خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
في يوم الثلاثاء الماضي؛ الموافق 20 آب/أغسطس 2019، وتحديدًا في حوالي الساعة 6 مساءً، سُمع دوي انفجار بمستودعات الذخيرة بإحدى القواعد الجوية بمحافظة “صلاح الدين”، شمالي العاصمة العراقية، “بغداد”.
ووفقًا لشهود العيان، فقد وقع انفجار قوي تلته سلسلة انفجارات أقل شدة، مما يدل على وجود ذخيرة أو صواريخ، بحسب المحلل الإسرائيلي، “بن كسبيت”، مضيفًا أن تلك القاعدة تتبع الجيش العراقي لكنها مُستأجرة لميليشيا عسكرية شيعية مدعومة من “إيران”.
فيما يُعدُّ، هذا الهجوم الغامض، هو الرابع أو الخامس من نوعة ضد مستودعات الذخيرة والمواقع اللوجيستية التابعة للميليشيات الشيعية داخل “العراق”، منذ الـ 19 من تموز/يوليو الماضي.
وتنسب وسائل الإعلام الأجنبية مثل تلك الهجمات إلى “إسرائيل”. حيث قيل ذات مرة، إن طائرة “شبح” إسرائيلية من طراز (إف-35)، هي التي نفذت الهجوم، وقيل في أحيان أخرى إن الهجوم تم باستخدام طائرة مُسيرة، أو بصواريخ متوسطة المدى.
العراق على خُطى سوريا !
قبل الهجوم الأخير بيومين فقط، وفي يوم 18 آب/أغسطس 2019، بدا أن الإيرانيين قد سئموا من الهجمات الإسرائيلية، فأعلن وزير الدفاع الإيراني أن الأمن القومي لـ”العراق” هو من الأمن القومي لـ”إيران”، مُضيفًا أن بلاده لن تسمح لأي جهة كانت، بتحويل “العراق” إلى “سوريا” جديدة.
كما وعد، الوزير الإيراني، برفع قدرات الجيش العراقي فيما يخص مواجهة الغارات الجوية. ومن الواضح أن هذا التهديد الضمني لـ”إسرائيل” لم يُقنع صُناع القرار في “تل أبيب”، أو أولئك الذين يقفون وراء تلك الهجمات الغامضة.
إذ أثبت الهجوم، الذي وقع بعد يومين من تصريح وزير الدفاع الإيراني، أن “العراق” أصبح يمر بالفعل بنفس السيناريو السوري. لأن القوات الأجنبية باتت تهاجم الأهداف العراقية بشكل ممنهج، وتفعل في “العراق” كما تشاء.
لا حصانة لإيران في أي مكان..
أشار المحلل الإسرائيلي إلى أن حكومة “بنيامين نتانياهو”؛ لا تُعلن مسؤوليتها عن سلسلة الغارات الأخيرة في “العراق”، ولم يتطرق إليها أي مسؤول إسرائيلي، باستثناء “نتانياهو”، الذي يواجه حملة انتخابية شرسة.
حيث قال “نتانياهو”، غداة التهديد الإيراني، 19 آب/أغسطس الجاري، إنه لا حصانة لـ”إيران” في أي مكان، وإن “إسرائيل” ستتصدى لإيران في أي موقع.
وحتى بعد غارة، يوم الثلاثاء الماضي، ألمح “نتانياهو” إلى احتمال تورط “إسرائيل” في تلك العملية، حيث قال إن: “هناك تحديات أمنية كبيرة، يشهد عليها تقرير المخابرات الذي تلقيته قبل بضع دقائق”.
وبحسب وكالات الاستخبارات الغربية؛ فإن “إسرائيل” لديها دافع قوي لشن غارات ضد الأهداف الإيرانية في “العراق”، لا سيما بعد النجاحات التي حققها سلاح الطيران الإسرائيلي في “سوريا”، ويُعد تمكُّنِه من إحباط المساعي الإيرانية لإنشاء ممر تهريب بري، يربط بين “طهران” و”بيروت”؛ أو بين “قاسم سليماني” و”حسن نصرالله”.
إسرائيل حليف قوي لدول المنطقة !
لكن السؤال المُلح الذي يطرح نفسه الآن بقوة هو: إلى متى سيظل الإيرانيون يتحملون تلك الغارات الإسرائيلية، ومتى ستأمر “إيران”، التنظيمات الشيعية الموالية لها، بالرد على تلك الهجمات ؟..
من جانبها؛ تواصل “إسرائيل” عملياتها العسكرية كالمعتاد، وهي تتمتع بدعم وتنسيق كاملين من “الولايات المتحدة” وكذلك من حلفائها الإقليميين.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، “يسرائيل كاتس”، قد أعلن مؤخرًا، 6 آب/أغسطس 2019، أن الدولة العبرية تشارك في التحالف الذي تقوده “الولايات المتحدة”، والذي يعمل على حماية حرية الملاحة في الشرق الأوسط بشكل عام وفي “الخليج العربي” بشكل خاص.
ووفقًا للوزير “كاتس”؛ فإن مشاركة “إسرائيل” في ذلك التحالف؛ تعتمد بشكل أساس على تقديم المعلومات الاستخباراتية القيمة.
وكانت صحيفة (هاأرتس) العبرية قد نشرت تقريرًا، بتاريخ 20 آب/أغسطس الجاري، ذكرت فيه أن رجل أعمال إسرائيلي يقف وراء صفقة بمليارات الدولارات، تم بموجبها تزويد دولة “الإمارات العربية” بطائرة استطلاع متطورة. وبحسب التقرير، فإن الطائرة المذكورة تُقلع يوميًا من إحدى القواعد العسكرية في “أبوظبي”، وتقوم بطلعات استخباراتية يومية في سماء الخليج، وتجمع معلومات استخباراتية بالغة الأهمية.
ووفقًا للدبلوماسيين الغربيين، المتابعين لأنشطة التحالف المناهض لـ”إيران”، فإن هناك تنسيق قوي بين مختلف دول التحالف، بما فيها “إسرائيل”، التي تُعد من أهم الدول التي تقدم المعلومات الاستخباراتية.
الدولة الوحيدة التي تقتل الإيرانيين !
يشير “بن كسبيت” إلى أن الدور الإسرائيلي لا يقتصر فقط على توفير المعلومات الاستخباراتية، حيث قال وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية، “تساحي هنغبي”، بعد يومين من الهجوم الأول في “العراق”، في تموز/يوليو الماضي: “إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقتل الإيرانيين منذ عامين. فنحن نشن مئات الغارات ضد الإيرانيين في سوريا، وأحيانًا نعترف بذلك، وفي أحيان أخرى تكشف التقارير الأجنبية عن الأمر … لكن كل ما نقوم به يتم وفق سياسة متفق عليها”.
ختامًا؛ يوضح المحلل الإسرائيلي، أن قرار الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بالإمتناع عن الرد عسكريًا على “إيران”، بعد إسقاط الطائرة الأميركية في سماء الخليج، لم يكن من مُنطلق الخوف أو الجُبن، بل كان بسبب الرسائل التي تلقاها “البيت الأبيض” من دول الخليج، لا سيما من “الإمارات العربية” و”المملكة السعودية”، جراء خوفهما من رد الفعل الإيراني.
ولقد شاركت “إسرائيل” أيضًا في إيصال تلك الرسائل لـ”البيت الأبيض”، وهو ما دفع “ترامب” لتغيير رأيه في اللحظة الأخيرة.