22 نوفمبر، 2024 5:12 م
Search
Close this search box.

وحدات شعرية

وحدات شعرية
الأحد الأول
مقداد مسعود
الكتاب : الأحد الأول.
المؤلف : مقداد مسعود
الصنف : شعر.
الطبعة الأولى :2018 – حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الناشر: دار ضفاف للطباعة والنشر والتوزيع
الإدارة: الدكتور باسم الياسري – قطر – الدوحة – بغداد- تركيا- الإمارات العربية المتحدة
تصميم الغلاف : دار ضفاف للنشر
رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق العراقية ببغداد 3339 لسنة 2018

ألا ياعين جودي باندفاق
مكحول بن حرثة

مهيار…
صورة ٌ
ثلاثية الأبعاد
لصوتك .
في
نبضي

( يرتعش )
قبيل منارة الفجر
كان الهواء يرتعش من البرد.أنا واقف ٌ بين صمت ٍ رزين وحفيف الحديقة
مثل مشرّد، التمس سقفا في رائحتك. تعال..هذا هو الأحد الأول وهو بابٌ إلى ما نرتجيه. تعال..نهبط ُ الفجرَ،على درج ٍ مِن صياح الديكة . تعال..قبل أن ينحل َ غباري….
برهة ً…
اختضتْ الأشياء وهي في سكونِها،رأيت ُ أشجاراً تنحني وتنتصب،تنحني ثانية ً..وخامسة تنتصب .ثم …رأيتك قادماً كالورد، ورأيت ُ ظلك وردتين
…………….
………….
مَن كان يحلمني إذن ..؟!
(تدجين)
ورودك َ
تَمسك ُ كل ما فينا وفي الأشياء،ربما هكذا تكون الموازنة.لتربية القلق على الرزانة ِوالظمأ على اللجام،مادامت البساتين تذهب إلى الأسواق
والماء يدّجن اليابسة.
(تختض)
سماءٌ فارغة ٌ،سفينة ٌ تهبط ُ عموديا،رجلٌ على الشاطى ء واقف.مثل جرس انذارٍ تدنو ثمرةٌ لا يتذكر، مِن أي طرسٍ قطفها : (أذهب واجلب أغصانك).وهو يقضمُ ثمرة ً راح يتساءل:مَن اودع ذاته في ذاتي،فجعلني أحبني مِن خلاله ِ ؟ حتى غدت الأشياء العادية ثمينة َ البهجة.غزيرة الأراجيح ومحفوفة بالمصابيح ؟ ما تزال السماء تهبط / تغطس عموديا،والسفينة: جوزة خاوية،لكن هناك مَن يخصك بالنداء
: اطمئن …
وحدها المياه العميقة، تجعل الينابيع تختض

(صهباء)
اسمعني جيداً : أنا أثرى منك في الجمر، لذا أنصحك َ : بالألوان أصبغ صليبك وأيامك َ.ما بك أدحسه عميقا في القعر، لا تدع ما بك تنتهكه الفرجة.غنّ ِ، استعمل الغناء : قارباً ومفاتيح وفروضا ونوافلْ،وارتشف صهباءك وحدك،فهكذا تُمتح الآبار،لا أنصحك بالنسيان، أعزف المنادى طيوراً وأزهاراً
ولا تفش ِأسرار الوجد السخين

( حتى)
حتى الصخر والحديد المنضّد للبيع والنفايات:لها وجبتها اليومية، مِن ندى الفجر. يا له من درسٍ بالمجان هذا السخاء المطلق. ألا تصاب الورود والأشجار والأعشاب بالغيرة؟! عجيب ..!! لماذا أُلوّثُ سمعة َ الوردة والشجرة والعشبة : بطبائع البشر..ّ

(بيت في كوت الدخيل/1975 )
مهيبٌ الهدوء هنا
عتبة معشوشبة، كأن أعشابها نابضية، تدوسها الأقدام وتدخل البيت، مع انغلاق الباب،تستعيد الأعشاب وقفتها الناحلة الهادئة .هو بيت ٌ مِن لبِن ٍ مفخور،
يستقبلك حبٌ مفخورٌ يتضوع برائحة الطلع
الحب ُمغروسٌ في مرفع من خشب الكالبتوس
تحت الحب، داخل المرفع الخشبي، علبة حليب نيدو فارغة/ ملأى بموسيقى الناكوط
………………………………………………………………..
أين البيت ..؟!
سألتُ شارعاً، لا يعرف ترابَ شارعٍ محفوفٍ بالشفلح والشيصمله !!

( لهو)
عاطل ٌ
بنعومة أفعى يستهلك فتوة الأشياء، لا نرى الأفعى سنشعرها،عاطلٌ يركض فينا ليستنفذنا .. لا يتذكر شيئا أو أحداً .. منشغلٌ بدورانه على نفسه أو التدحرج من شاهق ٍ أو العوم في صمته، يلهو وكلنا نكترث له . شيخوخة الأشجار منه.. حرائق الغابات وغير الغابات،جفاف العائلات والغيوم، تهجير الطيور وهجرة الآبار…………. ثم يتأملنا ونحن خشب كالح بلا ذاكرة

( تصوير)
تصورتُها
منشفة ً ناصعة َ البياض تتدلى وهي تغطي رسغ الخبّاز وكفه اليسرى
فإذا بها تكذبني.. تقفز في فم التنور وتلتصق خبزة ، بين خبزتين

(إعلام)

شكراً لغضبتي البارحة
صيرّتْ مسبحتي : مركبة ً فضائية ً فمسكتُ الموتيفات بالسبّابة والإبهام،وخلّصتُ الديكور من طبائع الآخرين،نفضتُ ستارة المسرح،مِن الأغبرة ورائحة السكائر وغير السكائر، فتساقطتْ ملابسُ داخليةٌ كثيرة ٌ، لمخلوقاتٍ صنعتها وروّجت لها ثم أهملتها: ثقافة الإعلام .

(مزهرية)

الظل ُ يسقي المزهرية َ، مِن مائه المبتل بزقزقة ِ الحديقة ِ
المزهرية ُ مرتبة في صوتها المهموس،لا أحدٌ ينبش حلمها
كلنا نكتفي بالتأمل في زرقة فخارها،كي نرى ما نريدُ من الفن، لا ما يُريد

(ربما)

سأشعل ُ مبخرة ً وشموعا وبالآس أَهشُ المكان
ربما أصنّع مركبة ً أو مرايا لمن صاروا خارج التغطية.
أو زجاجا معشّقا للعشق ما بيننا

(هذا هو الرجل الثكلى يا كلكامش )
رأيتهُ بعينيّ هاتينّ اللتين سيأكلهما الدود.رأيت ُ الرجل الثكلى يوصي المرأة الثكلى
: كدّسي جمرنا في صرة ٍ، وأعقديها ثلاثاً
ولا تعليقها على حائط الثوم والسمك البني والبامياء..
في حوشنا القديم بغرفه الأثنتي عشرة، وحديقته المرّبعة المسيّجة بالخشب الأخضر وسط الحوش وبابها الصغير الأنيق الدافىء..أيتها الثكلى المؤتمنة على جمرة الرجل الثكلى
: خذي الصرة َ ودعيها تست قر.في حلمٍ لم نحلمه حين كانت
مظلتنُا جدتنا اليوكالبتوس في ذلك النهار الناعم الخد والمطر

( كنز )
كثير ٌ أنت َ بجمالك َ.يا حيّا حين لاحيّ سواك يا مَن دل على جماله ِ بجماله ِ
لماذا إذن حياتنا : سعيٌ سجالٌ بين بابين!!

(طيور الصحون)

إلى كم وأنت تمتحُ مِن أشجارك : نارَ القِرى..!! الصحونُ التي تكسرت : هل تخلصتْ مِن أصابع الذين يكذبون على صحونا؟ أم تحررت طيورالصحون الزرق من ثريد الخيام؟ مَن يعيد الى الرئتين نسيما عليلا ،كان يمحو الوجوه الصفيقة؟ النسيم تلاشى في الرواق الذي لم يعد في المكان.

(دمعة الأجنحة)

الغروب من المهطعين الذين خذلوا الشمس.
لحظتَها كنت ُ أتأمل صخرة ً ولا أتذكر تجاعيد لب الجوز..
صمتي أطول من قامتي مرتين ونصفاً،مَن يوّزع ما تبقى من خيوط الشمس على صحراء أم قصر؟هل تتصل الرمال بغيرها من خلال خيوط بقية شمس هذا اليوم؟ في الصخرة ِ تتخافت الأصوات ويغفو خيط ٌنحيلٌ من الشمس .
ويتدحرج النرد على الطاولة، والطير ينسى عشه ويصاب بالحمى
لكن ّ دمعته هطلت على حطبٍ بليلٍ فأشتعل ْ

(بلوط)

مازلت ُ أبحثُ عن منشفة ٍ لكلامي،صوتي يتحسس الذكرى يقلّبها
بلوطاً فوق الجمر.
(أيهما…؟!)

الذي قرر أن يوصلني إلى هناك، توقف بعد خمسين فرسخا
توقفَ وصمتَ مطرقا، صمّتُ بدوري لأقارعهُ صمتا بصمتٍ
ونظرتُ بعيداً عنه،ومثل قدمٍ تحاول أن تنحشر في نعل ٍ ضيقة ٍ وصلني صوته
: علينا أن ننتظر
حزمتُ أمري وقلت بهدوء : قصدُكَ عليك أن تنتظر..
واصلتُ سبيلي وأوصيته باثنين من الأدلاء: دليل عناية ودليل اختراع
فصاح بي : أَيهما أفضل ..؟!

(سطح)

أيقظني صوت ُ غناء ٍ شجي. تلفت ُ الكل نيام على سطح بيتنا
أصغيت ُ للصوت العميق،فتذكرت ُ رجلاً، كان في حلمي
قبل قليل : يغني.
(منذ)

الآخرون : زنكطة. ظلالهم بنعومة الأفاعي .الآخرون أقنعة لآخرين .
أبعدْ وحدتك عن خلوتي .
– مظلتك غيمة عطرٍ. على ظهرك ماذا تحمل ..؟
– أحمل شكوى ولا أريد أحدا ً يشاركني في توصِلها
– منذ متى..؟
– منذ …………………………

(نجارة)
في القلب خشب ٌ،سأنجرهُ زورقاً لروحي علها تستريح .
ماذا تبقى في مرآة كفك ؟ الخطوط تهدلت كالتجاعيد
التجاعيد ملأى،بغيم شتائي الأخير.
(صوف حنيّ)
يومها قادني أرقي الى تحت البمبرة، بتوقيت الصيحة الأخيرة للديك.
كنت أدخن سيكارة ديموريه، أنا الذي ما دخنتُ إلاّ حين كنت أحتسي،بنت العنب. كان ذلك قبل ثلث قرن عراقي : الزمان العراقي خارج كل الأزمنة .
ابتسمتُ لا سيكارة بين أصابع كفي اليمنى، كيف رائحة الديموريه مبخرة المكان !!
لحظتها همس َ المكان بجلالة الأزرق الرزين، ورأيت ُ كبشا حنيّ اللون وسمعتُ جرسا في عنق الكبش، ولامست عيناي، أصابعه الطرية اللذيذة التي استعملت القرنين سكّاناً، وصعدتْ عيناي من أصابعه إلى صدره إلى وجهه القمري،جثوتُ مددتُ سعفتين كانتا يديّ سابقا، فتداخل الجسدان : جسدٌ عجوز متهالك في عشقه وجسد طفل بار…حين استعدتُ يديّ من السعفتين، وفتحتُ عيني، رأيتُ خصلة ً من صوف حنيّ،فوق مخدتي وشممتُ بخورا ما حصلتُ عليه يوما من الأيام .ورأيتُ قرني الكبش الحني فوق كتاب (الأرق إستراحة النوم)..

( تين )
لا ملكية لي في الأجوبة، كل الإجابات وجهات نظر.أثق بالمشاعر وساعة قلبي وبالرائحة.وبالرهف الذي له خفة المس.هناك مَن يغادرونا وهم فيها، أعني المتخثرين في حياتهم وتحديدا من غادروا ذواتهم وهم معنا.
للمرة الخامسة أقول : لا أسرار لديّ سوى الناي وليلي أطول منه ثلاث مرات وحفنة تين .

( 3 )
بعد أربع ليال وثلاثة نهارات،عاد مع الجيش المهزوم، ولد ٌ منتصر ٌ
سألته أمه : مالك واجمٌ..؟!
أجابها وسبّابته اليمنى نحو صدره : أنتظريهما حتى يجيب أحدهما فأنا الآن ثلاثة.

(تابعة)
تطوّق سواك. تسد المنافذ عليه. تعيقه عن الحركة. هل أنت زلال البيض: مَحبس النقطة الصفراء الرجراجة ؟ تستفز نظام فسلجة الأشياء الطرية..لذا تغمض كفيك حين تراها !! أو تعقدهما خلف ظهرك .
لماذا ترى الأناقة : خناثة !! والكتب : عاهة الفقراء والمحبطين!! أين ستوصلك أمراضك الطافحة ؟ ما ذنب الهواء الذي تجعد بسببك؟ ما هي جريرة المياه ترتجف ما أن يلوثها ظلك بديدانه وشحنته الممسوسة؟ ما ذنب الشوارع: تفر إلى الصحراء مع أول خطوة لك نحوها !!
ما ذنب الأرحام التي تنتظرها (التابعة)؟! أنت تابعة العراق أيها الأغبر..
( بخار )
بخارٌ خانق : يتنوّع في عزفه، فهو بنكهة الفراولة والشمام والكرز. وهو لذيذ كالجكليت، لاسع كشبق، ناعم مثل طحين صفر، ولا يستحي يظهر ويطيل اظهاره ويعاود الظهور ويبث فينا الملل كإعلان تجاري تبثه الفضائيات. وهذا البخار : تآلفت معه قطعان غفيرة متكدسة كالطرشي في برطمان الفيسبوك، روجت له الأحزاب وصبغت به سماحة الأديان. وكل طرفٍ مِن الأطرف : بأسلحته الخفيفة وغير الخفيفة يثبت أن براءة اختراع البخار الخانق تعود له وحده حصريا

(قسيب)
لا تباغتهُ الأشياء..
وحين أبديتُ استغرابي مِن خلال حركتيّ عينيّ وراحتيّ
بخشخشةِ قسيبٍ خاطبني : الأشياء تستيقظ بي من نومها
( رقمة )
تصحرتْ ثيابنا وأجسادنا قبلها تصحرت، والجياد والبغال والحمير والنوق كادت تتصحر.وما أن استروحت الماء والشمس في دلوكها، إلى الوادي انحدر الحيوان والرجال والنساء والبنون والبنات ..
: فاضتْ بنا رقمة ٌ تراكض بعضنا إلى رقمة ثانية. تحرك الفتيان بدشاديش تمطرُ عصيرَ أغبرة الصحراء، تكدرت الرقمتان وصفا البال وأرتوت الأبدان وصارت الأرواح بطراوة نسيم سرى مِن قصب أهوارٍ في ذواكرنا.
( زين )
هذي ليست المرة الأولى..قبل أيام حَدثَ ذلك وقبل شهر أيضا وفجر اليوم والآن في قيلولتي : يوقظني حلمي مِن نومي، ويخاطبُني بلسانٍ باشط
: اسمع ..اسمعني جيدا
أنت ليس الشخص الذي
أريده في المنام
تنحّى …..
لأرى الشخص الذي يريدني
حدقتُ حلمي غاضبا ثم قبضتهُ من كتفيه وخضضته صارخا : اسمعني زين يا غبي مَن يعوم في موجٍ صاخب، لا يعرف أين هو..

(ديك)
أحيانا فرادى : زنيم وخصيم ولئيم، ينبحون ظلا بصليا متحركا.الظل البصلي يلج البيت من المطبخ، ليعيد تلك الحركة اللاصفة للأواني،والزقزقة المعطرّة لشجرتيّ البمبر، وتلك الكرة الرابضة يجعلها تتقافز،وتسجل أهدافا في مرمى كرة السلة، ذلك المرمى ثبتناه أنت وأنا بشهادة عشب الحديقة وقسيبها ونباح كلبتك وديكك الطفل الذي راهنت عمتك بثلاثين ألف دينار أنه ديك وليس دجاجة ً……………….
بعد 17 / 12/ 2017 في الأحد الواحد والخمسين،أنت كسبتَ الرهان، فقد صاح الديك : مرة..مرتين …خمس صيحات ..كلنا صفقنا لك وأولهم عمتك .
صفقنا صفقنا صفقنا
حتى أجهشت أصابعنا، ثم عوت الأصابع كلها

(قاب)
وهو يراني ذاهبا إلى ما أريد، مَسَكني من معصمي الأيسر، وبخفوتٍ مهيبٍ خاطبني
:هل في وجهكَ عين مريد، حتى تقصد مرادك؟ أولئك قلوبهم ودائع خاصرة الطوبى التي تهب أبصارهم حديدا..فهل أنت منهم؟ لتكون النجوم القصيات أزرار قمصانك ؟ ولا مأوى لك حينها سوى الأطواد. عرينك عزلتك. لاعبث ولا مجاز.
فأنتَ انتصرت َ على نفسك
وبهذي الرياضات ستكون
: قاب قوسين من الشمع المبهج وتكون من صفوة أهل السر .

(البارحة)
– أينك الآن..؟
– لا أملك قفلا ً ولا مفتاحاً
– إلى أين ..؟
– كل أيامنا كانت البارحة في الأواني القناني الشموع الدموع زهرة الآس
الأسى والأسف والحنين إلى نقشة ٍ في الخزف.
أيامنا الآن بِلا مأوى.أو….على سفح ليل مطير ٍ.
ماذا بأيدينا لترضى عنا ليلةُ البارحة ِ
( بلخ )
فراسخٌ قليلةٌ وندخل بلخ.. فرسي المنهكة أصبح صدرها مرايا حنّاء لاصفة تتسايل
يغمرني ما كانت هي تتطيب منه: عيدان قرنفل، من أين أتتها هذه اللمعة والشمس يقطفها الأصيل!! تاركٌ فرسي تستريح ..أقصد القرنفل في روضه .أتمهل كأني أقف على عتبة ٍ أنتظر بابا يفتح ويأذن لي بدخول الروض .
أُ ُهامسني يا لك من مفرد متفرد يا قائدي القرنفل لا تشبه سواك لوناً ورائحة.. دكنة البني فيك،لا تتأرج نكهة القهوة منها..أتقوس لأصافح عود قرنفل ويداي خلف ظهري، أغمض عينيّ حتى لا يتسرب مني عطر رؤوسه المدببة المنفرجة ..القرنفل وفرسي وأنا وما أتذكر من عطرها وما ينتاب أسناني من وجع في ليالي الشتاء المدرسية، أفتح فمي لتحشر أمي مسمار قرنفل صغير في سني المثقوب..
فلاحات يجعلهن البعد خلفية صورة مضببة . البعد وبصري المحسور. لم يحجبا صورة مهيار وهو يتنكب مسحاته البلاستك، اشتريتها له من مشتل في الداكير،قبل سنتين.
……………………………………………………………..
تهمسني شفتاه، لتوقظني، مبتسما يهمسني : (يُبا أشكد حلوة ريحتك ).
أتأمله ..أبلع ريقي أسألني مِن أين أتى مذاق القرنفل في فمي وما لدينا مِن قرنفلٍ نفذت ذخيرته في المطبخ منذ أسبوع !!

( عشاء الأحد )
تأخذني سِنة ُ صحوةٍ .. أو غفوةٌ هادئة ٌ، سأغض الطرف عن حديد العيون وعند الضرورة القصوى أهشُ صاعقة ًمن حرمل : عليه، ستكون مضغتي مسمارين من القرنفل في نزهات مسائي وعشائي حين أعود : خبزة ٌ من شعيرٍ وخصلاتٍ من المعدونس وغصن صغير من الزنجبيل ..بيضة ٌ مخفوقة ٌ بالزعتر وذرات من الكركم وفي المقلاة نصف موزة على نارٍ هادئة تنتظر كل هذا الخليط المفضل عندك َ وسأضع في الصينية ،كوبي الذي أستعمله لشاي العصر : شاي بالنعناع وبعد البسملة واللقمة الأولى أهرع للثلاجة وأقطع من ضفيرة جبن العرب نصفها ..

(فرس الغاسق )
فرسي منهكة ٌ والغاسق وقبتُ المدينة، يممت شطر الخان :صادفني في الطريق تجار ٌ مِن الرها ونخاسون من إنطاكية وجياد غجرية يقودها صبي أمرد إلى الأسطبل .
على دكة دكانته : عجوز حلبي صفار يجلي المواعين والقدور والمقالي وللتأكد من جهده يتمرى بها ويبتسم ُ، رغم المسافة والروزنامات استعادتني إلى شط العرب : سفينة مشدودة/ مشلولة الحركة بأمراس غليظة ومراسٍ ثقيلة.. المدينة طاسة ملأى لبنا والليل سقط فيها كقطرة حبر أسود.. فتسألني حيرتي مَن يهيء للأمان طنافسه المبرقشة وللتأمل المستريح متكئا من نمارق..

(كنّاز)
جاء في الأثر : أنه من كنازيّ الأقفاص : الوردةُ والجمرةُ والخمرةُ والأقلام والحوتُ والسباعُ والكهفُ والكوكبُ والكاعبُ – الفضةُ – السندسُ- الذهبُ- المسك ُوالزعفران :أقفاصه ..
الدراويش وعتاة المجرمين والحانة التي تتكىء على الخانقاه : مِن أقفاصه ِ
يتأملهم على مبعدةٍ مرئيةٍ، يرق قلبه وتترقرق مشاعره فلا يأخذهم بالميزان،يحتويهم بالسعة ينأى ليمكث ظله المحلوم ..حقيقته محض تأويل ملتبس .الحقيقة لا تسعهُ
مثل هدوء فجر تنفتح الأقفاص :
.تتزاور الكائنات النباتية والمائية والهوام والإنسان وأمم من الطير.. ..تتجول تتوغل في الغابة وما بعدها … ثم يؤوب كلٌ الى قفصه ..من يومها ترك الأقفاص مفتوحة ..

(حصباء)
أخذتُ من أرباضي حملاً وديعا للتريض في أقاصي أثل الزبير،شمسٌ شتوية ٌ مظلتنا، هدوءٌ يخالطهُ الصمتُ، همهمات ينقلها الأثير المشمس، هناك خيمة نائية وهنا بقية هيكل دبابةٍ نخرة معشوبة..فأنتبذ مهرولا حتى لا أتذكر وجوها عزيزة ً كانت معي بأقدامها الحافية من الفروانية حتى الخطوة في الزبير.. أسأل روحي هل ما كنت اسمعه مِن همهمات هي أصواتهم المدغومة وهذي الأعشاب في هياكل الحديد المسرطن إشعاعياً هذه الأعشاب فتوتهم العصية على الخريف….، فجأة انفتح حيزٌ، ما رأتْ مثله عين : حشيشٌ من الزعفران،مراغ ُ مسك، طيورٌ زرق ،خضر، بيض ..غفلة غادرني حملي الوديع وأخذ من الأزرق والأخضر والأبيض أجنحة ً،يمينا كانت خطواتي ثم ارتقيتُ براحة ً ترابها عنبر وطيورها من الفضة وحصباؤها لؤلؤ منضود ..ثم طوقتني الحيرة وأنا نقطة دائرتها ياقوت أصفر بين در أبيض على زمرد أخضر..وتماهيت ُ في حيرتي حد التلاشي وأنا محمول في غيمة ٍ من زرقة اليواقيت، على أعناق الفواخت

(خلوق)
الأمكنة التي أقتسمناها : عابقة ٌ منكَ الآن.وحين أشهرتُ شوقي وأنا أجثو في مراياك..مسحتَ براحتيكَ : راحتي اليمنى بخلوق الكعبة أيقظني الخلوق مِن غفوتي : رأيتُ ورقة ً برتقالية ً مدورة ً ملتصقة ً في راحتي اليسرى ورأيت ُفي وسطها رسمة َ وردةٍ، استعنتُ بنظارتي : فرأيتها كتابة ً : (كل مَن فنى في الحق تخلص من نفسه)
( BKC)
رأيتهم يستعملون الأدعية : مكياجاً.أما الذين ابتلاهم… فالدعاء عضلتهم الوحيدة
للنجاة ِ من الغرق في أمواه الليل .تلك الثكلى تخيط الأدعية ثياباً ليتيماتها
وأرغفة للبيع،بعد أن طهّر الموصل بدمه، ذلك البصراوي المتمرس خلف رشاشته
BKC مثلما كان يتمترس خلف بسطته في شارع عبدالله بن علي.

(70%)
كلهم يسكنون المبنى ذاته .
وحده : يسكن الطابق 88،يقال أنه ورّث الطابق من أمه،بشرط جزائي:أن لا تنتقل الملكية لسواه ……………………………………………
تخصّب في معتزله المعطرّ بحضوراتهِ المتفايضة على الطوابق ومنها على الشوارع والحدائق والأنهار. المرجفون في المدينة والقرى والسفن والمركبات والفضائيات والثقافة المحلية والعولمة وإلخ هؤلاء وأولئك،أشاعوا : أنه غفا ثم أشاعوا: أصيب بداء المفاصل والعشو والضجر،ثم ختموها : يعاني من الزهايمر
بعد فترةٍ،أعلن فلكي من مرصده: نقلا عن طبيبه الخاص : الساكن في طابق 88
منشغلٌ بالمرايا والشمعدان ورسم اللوحات وتركها ناقصة ً بنسبة 70%

( أواب )
قال لي
: أنا من سلالة الأوابين، أنت صيرتني محطتك..أيها الشاسع المتشاغل بفتنة المرايا وهي تسردك غوايات ٍأينك في الوفاء؟ لي رشاقة الألم وهو يتأرج من ستائر العطور. لا خمرة َ في طاسة النحاس المرشقة بالطلاسم. أيها الشاسع المتشاغل خلطتْ بيديك هاتين ماش وحدتك بعدس حريتك.تغلّب على يديك وعلى أصبع ٍ في يدك اليمنى : انتصرْ وخذ الجسور كلها لقدميك.

(… لأجله)
بي من العزائم فتورها، لك معارضة القصد، فجأة امتلأ السر سرورا،متى يصير الخوف هيبة الإجلال؟ لا إيمان لي برؤية العين،أني أعتقدك بنور البصيرة.في الباب سمعتُ لمّة الملك.. ثم رأيتُ الشبر ذراعاً..ثم أذرعاً.جثتني قدماي فخجلتْ هواجسي من هرولته.أحدٌ بالذات – كل الأسماء
الماسك
الممسوك
والممسوك لأجله
(غميق)
سأخالفني ..القاعة ُ مسترخية ٌ في الخفوت.سأقاومها : هذي الميتات المقنّعة بألوان رثة : الميتة الخضراء – …السوداء – الموت الأبيض الغميق. سأقاومني،عروجا
نحو الميزان :عطشي يتغنى بصفاء الفطرة.
(مدحة)
لست ُ أول الأرضيين عشبا.ولا أغزر الأنهار نوارسَ،أو أشد الأوقات وضوحا
ولا أرفع الأعمال درجة ً،أو أشرفهن مرتبة ً،أنا : مَن خيّط َ عمرهُ مدحة ً
بين يديك َ.
( ناصع )
سألته ما خطبك يا نديمي ودليلي؟ أجابني وهو يدوزن رباطه الأسود : أنا لا أبكي
كل ما في الأمر أطفأ جمراتي الصلبة بجمراتي السائلة والدموع وظيفتها الترجمة
رفعت ُ راحتي اليمني، ليتوقف عن لسانه، فقلتُ: هناك وظيفة ثانية للدموع، وقبل أن يسأل أجبته : تصنيع غسيل الأحزان. فرد عليّ : وهناك مَن يرى في الدموع : سقاية َ الحزن بمياه صالحة لعشقٍ لا يفنى . فجأة ًصعقنا صوت ناصع :
(أنا الحقيقة وليس من حقيقة إلاّ ما يكون بأمري)
( بلخ /2)
لا ادري هل حكاها لي جدك َ / والدي، أما علقتْ في ذاكرتي مِن كتابٍ ربضتُ فيه في سنوات خلت، إذا كانت مِن جدك، فهو الوارث الأوحد لحكايات جد والده وليس جده هو.. لا تفغر فمك كسمكة . من باب المعلومات، جدك الذي هو والدي تولد 1886 حسب دفتر نفوس 1947 أما دفتر نفوس 1957 فجدك من مواليد 1880..إليك الحكاية التي وقعت في بلخ 615 للهجرة
……………………………………………
……………………………………………
هنا همسني مهيار بفراشة ٍ على خدي الأيمن .هي قبلته لي كلما أوصيته إيقاظي من قيلولتي، للذهاب إلى ملتقى جيكور أو منتدى أديبات البصرة .
(صعود التوت)
رأيته يصعد.
رأيتهُ قدمه اليمنى ترتقي سلّما ورأيتُ اليسرى ولم أر السلّم،هاهو يصعد بجسده الطفل ويصعد بتلاوته السورة المكية، هاهو صوته في صعوده الأبيض الطري كالتوت وهاهو الصوت ينفتح مظلة ً وارفة الزقزقة، وها هي الأصوات تنتظم في صوته إنتظام حباتِ مسبحة ٍ بخيطها وها هو يتلوالأشجار والأزهار ويواصل التلاوة بلا جهد ثم ألتفتْ صوبي مناديا : يُبا… ها هي الزرقاء تستبدلني بنجومها ..ثم نادني ثانية : يُبا … لا تنسَ خذني إلى بلخ الحكاية .

(وضّىء)
وضّىء هذه النفس، وهذا الجسد المنهك : وضّئه. وضّىء قلبك حلمك قدمك وضّىء مكتبتك ونواياك وضئها.
مِن ماء وضوئك : ستضاء مقاماتٍ كثر، سفوحٌ وسهوبٌ وتبّات تبة تبة تضيء وتضاء …
وضّىء وضّىء.ستكون الطير الصادح والجبل الخاشع والشجر المتمايل،ستخفق فيك أجنحة الكروبيين،وتحيطك رفرفة زرقاء، سترتق جروحَ سماء ٍ،ستحشو جروحها بالرهام والرباب،وترتقها جرحاً جرحاً ………………………….
وهكذا هكذا تميّز كنهه، وتنال رضاه
( لحظة عمهاء )
مالك واجم ٌ…!! هل أصابك بالعدوى ذلك المعمهوه فيه ؟! هيا.. تسلّق سياج المعنى،أنت لست من الأشجار التي تحتمي بسياجٍ،ولا من الراسخين في زنجار اليقين ،لا تحتاج حصانة أو حضانة من أغبرة المعاجم،دع المعاجم تحرسهم وتحرس ألسنتهم من الأشرعة في يوم ريح،يملؤك القداح يا قرة قلبي إذن دع جموحك يقدح ودعهم في أنساقهم يعمهون

( يبوسة )
جراد…
جراد ينقضُ على الأخضر : هكذا رأيتهم في لوحة للتشكيلي عبد الملك عاشور
: أوفياء لصلافتهم، ولباب الحمّام الذي منه يدخلون الى الكتابة
: فراغٌ يابس بينهم والازهار
(كلاهما)
شهوة شاطحة ..لحظة عمهاء..من المضحك الى أكثر أضحاكاً نتقافز نفتعل بابا
حين تحلّقنا النار، كيف نتمم أسبابَ الحياة بفرائس نطاردها وأعشابا ندوسها ومياها نضرمها..
كلاهما من القتلة : التاريخ البشري والتصنيع ..

(تنفس)
مع ناشئة الليل أضرمنا نارا، بعد استكانة الشاي الثانية والسيكارة الأولى سألتُ الذين يتحلقون النار معي : ما هي القوة التي تحشر الدنيا في عقلي، وتجعلني أراها، حتى حين أنام ؟ أجابني سامري من السُمار: هذه القوة هي شحنات تنفس بصري…
ثم سألني ثان : هل ثمة رئتان لامرئيتان متناهيتان في الصغر تتموضعان
خلف العين؟!

(لا نرى)
– أراك معنا وهناك أيضا ولا أعرف أيّ هناك أنت فيه ؟
– أنا هنا وأرى الأشياء ليست الأشياء نفسها
– قصدك؟
– الأشياء افتقدت من الأشياء صفات الأشياء، أرى غائبين هيضت حضوراتهم وأرى روحي……………………………………………….
– فدتكَ روحي…. تكلّم يا يُبا
– أرى روحي قحلت
– هل….؟
– نعم مات أحساسي بالعالم ..منظر هذا العالم يقززني
– كيف ؟
– أي مفرمة هذه الدنيا.. ليس أمامنا سوى الغراب ..هل نحن أعشاش الغراب؟
هل حياتنا ساعات عمل مأجور، في مصانعه ومزارعه ؟ نهبط من عليين
إلى منهولات الحكومة ومحرقتها وقضبانها !! نقاتل دفاعاً عمن يبغضنا؟
في كل مكان نرى الحكومة ولا نرى مقبرة ً تقبرها !!

(خصصة)
ذوو الأيدي الطويلة، قاماتهم قصيرة ولا ينتسبون للقرود. القرود ممراحة ولا تستهلك سوى الموز، ذوو الأيدي الطويلة جعلوا حياتنا قاعا صفصفا وها هم يتراسلوان مع المهرة العالميين في خصصة القاع الصفصف …
ذوو الأيدي المعدنية الطويلة ،بتوقيت معيّن كل ليلة : يتسايلون،من جلودهم يطفح سائل قاتم أخذ من الزفت لونه ورائحته من شاي تبخر على نارٍ هادئةٍ واحترق بثله سهوا،ونبهت العائلة رائحةٌ تشبه نفايات الشارع المحروقة كلما أضربَ عمال بلدية البصرة بسبب عدم حصولهم على رواتبهم للشهر الثالث قبل الميلاد.

(أيلول البصرة)
هؤلاء وأولئك : وسخوا الطاهر المطّهر، توارت صور أولادنا خلف صور المرشحين والمرشحات.أولادنا حمموا العراق وعطروه بجنائن أرواحهم ..أولادنا قاموا بتحميم العراق طوعا ومحبة،هؤلاء وأولئك لا يستحقون حتى حميم وغساق .هؤلاء وأولئك يستحقون غسيلاً في حمم براكين غضبة بصراوية قاهرة،كما يحدث الآن في أيلول شهداء البصرة 2018، وعلى الآن أن يكون دائما دائما..

(أدرينالين)
الذي صارت له قدرات خارقة، ما أن يتذكر لحظة ً آفلة ً حتى يستعيد جسده آنذاك بفتوته وغضبته تحت شمس تموز وآب في التظاهرات.. والعجيب أنه حين يتذكر لا يكون في جسده آن ذاك و لا في جسده الحالي !! أي منزلة تعساء بين منزلتين!!
وهناك مَن تدفقت في لحظته شحنة ٌ عالية ٌ من الأدرينالين فرفض التدريب على السباحة، ثم غافلنا وقفز ليغرق في ماض ٍ لم يره ولا رآه جده ..

(جمرات من وحشيات حبيب ابن أوس)

بعزيمة الخوف أتقفى صدى ما يجري
أتجاوز أرباض المدينة، قاصدا أشجار غابته القصية، هناك أخلع روحي وأنوش غصنا، وأرميها عليه، يتمارسان الصمت والهدوء في غابة الطائي.فجأة ً بلّل سمعي عزف قسيب قريب ..
………………………………….
والنّبعُ ينبتُ عيداناً فيكتمل : هذا آخر ما قاله لي الشاعر نهشل بن حرّي
ها هو خطوي يخدش هدأة الغاب، أدوسُ يبيس الأوراق وغير الأوراق، كلما خطوتُ تحولتْ الغمغمات البعيدة نحو الوضوح ثم رأيتني أمام الأسفع بن الغدير، فحين سألته، وقد أناخ ناقته وترجلَ .. وضع راحتيه على منكبيّ وقال بصوت رزين خفيض : (وإنيّ لن أعود كما غنيت ُ) مكثتُ عميقا فيما قاله حتى بدت معالم الأرباض للبصيرة لا لحديد البصر: مرايا في حمام بخار، فسريت ُ وسريت .. صادفني،فأ ستوقفتهُ: وعلة بن الحارث الجرمي وسألته بيتاً واحدا، قال لي مبتسما سأنثر عليك من نجومي، فأختر أنت ما ترغب يا ابن مسعود.. وراح يضيء ليلي بكواكبه الشعرية فهبط هذا البيت قلادة في عنقي :
وإنّي وإياكم كمن نبّه القطا ولو لم تنبّه باتت الطير لا تسري .
من الشاعر كنّاز الجرمي، مِن قطعةٍ شعريةٍ تستوقفني هذه اللؤللؤة
وهي عجز بيتٍ شعري : ،،وَلا أُعلِمُ الناس َ ألقابها،، رغم حاجز الغبار الطويل بين لحظتينا، عرفت ُكنازاً يعرف الكثير الكثير عن الآخرين لكنه يكتفي برمشة عين .
ومن خيمة :عبد بني الحسحاس يستوقفني هذا السدو الزاهي:
رأيتُ الحبيب َ لا يُمل ُ حديثه ُ ولا ينفع المشنوء أن يتودداً
…………………………………………………….
يوجعني وجع ُ سَلمَة بن عيّاش:
لقد كنت ُ جلداً في الملمات ِ قبله ُ فلم أستطِع ْ إذ ْ بان َ أنْ أتجلدا
إذا قلتُ يُسليني تقادم عهدِه ِ أبى ذِكره ُ في القلب إلا تجدُّدا
…………………………………………………………….
استمر سلمة بن عياش ينشد وينشد، وسيمكث البيتان في قلبي وروحي وذاكرتي
إلى أن ألقاك يا أجمل خلق الله في عينيّ…

( حمّام)
هناك من يدخلون الأدب من الحمّام، عاقرتهم الكراسي،لا فرق لديهم بين كرسيّ وآخر ..الأهم أن يتكرس واحدهم في كرسي خاص.هؤلاء لا ينظرون لغير سقوف تهبهم فقرات عنقية نابضية يعرفون الأدب من خلال متابعات ثقافية سفري، يسترقون السمع للثقافة ثم ينشرون غسيلهم على حبال عنكبوت التقنية، فيصفق لهم الذين لا يقرأون،واللواتي يكرهن الثقافة كرههن للكلام الواضح (الوضوح جريمةٌ) ..هؤلاء فسدة مثل كراسي مجلس النواب..الذين يدخلون الى الأدب من الحمام..
يتحولون إلى حمّام متنقل

(محسورون )
المحسورون أصفياء النارنج،جيادهم من ريش نسور،آيتهم هدوء الفضة، وطوافهم حول حافة كوب أزرق،مهنتهم: زيادة معنى العالم مسكنهم جوارأشجار تجوب العالم.منهم مَن يتزوج قلبه ُ.منهم مَن يتزوج رأسه ُ.ومنهم مَن لا يتزوج .
المحسورون أدلائي إلى إيقاظ النهر من حلم البارحة .المحسورون يضعون الشمعة
على صهوة النهر لتقود شموعا وتأجج حريقا يشوي ظلام العالم حد التفحيم وإذا نفذ الشمع .المحسورون شموعا وسعفات الشاطىء وغصون اليوكالبتوس على الكورنيش ..وحدهم المحسورون يقبضون على الجمر، ويرجمون به قوائم الكراسي المصابة بالوضر.. يرجمونها ويصيحون : أللهم نعوذ بك من الخبث والخبائث .
( خشية )
لستُ معنيا بسواك..
دع النفاجين ينفجون فهم لا يعرفون من النحاس سوى البوق ومن السلوك اليومي سوى المكياج الأجتماعي ..أسمعني جيدا : الحقيقة لا تموت ولا تشيخ، لكن حينما تغلّق الأبواب والشبابيك والأفئدة والعيون والآذان،فأن الحقيقة تصاب بالوحشة وإذا استمرت وحشتها فالحقيقة تتوجع وإذا توجعت وتوجعت… يا ويلنا جمعياً من ثأرها حين تثأر…وإذا ثأرت فأن أول ما تتطاير منا جميعا هي الملابس الداخلية، ثم الأبواب والشبابيك والملابس التي علينا وتنصب الحقيقة شاشتها في الشوارع والساحات العامة : ساحة أم البروم، ساحة سعد، شفقة العامل كراج بغداد.الملعب الجديد وملعب الميناء، الأسواق المنتديات الثقافية اتحاد الأدباء وروافده، رجال الاعمال .الجامعات الحكومية والأهلية ومواكب العزاء، غرفة التجارة..
الحقيقة لا تموت .لكن علينا أن لانطمئن فهي عرضة ٌ للأختطاف . وأعظم ما أخشاه أن تنتحر الحقيقة حتى لاتسّقط أخلاقيا
( تمييز )
الحنان : الطفلة الشرعية للرحمة وليس للعطف .في العطف ثمة ترابية أما في الرحمة لا مسافة بين طرفين، وحاذف المسافة ليس أنا بل هو..
(ثنية)
أريد حريتي وأخافها حين تصير كلبَ صيدٍ تطارد الحقيقة . توقظني الحرية للمغامرة فالكون البكر ينتظرني لأسُهم في هندسته الخضراء فهو مني في عمق ِ جوار..وهكذا ندخل الشارع الدائري : أريد .أخاف. أصير. يقظة. حرية. مساهمة انتظار.. مغامرة ..أريد..
في النهاية أجالسني على دكة في شط العرب أثناء نزهات مسائي وأخاطبني لا مسافة بين مهد وتابوت ..نعم .. نعم .. أسمعه جيدا ذلك الحكيم الذي أنفقتُ جل سنواتي في محاريبه : الفكر لا ينكفىء، لكن ينثني على محوره

(القلق)
في البدء يتخلق زئبقي القوام ثم يصير جلاتينيا..ثم يلتصق ويتحجر في منافذ العقل مثل معجون مثبّت زجاج النوافذ

(قمصان)
تعتركني الهواجس، فذلك الذي لعجت المصيبة فؤاده هو قسيمي الملعوج . أمكث ُ فيه أبدا، أوجه سؤالي الى أفق ٍملتبس ٍ كنهه : لماذا رجمتنا بقمصان ٍ ضيقة ٍ،وحشرتنا فيها منذ أحتجاجنا الأول، وكلما ركض العمر فينا ازداد ضيقُ قمصانك َ علينا .
(نحت ناتىء)
الشجرة التي رأت الولد الشاطر عصفورا،أشعلت الغيظ في جريد القفص.
وأثارت إنتباه القطط التي تحلّقت حول الولد الشاطر، الذي رأى في جلستها
لقطة ً مميزة ً، وهكذا أحتبس القطط كلها في ذاكرة الواتساب.
وهو يسري مع جوشن الليل نحو حديقة الجارة ، وصلت الغيرة لدى الأزهار، حد الإنهمام، بذريعة أن ريشات هذا العصفور المختال كطاوس مغتصبة من وريقات دم العاشق والختمة والكاردينيا والجعفري وصباح الخير والرزاقي والياسمين
هنا احتقن وجه الولد العصفورغضباً وراح ينتف ريشه بمنقاره وأظافر قدميه ثم أنتصب عاريا مثل نحتٍ ناتىء …
………………………………………………………………
رفعت الأزهار مظلمة ً إلى مَن لايهتم بأمرٍ، مفادها أن الولد العصفور يستعرض عريه على مرأى الأزهار المحصنات !!

(بلخ/3)
منذ 17 كانون الأول 2017 وأنا أسيرك الذي يشتاقك حرية ً وعناقا وشمة ً
عدنا إلى بلخ أنت وأنا والزمن 615 للهجرة .دخلنا قبل دخول الأمير الموفد برسم التغريم لأهالي بلخ أثر غضِب الخليفة عليهم فللحكم مزاجه البرتقالي ..وحينما سمعت زوج أمير بلخ بادرت بفدية ما بعدها فدية أنتقت :ثوبا لها مرصعا بأغلى كنوز الأرض…..
عند هذا الحد من الحكي، تأملت (مهيار) يعانق قسيمته في الوسادة : الفقمة، فاستلقيتُ جوارهما في النوم..
روزنامة الأحد الأول
*مكحول بن حرثة
*مهيار
* يرتعش
*تدجين
*تختض
*صهباء
*حتى
*بيت في كوت الدخيل 1975
*لهو
*تصوير
*إعلام
*مزهرية
*ربما
*…ياكلكامش
*كنز
*طيور الصحون
*دمعة الأجنحة
*بلوط
*أيهما
*سطح بيتنا
*منذ
*نجارة
*تين
*3
*تابعة
*بخار
*قسيب
*رقمة
*زين
*ديك
*قاب
*البارحة
*بلخ
*عشاء الأحد
*فرس الغاسق
*كنّاز
* حصباء
*خلوق
*أواب
*لأجله
*غميق
*مدحة
*ناصع
*بلخ/ 2
* صعود التوت
*وضىّ
* لحظةعمهاء
*يبوسة
*كلاهما
*تنفس
* لا نرى
*خصخصة
*أيلول البصرة
* أدرينالين
*جمرات من وحشيات حبيب ابن أوس
*حمّام
*محسورون
*خشية
*تمييز
*ثنية
*القلق
*قمصان
*نحت
*بلخ /3

مقداد مسعود مِن خلال أشجاره
*يعمل في صحيفة (طريق الشعب) منذ 1975
*من المؤسسين لجريدة الحقيقة/ لسان حال الحزب الشيوعي في البصرة/ 2003
*في الهيئة الإدارية لملتقى جيكور الثقافي
*مسؤول القسم الثقافي في اذاعة الملتقى 2008
*سكرتير تحرير مجلة فنارات/ اتحاد أدباء البصرة 2009
*مشارك دائم منذ 2003 في مهرجان المربد الشعري
*شارك في الندوة التي وجهتها له مجلة الطريق اللبنانية،بمناسبة أربعينية
الناقد اللبناني محمد دكروب، وكانت ورقته بعنوان(أيدلوجية القص)
*شارك في ملف مجلة الطريق اللبنانية بمناسبة مرور ربع قرن على أغتيال
المفكر حسين مروّة، بورقة عنوانها(مروءات حسين مروة)
*أحتفت بمنجزه الإبداعي مؤسسة مركز النور للثقافة والإعلام في 2017
*له عمود صحفي أسبوعي(مسح ضوئي) في جريدة(طريق الشعب)
*له عمود ثقافي في مواقع النت(مظلتان لشخص واحد)
في الشعر..
*المغيّب المضيء/ دار الرواد/ بغداد/ 2008
*زهرة الرمان/ دار الينابيع/ دمشق/ 2009
*الزجاج وما يدور في فلكه/ دار الشؤون الثقافية/ بغداد/ 2009
*بصفيري أضيء الظلمة واستدل على فراشتي/ دار الينابيع/ 2010
*شمس النارنج/ دمشق/ دار الجفال/ 2011
وعن دار ضفاف / بغداد – دولة الإمارات المتحدة صدرت له الكتاب التالية :
*ما يختصره الكحل يتوسع فيه الزبيب/ 2013
*جياد من ريش نسور/ 2013
*يدي تنسى كثيرا/ 2014
*هدوء الفضة/ 2014
*بساطيل عراقية/ 2016
*الأرق أستراحة النوم/ 2016
*أرباض/ 2018
وفي النقد عن دار صفاف صدر له :
*القصيدة بصرة/ 2012
*زيادة معنى العالم/ 2014
وله في النقد
*الأذن العصية واللسان المقطوع/ دار الينابيع/ دمشق/ 2009
*من الأشرعة يتدفق النهر/دار الشؤون الثقافية/ بغداد/ 2014

[email protected]

أحدث المقالات