19 ديسمبر، 2024 2:48 ص

يمكن لعنوان هذا المقال أن يكون عنوانا لفيلم من الأفلام المصريه, أو قد يكون ملائما إطلاقه على قصة من القصص الشعبيه التي دأب كتابنا العرب على تصديرها الى مناطقنا وشعوبنا العربيه.. ولكن أن يكون هذا العنوان هو الصفة العكسيه والمضاده لأحد أقطاب السياسه في العراق, وأحد المتحكمين بمصائر ورقاب الناس وأرزاقهم , فهذا ما يدعو للإستغراب والعجب ..
نعم.. فأشد ما أبتلي به الواقع السياسي العراقي ومنذ أيام الخلافة الإسلاميه هو كثرة الوعود التي يطلقها أدعياء السياسه, والأكثر منها هو نقض هذه العهود التي غالبا ما تغلف بعناوين راقيه, كالشرف مثلا. علما أن ربط مفهوم الحفاظ على العهد والميثاق بمفهوم الشرف هو عمليه مقارناتيه أمدها الزماني وبعدها الإجتماعي يضربان في عمق التاريخ البشري. حيث كان للشرف معنى له قدسية فاقت قدسية الأديان, بل وفاقت قدسية الأرواح , فرخصت دونها .
 موضوعنا هذه الأيام في معترك الحياة السياسيه في العراق يتعلق بمفاهيم الأخلاق السياسية , وتدخل مفهوم الشرف والنزاهة في العمل السياسي , ومع الأسف, فإن أغلب المواقف التي يتخذها بعض كبار الساسه في العراق , إنما أتت من مضمار نقض العهود , ومع شديد الأسف أن يكون رجال حكم وساسة بلد تمظهروا بمظهرية الدين السياسي , تصدر منهم هذه المواقف التي بدأت تظهر للمتلقين من عوام الجمهور وكأنها مستنقع للخيانة ونقض العهد وعدم الإلتزام أو الإيفاء بالعهود ..
نعم .. هذا ما حدث وما يحدث دوما عندما تلتقي الإراده الخيره مع إرادة الإستقتال على المناصب الشخصيه .. عندما تلتقي إرادة خدمة المواطن مع إرادة خدمة الذات وتحقيق الأهواء وخدمة التمترس الحزبي ضد فوبيا المؤامرة .. ما يحصل الآن هو إستنساخ لما حصل في الماضي , هو إستنساخ لنموذج معاويه ( الدهاء والمكر والخديعة وعدم الإلتزام بالعهود والمواثيق ) , مع إستنساخ للضد منه , الإمام علي ( صوت العدالة الإنسانيه , الإلتزام بالعهود , تنفيذ الإتفاقيات , وضوح النوايا , عدم الخذلان في وقت الشدائد , مناصرة القضايا المتعلقه بالخير العام , حسب حساب المواطن في كل خطوه أو إتفاقيه , يحسب فيها حساب الحفاظ على دم المواطن وأمنه ورزقه ) .. نعم هو هو , كلاهما فاليوم كالأمس , يتعهد ويقسم الأيمان أننا معكم سيدنا ياإبن الحكيم , ولكن بعدها تبدأ الغدره والخذلان , يبدأ الإلتفاف حول الإتفاقيات ,, يبدأ تبخر مفهوم الشرف من كلام الشرف الذي يعطيه أبا إسراء .. يبدأ الغرور القاتل وحب الدنيا والطمع في إكمال مشوار المجد المبني على جماجم وأشلاء ضحايا الإرهاب والتفجيرات ….
آآآآه منك يا فلان ,, ألا ترى بأن كرسيك الذي ظَلتَ عليه عاكفا قد طفى على بحيرة من الدماء , ألا تزكم أنفك روائح الجثث العراقيه التي قطعتها تفجيرات الإرهاب , وقطعها فشلك في الحفاظ على دماء أبناء بلدك . وأنت تقيم كرسي حكمك على وادي الجثث هذا . ألا تلاحقك صيحات الأموات من شهداء الإرهاب وأنين وعوز عوائلهم .. عجبي عليك كيف يغمض لك جفن وتنام ليل .
أسألك بالله : هل بقى لك من الشرف شيئا لتتكلم بعد هذا بكلام شرف …
بقلم … محمد أبو النواعير ..
ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر – باحث مهتم بالآديولوجيات السياسيه المعاصره ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات