في احدى حلقات “تحت موس الحلاق” الكوميدية الناقدة ، يرسل حجي راضي الحلاق ( سليم البصري ) عامله عبوسي (حمودي الحارثي) للعلاج خارج العراق لانقاذه من خلل عقلي بسيط ، وحين عودته من العلاج كان في استقباله حجي راضي وما ان صافحه حتى عضّه عبوسي من يده ، فاقتنع حجي راضي بان العلاج لم يكن ناجحاً ، لكن الحالة تحسنت نسبياً!
أحد اصدقائه من أهل المنطقة نفسها اصيب ولده بخلل في عقله أيضاً فطلب المشورة من حجي راضي ، الذي نصحه بإرسال ولده الى نفس الدكتور الذي عالج عامله عبوسي ، اقتنع الرجل بنصيحة حجي راضي وارسل ولده للعلاج خارج البلاد عند نفس الدكتور ، وحين عودته من العلاج تكرر المشهد السابق ، حين عضّ الولد يد ابيه وهو يصافحه عند استقباله في المطار ، فصاح حجي راضي صيحته المشهورة التي ذهبت مثالاً في حديث الناس في وقتها وربما عند البعض حتى الآن :
“نفس العضّه ونفس الدكتور” !!
ومحايثة مع وضعنا الحالي فإننا في المأزق نفسه مع طبقة سياسية متنفذة فاشلة بكل المعايير والتصنيفات ، حتى ان أي عراقي ، مهما بلغ مستوى وعيه، لايحتاج الى دليل أو اقناع بان الفشل واقع في كل مفاصل حياتنا التفصيلية ، وهو الفشل الذي حول حياة الناس الى جحيم ، فهجرها من استطاع وبقي مع لوعاتها من تعذر له ذلك ، والثمن مدفوع ممن هاجر فغرق أو أهينت كرامته أو ضاع في بلاد الله الواسعة ، ومدفوع ممن بقي يعاني من كل تفاصيل الحياة البائسة التفصيلية !
ومازال السياسيون يصدّعون رؤوس الناس بأنهم حملة لواء التغيير والانقاذ ، وهم انفسهم من حمل لواء الفشل واعادة البلاد الى مستويات محزنة من تدني كل شيء بما في ذلك المنظومة القيمية التي كانت بوصلة حضارية نعتد بها في سبعينيات القرن المنصرم !
بل الأنكى من ذلك استبدلتها بمنظومة قيمية منحطة قائمة على أساس الفصل بين الناس على أساس العرق والطائفة والعشيرة والمنطقة والمحلة والولاء الشخصي !
منظومة قائمة على الانتهازية وثقافة الفرصة والاستحواذ وشرعنة الفساد المالي بل وحتى الاجتماعي ومحاربة حقوق الانسان والحط من قيمتها ومعاييرها وبث روح الكراهية، فاختلط الحاب بالنابل ، لنرى انفسنا أمام مشهد اجتماعي مشوّه مغلوب على أمره بقيم قدسية خرافية غالبيتها مفتعلة ومصنوعة بعناية فائقة !
ولاتخجل هذه الطبقة السياسية الفاشلة من ظهور شخصياتها ،بربطات العنق الحريرية ،على شاشات الفضائيات ، لتعلن تصدّيها مرّة أخرى لعلاج ما أفسدوه انفسهم عن سابق قصد وتصميم ..
نعم عن سابق قصد وتصميم لأن وجودهم مرتبط وارتبط بهذه الفوضى وهذا الخراب ، فالصراصير تعرف مكان معيشتها ونموها وتكاثرها !
فكيف لنا ان نتصور ان العلاج يأتي على يد ” دكتور” لم يفشل في علاج أمراض المجتمع بل انه أتخم الجسد الاجتماعي والسياسي العراقي بحفنة من الفايروسات الضارة التي اطاحت به الى هذا المستوى !
الكارثة اننا ، على الاغلب ، سنجرب نفس الدكتور لنتلقى نفس العضة !
فما هو الحل ؟