19 ديسمبر، 2024 12:13 ص

آفات إجتماعية قاتلة (31) العصبية والطائفية اﻵفتان اللتان دمَرتا العراق ومزقتا شعبه !

آفات إجتماعية قاتلة (31) العصبية والطائفية اﻵفتان اللتان دمَرتا العراق ومزقتا شعبه !

قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )).
كنت أتابع آخر تفاصيل عصابة السبعة الكبار المتورطين بالمخدرات وتجارة اﻷعضاء والقمار والدعارة وغسيل اﻷموال المرتبطين بالحجي الكبير والذي يعد – حمزة الشمري – أضعفهم وأقلهم شأنا بإدارة هذه الموبقات كما كشف عن ذلك رئيس لجنة اﻷمن والدفاع السابق حاكم الزاملي ،من دون الكشف عن هوية أي من هؤلاء -الحجاج – وﻻ كبيرهم الذي علمهم السحر إتقاء شرهم على مايبدو ، واذا بثلاثة حوادث مخبثة للخواطر كل واحد منها أشنع من اﻵخر ، اﻷول تمثل بمقتل ثلاثة منتسبين أمنيين برصاص تجار المخدرات في البصرة وتشييع أحدهم بجنازة رسمية مهيبة ، والثاني بإنفجار كدس عتاد كبير في قاعدة صقر بمنطقة الدورة تابع لإحدى دول الجوار أمانة تم استهدافه بصواريخ اسرائيلية بناء على وشاية خائنة على حد وصف نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الاعرجي” أمانة صواريخ لدولة مجاورة على أراضينا + قصف اسرائيلي عابر للحدود العراقية بوشاية = لاسيادة وطنية بالمرة ” ، أما الثالث فتجسد بالعثور على 120 جثة مجهولة وقيل 31 جثة بحسب البيانات ووسائل الإعلام المتباينة طائفيا وعصبيا والتي تناولت الخبر لمغدورين بينهم نساء وشيوخ وأطفال شمالي بابل يعتقد أنهم من أهالي منطقة “جرف الصخر ” السنية والمناطق المجاورة لها ، الغريب والمريب في الموضوع أن تبريرات الحوادث الثلاثة كانت أقبح من الذنب نفسه ، اذ بُرر الحادث اﻷخير بأن محافظة بابل وبلديتها وصحتها لايمتلكون تكاليف دفن تلكم الجثث المجهولة وفقا ﻷحكام الشريعة الغراء فعهدوا بالمهمة الى منظمة مجتمع مدني لتتولى دفنهم في كربلاء (محافظة بأسرها لاتمتلك تكاليف دفن جثث مجهولة وﻻإحالتها الى الطب العدلي لمعرفة أسباب وفاتها وﻻ العمل على مطابقة الـ DNA لمعرفة عائديتها وهويات أصحابها ليتسنى لذويها تسلمها +تكليف منظمة مجتمع مدني بالموضوع برمته = خربانة حيل وكلش !!).
الحل – الهمبركري- في مثل هذه الحالة هو المسارعة بالإعلان عن فتح تحقيق عاجل بالحوادث المفجعة وهذا الإعلان في العراق هو بمثابة” أواعدك بالوعد وأسكيك ياكمون ” كفيل بـتسطيح الجرائم وفرصة ذهبية لمرتكبيها للهروب الى خارج العراق أو التواري عن اﻷنظار داخله ريثما يتم نسيان الموضوع بحوادث جديدة مماثلة وفتن متتابعة كقطيع الليل المظلم يُنسي بعضها بعضا والدليل “جريمة سقوط الموصل التي لم يفتح ملف تحقيقها حتى اﻵن علانية بعد مرور أكثر من خمس سنين على وقوعها ” كما جرت عليه العادة وفي مختلف المجالات ، ما أسفر عن المطالبة العلنية التي لاتقبل المساومة أو المراوغة أو التريث بفتح ملفات الإختفاء القسري وملف المختطفين والمفقودين في بزيبز والرزازة وسامراء والصقلاوية ويثرب وغيرها من المناطق في ديالى ومحيط كركوك والموصل وصلاح الدين ، إضافة الى فتح ملف أسباب عدم إعادة النازحين والمهجَرين الى مناطق سكناهم اﻷصلية الى يومنا وتلكؤ إعمار مناطقهم المدمرة دفعة واحدة !
ومن يمعن النظر في كل هذا – الهرج – لن يجد صعوبة بإكتشاف أن الطائفية والعصبية وقد دمرتا العراق ومزقتا نسيجه المجتمعي منذ حادثة تفجير قبتي الإماميين العسكريين في شباط 2006 والى كتابة السطور هي أس البلاء فيها – شلع قلع – ساعد على تأجيجهما الغرب والشرق الذي يطمع بثروات العراق وخيراته ، أو الذي له ثأر تأريخي معه – فارسي ، يهودي ، رومي – فكل هؤلاء تم دحرهم وهزيمتهم في العراق أو إنطلاقا منه ومن شاء فليرجع الى الكتب والمصادر ليقلب صفحاتها في هذا الشأن للتأكد من ذلك !
كل الذين قتلوا غدرا في العراق وكانت جثثهم ترمى على مقتربات الطرق والساحات وقرب مكبات النفايات لتنهشها الكلاب السائبة حتى وصلت بين 2006 – 2007 الى 100 جثة مجهولة يوميا في بغداد لوحدها انما تمت بمقصلة العصبية القومية والمناطقية والعشائرية ، أو بسيف الطائفية المذهبية المقيتة !
كل الكفاءات والخبرات ، الأئمة والخطباء والدعاة ، اﻷطباء والاعلاميين والحقوقيين والمثقفين وأساتذة الجامعات ممن تم خطفهم أو إغتيالهم ، إنما كان الدافع اﻷساس في ما لحق بهم طائفيا أو عصبيا !
كل البساتين التي تم تجريفها ، المزارع والحقول التي تم إحراقها ، القرى واﻷقضية والنواحي التي تم تخريبها و تهجير سكانها لغرض إحداث التوازن الديمغرافي المطلوب – جيو سياسيا – وضحاياه 6 ملايين نازح ثلثهم في المخيمات داخليا ، و4 ملايين مهجر ومهاجر خارجه إنما حدث بدافع الطائفية والعصبية الخبيثة وبتحريض الشرق والغرب !
كل التحالفات والتناحرات والتجاذبات والمهاترات الحزبية والسياسية والإعلامية التي صدعت رؤسنا 16 عاما مبنية على أساس العصبية والطائفية بتشجيع دول الجوار وما وراء البحار !
كل جرائم السرقات ، التفجيرات الارهابية ، الاعتداءات ، الاقصاء والتهميش ، التغييب القسري ،المداهمات و الاعتقالات العشوائية ، الاختطافات والاغتيالات إنما منبعها الطائفية والعصبية !
كل مذكرات التفاهم والعقود الاستثمارية وجولات التراخيص التي تبرم بالمليارات مع شركات هذه الدولة أو تلك إنما تتم على أساس العصبية والطائفية وليس على أساس الوطنية !
كل الانتخابات التي جرت وتم تدوير – بعض نفاياتها – خلالها برغم فسادها العلني الذي أزكم اﻷنوف إنما تم بدافع الطائفية والعصبية الشعبوية والنخبوية وإﻻ قلي بربك كيف يعيد جمهور الناخبين إنتخاب أجرب أقر على نفسه بالفساد غير مرة علنا وعليه ملفات إدانة تغص بها رفوف النزاهة وأروقة القضاء ..كيف ..وبالعامية ” شلوون “واذا كان المجرب النزيه لايُجرب فما بالكم بالمجرب غير الشريف اﻷجرب ؟!
كل المستعمرين والارهابيين على مر العصور قد توافدوا وتناوبوا على العراق وشعبه وعاثوا فيه فسادا بوشايات وخيانات الطائفيين والمتعصبين وإنحيازهم إما لهذا الجانب أو ذاك !
كل جرائم الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة و”خمط ” عقارات الدولة والحيلولة من دون إعادتها فضلا عن إعاقة إعادة إعمار المناطق المدمرة ، وجرائم سرقة المال العام ، قد تمت تحت يافطة الطائفية والعصبية و” هذا حقي ، وذاك حقك ..هذا نصيبي وذاك نصيبك .. هذه حصتي وتلك حصتك ” بناء على العصبية التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ” دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ”.
الاف ملفات الفساد المركونة على الرفوف منذ سنين طوال لايجرؤ أحد على فتحها لإكتسابها الحصانة الطائفية والعصبية بإمتياز، ولو نادى مناد بكشفها فسَيُطالب مقابلها وعلى الفور بكشف ملفات فساد طائفته وحزبه واﻻ فلا ، بمعنى إما أن تفتح الملفات كلها ، أو أن تغلق كلها بظل المحاصصة التي دمرت البلاد ومزقت العباد وما مطالبات بعض المجعجعين المعروفين بذلك سوى أوراق ضغط أو إبتزاز حين الطلب لا أكثر تعرف ذلك من صمتهم المطبق على فساد مكوناتهم وتركيزهم على فساد المكونات اﻷخرى ولعمري ما هكذا تورد ياسعد الإبل !
كل السفلة والمنحطين الطامحين بالثروة والجاه والمنصب يلجأون الى حشر أنفسهم تحت راية المكونات والعصبيات لخداع ناخبيهم عبر مداعبة عصبياتهم من جهة ، ولضمان النجاة من المساءلة في حال تورطهم بملفات مخزية وتدخل الجهات التي ينضوون تحتها للدفاع عنهم وربما لمساعدتهم على الهرب ، وأسأل الجميع من دون مجاملة ولامحاباة ماذا جنى سكان الجنوب الشيعة من ساستهم حتى اﻵن وعلى مدار 16 عاما بإستثناء مجالس العزاء واللطمية وهذا سؤال موجه ﻷهلي في الجنوب حصرا من دون بقية المكونات ..بالمقابل ماذا جنى سكان المناطق الغربية السنة من ساستهم للفترة نفسها غير الجعجعات الإعلامية والمؤتمرات الصحفية وهذا السؤال موجه لهم تحديدا ، وماذا جنى الكرد من ساستهم وإن كانوا أفضل حالا من غرمائهم السياسيين من – السنة والشيعة – اﻻ أنهم ومع ما بنوا وعمروا وأرسوا من نظم وقوانين في مناطقهم لم يحققوا الاكتفاء الصناعي ، التجاري ، الزراعي الذاتي المطلوب وظلوا يعتمدون كليا على حصتهم من الموازنة الاتحادية لصرف الرواتب وتحسين الخدمات والتي وبمجرد تخفيضها وقطعها أواخر عهد المالكي وطيلة حقبة العبادي حتى – كعدوا على الرنكات – ما تمخض عن تأخر صرف الرواتب لشهور طويلة الامر الذي أدى بدوره الى إندلاع تظاهرات واعتصامات حاشدة في طول كردستان وعرضها كاد ان يطيح بالحكومة الفدرالية هناك ، ماذا جنى المسيحيون من ساستهم وجلهم قد غادر العراق فيما استولى اللصوص على ممتلكاتهم وصادروا أملاكهم بينما فجَّر الارهابيون كنائسهم حتى باتت البقية الباقية منهم التي تعيش بكنف العراق الى الان وهم سكانه الاصليون تفكر بمغادرته أسوة بأقرانهم والى غير رجعة ، والحديث يصدق على متبقى من مكونات جرت العادة على ان يحصل ممثلوها على اصوات الناخبين بمعاداة خصومهم ظاهرا فيما يتحالفون معهم في الخفاء لتقاسم الكعكعة فيما بينهم على حساب مصالح العراق وشعبه بل ومكوناتهم المخدوعة بهم أيضا !

كل إنتهاكات حقوق الإنسان ، وإهدار أو إختلاس الموازنات المالية الإنفجارية، والنزاعات والمواجهات المسلحة ، غياب العدالة الإجتماعية ، التوظيف على أساس المحسوبية والمنسوبية والمناطقية والحزبية إنما محركها اﻷساس هو العصبية القومية ” كردي ، عربي ، تركماني ، شبكي، فيلي ” والعصبية الطائفية ” سني – شيعي ، مسلم – مسيحي، يزيدي – صابئي ” والعصبية القبلية ” بني فلان ، ألبو علان ، فخذ فستكان ،قبيلة كان ياماكان ، عشيرة ياهو الكان من سالف العصور والازمان ” بما قال فيها أمير المؤمنين ، فارس المشارق والمغارب علي بن ابي طالب” فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ ونَخَوَاتِهِ، ونَزَغَاتِهِ ونَفَثَاتِهِ ، وإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ، فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ، ومَحَامِدِ الأَفْعَالِ ومَحَاسِنِ الأُمُورِ، فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ، والْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ والطَّاعَةِ لِلْبِرِّ، والْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ والأَخْذِ بِالْفَضْلِ، والْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ والإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ، والإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ والْكَظْمِ لِلْغَيْظِ، واجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ” فأين نحن من كل تلكم الدرر اﻷخلاقية الخالدة ؟
أنبذوا الطائفية ،حاربوها ، كافحوها ، حذروا من عواقبها ، أقصوا دعاتها ، ﻻتنتخبوا مؤججيها ، ﻻتثقوا بمُسَعري نيرانها فأنتم وحسب حطبها ، كل أبناء الطائفيين حارج العراق يدرسون في أرقى الجامعات ، يسكنون أضخم القصور والفيلات، يركبون أغلى السيارات ، يلبسون أرقى الملابس والمجوهرات ، يبنون الفنادق واﻷبراج والمولات ، يقضون أوقاتهم في أروع المنتجعات ، يتعالجون في أشهر المستشفيات ، حساباتهم في بنوك الخارج والداخل بالمليارات ، فيما انتم تسكنون ببيوت مستأجرة مساحة بعضها 30 مترا أو في العشوائيات والخيام والتجاوزات ، تطالبون ولا من مجيب بالكهرباء والماء الصالح للشرب والوظائف والخدمات ، تموتون ، تجوعون ، تعرون ، تظمأون ، تتظاهرون ، تعتصمون ،لاحمدا وﻻشكورا ولن يظهروا لكم بوجوههم الكالحة اﻻ مع موعد الانتخابات ثم وداعا – باي باي- أفرادا وجماعات فعلى أي شيء تصدقونهم وتتبعونهم وتطيعونهم ولم يتركوا لكم وﻻ ﻷبنائكم ما تنتفعون به وتعتاشون منه مستقبلا بعد أن لوثوا أرض العراق وماءه وسماءه لمئات السنين ، وأغرقوه بالديون الربوية لعقود طويلة مقبلة وباعو العراق كله في سوق النخاسة بإسم العصبية والطائفية ..تفصيخا ! اودعناكم اغاتي