26 نوفمبر، 2024 12:36 م
Search
Close this search box.

المجلس التوأم

المجلس التوأم

يبدو أن المثل القائل: (البعيد عن العين بعيد عن الگلب) الذي اتبعه مجلس نوابنا منذ تأسيسه مازال ساري المفعول. إذ هناك مجلس توأم لمجلس النواب كان من المفترض أن يولدا سوية من رحم الدستور العراقي، والذي قصدته بعيدا عن العين هو؛ (مجلس الاتحاد). إذ شاء قدر العراقيين أن يولد مجلس النواب وحيدا فريدا من دون شقيقه التوأم الذي وُئد حينها، وهذا ما -استرطب- له النواب ورئيسهم منذ تأسيسه الى اليوم.
في عراقنا الجديد بعد عام 2003 هناك في الدستور المقر والمعتمد مادة تنص بوضوح كوضوح شمس تموز في كبد السماء، على ما يلي: ” تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد”. وها نحن شهدنا الأول سرعان ما أسس وصارت له الأولوية والحضور في إصدار القرارات، التي ينام ويصحو المواطن على أمل البت فيها والعمل بها. وهذا شيء رائع في العراق الـ (جديد) الذي جثم على صدره عقودا خلت، نظام قمعي دكتاتوري، دستوره كيفي، قراراته مزاجية ، قوانينه مطاطية كما قالها رئيسه صدام حسين. بينما لم يشهد مجلس الاتحاد ولادة حية، ولم ير النور قط حتى ساعة كتابة هذه الأسطر.
هنا سؤال طرح نفسه منذ الوهلة الأولى لتأسيس الدولة العراقية الجديدة، ومازال مطروحا، سؤال يتعمد كثيرون إرجاء الإجابة عنه بشتى الطرق والسبل، وقطعا لغايات وأهداف أول ما يقال عنا أنها ضد مصلحة المواطن، السؤال هو: أين الشق الثاني من المادة المقرة في الدستور..؟ أين مجلس الاتحاد؟ وماذا حل به؟ وهل هو كما يراه البعض (زايد خير؟) أم هو (حديدة عن الطنطل!)
مالاشك فيه ان الساعين في عرقلة تأسيس مجلس الاتحاد طيلة هذه السنوات، لهم مآرب يكاد يفقهها حتى الطفل الرضيع في العراق، إذ الجميع يعلم أن أشد مايخشاه الـ (حرامي) هو الرقيب، ودور مجلس الاتحاد لو قدر له ان يؤسس، سيكون العين المبصرة لأي (قارش وارش) وألاعيب وبهلوانيات النواب ورئيسهم، كما سيكون الـ (فلتر) الذي تمر من خلاله القوانين والمشاريع قبل إقرارها، وكذلك متابعة تطبيقها بعد الإقرار. وسيكون مخولا برفع مشاريع قرارات ومقترحات قوانين، تخدم البلاد والعباد الى مجلس النواب لإقرارها. وهذا قطعا لايحلو لبعض الكتل، إذ هم بالمرصاد لكل ما من شأنه خدمة المواطن، وهذا مالمسناه أكثر من مرة في جلسات اجتماع لجنة الصياغة النهائية لمقترح قانون مجلس الاتحاد، حيث الفشل في التوصل الى اتفاق حول القانون هو الحصيلة، لاختلاف مطالب الكتل السياسية، باعتراضهم على صلاحياته الواسعة. وقطعا كلما اتسعت صلاحيات الرقيب، انكمشت فرص اللصوص في السرقات، وضاق عليهم الخناق لممارسة نخاستهم ومبيعاتهم المشبوهة. كذلك لم يفت المغرضين ان يتحججوا بالاسباب التي تؤخر تشكيل هذا المجلس، وهذا يبدو جليا من خلال إصرار بعض الكتل على اختيار أعضاء مجلس الاتحاد بالتعيين وليس عن طريق الانتخاب. أي أنهم يريدون ضمان غياب الرقيب عن أفعالهم الظاهرة والباطنة أيضا، وهذا أمر طبيعي! إذ أن الـ (زرزور) يبحث دائما عن (عصفور) ليكفله.

أحدث المقالات