كتب الكثير عن خطوات التطوير التي خطاها البنك المركزي العراقي ، لاسيما في السنوات القريبة الماضية ، وتحديدا في ظل ادارته الحالية ، وقد لاحظتُ ان الاصوات المرحبة بتلك الخطوات لم تنطلق من الداخل فقط ، اعترافا بما حققه البنك المركزي على صعيد سياسته المالية الحكيمة ، انما تعالت في المحيط العربي والدولي ، وانني، بصفتي احد المواطنين العراقيين ، ورئيس لتحرير مجلة اقتصادية تعنى بشؤون المال والاستثمار ، وهي المجلة الاقتصادية العراقية الوحيدة التي عبرت اسوار الحدود ، وباتت مطلوبة عربيا في الجامعات ومراكز الابحاث الاقتصادية ، اتساءل : لماذا الاهتمام الكبير الذي نسمعه من جمهور المواطنين في الداخل ، ومن المختصين في الخارج بنجاحات البنك المركزي العراقي ، فيما نرى صمتاً حكوميا ، وكأن امر هذا النجاح لا يعنيها ، فلا بيان حكومي يثني على خطوات ومبادرات البنك المركزي ، انما نجد العكس ، فالإشارات والنيات المسربة تسير باتجاه خنق تلك النجاحات ، ووأدها .. لكننا نرى ان صوت الحق هو الغالب .. فالعراق سارية، سامقة ، نأمل ان تعلوا على كل اصوات المحاصصة ..
ان من نتائج الاعجاب بما وصل اليه البنك في مساحة التطور ، انتخاب محافظه، السيد علي العلاق ، لشغل موقع نائب رئيس مجلس محافظي صندوق النقد العربي ، وهو موقع كبير تبوأ العراق من خلاله ، لمركز سيادي كبير على نطاق الوطن العربي ، وهذا يعني الكثير بالمفاهيم الاقتصادية والمالية ، ودلالة على تعافي العراق ، وقدرته على النهوض ، والتغلب على التحديات الكبيرة التي صادفته.. فهذا الموقع المالي العربي المهم ، الذي حصل عليه العراق ، جاء اثر التطورات التي شهدها البنك في مسيرته الاخيرة ، حتى اصبح واحدا من البنوك المركزية الكبيرة ، والمؤثرة في الوطن العربي ، فالأداء المالي السليم وفق معايير الحداثة ، حظى بأعجاب جميع رجالات المال والاقتصاد ، لاسيما نجاحه في عبور المأزق المالي نتيجة الحرب على داعش ، والنصر المؤزر على عصاباتها ، وفي ظرف دولي عصيب ، سببه انخفاض اسعار النفط في السنوات الاخيرة ، الذي هو عماد اقتصاد العراق ، لكن الادارة الهادئة للبنك المركزي ، تجاوزت كل ذلك ، فسارت بصبر وحكمة ، على نهج المفهوم الصحيح للمال والاقتصاد في الوعي الجمعي ، وقد رفع ذلك من سقف التحدي النفسي للمواطن باتجاه تعزيز ثقته بأية اجراءات يتخذها البنك المركزي بكل شفافية لمصلحة البلاد ، وقد اطلع صندوق النقد العربي الى هذه المسيرة ، الساعية الى تطبيق اساليب علمية ، ودولية ، رصينة قادرة على مواجهة التطورات ، وعلى مواكبة الوقائع المتغيرة المتجددة ، بحيث تجد لكل واقعة حكما ، وفق جداول اتسمت بالمرونة والاستمرارية والثبات في أصول اقتصادي ومالي واضح الاهداف ، مع القناعة بأنه ليس هناك جمود على رأي أو موقف، فالحياة تتطلب تجديد الأفكار، وتنويع المواقف … وكل ذلك ، كان محط اعجاب صندوق النقد العربي ، فتم على اثره ، انتخاب السيد العلاق لمنصب نائب رئيس مجلس المحافظين , في دورته الحالية ، و سيكون رئيساً للمجلس في الدورة التي تليها ، وهو موقع مهم جدا على الصعيد العربي والدولي ، وكان المجلس قد ناقش خطوات البنك المركزي العراقي في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومتطلبات تطوير نُظم الضمان الاجتماعي، وتقوية إدارة الدين العام، والاستفادة من التقنيات الحديثة لتحسين النُظم والخدمات الضريبيّة، ومتابعة التقدم في مشروع المقاصة العربية..
لقد أشرت الى مثال واحد ، من نجاحات البنك ، ولم اتوسع ، فذلك يتطلب مئات من الصفحات ، فالمنجز على الارض ، اكبر من ان تشير اليه مقالة لكاتب ..