارك مستمرة ولم تتوقف رغم دخول اتفاقية “سوتشي”، التي وقعتها “أنقرة” مع “موسكو” وقبلت بها (قسد)، حيز التنفيذ.
“قسد” تعول على الوقت..
أشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن سلطات شمال شرقي “سوريا” تعترف بأن الوضع بات معقدًا للغاية، بينما صرح المتحدث الرسمي باسم (قسد)، “كينو غابريل”، بأن: “ما يحدث ليس بجديد، قبل ذلك كنا ننسق مع الروس في منطقة عفرين؛ واليوم اختلف الوضع لأن التواجد الروسي أصبح مكثفًا في المنطقة”، وأعلن أن القوات سوف تتعامل مع الروس والأميركان بنفس الطريقة، موضحًا: “سوف نواصل العمل مع القوات الأميركية والتحالف الدولي كما كان”.
موضحًا بأن: “المهم هو وقف الغزو التركي، بعدها سوف نبدأ عملية مفاوضات مع الحكومة المركزية”، مبينًا “غابريل”: “(قسد) أهدافها كما هي، نعمل من أجل إنشاء مؤسسة تتضمن مختلف الأعراق والمكونات الدينية، وتقوم على أسس مباديء الديموقراطية وحقوق الإنسان”، وأوضح أن النقاط التي يحتاجون إلى التفاوض بشأنها مع حكومة “دمشق” متعددة ومعقدة، والآن الأولوية هي الخروج من الأزمة بالحل العسكري.
القوات الأميركية عادت من أجل النفط..
تضيف الصحيفة الإسبانية؛ أنه رغم أن سكان عدة مناطق مثل: “قامشلي”، استقبلوا القوات الأميركية العائدة بقذفها بالحجارة بعد تخلي “واشنطن” عنهم، إلا أن القوات عادت للتمركز من جديد في عدة مناطق شمال شرقي “سوريا”، وتشير تقارير إلى أن عددهم بلغ 900 جندي، أي نفس العدد الذي كان موجودًا في المنطقة قبل أن يقرر الرئيس، “دونالد ترامب”، سحب قواته من “سوريا” وإعطاء الضوء الأخضر لـ”تركيا” من أجل تنفيذ الهجوم.
وبموجب اتفاقية “سوتشي”؛ فإن القوات التركية سوف تتشارك مع قوات روسية في درويات أمنية على طول منطقة الحدود، تمامًا كما كانت تفعل “أنقرة” مع “واشنطن” من قبل.
وبحسب تصريحات “غابريل”؛ فإن التواجد الأميركي يشمل المنطقة من “تكريت” حتى “دير الزور”، جنوب شرقي البلاد، وتقع آبار النفط، التي تمت استعادتها من قبضة (داعش)، في تلك المنطقة، وكان الدافع الذي أعلنه “ترامب”، لتبرير عودة قواته إلى “سوريا”، هو رغبة “واشنطن” في حماية تلك الآبار، لكن تمامًا مثل الوضع العام في المنطقة، لا تُعد تفاصيل مهمة القوات الأميركية واضحة.
وتواجدت قوات أميركية، خلال الأيام الماضية، في “تل تامر”، ليس بعيدًا للغاية عن مناطق تمركز القوات الروسية والسورية، وتُعد تلك المنطقة هي التحدي الأكبر أمام اتفاقية “سوتشي”؛ إذ لم تتوقف المعارك بها حتى الآن واضطر كثير من سكانها إلى الفرار.
المعارك دائرة والجميع يسعى للسيطرة..
تنُص اتفاقية “سوتشي” على أن تحتفظ “تركيا” بالسيطرة على المنطقة التي فرضت سيطرتها عليها خلال عملية “نبع السلام”، وأن تنسحب (قسد)، وهو ما حدث بالفعل بحسب تأكيدات “روسيا”، لكن تقدم الميليشيات المدعومة تركيًا لم يتوقف، رغم تمكن بعض قطاعات الجيش السوري من السيطرة على الأرض.
وكانت الحكومة المركزية قد وافقت على نشر قواتها على الحدود بعد التوصل إلى اتفاقية تفاهم مع (قسد)، وتشير اتفاقية “سوتشي” إلى أن النظام السوري سوف يكون مسؤولًا عن تأمين 15 موقعًا حدوديًا، وأشار “غابريل” إلى أن: “الجيش السوري سوف ينشر قواته تدريجيًا حتى يتمكن في النهاية من السيطرة على طول الحدود”.
وإلى جانب ما يمثله التواجد التركي من تعقيد للمشهد في هذا الجزء من الأراضي السورية، يُعد تواجد الجيش السوري أشد تعقيدًا مما بدا في البداية؛ إذ بعدما انسحب من عدة مواقع نتيجة لتقدم الميليشيات المدعومة تركيًا، طالبت “وزارة الدفاع”، القوات الموجودة في تلك المنطقة، بالإنضمام إلى الجيش من أجل “حماية البلاد من الإعتداء التركي”، وردت (قسد) بأن أي نداء للإنضمام إلى الجيش يجب مناقشته من أجل التأسيس لحوار بناء.