خاص : كتبت – نشوى الحفني :
على عكس رغبة الشعب وتصريحات بعض المسؤولين، تناول “حسن نصرالله”، الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني، أمس، موضوع المظاهرات التي يشهدها “لبنان”، مؤكدًا على أن الأوضاع الاقتصادية التي دفعت بخروج هذه المظاهرات ليست وليدة الساعة ولا وليدة السنوات الثلاث الماضية؛ بل تراكمات على مدى عقود، على حد تعبيره، مضيفًا: “لتستمر هذه الحكومة، لكن بروح جديدة ومنهجية جديدة وأخذ العبرة مما جرى على مستوى الانفجار الشعبي”.
كما حذر “نصرالله”، في كلمة متلفزة؛ مخاطبًا المتظاهرين، من أن “حزب الله” سوف ينزل إلى الشارع ولن يخرج، وأضاف: “ستجدوننا جميعًا في الشارع ونغير كل المعادلات”.. “وإذا نزلنا إلى الشارع لا نستطيع أن نخرج قبل تحقيق الأهداف التي نزلنا لأجلها”.
وأوضح أن: “هذا الوضع نتيجة تراكم عشرات السنين وعلى الجميع تحمل المسؤولية، حتى نحن، مع تفاوت النسبة المئوية، لكن كلنا يجب أن نتحمل ونقبل المسؤولية ومن المعيب أن يتنصل أحد عن مسؤوليته عن الأوضاع السائدة، وخصوصًا من شاركوا في كل الحكومات السابقة..”.
لا يؤيد استقالة الحكومة..
وتابع قائلًا: “لا نؤيد استقالة الحكومة الحالية؛ لأنها إذا استقالت ليس معلومًا أن تتشكل حكومة في سنة أو سنتين.. لتستمر هذه الحكومة، لكن بروح جديدة ومنهجية جديدة وأخذ العبرة مما جرى على مستوى الانفجار الشعبي.. ليست المشكلة في الحكومة وما هي الحكومة بل في المنهجية، أذهبوا إلى خطة ليضحي فيها الجميع الأغنياء والفقراء والزعماء والبنوك”.
وأضاف: “أقول للقوى السياسية التي تريد الآن في هذا التوقيت السيء والحساس أن تخوض معركة إسقاط (العهد) أنتم تضيعون وقتكم ووقت البلد و(العهد) لا تستطيعون إسقاطه.. باللحظة الحالية ندعو إلى التعاون بين مكونات الحكومة والتضامن وعدم الهروب من المسؤولية ومن يهرب من تحملها أمام الوضع القائم يجب أن يحاكم؛ خصوصًا أولئك الذين أوصلوا البلد إلى هذا الوضع الصعب..”.
وأردف “نصرالله”: “إعلان وضع ضريبة على (الواتس آب) جعل الناس تنزل للشارع، وهذا مؤشر على درجة كبيرة من الأهمية.. رسالة هذين اليومين مهمة جدًا ويجب أن يستوعبها كل المسؤولين أن الشعب اللبناني لم يعد يطيق أي ضرائب ورسوم جديدة وأنه سينزل إلى الشارع، وتصبح كل القوى عاجزة عن الإمساك بالشارع وهذا يجب أن يفهموه عند الذهاب للمعالجة..”.
ونبه “نصرالله” قائلًا: “بالوضع الحالي هناك خطران كبيران؛ الخطر الأول هو الإنهيار المالي والاقتصادي، والخطر الثاني هو خطر الانفجار الشعبي..”.
الجيش يعلن تضامنه مع مطالب المتظاهرين..
وبعد بيان “نصرالله” مباشرة أكدت قيادة الجيش اللبناني، أمس، تضامنها مع المطالب المحقة للمتظاهرين، داعية إلى التعبير عن الرأي بشكل سلمي، وقالت مديرية التوجيه، في بيان أصدرته، وبثته: “تدعو قيادة الجيش جميع المواطنين المتظاهرين والمطالبين بحقوقهم المرتبطة مباشرة بمعيشتهم وكرامتهم إلى التعبير في شكل سلمي وعدم السماح بالتعدي على الأملاك العامة والخاصة”، وأضافت: “وإذ تؤكد قيادة الجيش تضامنها الكامل مع مطالبهم المحقة، تدعوهم إلى التجاوب مع القوى الأمنية لتسهيل أمور المواطنين”.
إجماع على تحمل “حزب الله” مسؤولية الأوضاع..
إلى ذلك؛ حمل سياسيون وإعلاميون ومتظاهرون، “حزب الله” وحلفاءه، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، مؤكدين أن مشاكل “لبنان” الاقتصادية، اليوم، مرتبطة بسياسات “حزب الله” وإنضمامه للحلف الإيراني، فضلاً عن الممارسات الإرهابية التي أدت إلى إدراج “لبنان” في قوائم الإرهاب وفرض عقوبات تضرر منها الشعب اللبناني.
وقد تعالت أصوات المحتجين في وسط “بيروت”، مطالبين برحيل الطبقة السياسية الفاسدة في “لبنان”، ومنهم “حسن نصرالله”، بُعيد خطابه، وصدح المتظاهرون الذين توافدوا إلى وسط العاصمة اللبنانية لليوم الثالث على التوالي، قائلين: “كلن كلن كلن”. في إشارة إلى ضرورة رحيل كل زعماء الأحزاب والسياسيين في “لبنان”، و”نصرالله” واحد منهم.
استقالة أربع وزراء..
من جهته؛ وفي خطوة تضع مزيدًا من الضغوط على رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري”، أعلن “سمير جعجع”، زعيم “حزب القوات اللبنانية” الماروني؛ أنه أصدر تعليماته لوزراء الحزب الأربعة بالاستقالة من الحكومة، مطالبًا بتشكيل حكومة جديدة.
وحمل، “حزب الله”، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، مؤكدًا على أن ما يحدث في “لبنان” ثورة شعبية حقيقية، وشدد “جعجع” على أن “حزب الله” متضرر من الوضع القائم في “لبنان” ومتخوف جدًا، بعد أن خرج عليه قسم من قاعدته، كما حمل “جعجع”؛ “جبران باسيل، المسؤولية الأساسية عن العجز المالي والإخفاق في ملف الكهرباء”.
وأشار “جعجع” إلى أن: “أي تغيير جذري في لبنان يبدأ بتشكيل حكومة جديدة”، موضحًا أن: “المشكلة ليست في النظام السياسي اللبناني؛ بل بالأكثرية الحاكمة”، لافتًا إلى أن استقالة رئيس الجمهورية ستتسبب بتعقيدات في الوقت الحاضر.
رفض لمشروع “حسن نصرالله”..
واعتبر مستشار الرئيس اللبناني السابق، “بشارة خيرالله”، أن سياسة “حزب الله” الإقليمية أساس خراب البلد.
بينما عد بدوره؛ الأكاديمي والإعلامي اللبناني، الدكتور “نصير العمري”، أن خروج اللبنانيين إلى الشارع هو رفض لمشروع “حسن نصرالله” الذي عبر عنه في خطابات كثيرة، وهو استمراره بإطلاق التهديدات اللفظية وضم ”لبنان” للحلف الإيراني.
وأكد “العمري” على أن “حزب الله” هاجم معظم دول المنطقة وهدد العرب و”أميركا” و”أوروبا”، وحوّل بنوك “لبنان” ومؤسساته إلى أدوات لدعم الإرهاب وتجارة المخدرات وينسق مع أنظمة إرهابية؛ مثل النظام السوري و”إيران”، وتساءل: “هل تستغربون إنهيار لبنان بعد كل ذلك ؟!”.
وتابع قائلًا: “مشاكل لبنان الاقتصادية، اليوم، مرتبطة بالحرب التي دخلها (حزب الله) لمصلحة إيران دون موافقة اللبنانيين ومرتبطة بمن رفع شعار الموت لأميركا والموت لإسرائيل وأنضم للحلف الإيراني، هو من يتحمل مسؤولية خراب اقتصاد لبنان لأن ما يحصل في الشارع هو نتيجة وضع إدراج لبنان في قوائم الإرهاب”، لافتًا إلى أن المشكلة والحل بيد “حسن نصرالله”، وقال: “إذا لم ترفع العقوبات عن لبنان فالتدحرج نحو الهاوية سيستمر ويتسارع بمرور الوقت”.
ولفت “العمري” إلى أن “حسن نصرالله” يمتلك (فيتو) في “لبنان”، كما تمتلك “أميركا” و”روسيا”، (فيتو)، في “الأمم المتحدة”، ويستخدمه في رفض ربط تدهور اقتصاد “لبنان” بمواقف الحزب، وتابع: “حسن نصرالله؛ لا يمتلك الثلث المعطل بل (الفيتو) المعطل لقرار الشعب”.
محاصرة اقتصادية..
وأضاف: “الاقتصاد حساس ورأس المال جبان والتطوير الاقتصادي شاق ويحتاج سنوات من التخطيط، دول مستقرة وآمنة وتعاني اقتصاديًا، فما بالك بدولة مثل لبنان فيها منظمة إرهابية تتدخل في كل العالم وتأتمر بأمر طهران ؟!.. وسبق لحسن نصرالله أن أعلنها صراحة أن لبنان مرتبطة بإيران سلمًا وحربًا”.
مشددًا “العمري” على أن “لبنان” تمت محاصرته اقتصاديًا بسبب أنشطة “حزب الله” الإرهابية في “سوريا” و”اليمن” وحول العالم، وأن “نصرالله” سبب أزمة الدولار في “لبنان”، وأزمة اللاجئين السوريين في “لبنان”، وكذلك هو سبب تراجع الدعم الخليجي لـ”لبنان”، وتراجع الاقتصاد.
وتساءل “العمري”؛ بالقول: “من يقول للبنانيين الحقيقة.. الاقتصاد لن يتحسن إلا بعودة النشاط الاقتصادي؛ وهذا يحتاج أمنًا داخليًا وتوقف العنف والحروب في المنطقة وعودة الاستثمار والسياحة وتكوين حكومة رشيدة ورفع اسم لبنان من قوائم الإرهاب والعقوبات”.
العقوبات وضعت الشعوب سلاح في وجه الدولة..
واعتبر أن العقوبات وإدراج اسم “لبنان” في قوائم الإرهاب الدولي؛ أصبح الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها الغرب للضغط على الأنظمة والأحزاب كبديل عن الحرب التي فقدت فعاليتها، وتابع: “لبنان وسورية وإيران وضعتها، أميركا، تحت عقوبات خانقة بهدف تحويل الشعوب كسلاح في وجه الدولة”.
وأختتم “العمري” حديثه بالقول: “الشعوب العربية تستفيق بعد أن يقع الفأس بالرأس. اللبنانيون يتظاهرون الآن، ولكن التغيير أصبح مستحيلًا؛ لأن الحكومة عاجزة عن إصلاح الخراب الذي سببه حزب الله لاقتصاد لبنان، ولكن رغم تملص حسن نصرالله من المسؤولية، فإن سلوك حزب الله الإرهابي داخليًا وخارجيًا مسؤول مباشرة عن الوضع الحالي”.
الفساد وصل لمستويات غير مسبوقة..
من جهته؛ اعتبر رئيس الجمهورية اللبنانية السابق، “أمين الجُميِّل”، أن ما يحصل في “بيروت”، بشأن الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ ثلاثة أيام، أمر استثنائي، وتكرار لتظاهرة خروج الجيش السوري، في نيسان/أبريل 2005.
وقال “الجُميل”، في حوار لـ (العربية): كل المناطق اللبنانية تتظاهر اليوم تضامنًا مع مطلب إسقاط الحكم.. المتظاهرون في “لبنان” غير مجمعين على إسقاط العهد، مشيرًا إلى أن التظاهرات الكبيرة في “لبنان” إجابة واضحة على خطاب أمين عام “حزب الله”، “حسن نصرالله”.
وفي هذا الخصوص قال “الجُميل”: “حزب الله” يتحمل المسؤولية الكبرى؛ بسبب مصادرته قراري الحرب والسلم، فهو يسيطر على مناطق عدة في البلاد، ويملي على الدولة مصالحه، وهناك نقمة كبيرة من الشعب اللبناني على تصرفاته.
وأشار “الجُميل”، إلى أن الشعب يرفض ممارسات “حزب الله”، ويريد السيادة والاستقلال، موضحًا أن المطالب الأساسية للمتظاهرين هي استقالة الحكومة، وتشكيل أخرى جديدة تكافح الفساد، مضيفًا: “هناك إدارة سيئة، والفساد تفشَّى، ووصل إلى مستوى غير مسبوق في لبنان”.
وتابع: “رئيسا الجمهورية والحكومة يشكوان من الفساد”، لافتًا إلى أن الإنسجام غير موجود بين أعضاء الحكومة في “لبنان”، والشعب اللبناني يدفع ثمن عدم الإنسجام.
وكان “الحريري” قد أمهل، الجمعة، شركاءه في الحكومة 72 ساعة لدعم “الإصلاحات” في “لبنان”، متهمًا بعضهم بتعطيل عمله.
وقال “الحريري”، في كلمة متلفزة بعد إلغاء اجتماع لمجلس الوزراء، الجمعة: “أنا شخصيًا منحت نفسي وقتًا قصيرًا جدًا، إما أن يعطينا شركاؤنا في التسوية والحكومة جوابًا واضحًا وحاسمًا ونهائيًا يقنعني ويقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي، بأن هناك رغبة لدى الجميع في الإصلاح ووقف الهدر والفساد؛ أو أن يكون لدي كلام آخر”.