17 نوفمبر، 2024 6:31 م
Search
Close this search box.

ليغفر لي العلم أنني هجرته

ليغفر لي العلم أنني هجرته

 صغيرا كنت عندما دق ناقوس القرآءة جرسه في أذني وأيقنت أن فن الكتابة يكمن من خلال تعلم المفردات,حتى أن أحد أصدقائي في التعلم كان يستهزء بي مرارا عندما أذكر له أنني سأكون كاتبا يوما ما, لأسمع منه في كل مرة ذات الرد ” كاتب عرايض”, لأجيبه بل كاتب صحافي وبكل ثقة, العجيب أنني قرأت أول ما قرأت سيرة حياة وديوان الشاعر محمد سعيد الحبوبي ومن ثم لجبران خليل جبران واتخطر يوما أنني قرأت شعرا من كتاب لنزار قباني الشاعر وانا أخبأه بين الاوراق فقط لانه شعر حب وغرام,, وأنتقلت بعد حين لقراءة كتب الفقه والأصول حتى أبحرت في الحلال والحرام حد التخمه, التنوع فيما قرأت جعل مني إنسانا أبحث عن أي شيئ جميل ألحظه في سيرة حياة من أقرأ, إضافة الى التنوع البيئي والديني والمكاني الذي جعل مني شيئا رائع على ما أظن يستطيع أن يعيش مع الجميع والى الجميع, نشرت ذات يوم مقالا في صحيفة الجنائن التي كانت تصدر أسبوعيا في بابل فلاحظت حينها أن محرر الصفحة قد أضاف عبارة الى المقال لم تكن مما كتبت بل كانت تملقا لا أكثر فغضبت لأنني أحسست حينها أنه كان فضوليا في التعدي على ما أكتب وأحبطت يومها, كنت اتجول في المكتبات وعلى الأرصفة لأقتني كتب الشعر والأدب وأقرؤها في يوم واحد واختار المفردات التي أعجب بها وأضع تحتها خطا احمر لأنني أؤمن أنها تستحق ان تكون مميزة,وكثيرا ما كنت اعيد كتابة ما قرأت في دفتر خاص وبخاصة من الكتب التي أستعيرها من الأساتذة والأصدقاء,حتى أنتقلت الى مرحلة أخرى حين سمحت الفرصة أن أصدر مجلة ثقافية في المرحلة الإعدادية وهو ما وسع من خارطة اتصالي بكبار الشعراء والادباء في بغداد وغيرها عبر الرسائل, ومن ثم اصدرت مجلة أخرى عندما انتقلت الى المرحلة الجامعية لأكون رئيسا لتحرير صحيفة طلابية شاملة,كل ذلك جزء مما حملني أن يزداد حلمي في التعلم وزيادة للمعرفه,الإ أنني أنتقلت الى مرحلة جديدة من الصراع مع الذات والتمرد على الإراده لأسعى الى التطلع الخارجي عبر السفر ومحاولة المشاركة في الندوات والمؤتمرات التي تقام خارج البلاد والصدفة قادتني لأكون حاضرا في مؤتمر ضخم في الجامعةالامريكية في بيروت التي دخلتها لأول مرة ولبيروت التي صنعت مني شيئا آخر, وأنا لكل ذلك ممتن لبيروت مما سقتني من معرفه, وقابلت بعد ذلك شخصيات كنت أحلم أن اسمع منها نصائح على طريق التعلم وواصلت حينها الوصول الى الصحافة وانتقلت الى عمان ودمشق ومنها الى طهران كلها محطات عمل صحافية هي الأبرز في حياتي وعدت الى بلدي المثخن بالجراح لأواصل العمل الصحافي وأيقن من جديد ان ثقافة السفر والاطلاع والتعلم هي الأجمل ,لأن ما وجدته في بلادي وما اصادفه كل يوم من ألم وحرقة وأنتظار يجلعني أشتاق الى الثقافة الصحيحة الصادقة والى الصحافة الحرة والتعلم الواقعي والى الحب والعشق والى البحر واليك يا بيروت وكل عاصمة علمتني مفردة جميله لأقول سأرحل من جديد عسى أن يغفر لي العلم أنني هجرته.

أحدث المقالات