((يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ )).
ها آنذا أقر بك عينا ياولدي وأنت تدخل الجامعة لأول مرة في حياتك لتخطو خطواتك الأولى نحو مستقبلك الواعد يحدوني الأمل بأن يكون هذا المستقبل زاهرا أمامك ، أن يكون مشرقا بك وبأقرانك فأنتم جيل الشباب عماد المستقبل وعموده الصلب الذي لا يلين ، آمل أن تنجح وبتفوق لتحمل عني بعض أعباء عائلتنا الكبيرة وهمومها الثقيلة ، ولدي الحبيب لا أخفيك سراً فأنا وبرغم فرحي الغامر بك يساورني الكثير من القلق عليك وأنصحك بناء على ذلك وأنت على عتبة الجامعة ولما تخطو خطواتها الأولى بعد بما تعلمته أنا في حياتي ، من محيطي ، من كتبي ، من أصحابي ، من خيرة أساتذتنا ومعلمينا ، من آبائنا وأجدادنا وأبدأ بالحكمة التي أحفظها عن ظهر قلب :
من لم يذق مرَّ التعلم ساعة ..تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابه .. فكبر عليه أربعا لوفاته
ولدي الحبيب أستاذك في الجامعة أب ثان لك فإياك إياك أن تعصي أوامره ، أن تخالف توجيهاته ، أن تسخر منه ،أن تقلل من شأنه ، إحرص كل الحرص على إحترامه وتوقيره والإنتفاع بخبرته وعلمه ، لا تكثر جداله ، لاتطل خصامه ، لاتتباهي بالنزر اليسير من المعلومات التي تعرفها أمامه في محاولة منك لمنابزته في كل شاردة وواردة ، إنك إن فعلت ذلك فستكون الخاسر الوحيد وأضع نصب عينيك ما قاله الحكماء قديما :
أخي لن تنال البر الا بستة …سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص وإجتهاد وبلغة .. وصحبة أستاذ وطول زمان
ولدي الحبيب إن الصاحب ساحب فتخير أصحابك جيدا ، وحذار من رفاق السوء فهؤلاء لا هم لهم سوى الجري المحموم خلف الشهوات البهيمية والهرولة خلف كل ناعق وأعلم أن كل إنسان على دين خليله فلينظر كل منا من يخالل وأعلم بأن صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار ومن يصحب صاحب سوء لا يسلم ، ومن يدخل مدخل سوء يتهم ، ومن لا يمسك لسانه يندم كما جاء في الأثر ، فكن نبها ومتنبها في ذلك ، ولله در القائل :
صاحب أخا ثقة تحظى بصحبته ..فالطبع مكتسب من كل مصحوب
كالريح آخذة مما تمر به … نتنا من النتن أو طيبا من الطيب
ولدي الحبيب إن المخدرات والخمور اليوم تعد آفة آفات المجتمعات ، فهذه عصابات الجريمة المنظمة والمنظمات الشيطانية تحاول جاهدة بكل ما تملك ترويجها بين الشباب لتعطيل أياديهم المنتجة ، سلب عقولهم المفكرة ، هدم طاقاتهم الخلاقة ، لتدميرها كليا وتحييدها عن ما هو مرسوم ومخطط لها من بناء وإنتاج وإعمار للأمم والأوطان ،فإياك إياك أن تتعاطاهما أو أن تعاقرهما محاباة لأصدقائك ومجاراة لهم ولو على ما سبيل التجربة ، ولو على سبيل المزاح ، إنك أن فعلتها أدمنتها ولات حين مندم ، وكن بدلا من ذلك خير محذر منهما ومبينا لآفاتهما القاتلة طوال سني الدراسة ، ودع عنك عادة التدخين السيئة بكل أشكالها( سيجارة تبغ ، نارجيلة ، سيجارة الكترونية ) وإبتعد عن المدخنين وإنصحهم بما ينفعهم ما أمكن لك ذلك ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ، هؤلاء المساكين قد أبتلوا بماعافاك الله منه فكن عونا لهم للتخلص منها ولا تكن عونا عليهم للإصرار عليها ، تجنب الجماعات والأحزاب السياسية داخل الجامعة كليا ، يسارية كانت أم يمينية، فأنت هنا للدراسة فحسب وليس لقلب نظام الحكم أو إرساء دعائمه ، وأعلم بأن الفاشلين وحدهم هم من ينتسبون الى هذه الأحزاب في الجامعات لضمان النجاح والتفوق ليس الا ، لأن أيا من إعضائها لايدخلون الى الصفوف ولا يؤدون الامتحانات الا لماما علما أن من يقودونهم هم أفشل منهم ومعظمهم إنما يمارسون دور الصياد أو المخبر السري مع الطلبة فكن حذرا منهم ، واياك والحركات الفكرية والجنسانية الضالة ” الايمو ، الويكا ، عبدة الشيطان ، الساينتولوجي ، الرائيلية ، الالحاد ومن لف لفهم ” فهؤلاء تعد الجامعات بالنسبة لهم الساحة المثالية التي يسيل لها لعابهم لتمرير قضهم وقضيضهم وغثائهم !
ولدي الحبيب إن زميلاتك ومدرساتك في الجامعة شقيقات لك وان لم تلدهنَّ أمك فلا تتعرض لهنَّ بسوء البتة ، ولاتنسى بأن لك شقيقات في الجامعة أيضا لايسرك أن يتحرش أو أن يغرر بهنَّ أحد قط ، إياك أن تهتك لهنَّ عرضا ، أن تنتهك لهنَّ حرمة ، أن تعدهنَّ بما ليس لك نية للوفاء به ، وأعلم بأن البر لا يبلى والذنب لاينسى والدَّيان لا يموت ، إفعل ما شئت كما تدين تُدان ، وتذكر قول قائلهم بأن من يَزني يُزنى به ولو بجداره فإذا كنت ياهذا لبيبا فأفهم !
غض بصرك عن المحرمات ، أمسك عليك لسانك ، كف عن الغيبة والنميمة والفحش والبذاءة والكذب وقول الزور وإياك وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات في الأقوال والافعال ، لا تتنمر على الضعفاء ، لاتتكبر على الفقراء ، تحلى بحسن الخلق ، إحذر القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ، تجنب نشر الأراجيف والشائعات ، لاتضيع وقتك في المراء والجدال والخصام وتفرغ بدلا من ذلك للدراسة وأداء الواجبات وإنهل من بحر العلوم والمعارف الزاخر ما ينفعك ولايضرك ، أحب لزملائك وزميلاتك ما تحبه لنفسك وإكره لهم ما تكرهه لنفسك ، ولا تعَلَم العلم لتماري به السفهاء ولا لتباهي به العلماء ولا لتتخير به المجالس ، وأعلم أن من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة فنعم الطريق المعبد الى الجنان أن أحسنت سلوكه ونعم السالك إن فعلت ذلك حماك الرحمن من نفسك ومن هواك ومن أقران السوء ومن والشيطان .أودعناكم اغاتي