اظن ان خطاب السيد عادل عبد المهدي .. لم يأت بجديد .. انه اعادة لصياغة ما كان يقوله في مؤتمراته الصحفية السابقة ، باستثناء التباهي بنقل مقر ه الى منطقة علاوي الحلة وبحماية متواضعة ، والتركيز على فتح المنطقة الخضراء .. وكأنه اصبح فاتحا للقسطنطينية مثل العثماني ( محمد الفاتح ) امير الأمراء .
اعتقد ان ضعف الاداء السياسي ، والترهل باتخاذ القرارات الجريئة سيرافقان عمله في المستقبل المنظور ، والزمن الصعب ، سيظل يعصف بحكومته .. لان الشباب الثائر وضعوه في زاوية حرجة ، لا يحسد عليها ، وهو الان في ورطة سياسية حقيقية ، وان الوقت يمضي ليس بصالحه .. لكنه سيستمر في اللعب على عامل الوقت ، والحديث عن اجراءات وطموحات حكومته المفترضة ، وسيصاحب ذلك القيام باجراءات ترقيعية سريعة ، وإعطاء وعود معسولة لامتصاص غضب المتظاهرين الشباب ، وتسويف مطالبهم ، ظنا منه ان الوقت كفيل بالبطش بهم ، وشل حركتهم ، وتشتيتهم .
وكان يفترض به تضمين الخطاب .. بورقة عمل واقعية ، وان لا يترك الامور بنهاياتها السائبة كما تؤكد مضامين خطابه .. ام قوله لا عودة الى وضع اللادولة .. اتساءل متى كانت لدينا دولة بالقوة والهيبة ، التي تلزم المواطن لاحترامها .
واستغرب انه لم يقدم الاعتذار للشباب بعد استخدام القوة المفرطة ، زادت في حجمها ، وحقدها عن تلك التي حدثت في ساحة التحرير ، في عهدي المالكي والعبادي ، من كثافة الرصاص الحي الذي مزق صدور الشباب المنتفض .. ثم لماذا لم يعاقب الذين أطلقوا الرصاص ، ومن اعطاهم الأوامر ، وكيف استلموها .. وهذا وحده ينطي انطباعا واحدا ، وهو ان القانون .. مازال بعيدا ليكون فوق الجميع .
وكان عليه ايضا .. ان يستغل مظاهراتهم كعامل قوة داعمة له بوجه المتنفذين والمتجاوزين على هيبة الدولة .. ويقوم باجراءات حاسمة ، لوضع الحيتان الكبار في السجون وتقديمهم الى القضاء .. ولكنه ويا للخيبة لم يفعل ذلك .. وظل يعالج الوضع الملتهب ببرودة ، ولا مبالاة ، وكأن الذي يجري الان من انتفاضة عارمة في الأرجنتين ، وليس في العراق .. وانت تحذرنا في خطابك .. من ان لا نكون دعاة اليأس ..وانتم الذين زرعتم اليأس في عقول الشباب .
اظن ان الذي يدور في راس المهدي ومن يحيط به .. هو السرعة في احتواء الانتفاضة الكبرى ، وليس القيام بتعديل وزاري واسع .. يضم اليه وجوها مقبولة من قبل الشارع العراقي .. مثل محمد علاوي ، و ماجدة التميمي ، ورحيم العكيلي ، وَعَبَد الوهاب الساعدي .. وأسماء اخرى جديدة ربما ياتي بها من خارج العراق
ومثل هذا التعديل السريع .. مع التاكيد على توفير فرص عمل كبيرة ، على مراحل زمنية محددة ومعروفة لدى الجميع .. والتاكيد على تحقيق مطالب الشباب الغاضب بالتغيير السياسي الشامل ، وفضح كل من تورط بالفساد ، ونهب اموال البلاد .. والا فنحن ذاهبون الى اعلان حكومة ( انقاذ وطني ) .. يكون لضباط الجيش العراقي من الوطنيين نصيب كبير منها .. خاصة أولئك الذين لعبوا دورا بارزا في محاربة تنظيم داعش الإرهابي .. وتوضع ايران هنا في موقف ضعيف ، وهي الخاسر الاكبر .. وهو مايتمناه اغلبية العراقيين .. و ما تسعى اليه ادارة ترامب في الوقت الراهن .
.
مع هذا .. فالمشكلة ، بين ايران وإدارة ترامب لا تنوقف عند هذا الحد .. امريكا تريد ان تظل ايران عامل خطورة في المنطقة ، وعدوا مفترضا تستغله لحلب الدول النفطية مثل السعودية ، وقطر ، والإمارات .
اما الوضع السياسي في العراق ، و الخاضع ضمنيا للنفوذ الايراني ..لا يمكن ان يتغير بالسرعة التي يحلم بها البعض .. ان هذا الوضع الشاذ يتطلب .. / اما ثورة كاسحة ماحقة تنهي الوجود الايراني في العراق ، وتقص جذوره ، وذيوله ، وتنهي ترسبات وتراكمات الحكومات السابقة معه .. عندها يقوم الشعب وبمساندة الجيش العراقي ، والشرطة الاتحادية بتصحيح المسار السياسي العام .
اما الاحتمال الثاني .. حصول تغيير جذري داخل منظومة النظام الايراني ، تقوم به الادارة الامريكية بالتعاون مع حلفائها .. واظن ان الامرين ، يواجهان صعوبة في التحقيق في الوقت الحاضر .
اغلب الظن .. ان خيوط اللعبة السياسية في العراق ستظل بين كَر ايراني وفر امريكي .. وتصريحات وتهديدات .. لا نهاية لها ، كما ان الحقبة الزمنية القادمة ستكون ربما آوفر حظا للامريكان منه للإيرانيين ، لكن ورقة العراق ستظل جاهزة للمساومة وحاضرة بينهما .. طبعا على حساب السيادة العراقية .
يبقى الامل الكبير .. بهذا الشباب العراقي الثائر .. والاستمرار بزخم الانتفاضة .. ربما ستتغير جميع المعادلات .. وتكون احتمالات التخلص من نمطية الوضع السياسي الشاذ ، وتعاقب الحكومات الفاسدة .. ممكنة جدا.. عندها تتحول الانتفاضة الى ثورة تعم العراق باكمله ..& د كاظم المقدادي