خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في محاولة لإحتواء التصعيد المستمر في “سوريا” بين الجهات المتقاتلة على الأرض، عقدت أمس في “أنقرة” قمة ثلاثية بين الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، والإيراني، “حسن روحاني”، والروسي، “فلاديمير بوتين”، وهي القمة الخامسة بشأن “سوريا” وبشأن الوضع في “إدلب” تحديدًا.
وركز الرؤساء الثلاثة على وجوب إيجاد حل للأزمة السورية يضمن سيادة ووحدة الأراضي السورية؛ ولا يمس بقرار الشعب السوري وعلى ضرورة محاربة الإرهاب وعودة اللاجئين.
وأكد الرؤساء الثلاثة، خلال مؤتمر صحافي، على الإنتهاء من تشكيل لجنة صياغة الدستور، التي تضم أشخاصًا من النظام والمعارضة و”الأمم المتحدة”، والتي من المفترض أن تهيأ لها الظروف لتبدأ عملها قريبًا، مع ضمان عدم تعرض أي من أعضائها لأي ضغوط من أي جهات خارجية، على أمل تهيئة الظروف لإقامة انتخابات عام 2021.
وتمت مناقشة الدستور، بحسب ما جاء في المؤتمر الصحافي، مع مراعاة كل الأمور السياسية والدبلوماسية والعمل على أن يكون القرار فيه سوريًا خالصًا وممثلاً لكل فئات الشعب السوري.
مكافحة الإرهاب..
الزعماء الثلاثة؛ أكدوا أيضًا على أهمية مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتنظيماته، وعلى رأس القائمة تنظيم (داعش)، في حين تطرق “إردوغان” و”روحاني” إلى “حزب العمال الكُردستاني” بأجنحته وفروعه السورية؛ وحق “تركيا” بالدفاع عن أمنها القومي، والذي أكد عليه “بوتين” كذلك بالنسبة لـ”تركيا” ولدول المنطقة، وقال “إردوغان” إنه لا يمكن إحلال السلام في “سوريا” بوجود هذه الأحزاب، حيث لن تسمح “تركيا” بإقامة ممر للتنظيمات الإرهابية على حدودها، حسب تعبيره.
“المنطقة الآمنة”..
وتطرق الرئيس التركي إلى المنطقة الآمنة التي تسعى “تركيا” لإنشائها وطالب، “الأمم المتحدة”، بالمساعدة والدعم، حيث لم تُعد بلاده قادرة وحدها على تحمل الأزمة السورية وأزمة اللاجئين التي تتفاقم يومًا بعد يوم، خاصة في ظل الأوضاع في “إدلب”.
وحدد تفاصيل المنطقة بأنها ستكون على طول الحدود المشتركة مع “سوريا”، بطول 910 كيلومترات وعمق 30 كيلومترًا، وتخطط “تركيا” لإنشاء شقق ووحدات سكنية ومدارس ومستشفيات فيها لاستيعاب ملايين اللاجئين الذين تتكفل بهم والذين كلفوها حتى اللحظة نحو 40 مليار دولار.
وحذر “إردوغان” من أن “تركيا” ستقوم بإنشاء المنطقة العازلة بنفسها إن لم تستجب “الولايات المتحدة” بسرعة وتتخذ الخطوات اللازمة.
رفض للتدخل الأميركي..
فيما أكد الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، على وحدة الأراضي السورية ورفض التدخل الخارجي الأميركي الذي يهدف لتقسيم الأراضي السورية ودعم التنظيمات الإرهابية، حسب تعبيره.
وقال إن “أميركا” لا تكتفي بذلك بل قامت بالإعتراف بضم “إسرائيل” لـ”الجولان” في خطوة تمثل مخالفة للقانون الدولي، كما تدعم “إسرائيل” بضرباتها وهجماتها على الأراضي السورية.
وقال إن الدول الثلاث ملتزمة بمكافحة الإرهاب الذي ترزح “سوريا” تحته منذ ثماني سنوات، وأكد على وجوب إعادة الأمن وتوفير شروط عودة اللاجئين.
وذكر “روحاني” أن الاجتماع المقبل ستستضيفه العاصمة الإيرانية، “طهران”.
الحل يعتمد على القرار رقم 2254..
الرئيس الروسي في كلمته قال إن الحل في “سوريا” سيعتمد على القرار رقم 2254، وإن الدول الثلاث تسعى لإعادة دمج “سوريا” في محيطها وإعادتها إلى حضن “الجامعة العربية”، وأكد على أن صياغة الدستور هي ركيزة الاستقرار في “سوريا”؛ وأنه لا بديل عن دستور جديد.
ودعا لضرورة دعم الجيش السوري من أجل مكافحة الإرهاب الذي ترزح تحته “إدلب” حاليًا، وقال إنهم يبذلون الجهود من أجل تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين خلال عملياتهم في “سوريا”.
وكشف “بوتين” عن اكتشاف خلايا نائمة لـ (داعش) في الفترة الأخيرة في “سوريا”.
كما أشار إلى أن الوجود العسكري الأميركي في “سوريا” غير شرعي وغير قانوني؛ وأنه يتفق مع “تركيا” على وجوب انسحاب “الولايات المتحدة” من شرق “الفرات”.
ويأتي تشكيل اللجنة الدستورية بعد عامين من مباحثات تحت إشراف “الأمم المتحدة”، سادها خلاف على قائمة المجتمع المدني والأسماء المشاركة.
وكان المبعوث الأممي إلى سوريا، “غير بيدرسون”، قد أكد في 29 من آب/أغسطس الماضي، إنتهاء الخلاف على مشكلة الأسماء، والاتفاق على تعيين رئيسين متساويين لرئاسة اللجنة، أحدهما من النظام والآخر من المعارضة، دون تحديد الأسماء المرشحة لتولي المهمة.
وكان رئيس “هيئة التفاوض العليا” السورية المعارضة، “نصر الحريري”، قد توقع تشكيل اللجنة الدستورية قبل اجتماعات “الجمعية العامة للأمم المتحدة” بدورتها الـ 74، التي ستنطلق بين 17 و24 من أيلول/سبتمبر الحالي.
توقعات بنتائج فاعلة..
وكان الكاتب والمحلل السياسي، “أندريه أونتيكوف”، قد علق قبل إنعقاد القمة، قائلًا أنه بلا شك نحن نتوقع بعض النتائج الفاعلة والمتقدمة، وخاصة فيما يخص تشكيل اللجنة الدستورية، لأنه كان هناك تصريحات عديدة لمسؤولين روس تحدثوا عن قرب تشكيلها، في منتصف شهر أيلول/سبتمبر 2019، كما أعتقد بأن هذه القمة ستؤدي إلى تفاهم جذري بهذه المسألة، ومن ثم سيكون هناك قرارات معينة لمبعوث “الأمم المتحدة” إلى “سوريا” في هذا المجال. كما نحن بحاجة إلى بحث وتركيز معمق، لما يحصل في “إدلب”، وخاصة بعد تحرير “خان شيخون”، وحل هذه الأزمة.
توقيت الاجتماع هام وحيوي لحل المسائل الملحة..
بدوره؛ أعتقد مستشار مجلس الوزراء السوري، أن اجتماع، أمس، هام وحيوي، ويأتي في مرحلة تاريخية هامة في تطور الأحداث في الملف السوري، وخاصة لجهة مواجهة الإرهاب في محافظة “إدلب”، ووضع الخطوط والمعالم الأسياسة لإطلاق عمل اللجنة الدستورية وتطورات الوضع الميداني، من خلال العدوان التركي وما يقوم به في شمال شرق “الفرات”؛ والذي يخرج عن جوهر تفاهمات (آستانا)، وبالتالي أعتقد كلها أصبحت قضايا ملحة وهامة في إطار الحل والمعالجة في المسألة السورية.