22 نوفمبر، 2024 10:30 م
Search
Close this search box.

حينما يتقدم شعب علي حكومته بخطوة

حينما يتقدم شعب علي حكومته بخطوة

شوارع بغداد و بيروت تعج بالمتظاهرين، متظاهرين اخرجهم تخبط سياسات الدولة و عجز الحكم و فشل الادارة..
و قبل بيروت و بغداد خرجت شوارع الخرطوم و معها الجزائر التي لا تزال في كل جمعة تخرج محتجة..
لا نبحث هنا عن اسباب ذلك الخروج فهي معروفة و ليست بالجديدة حتي؛ هي الاستبداد السياسي كما ذكر بحق الكواكبي قبل قرن و نيف، انما نتحدث عن الحالة و التعامل معها من قبل الحكومات؛ حالة الثوران و الغضب و العصيان و رفض ما هو سائد من حجج و مبررات فجة لبؤس الواقع.
حكوماتنا لا تعلم و لا تتعلم؛ بل و لا رغبة لديها في التعلم، تظل علي حالها و نهج ممارساتها حتي يفيض الكيل بالجماهير! فتستمر مع ذلك علي حالها، ماذا تظن؟ هي فورة كسابقاتها؟ و يدب الخمول و اليأس مجدداً في الجسد الشعبي المثخن بالانقسامات؟! بعضها (الحكومات) تري سقوط اخواتها و لا ترعوي و لا تتعظ و لا تتعلم! تركن للتطمين القديم (مصر ليست تونس، وليبيا ليست مصر!!) ..
يفوت علي فطنة رجال الانظمة (ان كانت لهم فطنة) ان اليوم ليس كالأمس! و إن هذا الخروج ليس كالسابقات!
إنها لحظة تصبح فيها الشعوب متقدمة علي الانظمة و الحكومات .. متقدمة في كل شئ اخلاقياً، و تنظيمياً، و سياسياً ايضاً..
الشعوب حين تعبر فوق انقساماتها السياسية و الطائفية و كافة انواع التمايزات يصعب اعادتها مرة اخري لبيوت طاعة الانظمة الاستبدادية “عسكرية كانت أو طائفية”، هذا العبور هو دلالة الثورة و مؤشرها الحاسم، و هو الذي يضع المجتمع لأول مرة، إطلاقا ربما، أو لأول مرة منذ عهد بعيد احيانا، تضعها في مكانها الصحيح أمام الحكومات؛ لتصبح الحكومات تابعة للمجتمعات و ليس العكس؛ و لتكون هي (المجتمعات) قلب الدولة و ليست شيئاً تافهاً لا قيمة له، و لتعود الانظمة السياسية تابعاً و خادماً يلبي حاجات و رغبات المجتمعات و ليست سيداً آمراً ناهياً عليها..
تلك الحكومات يصعب عليها ادراك ذلك الواقع الجديد و تلك الحقيقة، أو يصعب عليها تقبّلها! فتطفق في استخدام حيلها القديمة، و تجريب المجرب، ثم مؤخراً جداً تبدأ في تقديم تنازلات في وقت تصبح فيه تلك الاجراءات و التنازلات بلا قيمة و وقوداً لمزيد من الاحتجاج و للتغيير القادم لا محالة.
ان الخطوة الصغيرة “بمعايير اللحظة الآنية” التي يتقدم بها شعب ما علي حكومته؛ هي خطوة جبارة بمعيار التاريخ و بمقياس علم الاجتماع و السياسة و اصول الحكم.. يصعب معها علي النخبة الحاكمة “المستبدة” اللحاق بها أو مواكبتها، و سيكون لها ما بعدها من نتائج تقضي و تحتّم ان “ما بعد” لا يمكن ان يكون كـ”ماقبل”.

أحدث المقالات