19 ديسمبر، 2024 1:45 ص

الاسلام السياسي المقدس

الاسلام السياسي المقدس

بعد ان قتل صدام الشهيد محمد الصدر رحمه الله تشتت جمعنا و صرنا نهيم على وجوهنا في درابين النجف الاشرف نبحث عن من يحمل راية الثورة او راية الثأر ، او على الاقل راية ( كلا كلا ).

لم نترك برانية مرجع الا و دخلناها، لم ننسَ وكيل مرجع الا توسلناه.

نبحث عن مرجعٍ انسان يمسح مدامعنا و يسكن بكفه استعار جراحات شباب فاقدين.

نبحث عن كفٍ تستنقذنا من لُجج الحُزن و تلملم اشلاء امانينا و إذا بأكفهم ممدودة امامنا تنتظر التقبيل.

في مسجد الطوسي يجلس حسين ال بحر العلوم رحمه الله على الارض واضعاً كفه على رُكبته المرتفعة قليلا.

جئنا لنسأله من سيحل محل الصدر في قلوبنا.

لكن حين رأينا جلسته تلك، و طابورٌ طويل من الناس يهرعون الى يده تباعا ليقبلونها بكل خشوع و خنوع وهو غير مكترث لهم و يشيح بوجهه عنهم ليتكلم مع من يجالسه، و تقبيل يده مستمرٌ دون انقطاع و دونما نظرة من سماحته.

خرجنا من حيث اتينا و انهارت كل امالنا البلهاء، و تغيرت وجهة نظري شخصياً بمرور الايام عن تبعية المؤسسة الدينية، ساكتة كانت ام ناطقة، ولاية فقيه كانت ام برائيةً.

فالصدر لم يسعفه الوقت في ازالة كل تلك الاصنام الشاخصة حول جدران كعبة القلوب ( ضريح علي ع ).

و الناس ايضا لم يُفكروا في انزالهم من على جدران الصدور.

مئات من السنين لم تكن لعلي (ع) قدسية اكبر من قدسية كف مرجع تنحني لها الرقاب.

مرت الاعوام و انتهى الزمان بصدام الى جحرٍ تحت الانقاض يتوسل سلامته.

و اصبحت برانيات المراجع و ابناء المراجع مقدسة اكثر فأكثر فتوافدت وفود الفاسدين اليها لأخذ ضمانات ديمومة الحكم الفاسد.

و عُلِقت على جدران ضريح علي (ع) مسودة نظام سانت-ليگو الذي يُعيد تدوير قمامة المنطقة الخضراء الجاثمة على صدورنا كما علقت قُريش صحيفة مقاطعة بني هاشم على جدران الكعبة.

لم تبق للحسين (ع) و لا لعلي (ع) اي قدسية تسوجب كل تلك الفورة و الثورة من مستجدّي المنابر و مدمني الكاميرات و التغريدات من مشايخ ( اخر وكت ).

انما القدسية التي اغضبهم انتهاكها هي قُدسية المؤسسة الدينية و ( اُبهتها ) و عظمتها لمئات السنين، قُدسية المرجع، قُدسيه وكيله، قدسية المنبر، قُدسية المُنجز الاسلاموسياسي.

ليس لنا نحن البسطاء و لا ( لعلي و الحسين ع ) اي دور في هذا الصراع.

انه صراع بين سلطة دينية مؤسساتية و بين جهات سياسية من صنيعتهم.

السلطة السياسية بَنَت ملعباً في كربلاء.

السلطة الدينية اعجبها شكل الملعب فرضيت به ولم تدرس الامر جيداً، فالمهم انه يُعد مُنجزاً لمدينةٍ تُسيطر عليها المؤسسة الدينية.

السلطة السياسية اختارت الملعب لإفتتاحية بطولة فكانت افتتاحية بدائية هزيلة ( مال ثمانيات ) تخللتها مشاعر صادقة جميلة.

اندلعت ثورة ( الحشاشة ) المعممون المغردون، قابلها ( الخوشية ) المدنيون بردة فعل معاكسة.

اشتعل الفيسبوك و تويتر بفاجعة القدسية (المجهولة المقصد) و خصصت القنوات الدينية حلقات حوارية و نشرات خبرية تستهلها بـ ( الموسيقى الدينية ) للحديث عن انتهاك القدسية.

فلتحيا الديمقراطية

و الله يعينك يا علي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات