20 ديسمبر، 2024 2:52 م

اليوم في مصر وغداً لا ندري أين !!

اليوم في مصر وغداً لا ندري أين !!

ما جرى يوم امس من حادثة جبانة وخطيرة على بعض البسطاء العزل من المسلمين الشيعة في مصر، يشمئز منها قلب كل غيور يملك في داخله ذرة من الانسانية، سواء كان مسلما او مسيحيا او يهوديا او ملحدا او سيخيا.
ما جرى يوم امس، يمثل امتداد للصراع الطائفي الذي كانت بذراته في العراق ومن ثم امتد الى سوريا ولبنان، ومن قبله في باكستان، وها هو يضرب قلب العروبة مصر في صميمها، دون ان يتحرك المجتمع الاسلامي او يقول كلمته وامتعاضه، بل لم ينطق ولم ينبس ببنت شفه.
ما رايناه من صور مقززة، شاهدنا فيها وحوشا واكلي لحوم بشر، وليسوا من صنف الادميين على الاطلاق، بل اتعس من ذلك بكثير.
ما شاهدنا هم مجموعة من الجبناء التي استفردت باناس عزل ذنبهم انهم يشهدوا بالحب والاتباع لمن عصمهم الله واحبهم واحبوه، ذرية ال النبي وعترته الطاهرة التي اذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهيرا.
وهذا الفعل وغيره من افعال ستلحقه قريبا، في مصر او باكستان او سوريا او غيرها من البلدان الاخرى التي يقطنها الاقلية الشيعة، سوف يكون كبيرا ووحشيا، وما حصل بالامس يمثل بداية اللانهاية، وساعة الصفر التي ستنبه وتوقظ المتوحشين.
لا اقول ان الامر جاء من فراغ، او كان وليد صدفة، فالدول التي يقطنها الاغلبية من الشيعة هم السبب وراء ذلك، سوف يتضجور البعض ويقول لي كيف تقول ذلك؟!، اقول لك، من البديهي ان الضغط وسلب الحقوق من الاقلية السنية في الدول ذات الاغلبية الشيعية سيعطي حتما المجال لدول اخرى يقطنها شيعة قلائل بممارسة الضغط عليهم، سواء على المستوى الحكومي او الشعبي، وهذا شيء لا يحتاج الى تفكير او تحليل او قراءة، فكما تُعامل الاخرين الذين هم تحت رئاستك وحمايتك، يعاملك الاخرون ممن انت تحت حمايتهم وحراستهم، وخير دليل هو ما شهده العراق في ايام الاحتقان الطائفي بعد احداث الامامين العسكريين عليهما السلام، اذ ان البيوتات الشيعية في المناطق ذات الاغلبية السنية هاجرت ورحلت وتركت كل ما تملك، بسبب الضغط عليها والتهديد بالموت هناك، والعكس كان صحيحا، اذ ان اغلب السنة في المناطق الشيعية ذات النفوذ الكبير هاجرت ورحلت لتخوفها من اعمال مماثلة لما حصل للشيعة في تلك المناطق.
لذا ومن باب المسؤولية الشرعية والانسانية، على الجميع دون استثناء ان ينظر الى ما حصل في مصر يوم امس بعين كبيرة وليست ضيقة، وان ينتبه لما يفعل وما يتصرف وما يقول ويكتب، وكيف يتعامل مع الاخرين، لان لذلك تبعات واثار عملية على الارض.
وفي الوقت نفسه علينا جميعا ان ننتبه ونعي الى ما يجري من صراع في سوريا، وان لا نعطيه الصبغة الطائفية، فهو صراع من اجل البقاء، سواء على المستوى الشخصي لرئيس البلاد، او على مستوى الربح والخسارة بين محاور التناقض التي تدير دفة العالم، وليس هناك اي دخل لموضوع الطائفية على الاطلاق، نعم، حمل صبغة طائفية مؤخرا، بسبب بعض التصريحات وبعض المواقف وبعض التدخلات، فكانت نتيجة ذلك كما نوهت قبل قليل ان حصل مردود عكسي، اذ اجتمعت المنظمات من الطيف الاخر في مصر واعلنت الجهاد ضد من اسموهم بالروافض تارة والصفويين تارة اخرى، وهذا كله بسبب تحويل الصراع في سوريا واعطاءه منحا طائفيا، مع كونه سياسيا بامتياز مع شديد الاسف.
فعليه يجب ان نستيقظ ولو بعد حين، وليس عيبا ان نستيقظ بعد حين، فهو افضل من النوم المتواصل، فالفرصة لا زالت مؤاتية، فقط تحتاج الى شجاعة من قبل المسؤولين عن الرعية، وفي مقدمتهم مراجع وقادة الدين ورجال السياسة والمثقفين والكتاب، وكل فرد له تاثير على مجتمعه صغيرا كان او كبيرا، لانه لا يمكن ان يسلم احد من المسؤولية امام الله وشعبه ومجتمعه ان انكسرت الجرّة من جديد، وان غدا لناظره قريب.

أحدث المقالات

أحدث المقالات