وقفت على مصطلح Agnotology منذ فترة تكاد تكون طويلة نسبياً وتعجبت من استخدامها دون أن تهتم بأصولها الكتب والبحوث. وعبر محرك ال Google اكتشفت عالماً مليء بالقصص والأحاديث والبحوث والدراسات بشأن ذلك المصطلح، ومصطلح آخر يتحدث عن الإجهاض لإنتاج حضارة الجهل منذ القرن الثامن عشر. وعثرت على مراجع زاد عددها عن 55 مرجعاً ركزت كلها على الجهل وكيف يمكن أن يصنع. ونقلت البحوث أن المدعوة Sibylla Merian كانت تبحث ذلك في أفريقيا والأمريكيتين (Surinam) و (Guiana). وهذه السيدة واحدة من الذين تعمقوا في دراسة الطبيعة وعلم الإنسان، إلى جانب ولعها في فحص طبيعة الإنسان الأفريقي والأمريكي. وأشارت إلى الاستخدام المفرط للإجهاض بقصد السيطرة على عدد الولادات لدي السكان الأصليين هناك. وأن سكوت الآخرين عن الحدث يجب أن يكون مراقباً ذاتياً Self-Censorship وليس من قبل السلطة ولكن من خلال تحيز حضاري جامع. ولم أعثر على ترجمة لمصطلح Agnotology في أي قاموس حتى اليوم. وبالتالي عقدت العزم على البحث وبعمق عن أصول هذا المصطلح، فتبين لي أنه مأخوذ من كلمة إغريقية ومرتبطة بصناعة الدخان.
وخلال عقد الستينيات من القرن المنصرم وخلال تصفحي لإحدى المجلات وانا في الطائرة مع والدي المرحوم ناجي جواد ونحن في طريقنا إلى سويسرا عثرت على مقالة زرعت من قبل إحدى شركات الدخان لنشر الشك بشأن المخفي من جوانب الضرر المؤثر في صحة الإنسان، وهل أن الضرر بالسرطان له علاقة بالتدخين! ثم زادت حيرتي وثبتت شكوكي بعد فضيحة جاءت عبر تقرير تعرض لذلك الضرر وكان قد نشر بغفلة من المحرر.
في العام 2007، حضرت مجلساً عشوائيا في عمان تعرض بالصدفة إلى ما أسميه اليوم بصناعة الحضارة السياسية الاجتماعية للجهل. وأول طرح كان حول خديعة صناعة الدخان وكيف أن بعض أجزاء السيجارة يصنع من مادة الأسبست الضارة وجزء آخر يصنع من مواد أخرى لا علاقة لها بالتبغ على الإطلاق، إلى جانب المطيبات والمواد الأخرى التي تضاف إلى التبغ ليستنشقها المدخن بعد احتراق التبغ.
الجهل Agnotology هو علم يدرس غرس ثقافة الجهل أو الشك أو الوهم، ويجري من خلاله نشر بيانات خاطئة أو مخَطَئة أو غير كاملة. وأول من تلبس في هذا العلم هو Robert N Poctor الأستاذ في جامعة Stanford. وتمتد جذور مصطلح Agnotology إلى الإغريق الكلاسيكيين المحدثين انطلاقا من كلمة Agnosis (لا يعرف) أو (غير معروف). وقد أنتشر وتوضح ذلك المصطلح ليعبر عن عدم التأكد بشكل أو بآخر. كما دُرس موضوع الجهل وصناعته من قبل شخص أكاديمي آخر يدعى David Dunning.
محركات صناعة الجهل drivers
هناك أكثر من محرك أدى إلى استمالة الترويج إلى نشر الجهل ومنها:
وسائل التواصل المختلفة (سواء كان ذلك بالتجاهل، أو العرض المنقوص، أو العرض المتعمد، أو التلاعب بالنصوص).
المؤسسات الحكومية، ومنظمات الأعمال، التي ساهمت عبر أساليب (الكتمان، والتكتيم، والطمس، وإتلاف المستندات، وإخفاء المعلومات)
الحضارة السياسية وما تنشره من أمور قد يتمخض عنها شكل من أشكال التجاهل أو التمويه، أو النسيان.
وقد برز كل ذلك وبإشكال متعددة وكما يلي:
صناعة السكائر، وتحت راية العلم فإن صناعة السكائر قد استثنيت من نشر ما يترتب عنها من أمراض ومشكلات صحية. كذلك البرامج الإعلانية بخصوص مرض السرطان. كما ركز علم التجهيل على كيف؟ ولماذا؟ يجب أن تكون بعض المعارف مخفية أو يتم تجاهلها أو تبقى ممنوعة من العرض مثل المعرفة بشأن هندسة الشرائح التي تم وضعها تحت الرقابة المشددة وعدم السماح بنشرها في حينها، لأن البعض صنفها على أنها تقع في إطار المعلومات العسكرية.
منشأ نشر الجهل Origin
يعد Proctor أول من أشار إلى الجهل عبر كتابه في العام 1995 والذي جاء تحت عنوان حروب السرطان، وكيف أن السياسة تشكل ماذا نعرف، وماذا يجب أن لا نعرف، بشأن مرض السرطان …… The Cancer War: How Politics Shapes What We Know and Don’t Know
وقد تعامل العلماء والمؤرخون مع مصطلح الجهل على أنه حالة ممتدة لا تقف عند حد، والذي من خلاله يتم امتصاص المعرفة، كما تموت الأم لصالح العلم. علما أن الجهل حالة معقدة، وفي نفس الوقت هي حالة مميزة ومتغيرة، جغرافيا سياسيا. والجهل يشكل المؤشر الجلي لسياسة المعرفة. وقد قيل نحن نريد سياسة الجهل لنراوس بها سياسة المعرفة.
الاقتصاد السياسي
في العام 2004 أعطت Londa Schiebinger تعريفاً أكثر دقة بشأن الجهل عبر ورقة تطرقت إلى أسئلة تدور حول كيف لنا أن نعرف How We Know في الوقت الذي تثار جدلية تقول لماذا علينا أن لا نعرف Why We Do Not Know.
الجهل لا يعني غياب المعرفة ولكن هو أحد مخرجات صراع الحضارة السياسية. ثم قدمت ورقة في العام 2010 من قبل Michael Betancourt ناقشت اللامادية للقيمة والشحة في الرأسمالية الرقمية في ندوة Immaterial Value and Scarcity in Digital Capitalism وتوسع بشأنها النقاش عبر كتاب تحت عنوان The Critique of Digital Capitalism وتم التركيز حول فقاعة الأسكان وفقاعة الاقتصاد بين عامي 1980 و2008. وقال Betancourt أن الاقتصاد جاهل (الجهل الرأسمالي) كونه يخلق الفقاعات الاقتصادية.
الجهل Agnoiology
كلمة أخرى مشتقة من جذر الكلمة الإغريقية والتي تحدد نوع الجهل وظروفه، والتي تعني علم دراسة الجهل أو تعبر عن النظرية التي تُعنى بتلك الأشياء التي نجهلها، إلى جانب كونها تعبر عن فرع من فروع الفلسفة التي درسها Ferriere James Friederickفي القرن التاسع عشر.
مصطلح آخر للجهل Ainigmology
كلمة أخرى تحدّث عنها Glenn Stone من زاوية علم الإنسان (anthropology) حيث بين أن غالبية ألمثلة الخاصة بالجهل (مثل الترويج لشراء الدخان، والترويج لطبقة الأوزون) لا تؤثر في نقص المعرفة، إلا أنها تثير الإرباك. وأن مصطلح Ainigmology هو أكثر الترجمات المعبرة عن الجهل، ومأخوذ من مصدر المصطلح Ainigma والتي تعبر عن المعنى الصحيح للجهل. لذلك قال Stone أن هندسة الجينات Generic Engineering هي بحد ذاتها جهل لأن المنظمات على اختلاف أنواعها والتي تمتلك حقوق الملكية بشأن هندسة الجينات لا يمكن لها أن تمنع العلماء من أجراء البحوث بخصوص تركيبة البدن الإنساني.
آثار وسائل التواصل Media Influence
أن وفرة المعلومات وما يتاح منها خلال عصر المعلوماتية قد لا تمهد لإنتاج مواطنين ذوي معرفة، بل أن ذلك قد يتيح للبعض منا ضخ بعض من تلك المعلومات لتعزيز بعض المعتقدات، التي قد تلهي الآخرين عن المعرفة الحديثة من خلال تكرارها، وإعادة نشرها على سبيل الترفيه. هناك شواهد متضاربة عما يتعرض له مشاهدي التلفزيون (الاتجاه المعاكس عبر قناة الجزيرة مثلاً) وبما يؤثر في البعد الاستخباري للمعلوماتية. ثم برز نظام علمي له علاقة بالجهل، يدعى ب Cognitronics والذي يهدف إلى:
تشتيت الأدراك، بسبب مجتمع المعلوماتية في العالم، ومستفيداً من التوجه نحو العالمية.
دفع ذلك التشتيت في الإدراك، الدخول إلى حقول المعرفة المختلفة.
Cognitronics هو نظام يدرس طرقاً جديدة لتحسين آلية الإدراك الفكري في معالجة المعلومات، والتي من شأنها أن تنشئ ظرفاً انفعاليا للنفس الإنسانية. وتهدف تلك الطرق إلى التعويض عن تحولات في نظم القيم، وبما يمهد إلى نشوء مترتبات غير مباشرة على طريق إيجاد معلومات رمزية تنعكس على مهارات الأفراد المتعلمين وعلى آلية العلم باللغات، وعلى قدرات التعليل والتسبيب وبما يبعد الفرد المهني عن أداء الأعمال بنجاح في ظل مجتمع المعلوماتية.
ففي العام 2013 أنعقد المؤتمر العالمي في مدينة Slovenia حول Cognitronics والذي كشف خلاله عن مذكرة صدرت عن صناعة الدخان وأطلع عليها العامة، سميت بمقترح التدخين والصحة. كتبت هذه المذكرة عام 1979 وتبنتها شركات الدخان بقصد دحض مزاعم الضرر الذي يتولد عن التدخين. تقول تلك المذكرة في جانب منها “الشك” هو أتناجنا طالما هو أحد السبل لتحقيق النجاح ودعم منافستنا في السوق من خلال زرع ذلك الشك في عقول الجمهور. وقد أثارت محتويات المذكرة كوامن Proctor الذي أخذ يغور في ممارسات شركات الدخان وكيف أنهم ينشرون الوهم والشك بشأن فيما إذا كان الدخان هو السبب في نشوء مرض السرطان، حيث لمس Proctor عدم رغبة الشركات في أن يعلم الجمهور ضرر التدخين ومن هنا تبنى كلمة Agnotology والتي تعني الجهل. بمعنى أن هذه الكلمة تعبر عن العلم الذي يدرس بتعمد الأنشطة والأفعال المساعدة في نشر الوهم والشك والتدليس حتى يتسنى للشركات بيع منتجاتها أو الفوز بما تريده تلك الشركات.
وقد تصارع السلاطين والساسة على مر الأزمنة، بشأن حق امتلاك المعرفة والإمساك بمصادر المعلومة. فالمعرفة قوّة وسلاح بشكلٍ يوازي المال والعتاد العسكري. ولأن المعرفة بهذه الأهمية هناك من يحاول الاستئثار بها لنفسه. ولهذا تأسس مجال «إدارة الفهم» في الأوساط الأكاديمية والسياسية، فتُعَرِفّ وزارة الدفاع الأمريكية مفهوم «إدارة الفهم أو الإدراك Perception Management» بأنه أي نشر لمعلومات أو أي حذف لها من أجل التأثير على تفكير الجمهور والحصول على نتائج يستفيد منها أصحاب المصالح. ولأن النشر والحذف يتطلّبان أساليب دقيقة ومعرفة تامة بعلم النفس والسلوك والإدراك، وكما نوهنا، فقد قام باحث مختص بتأريخ العلوم من جامعة ستانفورد أسمه Robert Proctor بصياغة ما يُعرف بعلم الجهل Agnotolgy وهو العلم الذي يدرس صناعة ونشر الجهل بطرق علمية رصينة.
بدأ علم الجهل في التسعينات من القرن الماضي بالظهور بعدما لوحظ أن دعايات شركات التبغ التي تهدف إلى تجهيل الناس بشأن مخاطر التدخين. ففي وثيقة داخلية تم نشرها عام 1979 من أرشيف إحدى شركات التبغ الشهيرة، تبيّن أن أبرز استراتيجية لنشر الجهل كان عن طريق إثارة الشكوك في البحوث العلمية التي تربط التدخين بالسرطان. ومن حينها انطلق لوبي التبغ في أمريكا برعاية أبحاث علمية مزيّفة هدفها تحسين صورة التبغ اجتماعياً ونشر الجهل حول مخاطرة.
وكما هو مُلاحظ هنا الجهل ليس انعدام المعرفة فقط، بل هو «مُنتَج» يتم صنعه وتوزيعه لأهداف معيّنة غالبًا سياسية أو تجارية ولتوزيع هذا الجهل بين أطياف المجتمع انبثقت الحاجة لمجال «العلاقات العامة» الصنعة التي تُعتبر الابن الأصيل للحكومة الأمريكية على حد تعبير (تشومسكي). فعن طريق لجان «العلاقات العامة» تم تضليل الرأي العام الأمريكي والزج به في الحرب العالمية الأولى سابقاً وما تبع ذلك من حروب حتى وصلنا إلى يوم غزو العراق، وبما كان يُعرف بأل Creel Commission. هذا التضليل الاستراتيجي والمُمنهج حسب أساسيات علم الجهل يستند إلى قنوات ثلاث:
1-بث الخوف لدى الآخرين
2-إثارة الشكوك
3-صناعة الحيرة
وليس هناك أنصع مثالا ما يصدر عن الحكومات في تجسيد مبدأ إثارة الرعب لدى المواطنين، لتمرير مصالحها وأجندتها فتارة يتم صنع أعداء وهميين لتحشيد الرأي العام وتارة يتم ترهيب الجمهور بالقدر المظلم إذا لم يشاركوا في هذه المعركة، وتلك وكأن الأرض ستفنى بدون هذا «الهجوم المقدّس». لا غريزة بشرية تنافس غريزة حب البقاء. ولذا من الممكن أن تبيع السمك في حارة الصيادين عندما تهدّد أمنهم وبقاءهم!
وأما إثارة الشكوك فهو ثاني أعمدة التجهيل ويتم توظيفه غالبا في القطاع التجاري والاقتصادي وهذا بالتحديد منهج الكثير من الشركات فبعد هبوط مبيعاتها بنسبة 25% بدأت شركة كوكا كولا العالمية بدفع ما يقارب 5 ملايين دولار لباحثين أكاديميين لتنفيذ مهمة تغيير فهم المجتمع حول أسباب السمنة، وذلك بتقليل دور المشروبات الغازية في انتشار السمنة وتوجيه اللوم إلى عدم ممارسة التمارين الرياضية! هذه «الأبحاث المدفوعة الثمن مقدماً» يتم نشرها لإثارة الشكوك في ذهنية الفرد حتى يعيد تشكيل موقفه بما يتناسب مع أجندة هذه الشركات.
ولأن كثرة المعلومات المتضاربة تصعّب من اتخاذ القرار المناسب، يدخل الفرد في دوّامة من الحيرة حتى يبدو تائهاً وجاهلاً حول ما يجري ويزيد العبء النفسي والذهني عليه فيلوذ بقبول ما لا ينبغي القبول به طمعا في النجاة من هذه الدوامة وهذه تحديداً هي الغاية! نحن نعيش في عالم الجهل، وأعجوبته أن أي حقيقة تذهب هباء عبر الضجيج، ولو أن المعرفة متاحة لنا، إلا أننا لا نصل إليها تماماً. ومن جانب آخر فقد أنطلق رجال المعرفة (اعتقادا أو تقليداً، أو من الدعاية التي يتم ترويجها) لنشر الجهل:
في هذا العصر الرقمي بات الجهل والتضليل سلعة يومية تُنشر وتُساق على الجمهور من حكومات وشركات وأصحاب نفوذ والصمود أمام كل هذه القوى يتطلّب جهودا ذاتية ووعيا مستقلا يبحث عن الحقيقة بعيدا عن العاطفة والأمنيات وسيكون من قِصر النظر وفرط السذاجة لو اعتقدنا أن «علم الجهل» و» إدارة الفهم» و» العلاقات العامة» محصورة على الغرب بل هي أقرب إلينا من أي شيء آخر!
استغلالاً للناس الذين لا يفقهون مغزى ومفهوم ما أو حقيقة ما. أن جماعات المصالح (كالشركات التجارية أو جماعات السياسية) تعمل جاهدة على إثارة الوهم والبلبلة بشأن أمر ما، فمن زاوية الجهل بصناعة وما يقال بشأن التغير المناخي، فإن المجتمع سيبقى في حيرة وحساسية عالية إزاء التكتيكات والمناورات المسخرة من قبل ذلكم الجهات الراغبة في إثارة الوهم والبلبلة والعمل على تعتيم الحقيقة.
برز بداية القرن العشرين ما يعرف ب غسيل الدماغ وصار يستخدم في مختلف ميادين الحياة وأنشطتها المتنوعة السياسة / الحروب / عبر الإعلام المرئي / في الفن / في الدعاية / في التجارة /
في الإعلان / في التربية / في الثقافة / الاجتماع. وكما تعلمون فإن الدماغ مجهز فسيولوجيا وعصبياً وبشكل موروث بقدرات على اكتساب المعاني والأفكار. ويتم إدخال المعلومات إليه على نحو غير محسوس في الوعي الجماعي من خلال أجهزة الثقافة والأعلام بقصد التضليل.
لمحة عن مراحل غسيل الدماغ
امتهان الذات الإنسانية للهدف (الشخص المُجَند) وتحطيم معنوياته ودفع الإحساس بالذات نحو منطقة العزل.
الاهتزاز النفسي والثقة لدى الهدف المجند ودفعه ليخون نفسه، وأن تهتز ثقته بنفسه، وينطلق يقول لنفسه يبدو أنني أنا اللي على خطأ وأحتاج إلى تغيير طريقة تفكيري أو أسلوب معيشتي.
مرحلة التلقيين والتدريب بأفكار مغايرة أو جديدة يقبلها الهدف رغم أنها قد لا تتوافق مع فكره السابق أو تتعارض مع عقله.
في علم السلوك الإنساني هناك ما يستدعي إلى تغيير سلوك الفرد أو تعديله. وقد أعتنى علماء النفس بما يدعى ب change model والذي يقع عبر ثلاث مراحل هي Unfreezing وmovement ومن ثم refreezing في المرحلة النهائية.
عشر استراتيجيات للتحكم بالشعوب
وقد قدم إلينا أحد المعنين والناشطين في مجال كشف الحقائق وجهات نظره بشأن اعتماد الحكومات لاستراتيجيات متعددة، القصد منها إلهاء الجمهور المعني عن أمر ما، وإليكم عرضاً لتلك الاستراتيجيات، وكما يلي:
أولاً: استراتيجية الإلهاء
حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيداً عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية والهوهُ بمسائل تافهة لا أهمية لها. أبقُوا الجمهور مشغولاً، مشغولاً، مشغولاً دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى.” مقتطف من وثيقة “أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة”.
ثانيا: استراتيجية خلق المشكلة وتوفير الحل
تستخدم هذه الاستراتيجية عندما يريد من هم في السلطة أن يمرروا قرارات معينة قد لا تحظى بالقبول الشعبي إلا في حضور الأزمة التي قد تجعل الناس أنفسهم يطالبون باتخاذ تلك القرارات لحل الأزمة، وتعرف بطريقة “المشكلة – رد الفعل – الحل” من خلال اختلاق موقف أو مشكلة يستدعي رد فعل الجمهور فعلى سبيل المثال: دع العنف ينتشر في المناطق الحضارية أو قم بالتحضير لهجمات دموية، مما يجعل الجمهور هو الذي يطالب السلطة باتخاذ إجراءات وقوانين وسياسات أمنية تَحُد من حريته، أو اختلق أزمة اقتصادية للقبول بحل ضروري، يجعل الناس يغضون الطرف عن حقوقهم الاجتماعية وتردي الخدمات العامة باعتبار ذلك الحل “شر” لابد منه.
ثالثاً: استراتيجية التدرج
لتحقيق ما يمكن قبوله من تدابير عليك، يمكنك تقبله تدريجيا قطرة بقطرة، فخلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي تم فرض عدد من الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجديدة والمختلفة بشكل جذري عن سابقتها تدريجيا، وأدت إلى ازدياد نسبة البطالة، ومرتبات غير لائقة، وعدم الاستقرار، واللامركزية والتوسع في الخصخصة، ونقل الملكيات من إدارة لأخرى، والعديد من التغييرات الجذرية التي كانت ستتسبب في ثورة لو تم تطبيقها دفعة واحدة.
رابعاً: استراتيجية التأجيل
واحدة من الطرق التي يتم استخدامها لتمرير قرار غير مقبول شعبيا، هو تقديمه على أنه “موجع ولكنه ضروري”، فمن الأسهل أن يتقبل العامة قرارًا مستقبليًا على أن يتقبلوا قرارًا فوريًا، وذلك لأن المجهود المطلوب من العامة لن يتم بذلك بشكل فوري، كما أن هناك اتجاه عام لديهم بأن “المستقبل دائما أفضل” ومن الممكن أن نتجنب التضحية المطلوبة، وهذا يعطي مزيدًا من الوقت للعامة كي يتأقلموا مع القرار وقبوله حتى يحين وقت تنفيذه.
خامساً: خاطب العامة كأنهم أطفال
إذا تمَّ التوجه إلى شخص ما كما لو أنه لم يتجاوز بعد الثانية عشرة من عمره، فإنه يتم الإيحاء له بأنه فعلا كذلك؛ وبسبب قابليته للتأثر، من المحتمل، إذن، أن تكون إجابته التلقائية أو ردُّ فعله مفرغة من أيِّ حس نقدي كما لو أنه صادر فعلا عن طفل ذي اثني عشر سنة.” – دليل “أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة”. ودائما ما تستخدم معظم الإعلانات الدعائية الموجَّهة لعامة الشعب خطبا وحججا وشخصيات بنبرةً طفولية ضحلة وسطحية، كما لو كان المشاهدَ طفلًا صغير أو معاقًا ذهنيا.
سادساً: استراتيجية استخدام الجانب العاطفي بدلا من الجانب التأملي
استخدام الجانب العاطفي هو أسلوب كلاسيكي للقفز على التحليل المنطقي والحس النقدي للأفراد بشكل عام، فاستخدام الجانب العاطفي يفتح المجال للعقل الباطني اللاواعي لغرس الأفكار والرغبات والمخاوف والقلق والحض على القيام بسلوكيات معينة.
سابعاً: استراتيجية إبقاء العامة في حالة من الجهل والغباء
يجب أن تكون جودة التعليم المقدم للطبقات الدّنيا، رديئة بشكل يعمق الهوة بين تلك الطبقات والطبقات الراقية التي تمثل صفوة المجتمع، ويصبح من المستحيل على تلك الطبقات الدّنيا معرفة أسرار تلك الفجوة-(دليل)الأسلحة الصامتة لخوض حروب هادئة، وبذلك يصبح المجتمع عاجزًا عن فهم التقنيات والأساليب المُستخدمة للسيطرة عليه واستعباده من قبل من هم في السلطة.
ثامناً: استراتيجية تشجيع العامة على الرضا بجهلهم
تشجيع الجمهور على أنه من الطبيعي والمألوف أن يكونوا جهلة وأغبياء وغير متعلمين.
تاسعاً: استراتيجية تحويل التمرد إلى شعور ذاتي بالذنب
من خلال جعل كل فرد يشعر بأنه السبب في تعاسته وسوء حظه، وذلك بسبب قصور تفكيره وذكائه وضعف قدراته، وقلة الجهود المبذولة من جانبه، وهكذا بدلا من أن يتمرد ضد النظام، ينغمس في الشعور بالتدني الذاتي الذي يؤدي لحالة من الاكتئاب تحبط أي محاولة للفعل لديه/ وبدون القيام بأي فعل، لا يمكن أبدا للثورة أن تتحقق.
عاشراً: استراتيجية معرفة الأشخاص أكثر مما يعرفون أنفسهم
أدى التقدم العلمي المتسارع، الذي شهدته الـ 50 عاما الأخيرة، إلى توسيع الفجوة بين المعرفة العامة والمعرفة التي تمتلكها النخب الحاكمة، فبفضل علوم الأحياء والأعصاب وعلم النفس التطبيقي، تمكن (النظام) من معرفة الكائن البشري جسديا ونفسيا، فالنظام يستطيع معرفة الشخص العادي بشكل أفضل مما يعرف هو نفسُه، وهذا يعني أن النظام، في أغلب الحالات، هو الذي يملك أكبرَ قدر من السيطرة والسلطة على الأفراد أكثر من الأفراد أنفسهم.
خُذ مثلاً التغير المناخي فإن الصراع القائم حالياً لا ينصب في حقيقته على أسباب نشوء التغير المناخي، إنما على أن الله خلق الأرض لنا لاستثمارها، سواء كان ذلك من قبل:
الحكومة التي تدعي الحق بذلك وتصدر القوانين والأنظمة بذلك
المعنيين بالبيئة وما يمكنهم من إدراك دورهم الصحيح في الحفاظ عليها بشكل أفضل
تكنولوجيا الأنترنت التي وجدت لتمكين الناس من التقارب والتواصل لا زرع الجهل وتوليده
أن قلقي ليس بسبب أننا نفقد القدرة في السيطرة على أفكارنا وعقولنا، ولكن كيف نقبل بما يجري:
حيث يستفاد البعض من المعلومات بكبسة مفتاح
وقد يحرم الأخرون بسبب غفلة علمية أو انصرافهم نحو إصلاح ذاتهم.
ما نحن بصدده الآن نطرحه عليكم عبر مجموعة من الاستفسارات
كيف نُضيع الحكمة؟
كيف يتم العبث بوعي الناس؟
كيف يجري إمساك الرأي العام
كيف يحصل الخرس المنزلي
كيف يتم إقحام الدول بما ليس يخصها
كيف يجري إظهار الجانب المشرق لأمر ما في حين أن ما ينفذ ينطوي على سوء.
أقدم لكم مجموعة من الشواهد التي لا بد من أن نعيد النظر بشأنها حتى نحسن توظيف وخرجاتها لصالح العامة (الربيع العربي) (داعش) (صناعة الدخان على سيقان السيدات) (الاتجاه المعاكس)
(star academy) (Arab Ideal) (the Voice) (المسامح كريم) (من يربح المليون) (Arab Gut Talent) والمخفي أعظم…… *