22 ديسمبر، 2024 4:06 ص

ضجيج الشرق الأوسط .. بين إستحقاقات شعبية وحربًا بالوكالة !

ضجيج الشرق الأوسط .. بين إستحقاقات شعبية وحربًا بالوكالة !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

لفتت التطورات العراقية واللبنانية، قبل نحو شهر، اهتمام شعوب ودول الشرق الأوسط. وثار سؤال عن إمكانية اندلاع “ربيع عربي” آخر. والكل نظر إلى هذه التطورات من زاويته؛ وأضاف إليها التطورات التي شهدتها المنطقة، قبل نصف عام، وأدت إلى تغيير الكثير من المعادلات وزادت من وتيرة الإلتهابات في الشرق الأوسط.

وعلاوة على التطورات العراقية واللبنانية؛ ساهمت التطورات السورية والعمليات التركية شمال هذا البلد، و”العقوبات الأميركية” على “إيران” والأحداث العسكرية بين البلدين، ثم العمليات العسكرية على الأراضي السعودية، وملف السلام الأميركي الفاشل مع “طالبان”، والتطورات اليمنية، وتوقيف السفن التجارية وغيرها في رفع وتيرة المخاوف من الاضطرابات في الشرق الأوسط. بحسب صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية.

لبنان والعراق.. فعل ورد الفعل..

والتطورات العراقية كانت بمثابة الرمز للشعب اللبناني؛ نظرًا لتشابه المطالب. ورغم أنه يمكن تعريف التمرد العراقي في إطار الأوضاع (الاجتماعية-السياسية) بهذا البلد، لكن لا يمكن إسقاط نفس النظرة على “لبنان”، لأن المطالب المدنية والاجتماعية في “العراق” أودت بحياة 250 قتيل وآلاف الجرحى، لكن في “لبنان” لم تسفر التظاهرات، لحسن الحظ، عن خسائر، وهذا بسبب السيطرة والإحتواء الأمني والعسكري في “لبنان”؛ ودليل على أن “العراق” لازال يعاني آثار إنهيار النظام السابق والاحتلال الأميركي وانتشار الأسلحة في البلاد.

كذلك لقد أثرت التطورات العراقية على “لبنان”؛ وحان دور إنعكاس تأثير التطورات السياسية في “لبنان” وسقوط الحكومة واستقالة، “سعد الحريري”، على “العراق” ورفع مستوى توقعات العراقيين، بحيث يتعين سقوط حكومة، “عادل عبدالمهدي”.

ومن غير المعلوم إلى متى تستمر الأفعال وردود الأفعال، والإجابة على هذا السؤال تستدعي البحث في جذور التطورات داخل هذا البلد.

بين إستحقاقات شعبية وحرب بالوكالة..

التصور الأول: ضاق شعبي البلدين بسوء الإدارة، وثارت التساؤلات عن أسباب تعرض الشعب العراقي أو اللبناني للمشاكل والمعاناة بسبب الفساد الحكومي ؟

التصور الثاني: تتكون معظم دول العالم من قوميات مختلفة، لكن لا يتم تقسيم الإدارة والمناصب الحكومية بين العرقيات المختلفة، وإنما بمقدور أي شخص، طالما يتمتع بالكفاءة، الإرتقاء وقد يصير وزير أو رئيس وزراء أو رئيس جمهورية أو رئيس برلمان. لماذا يجب في “العراق” و”لبنان” تحديد المناصب وتهميش الأكفاء ؟

التصور الثالث: عجز “العراق”، بكل ثرواته، و”لبنان”، بكل إمكانياته وخبراته، عن ركوب موجة النمو الاقتصادي. وأعتراف الشعبين، العراقي واللبناني، بعد سنوات، بعجز المسؤولين عن تحقيق الفائدة المثلى من هذه الثروات والإمكانيات، ووضع القطار العراقي واللبناني على مسار التنمية.

ويعاني الشباب، في البلدين، من البطالة والغلاء والتضخم. والتفكير في الهجرة يصيبهم بنفس مصير بقية اللاجئين في “أوروبا”، والبقاء في بلدانهم لا يلبي تطلعاتهم المستقبلية. ماذا إذاً يفعلون ؟.. التمرد والعصيان هما الوسيلة الوحيدة التي يملكون من خلالهما التعبير عن عقدهم الداخلية.

ولقد خاضت “أوروبا”، في الستينيات والسبعينيات، هذا النوع من الاضطرابات والتمرد وعدم الاستقرار.

التصور الرابع: التطورات العراقية واللبنانية؛ هي رمز للحرب بالوكالة الجديدة. فلقد فشلت “الولايات المتحدة” و”السعودية” و”إسرائيل” عن هزيمة “إيران” بالوسائل العسكرية أو الأمنية.

وخاضوا الحرب ضد “إيران”، من المنظور الاقتصادي، بفرض أفظع العقوبات وأشدها قسوة؛ ورغم الضغوط المتزايدة على الشعب الإيراني إلا أن العقوبات لم تنجح في تفتيت الدولة أو زعزعة الحكومة. لذلك تجرب هذه الدول حوزات أخرى ولجأت للأساليب الناعمة للانتقام والمواجهة ضد النفوذ والمكانة الإيرانية في الشرق الأوسط.

والسؤال الآن: أي هذه التصورات صحيح ؟.. ربما لو ننظر بواقعية إلى الأوضاع في “العراق” و”لبنان”، فسوف تكون التصورات الأربع صحيحة، وأنها جميعًا سبب تعقيد الأجواء في البلدين.

بعبارة أخرى، الشعبين، العراقي واللبناني، يألمون سواءً من سوء الإدارة وفساد المسؤولين أو من المحاصصة وتقسيم السلطة بين العرقيات المختلفة دون إلتفات إلى اللياقة والجدارة، أو من تخلف بلدانهم عن قطار التنمية رغم الثروات والإمكانيات. وقد هيأ هذا الاستياء المجال لركوب التيار المضاد فوق رغبات الشعبين العراقي واللبناني.

لكن من جهة أخرى، لا يمكن علاج هذا الاستياء بالعصيان والتمرد. ففي “العراق” يذهب، “عادل عبدالمهدي”، ويأتي آخر مشابه، وفي “لبنان” يذهب، “سعد الحريري”، ويعود من جديد.

وربما العلاج يكمن في التقدم والتنمية الثقافية الشعبية والمجتمعية وتعديل الدستور، وكلها ممكنة بالنضال المدني والطرق القانونية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة