القسم الرابع
إن مقترح ( تقليص ) رواتب المسؤولين من الرئاسات والوزراء وأعضاء مجلس النواب والدرجات الخاصة والوكلاء والمدراء ، الذي تقدم به السيد رئيس مجلس الوزراء ، خدعة لا تنطلي على مختص أو مهتم بشؤون الخدمة العامة ، لتكرار إستخدامه في كل من عهود الظلم والجور بعد الإحتلال البغيض ترضية للشعب المظلوم ، بدليل نص الفقرة (رابعا) من الخطاب على بطلانه ، حيث ( تخصيص الأموال المستحصلة من تقليص الرواتب إضافة لمساهمة الدولة لتأسيس صندوق رعاية إجتماعية ، يضمن أن لا يبقى عراقي تحت خط الفقر ، وذلك بحصول أي عراقي لا دخل له على منحة شهرية لا تقل عن (130) ألف دينار ، ويقدم مجلس الوزراء مشروع القانون الذي بدأ بصياغته إلى مجلس النواب لإقراره ) . وكأن خزينة الدولة وقانون موازنتها السنوية لا علاقة لهما بهذا الشأن ، حتى تصبح بعض مواردها من حصيلة الأموال المستحصلة من تقليص رواتب مسؤوليها بالصدفة ، كما لم ولن يستجيب أعضاء الحكومة أو البرلمان لتشريع ما يتضررون منه بشكل مباشر ، إلا بعد الإتفاق على تمريره بصيغة التصويت أو القرار غير القابل للتنفيذ ، وقد برهن مجلس النواب على ذلك بجلسته المنعقدة في 29/10/2019 ، بتصويته على حل مجالس المحافظات وإنهاء عمل مجالس الأقضية والنواحي خلافا لأحكام الدستور ، وعلى إلغاء المخصصات المالية وإمتيازات المسؤولين في البرلمان والرئاسات والهيئات المستقلة من دون إصدار القانون اللازم لذلك ، لأن مجرد التصويت لا يرقى إلى مرتبة وجوب التنفيذ المطلوب واللازم ، كما لا يعد ذلك إلا تضليلا وتسويفا معهودا بإمتياز الأولين والآخرين ، لتزامنه مع أحداث الغدر بالمتظاهرين وقتلهم حتى اليوم ، وعدم تلبية مطالبتهم بحقوقهم المشروعة ؟!، وعليه يكون القول الفصل في المنافسة الإنتخابية وإحلال البديل الذي يحقق المطالب بالتشريع ، وتلك هي أعلى مراحل الشرعية من أجل التغيير ، حين سيفوز بعضوية مجلس النواب من المرشحين العراقيين بالولادة ومن أبوين عراقيين بالولادة ، وبالتتابع الأصيل من غير مزدوجي الجنسية ، لإرتباط موضوع الحقوق والإمتيازات بأساسيات مهنية قانونية وإجتماعية ، لابد من فهم مقتضياتها ومتطلباتها الآتية :-
1- إن رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ونوابهم وأعضاء مجلس النواب والوزراء ، ليسوا من الموظفين الخاضعين لأحكام قواعد الخدمة العامة ، وإنما هم أعضاء سلطات تشريعية وتنفيذية عليا ذات عناوين مناصب حصرية ، تنظم شؤون شاغليها قوانين وأنظمة ذات قواعد وأحكام خاصة ، وهذا ما لم يترسخ في عقل وتفكير مسؤولي الصدفة أنفسهم ، حيث لا يزال تخبطهم في مستنقعات عدم التمييز المهني واضحا وجليا ، وذلك ما لا نأمل رؤيته في نتاج فكر المتصدين له مستقبلا .
2- إن المشكلة الأساسية تكمن في الإفراط المتطرف في تحديد مقادير المكافآت والرواتب والمخصصات أو الحقوق والإمتيازات لمسؤولي الصدفة ، مقابل تماديهم في إقرار التفريط المقصود بحقوق الأغلبية العاملة من الموظفين والمتقاعدين ، نتيجة هوسهم في الإستحواذ على كل شيء لأنفسهم ، حتى نسوا ذكر الله في إستحقاقات غيرهم ، وإن لم يكونوا من ذوي الخبرة والدراية في شؤون تنظيم الوظيفة العامة ومستحقاتها المادية ، حيث لا بد من الأخذ بمعدل الكفاية للدخل السنوي للمواطن ، معيارا للموازنة والقياس عند تحديد المستحقات المادية ، بعدالة تتناسب وتنسجم مع حجم ونوعية الأعمال المتسقة مع المؤهلات الشخصية الفاعلة عمليا وفنيا ، لأن الإبتعاد عن الوسط المعياري قيمة شاذه لا يمكن إعتمادها ، ولابد من معالجتها بالكيفية الضامنة لحق الدولة والمجتمع والأفراد من المال العام بالمنح أو بالإسترداد ، وذلك ما يستدعي ويقتضي ويتطلب إعادة النظر في الموضوع بشكل عام ، ضمانا لعدالة توزيع الثروات ومنح الحقوق بشكل متدرج ومتوازن ، على وفق المؤهلات العلمية والعملية ، وملائمتها مع مستوى ودرجة إشغال الوظائف والمناصب العامة والخاصة .
3- لابد من تحقيق التوازن بين موقع المسؤولية وضمانات المحافظة عليها ، وصيانتها من عوامل الإنتقاص من المكانة الإجتماعية والإقتصادية الإعتبارية ، حيث نادرا ما يستطيع بعض ذوي الشأن من أصحاب المناصب ، العودة إلى وظائفهم السابقة بعد إنتهاء مهامهم في مراكز السلطات العليا وإتخاذ القرار ، مما يستدعي وسائل الحل المسبق ، لتلافي الوقوع في إشكاليات الإستحقاقات غير الطبيعية ، ومنها أن يكون المرشح لتولي أحد المناصب المذكورة ، ممن له خدمة في دوائر الدولة أو ممارسة مهنة معتبرة مدة لا تقل عن (10- 15) سنة .
4- إحتساب مدة إشغال المنصب خدمة لأغراض تحديد الراتب بالنسبة لمن لم يكن موظفا ، إضافة إلى إحتسابها لأغراض العلاوة والترفيع والترقية والتقاعد بشكل عام ، على وفق أحكام قواعد الخدمة المدنية ، مع خيار الإستمرار في ممارسة العمل السابق ، على أن لا يتعارض ذلك مع هيبة ووقار وكرامة المنصب الذي كان مشغولا .
5- تحدد الإمتيازات المعنوية والبروتوكولية الشخصية ، بمدة لا تزيد على مدة إشغال المنصب وحسب نوعيته ومستواه ، على أن لا يشمل التمتع بها من قبل الأقارب مهما كانت درجة وصلة قرابتهم بصاحب الشأن خلال مدة إشتغاله .
6- إن موجبات رفد المواقع العليا في دوائر ومؤسسات الدولة بشكل عام ، ومراكز السلطات العليا وإتخاذ القرار بشكل خاص ، تستدعي تشجيع ذوي الخبرة والكفاءة العملية والعلمية الموثقة رسميا ، والمشهود لها بالنزاهة والإستقامة والإخلاص في الممارسة الفعلية ، على إشغال تلك المناصب من أجل خدمة الشعب وتحقيق مصالح البلاد العليا ، بأمانة ومثابرة وتفان غير محدود ، مع تأمين ما يتناسب وحاجة المسؤول الأعلى في العيش الكريم ، بعد إنتهاء مدة التكليف بالتعيين أو بالإنتخاب بموجب قانون خاص وبدون مغالاة .
إن الحل المناسب للوضع القائم منذ الإحتلال وحتى الآن ، يقتضي تشريع العام والخاص من القوانين بشأن الموضوع ، ضمن قواعد الخدمة المختلفة وآليات تنفيذها المانعة من تجاوز حدود الإستحقاقات الطبيعية ، إضافة إلى تشريع نظام المخصصات العام ، الذي يتم بموجبه تحديد مقادير المخصصات وكيفية منحها وحجبها واستبدالها ، مع إجراء التسوية فيما بين المستلم والمستحق منها خلال مدة الإستحواذ على المال العام منذ سنة 2003 ولحد الآن ، وأن لا يصار إلى منح المكافأة التقاعدية عند عدم إستحقاق الراتب التقاعدي ، قبل الغاء المنحة المالية غير القابلة للرد البالغة (50) خمسون ألف دولار لعضو مجلس النواب والوزراء ، وإسترداد ما صرف منها ، لأن من غير المقبول أن تكون هنالك منحة مالية عند بداية الخدمة مع مكافأة مالية عند نهاية الخدمة .
وعليه كانت رؤيتنا في المعالجة منبثقة من تجربة عملية تطبيقية وفعلية ، نضعها بين يدي وتحت نظر أعضاء مجلس النواب ، آملين عدم تقييم أو تقويم ذلك على وفق معايير التوجهات الحزبية والسياسية أو المنافع الشخصية ، لغرض إصدار التشريع المحقق لعدالة تحديد الإستحقاقات المالية لشاغلي المناصب والوظائف ، من مقادير المكافآت والرواتب والمخصصات المتناسبة والمنسجمة مع المركز القانوني للأشخاص في دوائر الدولة ، وكما ورد في مقالتا المؤرخة في 27/7/2018 حيث مقترح منح مبلغ المكافأة الشهرية بالدينار العراقي لشاغلي المناصب وتصدر بقانون ( الرئيس (5) خمسة ملايين / نائب الرئيس (4) ملايين / رئيس إقليم (3) ملايين / الوزير (3) ملايين / النائب (2) مليونين / درجة وزير (2) مليونين ) ، وفي المقترح تفاصيل كثيرة يمكن مراجعتها . كما تضمن مقترح جدول رواتب الموظفين بالدينار العراقي وكما يأتي :-
الدرجــــــــــــة ــــــــــ الحد الأدنى للراتب المقطوع .
العليا (آ) 1,400,000 مليون وأربعمائة ألف .
العليا (ب) _ 1,200,000 مليون ومئتين ألف .
الدرجة الوظيفية : حسب المقادير المحددة للرواتب والعلاوات في كل درجة ، والتي تقع بين راتب الحد الأعلى للدرجة الأولى البالغ (1,122.000) مليون ومائة وإثنان وعشرون ألف دينار ، نزولا إلى راتب الحد الأدنى للدرجة العاشرة البالغ (400,000) أربعمائة ألف دينار دينار .