- بعض المصارف كانت تتسلم “الدولار” ولا تُسلِّم مبالغه بـ”الدينار” العراقيّ فعليًا !
- بقيت أبواب الفساد مشرعة لعدم تكامل التدقيقات والإجراءات السابقة
- المُبالغة في مبنى “البنك المركزيّ” قد يكون وراءه فساد كبير !
- هل يُعقل أن يفوق عدد مصارف “العراق” عدد مصارف “بريطانيا والإمارات والأردن ولبنان” ؟
- موظف أميركيّ من أصلٍ عراقيٍّ يتحكم بقرارات “البنك المركزي” وجميع القرارات تتخذ لمصالحه الشخصيّة !
خاص : حاورته – نشوى الحفني :
“البنك المركزي”؛ من المؤسسات الدستورية المهمة المنظمة للاقتصاد العراقي والمحافظة عليه، وهو عصب أساس في تماسك الدولة من الإنهيارات الرباعية: السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، لكن سير عمل “البنك المركزي” العراقي قد تخلله، بعد الاحتلال الأميركي لـ”العراق”، العام 2003، عديد من الممارسات غير قانونية فتحت أبواب الفساد، بنحو لافت للنظر، وسط الفوضى، التي سادت، إبان الاحتلال الأميركي لـ”العراق”، وقد استمرت أبواب الفساد مفتوحة على مصراعيها، ربما إلى هذه الساعة.
وبمتابعة دقيقة لملفات “البنك المركزي” العراقي وسير عمله، التي أجراها “مركز العراق للتنمية القانونية”، تم تشخيص عديد من المخالفات كبيرة، قدمها المركز، بصفة رسمية، إلى “مجلس القضاء الأعلى – الإدعاء العام – “هيئة النزاهة”، وأيضًا إلى “المجلس الأعلى لمكافحة الفساد”؛ لغرض تدقيق هذه المخالفات وإتخاذ الإجراءات القانونية إزاءها.
في هذا الحوار الموسع، الذي أجرته (كتابات)؛ مع عضو (مركز العراق للتنمية القانونية)، “هاشم الشماع”، تم تسليط الأضواء الكاشفة على تلك المخالفات القانونية..
(كتابات) : اتهامات كثيرة وجهت إلى “البنك المركزي العراقي” كانت من الخطورة أنها تضر بالاقتصادي الوطني.. فما هي أبرز تلك الاتهامات ؟
- بخصوص الاتهامات، التي وجهت، في وقت سابق، إلى “البنك المركزيّ” وما زالت، وأبرزها تعامُل البنك ببيع العُملة (الدولار)، وعلى رغم أن الإدارة الجديدة للبنك قد عملت على الحدِّ من هذه الظّاهرة، وبرغم علمنا بجدية عمل الإدارة ذاتها إلاّ أن هذه الثغرة ما زالت موجودة، وهي تؤثر، بصفةٍ سلبيٍّة على الإقتصاد العراقيّ، وبناءً على المعلومات الواردة إلينا وبعض المُستندات، التي إطّلعنا عليها ثبتنا عددًا من التدقيقات القانونية في العمل.
(كتابات) : وما هي هذه التدقيقات.. التي ثبتموها ؟
- إنّ التدقيقات والتحقيقات السابقة كافة في هذا الملف؛ لم تجرِ بصفةٍ مُتكاملة ومحورية، وقد تسبّب ذلك ببقاء هذا الباب من الفساد مفتوحًا بنحو أثّر سلبًا على الإقتصاد العراقيّ، إذ جرت تلك التحقيقات مع المُديرين التنفيذيين لبعض المصارف؛ من دون ربطها بالموظفين في “البنك المركزيّ” أو الدوائر الأخرى ذات العلاقة، ومنها المصارف الأهلية.
(كتابات) : لكن ذلك كله جرى وفق فواتير أصولية مما يدفع الشبهة أو الاتهام أو يدحضهما ؟
- لقد ركّزت التحقيقات السابقة على صحة الفواتير من الناحية الشكليّة، وهي فواتير أعدّها صاحب الحوالة أو المصرف إلى “البنك المركزيّ”، وهو أمرٌ سهل الإثبات كون هذه الفواتير غير رسمية، (لم تصدُر من جهاتٍ رسميةٍ)، وإنّما صدرت من شركات.
(كتابات) : لكن جميع هذه الحوالات كانت بملايين من الدولارات المسحوبة من “البنك المركزي” وصُرفت لشراء بضائع دخلت إلى “العراق” ؟
- يجب التأكُد من خلال الجهات الرسميّة العراقيّة.. هل تم إدخال البضائع لمبالغ هذه الحوالات المُقدّمة، فالجميع يعلم أنه ليس من المعقول أن تدخل إلى “العراق” بضائع مُساوية لمبالغ الحوالات، وفي حالة ثبوت ذلك فسنكون أمام جرائم مُركّبة، (التزوير + الإحتيال + تهريب الأموال + الإضرار بالاقتصاد الوطنيّ).
(كتابات) : هل من الممكن أن يتم تدقيق هذه الحوالات على يد موظفي “البنك المركزي” أيضًا ؟
- إنّ موظفي “البنك المركزيّ”، كبقية الموظفين العراقيين، مُكلّفون بخدمةٍ عامة، فيجب عليهم بذل الجهد الكافي لتدقيق صحة الفواتير والمُستندات المُقدّمة، (المزوّرة)، وفي حالة قبولها – حتّى لو كان بحُسن نيةٍ – فينبغي أن يخضعوا للمساءلة قانونًا، هذا إذا لم نُسلّم لنظرية الاتفاقات الجانبيّة المُخالفة للقانون بين بعض موظفي “البنك المركزيّ” وأصحاب المصارف.
(كتابات) : “البنك المركزي” يبيع العُملة، (الدولار)، للعملاء.. فأين تكمن المشكلة ؟
- هل تم التدقيق والتحقيق في أن صاحب الحوالة عميلٌ للمصرف، (أي أن لديه حساب فيه)، الذي يتوسط بينه وبين “البنك المركزيّ” لشراء العُملة، (الدولار)، وهل لهذا العميل مبالغٌ كافية في حسابه لمبلغ الحوالة المُراد طلبها من “البنك المركزيّ” ؟!.. هذا هو السؤال.
(كتابات) : أين يقع تزوير المستفيدون للحوالات المصرفية أو مخالفتهم لها ؟
- يقوم أصحاب الشركات أو التجار أو المقاولون أو أيّ مستوردٍ آخر؛ على هذه الشاكلة، بإجراء الحوالات المصرفيّة، فهل أُجريت التحقيقات والتدقيقات حول صحة وجود هذه الشركات ؟.. وهل الشخص صاحب الحوالة تاجرٌ ؟.. وهل لديه المُستمسكات، التي تُثبت ذلك أو ما شاكله ؟.. وأكيد أننا لو تعمّقنا في التحقيقات فسنجد أن الأمور قد كانت أمام إدعاءات بعناوين لا صحة ولا أساس لها.
(كتابات) : كيف كانت تتم عملية شراء العُملة، (الدولار).. على وجه الدقة ؟
- كانت عملية شراء العُملة، (الدولار)، تتم في وقت الإدارات السابقة إلكترونيًا، (كانت بعض المصارف تتسلم الدولار من دون أن تُسلِّم فعليًا مبالغها بالدينار العراقيّ)، وبعبارةٍ أخرى، فإنّ بعض المصارف اتفقت مع موظفي “البنك المركزيّ” على ذلك من دون أن يُقدِّموا أية مبالغ مقابل حصولهم على ملايين الدولارات، على أن يسددوا أثمانها بعد بيعها في الأسواق المحليّة، وبذلك يستفيدون من بيع الدولار وأرباحه مقابل عمولات تُعطى إلى هؤلاء الموظفين.
(كتابات) : هل تم التأكد من المصارف الدولية أن تلك الحوالات حولت إليها فعليًا ؟
- لا.. لم يتم التأكُد والتحقُّق من المصارف الدوليّة، التي تم تحويل مبالغ الحوالات المزعومة إليها، وهل هي حُوِّلت إلى الجهات ذات العلاقة، (الغرض من الحوالة)، أم تم تحويلها مُجددًا لصالح حسابات أخرى، سواء في البنك نفسه أم إلى بنوك أخرى، وهنا سنكون – على يقينٍ – أننا أمام جريمة تهريب العُملة.
(كتابات) : فيما يخص المخالفات في عمل “البنك المركزي العراقي”.. هل شخصت فقط مخالفة بيع “الدولار” أم أن هناك مخالفات أخرى ؟
- إنّ الإدارة الأخيرة لـ”البنك المركزيّ” ضاعفت عدد المصارف في “العراق” إلى ثلاثة أضعاف، على وجه التقريب، من دون دراسة جدوى، أي أن مجموع مصارف “العراق” يفوق عدد مصارف “بريطانيا والإمارات والأردن ولبنان”، وهذا أمرٌ غير معقول، وهو ما فتح بابَ فسادٍ جديدًا، وهو بيع إجازات التأسيس وشراؤها.
(كتابات) : عندما انتشرت ظاهرة “المصارف الأهلية”.. هل فرض “البنك المركزي” عليها محددات ووضع إشتراطات وإتخذ إجراءات ؟
- أشترطت إدارة “البنك المركزيّ”، على المصارف، زيادة رؤوس أموالها لغرض الحصول على تصنيفٍ مُتقدم، فقدمت بعض المصارف، بالاتفاق مع موظفي “البنك المركزيّ”، كفالات عقارية مُبالغٌ فيها من أجل زيادة رؤوس أموالها، وهذا يعني زيادة رأس مالها من دون أن تُقدِّم أيّة مبالغ.
(كتابات) : برأيك.. كيف فتحت هذه ثغرات الفساد في عمل “البنك المركزي العراقي” ؟
- إن التخبُّط، الذي شاب قرارات مجلس إدارة البنك المركزيّ، هو الذي فسح المجال لبعض الفاسدين لاستغلال الفجوات، التي أحدثتها تلك القرارات، فعلى سبيل المثال :
أ – فيما يخص المصارف الإسلاميّة؛ صدرت ثلاثة قرارات مُتناقضة بشأن دخولها مزاد العُملة، وخلال مدة زمنية ليست بالطويلة، فكان أحدهم يمنع، والآخر يجيز، والثالث يُحدِّد، وجميعها مخالفة لقانون المصارف الإسلاميّة ذي الرقم (43) لسنة 2015.
ب – صدور جداول من “البنك المركزيّ” بأربعة أصناف، (A – B – C – D)، بغية تصنيف المصارف الأهلية في مزاد العُملة، فالصنف (A) يتمتع بأعلى حصة، ومن ثم الصنف (B) تكون حصته أقلّ، ويتفاوت الأمر وصولاً إلى الصنف (D) من دون أن يكون هناك أيّ أساسٍ أو معيار لهذا التصنيف، بل يجري بناءً على اتفاقاتٍ جانبية، كما أن هذا التصنيف يتغير بين الفينة والفينة إلى أن وصل الأمر إلى إلغائه والعودة إلى النظام القديم.
جـ – إصدار تعليمات، في العام 2015، بعدم المُطالبة بالتصاريح الكمركيّة، فكيف يتم – إذاً – التحقُّق من دخول البضائع ؟!.. وهذا ما أتاح للفاسدين استغلال هذه النافذة.
(كتابات) : ومن المستفيد من هذا الفساد الإداري والمالي في “البنك المركزي” ؟
- إنّ كثيرًا من المديرين، بخاصة في الدوائر المهمة، ليسوا من ذوي الإختصاص، وقد تم نقلهم إلى “البنك المركزيّ” من “هيئة الإستثمار”، وليس هناك أيّة علاقة بين المؤسّستين، فعلينا التدقيق لإيجاد الشخص المُستفيد.
(كتابات) : هل للحكومة العراقية سلطة مُطلقة على “البنك المركزي العراقي” ؟
- بل هناك موظف أميركيّ من أصلٍ عراقيٍّ، “سيباستيان طلعت ماركوس”، يتحكم بقرارات مفصلية واستراتيجيّة للبنك، بخاصة في الإدارة الحالية، وقد لوحظ أن جميع تلك القرارات تتخذ لمصالحه الشخصيّة، من خلال تعاملات مشبوهة مع بعض المصارف.
(كتابات) : انتشرت أيضًا، في السنوات الماضية، مكاتب صيرفة بصفة لافتة للنظر.. هل تم التحقيق في انتشار هذه الظاهرة وهل هي قانونية ؟
- التحقُّق من إجازات شركات الصيرفة؛ الممنوحة في السنين الثلاث الماضية، بلغت أعدادها عشرات الإجازات، وقد تم إصدارها إمّا مقابل مبالغ مالية أو لصالح جهاتٍ سياسية.
(كتابات) : ذكرت، قبل قليل، أن بعض شركات الصيرفة تمنح إجازة لصالح جهات سياسية.. ما الإجراء للتأكد من الخلفيات ؟
- التحقُّق من المصارف التابعة إلى جهاتٍ سياسيّةٍ أو المدعومة منها، سيؤدي بالنتيجة إلى كشف الفساد السياسيّ لهذه الجهات.
(كتابات) : هل تعتقد أن ثمة موارد أخرى مشخصة في عمل “البنك” يشوبها فساد أو صفقات مشبوهة ؟
- نعم.. وأولها التحقُّق من المُبالغة في مبنى “البنك المركزيّ” المراد تشييده.
(كتابات) : هل وجدتم عوامل أخرى، في السنوات الماضية، أدت إلى الفساد في “البنك المركزي” ؟
- نعم.. إن التحقُّق من قرار “البنك المركزيّ” بشراء “الذهب”، في وقت تُشير جميع التقارير إلى تدني أسعاره في ذلك الوقت، تسبّب بخسارةٍ كبيرة لـ”العراق”.