19 ديسمبر، 2024 6:35 ص

من واجب المؤرخ ..ان ينبه الناس..الى حقائق الأمور

من واجب المؤرخ ..ان ينبه الناس..الى حقائق الأمور

في هذا الزمان الصعب نحن بحاجة الى جريء يقول الحقيقة دون وجل من خوف..وبحاجة الى قارىء او سامع يتفهم الحقيقة دون مجاملة او مخاتلة من عيب قد يظنه صعب عليه من الاخرين..فالامة بحاجة الى الحقيقة وليس الى المجاملة والتردد في قولها..ساعتها ستنتصر..
لا احد ينكر ان الاسلام دينا مثل كل الاديان الاخرى التي سبقته … كلها من مصدر واحد هو الله.. فكان خاتمة الاديان، “اليوم أكملت لكم دينكم ….المائدة 3″. بعد ان أوصى الله محمد (ص) بضرورة معرفة تلك الاديان واحترامها كما في قوله :”ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والأنجيل، آل عمران 48”. في قرآن محمد الوصايا العشر التي جاءت في الديانات التي سبقته .. والتي تضمنت “ان لا تكن خائنا ولا معتديا ولا مزورا ..” هذه المصطلحات هي ما تضمنته الدساتير العالمية اليوم التي كونت دول عظمى لا زالت تتقدم..فلماذا لم يُكون الاسلام دولة عبر الزمن حتى بقي يعيش في رؤوس الناس وليس في واقعهم..؟ ..اعتقد وبقناعة المنطق ان المسلمين الآول لم يكونوا بمستوى فلسفته حين توجهوا الى انفسهم دون قيمه ومبادئه..مثل كل الذين يدعون الوطنية اليوم منهم ..فاذا ما وصلوا تخلوا عن الوطن والوطنية..فماتوا قبل ان يموتون..
نعم ولد الاسلام مبشرا بالحق والعدل “ان الله هو الحق ،الحج 62” ..جاء ليطرح نفسه عقيدةً وسلوكا ومنه نصل الى حل المعضلات التي تواجه المجتمع في ذلك الزمن الصعب ،مثل اطروحة القضاء والقدر، والحرية، ومشكلة المعرفة،ونظرية الدولة ،والمجتمع والاقتصاد والديمقراطية وتفسير التاريخ..لينتج عن ذلك فكر اسلامي آيديولوجي معاصر يحمل مقومات المعاصرة استنادا الى النص لينهي عصر ما قبله ، لكنه فشل في هذا التوجه حينما فُسر النص لصالح الفقه الفردي الذي حوله الى الترادف اللغوي الفاقد لمعنى العقيدة ولم تكن التسميات الحسية قد استكملت في اللغة العربية بعد تركيزها في تجريدات..
وبهذا سرعان ما تحولت الى السيف الذي جاء بدلا من قناعة المنطق والقانون حين طبقوا نظرية “أسلم تَسلم” يوم كان قويا ..فحل السيف بالمعارضين الذين سموهم بالمرتدين ،وهم لم يكنوا كذلك بل المطالبين بحق الاشتراك في اختيار زعامة الدولة وكيفية بنائها وحقوق الناس فيها .. التي بشر بها صاحبها انها ملك الجميع “وشاورهم في الأمر ، آل عمران 159″. وبنظرية السيف تدرج في القوة حتى نسي اصحابه تأويل النص المقدس واللجوء الى مواقف فكرية سياسية تراثية قامت على الجبرية وضرب الفكر الاخر متحدين النص”لكم دينكم ولي دين ،الكافرون 6″.
من هنا ورغم استمرارية وجوده واستمراريته ، الا ان المسلمين عاشوا ويعيشون اليوم في ازمة فكرية فقهية حادة سببتها المذاهب الاجتهادية اللامعترف بها في النص..لذا وجب علينا البديل في فقه معاصر جديد والغاءالقديم مخترقين فقه الفقهاء الخمسة الذين انتهى زمانهم حين كانوا يرون الحياة بنظارات انتهى زمانها اليوم ، ولم تعد تصلح للرؤيا..لامكانية صنع دولة تخدم شعب او امة دون تفريق ..لكن اتباعهم فشلوا اليوم حين تجاهلوا صيرورة الزمن في التغيير.. فما الذي تغير اليوم..الاسلام ام المسلمون..؟
من يقرأ بداية ظهور الاسلام بتمعن وبحيادية تامة يدرك او يتكهن بما سيحصل له مستقبلاً..لأن من يتخلى عن القانون والحقوق ويتحلى بالقوة والمصلحة والقبيلة يدرك تماما ان قوانين التاريخ تجري مثلما تجري قوانين الطبيعة..بعد ان اصبحت اركانه غير صالحه لاستمراره ،ولم تعد قادرة على حمله امام العواصف الهوجاء..انه في دور السقوط..
أمنيات عاطفية مناها الاسلام لمن ينتمي اليه هي الشهادة له وضمان الجنة بعد الممات..”جنات تجري من تحتها الانهارخالدين فيها أبداً،النساء 122″ والأمنيات الاخرى التي تعود عليها العرب وهي المال والنساء ..”وما ملكت ايمانكم ،النساء 36 ” وهكذا جيل بعد جيل يُمنى بالأمتيازات يحملون نفس الامنيات ..لكنهم بمجرد ان يصلوا يقلبوا لنا ظهر المجن..للمنتظرين ..فهل ان المرض اصبح مزمنا بلا علاج ..أم ان أيمانهم بالعقيدة كان وما زال وهما في الصدور..؟
يقول الفقهاء ان الاسلام بني على خمس..هي اركانه الاساس ..تكوين الامة الاسلامية، والسيف لمن يعارض ، والمال لتمويل حروب الدولة ، والجنس الدنيوي والاخروي لأشباع النفوس وهو الذي حرك الغزو،والرقابة على المعارضين للحد من المخالفين والمنتقدين..مصحوبا بالدعاية له، .هذه الاركان متشابكة ومعقدة كانت بحاجة الى مؤازرة القلم فكان الفقهاء خيرعون لها…نفس الدعاية الكلامية التي جاؤا بها يوم قبلوا مرافقة الغريب لاحتلال الوطن مع الفارق في اللفظ اللغوي اليوم..وأستفردوا بالدولة والحقوق دون الناس.؟
قال النبي في احدى دعواته :”اللهم أيد الاسلام بأحب هذين الرجلين اليك: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب” أنظر السيرة النبوية لأبن هشام ج1ص423..وأنا اشك في هذا القول لفساد ابن هشام في تحريف الاحاديث المنقولة ،من هنا ندرك ان محمدا كان في بحث دائم عن الرجال الاقوياء الذين يمكن الاعتماد عليهم في نشر الدعوة والمحافظة عليها.
وحين قويت الدعوة والانتقال الى الطاعة الحدية المطلقة التي لا اعتراض عليها حتى لو خالفت الاعراف كما حصل مع زينب بنت جحش وزوجها زيد حيث طلقت من زيد ليتزوجها النبي كما في الاية 36 من سورة الأحزاب..والقضية تمثل وجوب الطاعة المطلقة دون اعتراض من احد..هذه هي بداية دكتاتورية الاسلام تجاه المرأة لا بل تجاه المجتمع لتطويعه..لذا ظلت القبيلةهي الاساس حتى ولو اصبحت في اسفل معاني التقدم والتحديث…ألم يتشابهوا القادة العرب اليوم مع من جاؤا في بداية الاسلام..”النرجسية والطائفية والحقوق لهم دون الاخرين والانتقام من الأخر..وابقوا حقوق المرأة في الصف الأخير.
وحلت اللغة العربية بعد الفتوح محل كل اللغات للشعوب التي دخلت الاسلام وان لم تتقنها فصارت الصلاة والادعية وقراءة القرآن عربية مفروضةعلى الجميع وان لم تعرف معانيها منهم تماما..انها مآساة حقيقية ..ثم كانت القراءة بالعربية التي اعتبرت جزءًمن الدين حين أضفي عليها هالة التعظيم واصبح غير العربي ملزم بها مع ان الكثيرين لا يفقهون منها غير حفظ الاصوات والطرب على صوت القارىء المرحوم عبد الباسط عبد الصمد ، لا… فهم المعاني فضاعت عليهما منفعته..نعم انها مآساة اخرى.
ومنذ ان ظهرت عندنا كلمة أقرأ اصبح كل شيء عندنا مبني على الاستظهار لذا فالعالم عندنا لا يبتكر بل يحفظ لا بل أختفى عندنا عالم العلوم.. لذا بقينا نفتخر بمسلم والبخاري وبحار الأنوار للمجلسي لحفظهم الالاف من الاحاديث النبوية حتى اصبح السؤال يتعبنا لانه بحاجة الى تعليل وهذا ما نخشاه..”يا ايها الذين امنوا لا تسألواعن اشياء ان تُبدَ لكم تسؤكم …..،المائدة 101 هكذا فهمت الآية عندهم ..لذا ظل منهج الطالب في المدرسة والجامعة يحفظ دون ان يُفكر او يَبتكر.
وعلى مستوى القبيلة ظلت الشهادة الجامعية ومراكز البحث العلمي مجرد ديكور يعلق في البيوت وخريجها لا يفقه من العلم الا قليلا باستثناءات معينة بسبب عناوين الاطروحات المقدمة في الجامعات العربية…كاطروحة الضراط وفائدته على الصحة المقدمة في جامعة محمد بن سعود ومئات غيرها احط واسخف.
وتأتي السرقات العلمية في الفكر وبلا حماية حكومية ووطنية..والتزوير لمن لا يملكها وبعلم الدولة ..حتى اصبحت السرقات في الاطاريح الجامعية عامة ومقبولة..مثل تزوير الشهادات لاعتلاء المناصب المتقدمة دون حسيب او رقيب فكانت النتيجة كما نراها اليوم..
ومن سمات العرب تطبيق عادات وتقاليد القبيلة قبل القانون “انصر أخاك ظالما او مظلوما”. حتى تحولت المقولة على يد الفقهاء الى نظرية “الولاء والبراء” يقول القرآن:”لا يتخذ المؤمنون الكافرون اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء،آل عمران 28″. لذا لا يحق لغير المسلم بموجب العرف القبلي ان ينتقد المسلم او النص ،أنظر “قضية سلمان رشدي صاحب كتاب الايات الشيطانية الملاحق للقتل مثالاً دون مناقشة ،أما كان الأولى بهم مناقشته في افكاره قبل الحكم عليه بالأعدام..”انظر فتوى الخميني فيه”..والخلافة في كل الارض لهم دون الناس ، والدولة يجب ان تكون تحت حكمهم الشرعي لا القانوني والفرق بين الاثنين كبير لصيرورة الزمن فيهما…ويكبر الطفل المسلم ولايعرف الا عدل عمر وسيف ذو الفقار لعلي ،ولا يعرف سوى الحدود لدرء الخطر والمفاسد فهو القانون في المجهول..لذا ظلت القبيلة في مواجهة الفردية ..بمجرد انتهاء دولة الخلافة العثمانية التي انتهت دولتها..لأنها صنعت على غير اساس قانوني.
ثم تأتي نظرية السيف: الذي تأسس عليه الاسلام لا الكتاب فكانت الفتوحات الاسلامية ،وهي في حقيقتها غزو استيطاني واستيلاء على خيرات الشعوب..ولا زالوا الى اليوم لا يعترفون بالخطأ بل يبررونه بنشر الاسلام . .ثم يرددون لكم دينكم ولي دين .. اصرار على الخطأ غريب.
وللفشل المستمر في الدولة الاسلامية التي بنيت بعيدا عن التشريعات والقوانين الملزمة..”لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار ..أما نهج البلاغة وقوته الفكرية فقد نسيت وابعدت عن المنهج الدراسي”.واتخذت من الفتوى التي هي “-اصلا لا يعترف بها الاسلام ذريعة للتطبيق –أنظر فتاوى “قدس الله سرهم” ، لذا نرى الاسلام اليوم يحتضر..واذا لم تتدارك مؤسساته اسباب ضعفه المستمر بعد ان تحول الى متحف من الاوامر والنواهي.. حتى انهار هذا الركن المؤسسي اليوم بفضل المليشيات المتحكمة بالقانون والخارجة عليه ..فعليهم اليوم ان يدركوا الحقيقة المرة ان ذلك التاريخ لن يعاد مرة اخرى وان الغلبة اليوم للعقل وليس للسيف..فهل سيصحى اصحاب العقل على الواقع المر قبل فوات الآوان.
والركن الاخر هو المال :”المال والبنون زينة الحياة الدنيا الكهف 46″. وبمنظورهم هو حياة القبيلة لذا عبدوه والا هل يعقل ان يفضل المال على الوطن ، ويكون عرضه لخيانة الثوابت الوطنية مع الاعداء..لو كانوا يؤمنون بعقيدة او دين ..؟..ناهيك عن الجنس الذي هو الاخر محرك من محركات القبيلة:” زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطر المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المُسومة والانعام والحرث ذلك متاع الدنيا ،آل عمران 14″ نعم المال والجنس احدى محركات القبيلة منذ عصر العرب قبل الاسلام.. لذا ارهقت المناطق المفتوحة بالضرائب والجزية والخراج وملك اليمين ..حتى ظل المال والسيف متلازمان لا يفترقان..ولنا في المؤلفة قلوبهم مثالاً لاغتصاب المال والجاه واليوم الطبقة السياسية والقبيلة والعشيرة مثلهم في العمل والتطبيق.
بقيت الزعامة والجنس وهما عاملان لا يمكن للقيادة التنازل عنهما بعد ان منحهم الله القدسية والعصمة –حسب رأي مرجعياتهم الدينية – والبقاء لهم دون عامة الناس ،هكذا الى اليوم يعتقدون..فهم اصحاب الدماء الزرقاء .الشعب يموت جوعا بلا مأكل ولا مشرب ولا سكن لا بل تهدم دورهم على رؤوسهم بأية حجة يدعون ..ومن يعترض يقتل او يغيب ..بالضبط كما كانوا في عهد الخلفاء لا دام ظلهم الوارف ..والمرأة اصبحت ناقصة عقل ودين ،واذا مرت من امام المصلي تُفسد صلاته..كما في صحيحي مسلم والبخاري وبحار الانوار قرآنهم الجديد.
واستخدمت الآية “وما ملكت ايمانهم لاغراء القادة والمتنفذين ..وقد مارسوها جميعهم مستندين الى الآية وما ملكت يمينك ،الأحزاب 50″. وبزوجات بلغن التسعة..انظر كتاب ازواج الخلفاء..وامور اخرى يصعب تعدادها في هذا المقال. القصير ..فاذا كانت الزوجات بهذا العدد وما ملكت ايماهم فمن اين لهم الوقت للعمل والتشريع..؟
في الختام نقول : ان سقوط دولة الاخوان في مصر هي اول قلعة سقطت امام التقدم والمعاصرة..لذا عليهم ان يتعاملوا مع الواقع فمن المستحيل ان تتعامل اليوم مع شريعة اصبحت من الماضي ..بعدهم سقط حزب النهضة في تونس..لكن الاحزاب الاسلامية في العراق وايران واليمن وغزة اليوم تهتز من تحتها الارض وشعوبها كارهة لها..فليتحمل العرب الشجاعة للوقوف بوجههم وانقاذ اوطانهم من هذا الاخطبوط الذي نستطيع ان نقول عنه بالرجل المريض..شرط ان لا يسمحوا للاسلاميين من ان يعودوا لحكم الدولة مرة اخرى.
نعم نحن بحاجة اليوم لتطهير اصول الدين من الخُرافات ..ونقد الحديث الديني الذي هو اساس كل تقدم ،والاعتراف بألخطأ الذي لا زمنا زمنا طويلاً ،لفهم اسباب الفشل في الحياة ،وعدم الاعتراف بالخطأ يشكل منقصة في الفقه الديني الملزم على الناس يقول الحق :”…وما جعل عليكم في الدين من حرج ،الحج78.
من يدخل الميدان ضد هؤلاء المتوحشون من سلاطين العالم الاسلامي ..عليه ان لا يخشى السيف ،ولا الرقابة ،ولا حكام الجور، ولا الدكة العشائرية وقانون العشائر الجائرة..لا لاجبار للطاعة فيما يقولون ..فلا مقدس في الدين الا الله والكتاب ..وانما يؤمن بالقانون والحرية والعدالة الاجتماعية وحكم الجماهير..هكذا يقول لنا التاريخ لننهي عصر خرافة القبيلة واسلام الفقهاء المزيف وأحزاب التزوير والفساد ..واحاديث مسلم والبخاري والمجلسي والمذهبية الزائفة الى الابد لنلحق بالشعوب المتقدمة..
قولوا لايران المعتدية على شعب العراق..” ان وطننا وطن شعب وليس وطن مذهب فات زمانه وانتهى..” انسحبوا من ارضنا وخذوا معكم شياطينكم من مليشيات القتل والتدمير ..خذوا مرجعياتكم اللا مقدسة التي قبضت الثمن وباعت الوطن..اوقفوا المخدرات عبر حدودكم وادويتكم المنتهية الصلاحية التي بها تقتلون الشعب وخذوا رواديدكم المخدر الثاني لشباب الوطن .. الذين يخدرون الشباب باسم الحسين..فالحسين جاء لنصرة المظلوم وليس لقتله. أرحلوا عنا فقد أذيتمونا كثيرا….فقد تأخرنا كثيرا…؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات