15 نوفمبر، 2024 1:45 م
Search
Close this search box.

الحرب العراقية ـ الإيرانية .. رؤية بعد الأربعين عاماً

الحرب العراقية ـ الإيرانية .. رؤية بعد الأربعين عاماً

أطول حروب القرن العشرين.. نشبت بين العراق وإيران في أيلول / سبتمبر/ العام 1980 وانتهت في آب/ أغسطس / 1988 وخلفت أكثر من مليون قتيل ومعوق ومفقود.. وأكثر من 300 ألف أسير ظل الكثير منهم في أقفاص الأسر أكثر من 25 سنة.. وما زال هناك أسرى ومفقودين حتى الآن!!.
ألحقت هذه الحرب أضراراً بالغة باقتصاد البلدين.. ولم تقدم نتائج ايجابية لأيٍ من الطرفين.. فقد عادت الأوضاع على ما هي قبل الحرب.
هدف هذه الدراسة أن نقدم صورة بعيدة عن الأنماط التقليدية عن هذه الحرب موثقة بالحقائق.. بعيداً عن انحياز لأيٍ من الطرفين.

– البعث والحركة الكردية:
انطلاقا من موقف الحركة الكردية.. التي يقودها الملا مصطفى البارازاني وحزبه (الحزب الديمقراطي الكردستاني).. بالعمل لتحقيق المطالب القومية للكرد العراقيين.. فانه كان مستعداً للتفاوض مع أية حكومة عراقية مركزية تُبدي الاستعداد لتحقيق تلك المطالب.. وحيث إن حكومة 17 ـ 30 تموز 1968 أبدت استعدادها لتحقيق تلك المطالب.. فقد بدأت المفاوضات بين الطرفين.
ـ كانت تلك المفاوضات معقدة شابها التوتر والاتهامات.. مع ذلك انتهت بالاتفاق في 11 آذار 1970 على تحقيق الحكم الذاتي للأكراد ضمن فقرات محددة.. وخلال فترة أربع سنوات.
ـ جرى تنفيذ بنود ذلك الاتفاق.. وبعد أربع سنوات على اتفاق 11 آذار 1970بين الحكومة العراقية والحركة الكردية.. أنجزت جميع فقرات الاتفاق.. فأرادت حكومة العراق الإعلان الرسمي عن تنفيذ كل فقرات بيان 11 آذار.. حسب ما جاء في ذلك البيان والاتفاق.
ـ إلا أن القيادة الكردية بزعامة الملا مصطفى البارازاني طلبت من الحكومة العراقية تأجيل الإعلان.. لحل قضية كركوك باعتبارها مدينة كردستانية.. ولابد أن تكون ضمن كردستان العراق حسب رأي الحركة الكردية!!
ـ رفضت حكومة العراق هذا الطلب بقوة.. مؤكدةً انه لم يتم التطرق في المفاوضات على كركوك.. وكركوك ليست جزء من كردستان.. وبالتالي أعلنت الحكومة العراقية من طرف واحد استكمال تنفيذ بيان 11 آذار لعام 1970.. واحتفلت رسمياً بذلك.
وهكذا عاد العراق الى المربع الأول مع قيادة الحركة الكردية.. التي سحبت وزراءها من الحكومة.. وبدأت تحضر لما هو قادم.. لتندلع المناوشات بين الطرفين.

عام مضى :
ـ لم يجد العراق بدأً من إنهاء هذه الأزمة بشكل جذري.. وهو القضاء التام على الحركة الكردية التي يقودها الملا مصطفى البارازاني بالقوة العسكرية.
ـ ووفق تصور قيادة الحكم (البكر ـ صدام) إن السبب الرئيسي في استمرار الحركة الكردية طيلة الفترات السابقة.. هو الملاذ والدعم الإيراني المتواصل للملا مصطفى البارازاني وحركته.

الخلاف الحدودي بين العراق وإيران:
ـ يعود الخلاف الحدودي بين إيران والعراق على شط العرب إلى فتراتٍ قديمة.. فطيلة العهد العثماني ظل خط التماسٍ ساخناً بين الدولة العثمانية وإيران.. وظل الخلاف خاضعاً للدولة العثمانية بموجب اتفاقية القسطنطينية (1913).. التي نصت على أنّ السيادة الإيرانية تقتصر على مناطق شرق شط العرب وبعض الجزر الموجودة في أسفل وادي الرافدين.
ـ وهذا الخلاف الحدودي.. كان أحد الأسباب التي أجلت اعتراف إيران باستقلال العراق العام 1932.. وظل الخلاف الحدودي قائماً بين البلدين.
ـ جاءت اتفاقية العام 1937 بين العراق وإيران بأن الحدود في شط العرب نفسه.. وصولاً إلى عبادان.. الذي وقعته حكومة انقلاب بكر صدقي.. ورفضها مجلس النواب العراقي.
ـ وهكذا كانت اتفاقية الجزائر في 6 آذار / مارس 1975.. التي وقعها شاه إيران وصدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة.. بالموافقة على الطلب الإيراني أن تكون حدوده الجنوبية هي خط التالوك (أي الخط الأعمق في مياه شط العرب).. حيث تضمنت هذه الاتفاقية:
ـ تخلي إيران عن دعم الأكراد في شمال العراق.. مقابل اعتراف بغداد بشط العرب بالتناصف بين البلدين من خلال إعادة ما يعرف بخط التالوك إلى سابق عهده.
ـ وعلى أثر ذلك جرت أكبر حملة عسكرية عراقية على الحركة الكردية بعد هذا الاتفاق.. ونفذ الطرفان الاتفاقية فانهارت الحركة الكردية.. وفرً مصطفى البارازاني ومعظم أفراد قيادته الى الولايات المتحدة الأمريكية.. وظل مقيماً فيها حتى وفاته العام 1979.
فيما فرً جلال الطالباني وشيروان مصطفى ومجموعة من قيادي الحركة.. بشكل خاص كوادر الحركة من سكان السليمانية الى دمشق.. وأعلنوا عن تشكيل حزب كردي جديد (هو حزب الاتحاد الوطني الديمقراطي الكردستاني).. الذي تعاون مع الحكومة العراقية فترة قصيرة لينقلب أيضا عليها.

الأسباب الحقيقية للحرب العراقية ـ الإيرانية:
ـ ظل صدام ينتظر الفرصة المناسبة لإلغاء اتفاقية الجزائر.. سواء في عهد الشاه.. أو في عهد من يرث الحكم في إيران!!.. فصدام يرى إن الاتفاقيات ما هي إلا حبر على ورق.. ويمكن إلغاءها في الفرصة المناسبة.. حتى ولو بالحرب.
ـ لم تسنح الفرصة لصدام من إلغاء اتفاقية آذار 1975 في عهد الشاه.. فبعد ثلاث سنوات.. وفي كانون الثاني 1978 اندلعت التظاهرات ضد حكم الشاه.. ولم تتوقف التظاهرات الشعبية إلا بانتصار الثورة الإسلامية في شباط العام 1979.

رسالة التهنئة.. أول توتر بين القيادتين:
– أول توتر بين حكومة العراق وقيادة الثورة الإسلامية في إيران.. جاء بالبرقية الجوابية لإيران على رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس احمد حسن البكر للإمام الخميني بنجاح الثورة.. وتسلمه السلطة معرباً عن أمله بأن تكون مكسباً للأمة العربية والإسلامية.. ومتمنياً بأن تكون العلاقات بين الشعبين العراقي والإيراني مبنية على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.. والجيرة الحسنة بما يطور العلاقة بين البلدين والشعبين.
رد الإمام الخميني برسالة جواب للرئيس العراقي تتضمن عبارات غير تقليدية في الرسائل البروتوكولية بين قادة الدول.. وذيلها بعبارة “والسلام على من اتبع الهدى”.. التي فسرتها قيادة حكومة العراق عن عدم الرضا.. لأنها تقال حسب الرأي الرسمي العراقي: (في التوصيف العقائدي الإسلامي للكافر بدين الله أو مرتد عن الملة).

تصدير الثورة:
ـ منذ اليوم الأول للثورة الإسلامية.. رفع قادة إيران شعار (تصدير الثورة).. الذي أقلق الدول العربية بشكل خاص.. وفي مقدمتها العراق ودول الخليج.
ـ مثلما أقلق هذا الشعار الدول الكبرى والدول الأوربية الأخرى.. في أن تنتشر هذه الثورة.. وتشكل خطراً كبيراً على مصالحها في هذه المنطقة.. وعلى المياه والممرات والمضايق الدولية في المنطقة.
ـ كان نظام البعث في العراق يستشعر خطر الثورة الإسلامية.. بشكلٍ حاد نظراً للوجود الشيعي الكبير والقديم في العراق.. فالعراق منشأ التشيع أصلاً.. وتوجد فيه أهم المزارات (كربلاء.. النجف.. الكاظمية.. سامراء.. بلد.. وغيرها في المدن العراقية).
ـ كما إن التنظيمات الشيعية في العراق.. هي بالتأكيد رأس الحربة في أية حركة شيعية.. وبالتأكيد ستكون مدعومة من الثورة الإيرانية.. بل قد تكون الثورة الإيرانية مشجعاً.. وداعماً لقيام مثل هذه الحركة.. وفق الشعار الذي رفعته.. (تصدير الثورة).
ـ بالمقابل تزايدت المخاوف الإيرانية مع توقيع العراق ميثاق الدفاع العربي في شباط / فبراير العام 1980.. الذي اعتبرته إيران عملاً عدائياً يستهدفها ويُجيش دول المنطقة ضدَّها في صراعٍ حدودي تعتبر أنه يجب أن يحافظ على طابعه الثنائي.

الحرب:
لم يستمر التوتر طويلاً فقد تبادل البلدان سحب السفراء في آذار/ مارس/ العام 1980.. وخُفضً مستوى التمثيل الدبلوماسي.
ـ كما تعرض طارق عزيز نائب رئيس الوزراء لمحاولة اغتيال في مطلع نيسان / أبريل / 1980.. أمام الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية.. فاتهمت السلطات العراقية حزب الدعوة الإسلامي وإيران بالوقوف وراء تلك المحاولة.
ـ في الرابع من أيلول / سبتمبر/ العام 1980.. اتهم العراق إيران بقصف البلدات الحدودية العراقية معتبراً ذلك بداية للحرب.. لتبدأ القوات العراقية بالتقدم لتحرير المراكز الحدودية العراقية (زين القوس وسيف سعد.. وأربع مراكز حدودية أخرى).. التي اعترفت إيران بعراقيتها في اتفاقية الجزائر 1975.
ـ في 17 أيلول 1980 أعلن الرئيس العراقي صدام إلغاء اتفاقية العام 1975 مع إيران.. واعتبار مياه شط العرب كاملة جزءاً من المياه الإقليمية العراقية.
ـ في 22 أيلول /سبتمبر/ 1980.. قرر مجلس قيادة الثورة العراقي شنَّ حملةٍ عسكرية ضد إيران.. وتقدم الجيش العراقي سريعاً.. وكان تقدير القيادة العراقية يقول “إن الحرب ستكون خاطفة ومحدودة لظنها أن الجيش الإيراني كان ضعيفاً بعد حملة اعتقالات نفذتها السلطات الإيرانية من كبار قادة الجيش الإيراني إبان عهد الشاه”.

ـ حرب حدود:
هذا أكده نائب رئيس مجلس قيادة الثورة عزة الدوري عند زيارته العاصمة الإيطالية روما في 6 أيلول 1980.. (أي بعد يومين من الهجوم العراقي على المخافر الحدودية).. وعقد مؤتمراً صحفيا في مبنى السفارة العراقية في روما.. كنتُ أنا حاضراً هذا المؤتمر.. حيث قال نصاً عندما سأله الصحفي أريك ساليرنو من جريدة الماسجيروا الإيطالية اليمينية المستقلة: ركز الدوري فيه على الحرب العراقية ـ الإيرانية مؤكداً إنها حرب حدود لا أكثر ولا أقل.
ـ سأل ساليرنو (عزة الدوري) عن رأيه باستمرار الحرب.. أكد الدوري إن العراق سيستعيد مخافره الحدودية المغتصبة.. وتتوقف الحرب في موعد لا يتجاوز أسبوعين !! ردً عليه ساليرنو: وإذا استمرت الحرب ؟ ما هو موقفكم ؟ قال عزة الدوري: لن نكون نحن المهاجمون.. وسوف يكون ردنا على أي هجوم علينا محدوداً.. ولن ندخل الأراضي الإيرانية.
ـ أضاف الدوري: (وبالتأكيد.. إذا استمرت كما تقول.. ستكون بمستوى مناوشات.. ولن تتوسع أبداً).
لم يقتنع الصحفيون الحضور بهذه الإجابات.. واستمرت الحرب بين البلدين وتوسعت.. وساليرنو لم ينشر أي شيء عن ذلك المؤتمر الصحفي.

الضوء الأمريكي لاحتلال الكويت:
وفقا لمقربين من فاضل البراك رئيس جهاز المخابرات.. وقبيل احتلال الكويت بعدة أشهر أوفد البراك في زيارة سرية الى لندن ومن هناك الى الولايات المتحدة.. وهي زيارة مازالت طي الكتمان.. ولا يعلم تفاصيلها إلا ثلاثة أطراف.. اثنان غادرا الحياة.. هما صدام حسين وفاضل البراك.. والطرف الثالث الإدارة الأميركية السابقة بعهد الرئيس جورج بوش الأب ومخابراتها التي مازالت تلتزم الصمت عن تلك الزيارة وأهدافها.. وما جرى فيها بشأن الكويت.. فالبراك الذي كان ملتزماً بدوره المكلف به من صدام بنقل الرسالة الى واشنطن بشان الكويت لم يخفِ لاحقاً موقفه برفض احتلال الكويت وبقاء القوات العراقية فيها وتأكيده للرئيس بان دخول الكويت: فخ يراد فيه تدمير العراق لكن كان لصدام رأي وقناعة أخرى.
يشير الصحفي محمد حسنين هيكل وكانت تربطه بالبراك علاقة وثيقة.. عبر (برنامج المصير) مع محمد كريشان على قناة الجزيرة وبث العام 2007 إلى أن البراك التقى مسؤولين في المخابرات الأميركية من بينهم روبرت غيتس (مدير المخابرات الأميركية لاحقا) في مدريد وعدً الأمريكان بإعطاء الكويت للعراق في حال ضربه الثورة الإيرانية العام 1980.
وما يؤكد هذا الموقف.. هو قبيل احتلال صدام للكويت.. وفي 25 حزيران / يونيو 1990 التقى صدام حسين مع السفيرة الأمريكية غلاسبي.. وتحدث معها عن دور الكويت في تخفيض أسعار النفط لدرجة تدمير الاقتصاد العراقي.. وهي بدرجة الحرب.. وارد منها ساع الرأي الأمريكي.. فردت غلاسبي: “إن أمريكا ليس لها رأي بشان صراع عربي- عربي”.. التي فسرها صدام منحه الضوء الأخضر.

موقف فاضل البراك من غزو الكويت:
أدرك البراك بان الموقف الدولي لن يكون مرنا في التعاطي مع خطوة بهذا الحجم.. وبحسب المقربين منه.. قاوم البراك ما يبدو إنها أوامر صادرة من الرئيس شخصيا بأن يكون الرأي المتعلق بغزو الكويت منسجماً مع الرغبة بعودة “الفرع إلى الأصل”.. كان اعتراضه معبراً عن شخصه المعارض لبقاء القوات العراقية بالكويت أو استمرار الغزو.
تشكلت بعد غزو الكويت في آب1990 بأمر رئيس الجمهورية لجنة رئيسها فاضل البراك وضمت: عبد الملك الياسين.. وعبد الحسين الجمالي.. وصادق اسود.. وكاظم هاشم نعمة.. وعبد الجبار الهنداوي.. أعضاء لتقديم رأي لصدام بشأن أزمة غزو الكويت.. لكن تقرير اللجنة لم يعجب الرئيس فتوصياتها تضمنت ضرورة الانسحاب من الكويت.. وخطورة الوضع على العراق وعلى أثر ذلك تم حل اللجنة.. وهو أمر يؤكده السفير السابق عبد الملك الياسين بشهادة مصورة.
المهم أحيل البراك على التقاعد العام 1991 قبيل بدء الحرب الأميركية لتحرير الكويت.. وكان واضحاً لزواره تذمر البراك من الأوضاع العامة بل خشيته من القادم.. حاول البراك الإقامة في كردستان.. فتم اعتقاله البراك 1991 بعد فشل الانتفاضة الشعبانية.. ليعدم بعد تعذيب شديد في العام 1993.. بتهمة التجسس والتخابر مع دول الأجنبية.
بالمقابل فان الولايات المتحدة منحت صدام طائرات الهيلكوبتر لسحق الانتفاضة الشعبية التي اندلعت بعد تحرير الكويت في المحافظات الجنوبية والوسطى.. فيما منعته من ضرب الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في كردستان.. وحضرت الطيران العراقي عند خط العرض 36 أي عدم ضرب انتفاضة كردستان.. وفرضت الحصار على نظامه.. فالولايات المتحدة حتى ذلك الوقت لم تكن إستراتيجيتها إسقاط نظام صدام.

الحرب المنسية:
في 28 تشرين الأول (أي بعد أكثر من شهرين على بدأ الحرب) نشر ساليرنو مقالة في جريدة المساجيرو تحت عنوان (الحرب المنسية).. تحدث فيه بغرابة عن رأي عزة الدوري بالحرب.. معتبرها أرائه ساذجة.. بل غبية.. ومما جاء في مقالته: إن صدام أراد نقل معركته الداخلية مع المعارضة العراقية إلى الخارج.. خاصة بعد محاولة اغتيال طارق عزيز في 2 نيسان 1980.. وبالتالي تصفية المعارضة وقواعدها تحت شعار: (الدفاع عن الوطن).
وأضاف ساليرنو قائلاً: أما إيران فهي تهدف من هذه الحرب تصدير ثورتها إلى الخارج.. والعراق هو أول الطريق لتصدير الثورة.. خاصة إن شعاراتها تؤكد: (طريق القدس يمر من بغداد.. أو من كربلاء).. مؤكداً إن هذه الحرب سوف تكون محدودة.. وتقتصر على العراق وإيران.. ولن تمتد إلى الآبار النفطية في الخليج إطلاقا.
مختتماً مقالته بالقول: أما محاولات (العراق وإيران) بتوسيعها خارج حدودهما.. فهي محاولات فاشلة.. ناسين إنهما (أي إيران والعراق) يستوردان السلاح والعتاد والمعدات العسكرية واللوجستية من الخارج.
وأضاف ساليرنو قائلاً: سوف يستمر توريد السلاح إليهما بهدف ديمومة الحرب بينهما فقط.. دون امتدادها الى الخليج.. وستسمر الحرب لعدة سنوات حتى ينهك اقتصاد البلدين.. أو يدمر تماماً بسقوط النظامين أو أحدهما.. وخروج الثاني لا يستطيع الوقوف على قدميه من دون دعم دولي.. وسوف تنتهي الحرب (بلا غالب.. ولا مغلوب).. وسينسى العالم هذه الحرب خلال سنة من بدئها.. وستسمى: (الحرب المنسية)!!
ـ وأكد ساليرنو ليً عندما التقيتهُ (أنا) في كازينو البرلمان وسط روما في اليوم التالي على مقالته هذه.. (إن هذه المعلومات ليست من براعته.. ولا من عندياته.. وإنما هي من أصدقائه في حلف الناتو.. وهي نتائج يعملون لها.. ويديرون الحرب كما يريدون لتحقيق كل ذلك.. وبالتأكيد ستتحقق هذه النتائج.. كما يقول !!).
ـ قلتُ له: وإذا اتفق العراق وإيران على إيقاف الحرب؟!! قال: لن تتوقف الحرب قبل سبع أو ثمان سنوات.. يكون النظامين على وشك الانهيار الاقتصادي.. أو السقوط…..

ـ التشجيع والدعم الدولي للحرب:
كل الدول العربية كانت تدعم صدام ونظامه في هذه الحرب.
ـ فدول الخليج شجعت ودعمت الحرب مادياً بقوة.. بهدف إسقاط النظام الجديد في إيران.. إضافة الى الدول العربية الأخرى.
ـ باستثناء دولتين.. هما سورية.. ومعروف الأسباب بالنسبة لسورية.. هي ضد نظام البعث في العراق.
ـ الدولة العربية الثانية.. هي ليبيا ألقذافي.. للخلافات بين النظامين (الليبي والعراقي) أولا.. وثانياً: يعتبر ألقذافي النظام الإيراني نظام ثوري وإسلامي.
ـ دولياً كان الموقف الرسمي مع وقف الحرب.. والموقف الفعلي مع استمرارها.. لإسقاط النظامين.. أو إنهاكهما.. لينشغلا في إعادة بناء دولهما.. وترك المنطقة.. ولن يكونا شرطيين في الخليج.
ـ قدمت أمريكا والتحالف الدولي دعماً لوجستيا للعراق… ونقل مصور للمواقع الإيرانية.. في بعض الأحيان.
ـ هكذا تحقق كل ما قاله ساليرنو:
ـ أصبحت الحرب منسية عالمياً بعد أقل من عام على قيامها.
ـ إيقاف الحرب تم بعد 8 سنوات.. وقد انهمك اقتصاد البلدين ودمرت مدنهم الحدودية.
ـ انشغل البلدان بإعادة بناء مدنهم التي دمرتها الحرب.
لكن المتغيرات كانت كبيرة.. فبعد 15 سنة.. سقط نظام صدام.. وتم احتلال العراق.. وتغيرت المعادلة في المنطقة.. وهذا ليس موضوع دراستنا بل يتطلب دراسة أخرى.

أحدث المقالات

أحدث المقالات