19 أبريل، 2024 8:23 م
Search
Close this search box.

“واشنطن بوست” تكشف .. انتفاضة لبنان والعراق ضد فساد الحكومات الطائفية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

اندلعت احتجاجات ضخمة غير متوقعة في جميع أنحاء “لبنان”، يوم الخميس الماضي.

وفي حين أن الاحتجاجات اندلعت بسبب خطة الحكومة لفرض ضريبة على مكالمات تطبيق (واتس آب)، وهو تطبيق مراسلة شهير، لكن الأسباب الأساسية للغضب كانت أعمق بكثير.

يعاني اللبنانيون من أزمة اقتصادية متفاقمة، بما في ذلك الركود التضخمي والدين العام ووقف بيع المحروقات، الشهر الماضي، وإنقطاع أجهزة الصراف الآلي.

أدت حالات سوء الإدارة في الحكومة إلى اندلاع احتجاجات؛ “طلعت ريحتكم”، لعام 2015، بشأن عدم إزالة القمامة، لكن في الوقت ذاته لا يمكن إنكار حدوث تحسنًا طفيفًا في الأداء الحكومي لإدارة البلاد، خلال السنوات الأخيرة.

ولكن ذلك لم يغفر فشل الحكومة في إدارة حرائق الغابات، في الأسبوع الماضي، وإشتعال مساحات واسعة من “بيروت” بسبب أعطال في طائرات الإطفاء.

رأت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ أن الاحتجاجات، التي شهدها “العراق” مؤخرًا في “ساحة التحرير”، بـ”بغداد”، واحتجاجات “لبنان”، لا يمكن تفسيرها هذه المرة على أساس الانقسامات الطائفية التي تسيطر على البلاد، وإنما تظلم طبقة الفقراء في انتفاضة موحدة ضد عقود من السياسات النقدية لصالح الأغنياء.

ماضي لبنان الطائفي وحاضره الاقتصادي..

تظهر قوة النظام الطائفي في “لبنان” في كيفية سير الهيكل المؤسسي للنظام السياسي والاقتصاد السياسي في إنسجام تام بشكل يضعف البدائل المنافسة على الساحة.

ساعد الفساد في القطاعين، العام والخاص، في تسهيل مهمة الاقتصاد السياسي بعد الحرب، ولكن بتكلفة دفعت المالية العامة إلى حافة الإنهيار، حيث تضخم القطاع العام لما بعد عام 1990؛ ليشمل ما يتراوح بين 310.000 إلى 400.000 موظف ومتقاعد. في عام 2018، بلغت الرواتب والأجور والمزايا العامة 46 مليار دولار، أي 35 في المئة من النفقات الحكومية، وهو ما يعادل 21.29 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي، البالغ 216 مليار دولار، في الفترة من 1993 إلى 2017. وفي حين أن طبقة الأغنياء تستحوذ على الاستفادة الأعلى من الرواتب والمزايا والأجور، لا يحصل موظفو الطبقة الأدنى على 50% مما يحصل عليه الموظفون الأغنياء.

لذلك؛ فإن الهدف الأساس لاحتجاجات، الأسبوع الماضي، في “لبنان”؛ يبدو أنه البحث عن إمكانية تفعيل العمل السياسي خارج النظام الطائفي الذي تسبب في فجوة هائلة بين الفقراء والأغنياء.

ماذا عن العراق ؟

قوبلت احتجاجات “العراق” بقمع عنيف من قِبل قوات أمن الدولة وعززتها ميليشيات شيعية. يقود هذه الحملة النخب السياسية الطائفية التي ظهرت، بعد عام 2003، بدعم من “إيران”، مما وحد المتظاهرين ضد فشل النخبة السياسية في تقديم الخدمات الأساسية.

وتعتبر تجربة “العراق” مع الطائفية هي تجربة حديثة، فمحاولة السياسيين العرقيين والطائفيين المنفيين، وسلطة الاحتلال الأميركية و”إيران” لبناء نظام سياسي (عرقي-طائفي)، هي ظاهرة نشأت بعد عام 2003. وعلى الرغم من أن الصراع السياسي الذي دام 16 عامًا والحرب الأهلية الطائفية قد تركت ندوبًا عميقة، فإن الطائفية ليست راسخة في السياسة العراقية.

ولكن مثله مثل النظام السياسي الطائفي الأكثر رسوخًا في “لبنان”، فإن فرض نظام جديد على “العراق”، بعد عام 2003، قد ساهم في تسلل المجموعات العرقية والطائفية لموارد الدولة والمكاتب العامة والتعبئة السياسية، بشكل أقر أن الوصول إلى موارد الدولة العراقية لا يتم إلا عن طريق النخبة السياسية العرقية والطائفية. وبالتالي، توسع القطاع العام من 850.000 موظف، في عام 2004، إلى ما بين 7 و9 ملايين، في عام 2016، مع حوالي 25% من الأموال العامة التي ضاعت في خطط محفوفة بتهم الفساد. ولا يخفى عن الرأي العام في “العراق” استخدام النخبة السياسية الطائفية الوصول إلى العقود من الباطن والمعابر الحدودية والموانيء وحتى حقول الغاز لدعم شبكات عملائها الطائفيين.

تطورت بسرعة الاحتجاجات في “العراق” على الرغم من عدم خضوعها لأي قيادات سياسية بعينها، بهدف نبذ المحسوبية والفساد والبطالة والبنية التحتية المتداعية والميليشيات الطائفية المتشددة في جنوب البلاد. وفي حين أن الاحتجاجات انتشرت إلى حد كبير في المناطق التي يسيطر عليها الشيعة، إلا أنها لم يسيطر عليها أي شعارات طائفية.

وفي النهاية؛ قوبلت الاحتجاجات بالعنف الشديد من قِبل النخبة السياسية التي تدافع عن النظام السياسي الطائفي والاقتصاد السياسي العميل الذي يخدم مصالحهم ومصالح الرعاة الأجانب. اعتبرت الصحيفة الأميركية أن اضطرار هذه النخبة السياسية لاستخدام عنف كبير ضد المتظاهرين، الذين يقاومون الطائفية والمحسوبية ما بعد عام 2003، يعكس ضعف النظام في “العراق”.

هل الإصلاح ممكن ؟

في كل من الاحتجاجات المستمرة، بـ”العراق” و”لبنان”، تتعارض مطالب الشعب بالحكم المسؤول، والإغاثة الاقتصادية ووضع حد للفساد، مع مفهوم الطائفية القائم على الهوية. لكن هل ستحفز الاحتجاجات ذات الدوافع الاقتصادية التي تدعو إلى سقوط النظام الطائفي السياسيين العراقيين أو اللبنانيين على الإصلاح الفعلي ؟

الرد حتى الآن، في “العراق”، كان القمع من قِبل الدولة والميليشيات الطائفية، مع عدد مروع من القتلى في المقابل. وبينما وضع العنف حدًا للاحتجاجات السياسية في الوقت الحالي، كان ذلك على حساب زيادة الاستياء من النظام الحالي.

في حين أن الحكومة، في “لبنان”، قد استجابت بالفعل لسحب ضريبة (واتس آب)، فإن مطالب الناس بالإصلاح لم تنته بعد. النخب الاقتصادية السياسية الطائفية تواجه خيارًا، تفضل فيه الحكومة الاستمرار في استخدام الطائفية والفساد للحفاظ على مصالحها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لكن الاحتجاجات تشير إلى أن الاقتصاد السياسي للطائفية، في فترة ما بعد الحرب، وصل إلى طريق مسدود وأن العديد من الأشخاص الذين كان من المتوقع أن يتبعوا قواعد النظام الطائفي يرفضون القيام بذلك بعد الآن.

في كل من “العراق” و”لبنان”، يثور الناس ضد العنف الاجتماعي والاقتصادي والسخط الاجتماعي الناجم عن النظام الطائفي في سبيل مستقبل أفضل يتجاوز الهويات الطائفية والتضامن، على عكس ما هو ظاهر للرأي العام العالمي أن كل ما يدور في تلك البلاد له علاقة بتعارض مصالح طائفية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب