ما لا يدركه البعض هو ان الطبقة السياسية الحاكمة في العراق ليست فاسدة و حسب بل انها عاجزة وغير كفؤة.
ولقد كشفت الاستجابة البائسة التي ابدتها الحكومة واجراءاتها الاصلاحية عن هذا العجز و عدم الكفاءة في التعاطي مع المحتجين وتنفيذ مطالبهم وكذلك اجراءات البرلمان التي أتت لتذر رماداً في عيون المتظاهرين فلم تستطع ان تمس ادنى مطالب المحتجين و شرقت و غربت في اجراءاتها .
ان وضع التشريعات و الاجراءات التي من شأنها مواجهة ومكافحة الفساد المستشري بصورة كاسحة في مفاصل الدولة هو الاُس الاول للاصلاح و من دون ذلك فكل الاصلاحات كذبة كبيرة سرعان ما ستنكشف لتزداد ضراوة الاحتجاجات وتتصاعد وتيرتها .
المشكلة ان من نرجو منهم مواجهة الفساد هم ذاتهم المفسدين و هم ذاتهم من يقودون مافيات الفاسد ويوفرون لها الحماية ويجعلون اعمالها شرعية وقانونية .
تستغل مافيات الفساد المرتبطة بالاحزاب الفوضى وضعف القانون في التضخم والاستقواء والاستحواذ على مزيد من مقدرات الدولة واموالها في صفقات هائلة لا يتم الكشف عنها و لا التأشير عليها وتبقى اجهزة الدولة الرقابية عاجزة امامها بل ومستفيدة منها.
ان تتبع مسؤولي الدولة و بعض موظفيها و ذويهم ومتابعة ارصدتهم و اموالهم وعقاراتهم سيكشف عن تضخم كبير في الارصدة والعقارات والاموال السائلة .
ان اي اصلاح منشود لا يمكن ان يتم دون ازاحة الطبقة الفاسدة المتحكمة بشؤون البلاد و هو ما لا يتم الا بوجود قيادة واعية توجه التظاهرات بشأن تغيير قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات ليضمن اقصاء هذه الفئة الملطخة بدماء الابرياء و اموال الفقراء و افضل من يمكن ان يقود هؤلاء المتظاهرين هم اساتذة الجامعات وعلمائها اذ لا يمكن ان تبقى فوضى التظاهرات تقاد من قبل صفحات ممولة لا نعرف الجهات التي تديرها و لا نعرف ما هي ارادتها وما هي مآربها .
ان استحقاق وجود قيادة للتظاهرات بات امراً ملحاً وضرورياً و لا يمكن اغفاله واللهو عنه.
ان صمود المتظاهرين وبقائهم في ساحات الاعتصام وعدم السماح لبعض القوى من محاولة ركوب الموجة ومصادرة نجاحاتهم و اختيار قيادة واعية ومستقلة وشجاعة من اساتذة الجامعات غير المسيسين تأخذ على عاتقها صياغة مطالب المتظاهرين و توجيههم و تولي دفة الاحتجاجات و تقف بوجه بعض المفسدين والمخربين وتعزلهم سيحقق نجاحاً لتلك التظاهرات ومن دون ذلك ستكون النتائج سلبية وتقود الى الفوضى ويعم الضرر الجميع.
ان عفوية التظاهرات لا تعفيها من مسؤولية اختيار من يمثلهم من المخلصين الشجعان كما ان عدم وجود قيادة واضحة سيضيع هذه الفرصة على ابناء هذا الشعب المسكين الذي ذاق الكثير من الويلات و أُشبع ظلماً وفساداً.
ان دخول اساتذة الجامعات على خط التظاهرات وانحيازهم الى جانب ابناء شعبهم في الاعتصام الذي نفذوه هو بادرة امل لاستبدال الطبقة الحاكمة الفاسدة والعاجزة والجبانة بطبقة نزيهة وعاملة وشجاعة تغير من وجه البلد وتسوقه نحو التقدم والنمو.
انها لهبّة مشرفة اعلت هام العراقيين و رفعت رؤوسهم عالياً و ستنتصر ارادة الامة بعد ان غُيبت و كادت تذوي وتموت.