18 ديسمبر، 2024 11:02 م

عن التطورات الاخيرة من الكويت

عن التطورات الاخيرة من الكويت

قصتنا والجيران…
في مشهد كوميدي ضمن فصول مسرحية العملية السياسية التي ابتلينا بها، ظهر السفير التركي فاتح يلدز وهو يتجول في أسواق لبيع البيض بالجملة بالعاصمة بغداد، في خطوة “لتحريض” التجار على المطالبة بإلغاء قرار الحكومة بمنع الاستيراد وخاصة من الجارة تركيا التي غزت بضاعتها من البيض خلال السنوات السابقة السوق المحلية، وساهمت بشكل كبير بانهيار المنتج المحلي، ليرى السفير التركي ان افضل وسيلة هي النزول للأسواق والترويج لبضاعة بلاده مرة اخرى، لكونه يدرك “غياب الرقابة” على تحركاته ولن يجد من يحاسبه على “التدخل فيما لا يعنيه”، كحال بقية الجيران.

تحرك السفير التركي لم يكن غريبا او مستبعدا فبلادنا تعيش حالة “انتهاك السيادة” في جميع المجالات وهذا فضل لا يمكن انكاره وإنجاز يحسب “لجهابذة” العملية السياسية وقادتها من اصحاب القرارات “الضعيفة” التي أوجد فيها جيراننا افضل فرصة لتنفيذ احلامهم، عبر التوسع التجاري والجغرافي الذي ضاعت بسببه مساحات من الاراضي وحدود مائية ابتلعت والحكومة “صامتة” وكانها تنتظر “المصيبة”، ومافعلته الكويت أخيرا من خلال تعديها على حدودنا المائية في خور عبد الله، دليل لا يقبل المناقشة، صحيح ان ممثلنا في مجلس الامن الدولي قدم شكوى ضد التحرك الكويتي، لكنها جاءت متاخرة جدا، فالمنصة البحرية او جزيرة “فشت العيج” أوجدها الكويتيون منذ العام 2014، وهذا ما يدفعنا للتساؤل اين كانت الحكومة بوزارتها المختصة خلال السنوات الخمس الماضية؟، ولماذا لم تتحرك لاجبار الكويت على التراجع بتجاوزها الذي يخالف جميع القوانين؟، حتى القانون الدولي رقم 833، لاسباب عدة لكون “المنصة البحرية” ليست طبيعية انما مصطنعة عملت الكويت على إيجادها وإضافتها للخرائط البحرية، ومن يراجع الخرائط قبل العام 2014، لن يرى تلك الجزيرة التي جعلتها الكويت اخر نقطة في حدودها المائية مع بلادنا.

لكن مايحصل مع الكويت تتحمله الحكومة والبرلمان الذي وقع اتفاقية خور عبد الله في العام 2013، والتي منحت الكويت امتيازات تحلم بها، وتستطيع من خلالها التعدي على الحدود والتأثير على مياهنا الإقليمية، ولعل الكثير من القراء تسعفهم ذاكرتهم عن اللجان والوفود التي كانت تغادر للكويت في عهد وزير الخارجية هوشيار زيباري لإجراء مباحثات بشأن ترسيم الحدود والمياه الاقليمية وكيف كانت تعود وهي محملة بالهدايا المعلنة وغير المعلنة، والتي لا يمكن تفسيرها بغير “كلفة شراء الذمم” مقابل ممارسة دور “الصمت” امام التوسع الكويتي.

ياسادة.. إن التهديد بالحل العسكري واستخدام منطق القوة واستذكار “اجتياح” النظام السابق للكويت لن يحل الازمة، على العكس سيدفع بإحراق المنطقة وسيعيد التجربة التي مازالت بلادنا تدفع ثمنها بضياع الاراضي والمياه وبرعاية دولية، فبدلا من الاستماع للنائب كاظم الصيادي وهو يبلغنا بان “الصبر مع الكويت نفد وان المعركة القادمة من اجل الارض والعرض اصبحت واجبة”، علينا البحث عن ملفات اقتصادية وسياسية نضغط من خلالها على الكويت لإجبارها على التراجع عن سياستها “باستغلال ضعف ساستنا”، ليخبرنا وزير النقل الاسبق عامر عبد الجبار عن امتلاك العراق تسعة ملفات مهمة تستطيع الحكومة من خلالها ايقاف ممارسات الكويت، احدها ملف الربط السككي بين الكويت والعراق، فبدون انجاز هذا المشروع لن تستطيع الكويت استكمال ميناء مبارك الذي وضع حجر الأساس له في العام 2008، وينتظر موافقة العراق على الربط السككي ليتم انجازه وإدخاله للخدمة، فهذا الملف لوحده، سلاح يمكن استخدامه لتراجع الكويت عن “اطماعها” في اراضينا.

الخلاصة، إن الكرة في الوقت الحالي بملعب الحكومة والبرلمان من دون استخدام لغة التهديد او السلاح، ولكن بإجبار الكويت على التفاوض من خلال الاستمرار برفض الموافقة على الربط السككي وجعل الكويت امام خيارين لا ثالث لهما، اما الربط السككي لاحياء ميناء مبارك مقابل التراجع عن خطوات لاستيلاء على حدودنا او افشال مشروع الميناء الذي ينتظر موافقة العراق لاستكماله، لكن استخدام لغة التلويح بالحرب والتفاعل مع استفزاز اعضاء مجلس الأمة الذي مثلته النائبة صفاء الهاشم حينما وصفت العراق بالعين الرمدة، باستخدام المثل الشعبي، “الكحل بعين الرمدة خسارة” فانها لاتخدم مصالح “عُبَّاد الله” وستدفع لإضاعة المزيد من حقوقنا التي فقدنا منها 134 دعامة حدودية لصالح الكويت بسبب اتفاقية خور عبد الله التي وقعها “ساستنا” من اصحاب المصالح الشخصية، وأفضل رد عليها سيكون باستخدام الملفات الاقتصادية والسياسية التي ستجبر النائبة على الاعتذار عن تصريحاتها وتمنع توسع الكويت على حسابنا.. اخيرا.. السؤال الذي لابد منه… متى يتوقف جيراننا عن انتهاك السيادة؟