17 نوفمبر، 2024 4:40 م
Search
Close this search box.

الصلات والشراكات بين دول خليجية و مؤسسات اعلام ومراكز دراسات الحكم و السياسة و جامعات عربية عريقة، و أثر تلك الصلات علي صناعة القرار العالمية

الصلات والشراكات بين دول خليجية و مؤسسات اعلام ومراكز دراسات الحكم و السياسة و جامعات عربية عريقة، و أثر تلك الصلات علي صناعة القرار العالمية

تنبهت ممالك و امارات الخليج العربي مؤخرا لأهمية الرسالة الاعلامية و مدي تأثيرها علي صناعة القرار الحكومي في الديمقراطيات الغربية عبر تدخلها في تنوير و توجيه الرأي العام ( للناخبين ) و ضغط هؤلاء علي ممثليهم في البرلمانات و الحكومات.. فطفقت تبحث لها عن موطئ قدم في الصناعة الاعلامية العالمية و عن مكان بين اباطرة الامبراطوريات الصحفية والتلفزيونية الكبري، سلكت ممالك الخليج عدة طرق منها:
اولا: محاولة التأثير في محتوي و مضمون تلك الوسائل الاعلامية عبر تكثيف الاعلان فيها..
ثانيا: الدخول في شراكات اعلامية وصحفية ظاهرها الشراكة التجارية والمهنية و باطنها السعي للتكسب السياسي و الدعاية لحكوماتها وتحييد تلك المؤسسات الكبري و ضمان الا تشن حملات انتقاد لسياساتها و لاوضاع حقوق الانسان فيها و عدم تسليط الاضواء علي التناقضات السياسية والاجتماعية فيها و لا علي دورها في الصراعات الدينية و تأجيج التطرف والارهاب، كان اول نموذج لهذه الحالة هي الشركة بين مجلة “النيوز-ويك” المرموقة و مؤسسة الوطن الكويتية، وكان الغرض الواضح هو اصدار نسخة عربية منها بينما كان الهدف الخفي هو تخفيف حدة انتقاد تلك الاصدارة المرموقة لسياسات الامارة ( دولة الكويت ) و حليفاتها الخليجيات الاخريات، تبع ذلك اصدار نسخة عربية عن دورية ال فورن-بوليسي المرموقة و مؤخرا انضمت الـ “اندبندنت” البريطانية لهذه القافلة عبر الشراكة مع مستثمر سعودي ايضا لذات الغرض ‘اصدار نسخة ورقية عن الصحيفة و موقع الكتروني عربي’
ثالثا: ايضا عبر صيغ مختلفة نجحت بعض الدول الخليجية من الحصول علي امتيازات كاصدار صحف علي ذات نسق ربيباتها الغربيات ‘عرب-بوست’.
رابعا: دخلت دول الخليج لتصبح مالك شريك في بعض اهم مؤسسات الاعلام العالمية بعد نجاح بعض المستثمرين و بعض الصناديق السيادية الخليجية من شراء اسهم في تلك المؤسسات، و عبر الملكية المباشرة تمكنت تلك الدول من ضمان صوت موالي و ممالئ لها في عائلة امبراطورية الرأي و الصحافة، فاصبحت صحيفة كـ “واشنطون-بوست” توالي حكام قطر بصورة فاضحة فيما تميل الـ “نيويورك-تايمز” للامارتيين و السعوديين! و انتقلت الشراكات الي الفضاء التلفزيون فتم الحصول علي رخصة لقناة عربية علي نسق الـ “اسكاي نيوز” و “سي ان ان” الامريكية و بذات العلامة و موقع الكتروني كذلك.
ايضا حصلت بعض الدول العربية علي امتياز و شراكات مع بعض كبريات مراكز الابحاث السياسية لاقامة افرع لها في المنطقة و اصدار تقارير باللغة العربية من تلك المؤسسات مركز “كارنيغي” الذي فتح فرع له في بيروت برعاية خليجية و مركز “بروكنغز” الذي اقام فرع لها في عاصمة قطر ( الدوحة )!
كانت الجامعات بحكم ان دورها معرفي و اكاديمي ( مع قليل من الربح ) السباقة لدخول المنطقة الخليجية والعربية و بمبادرة غربية في ذلك الوقت فاقامت “الجامعة الامريكية” فرع لها في بيروت منتصف القرن الماضي ثم اتبعته بفرع في القاهرة قبل ان تتناسل الافرع ولكن البقية كلها في الخليج حيث العوائد المجزية و الربح الوفير. ايضا اقامت “السوربون” الفرنسية العريقة فرع لها في ابوظبي اضافة لعدد من الجامعات الأوروبية والامريكية الاخري..
السؤال المهم هنا هل تنجح مساعي الانظمة و العوائل الحاكمة في الخليح وبقية الاقطار العربية عبر شراكاتها الجديدة والقديمة في كسب ود و تعاطف الرأي العامل و شراء ولاء الصحف المؤثرة و المراكز البحثية و مراكز الدراسات السياسية Think Tanks و المؤسسات الجامعية و بالتالي إحداث تغير في مواقف الحكومات الغربية لصالح تلك الانظمة؟
مؤكد لا، لأن ما تبذله تلك الانظمة من اموال في هذا الخصوص لا يعدو كونه رشي صغيرة، و لن تستطيع مهما اجتهدت ان ترشي كل الصحف و كل المراكز البحثية، و ما وضعته تحت سيطرة نفوذها المالي حتي الأن يمثل قطرة في بحر متلاطم و اوروبا و امريكيا تعج بالالاف من الصحف و المراكز مما لاتزال تضخ الافكار في شرايين اجهزة صنع القرار و عقول الرأي العام، و حتي تلك التي كسبت ودها الأن فانها لن تلبث ان تتخلص من هيمنة المال الخليجي متي شعرت مجالس امناءها ان صورتها اهتزت بأعين النخب و قطاعات مهمة من الرأي العام لأن تأثيرها سيتقلص مع استمرار صلاتها بالخليج بل و ستضطر اضطرارا الي الانحياز للموضوعية و الأمانة البحثية عند اول محك حقيقي، و كلنا رأينا كيف ان تلك المؤسسات رغم هيبتها وصيتها لم تتمكن من فعل شئ ذي بال للسعودية وهي تعاني في خضم قضية مقتل خاشقجي!
تغيير الرؤي و التصورات والمواقف لا يمكن ان يتم بالمال وحده! فنحن لا ننكر قيمة و اهمية المال؛ لكن المال لا يمكن ان يغير الحقائق و لا الاوهام المستقرة حتي؛ المال قد ينجح في تجميل بعض الامور لبعض الوقت، ما يغير تلك الحقائق و الاوهام هو القيام بعمل علي الأرض، و تغيير فعلي بخلق واقع جديد.. و امراء الخليج ينظرون لصحافة و مراكز بحث المجتمعات الغربية ذات نظرة اسلافهم حكام العصر الاموي و العباسي و الفاطمي لشعراء عصرهم! اليوم تضخ دول الخليج اموال طائلة في مؤسسات غربية لخلق لوبي مرتبط بها لكن العوائد لن تكون بمستوي ما تدفع مع ان القليل من تلك الاموال و بقليل من الحكمة كان ليصنع فارقا هائلا!

أحدث المقالات