من بريطانيا إلى إيران .. “عبدالمهدي” يقوم بدور ساعي البريد بينهما للإفراج عن السفينة المحتجزة !

من بريطانيا إلى إيران .. “عبدالمهدي” يقوم بدور ساعي البريد بينهما للإفراج عن السفينة المحتجزة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في زيارة خاطفة استغرقت 6 ساعات فقط؛ زار رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، إيران، وقابل الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، في وقت تتصاعد فيه التوترات في منطقة الخليج، ويحاول “العراق” القيام بدور محوري لنزع فتيل الأزمة.

وتعد هذه الزيارة الثانية لـ”عبدالمهدي” إلى “إيران”، حيث أجرى زيارة سابقة في نيسان/أبريل الماضي، التقى خلالها الرئيس الإيراني، والمرشد الأعلى، آية الله “علي خامنئي”.

قبل الزيارة؛ قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان مقتضب، إن: “عبدالمهدي سيبحث مع المسؤولين الإيرانيين التوتر بين إيران وكل من الولايات المتحدة وبريطانيا”.

وكان “عبدالمهدي” قد بحث، قبيل توجهه إلى “طهران”، الأزمة الراهنة بين “طهران” و”لندن” هاتفيًا مع وزيرة الدفاع البريطانية، “بيني موردونت”.

وقال المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء، في بيان له، أمس الأول، إنه جرى خلال المكالمة الهاتفية “بحث العلاقات الثنائية بين الطرفين، وسُبُل تدعيمها بما يُلبي طموح الشعبين الصديقين، كذلك تم التباحث حول الأمن الإقليمي وسُبل التهدئة والعمل على تلافي عوامل التصعيد”.

وأضاف البيان أن الجانبين أكدا “ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وأهمية حرية الملاحة لجميع الدول، واحترام القانون الدولي، واتفقا على التعاون لتحقيق ذلك”.

لن تكون إيران الطرف الذي يبدأ بالحرب..

من جهته؛ قال الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، خلال استقباله “عبدالمهدي”، إن بلاده لا تريد زيادة التوترات في المنطقة، وأكد على أنها لن تكون الطرف الذي يبدأ حربًا.

وتجاهل الرئيس الإيراني، في حديثه خلال اللقاء، حجم الاستفزازات والمضايقات التي يقوم بها “الحرس الثوري” الإيراني ضد السفن الأجنبية في “مضيق هرمز” و”بحر عُمان”، وكان آخرها احتجاز ناقلة النفط البريطانية، يوم الجمعة الماضي، وعلى متنها 23 من البحارة.

وأكد “روحاني” على أن حل مشاكل المنطقة يمر عن طريق الحوار والتفاوض والتعاون بين الدول المجاورة ودول المنطقة.

جاءت بسبب الاتصال من بريطانيا..

وبعد الزيارة؛ قال “عبدالمهدي”، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، مساء أمس الأول، إنه في ضوء اتصال هاتفي معه من وزيرة الدفاع البريطانية، “بيني موردونت”، فقد رتبت زيارة إلى “إيران”، الإثنين الماضي، وطرح على الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، خلال اجتماعهما في “طهران”؛ موضوع السفن المحتجزة في “مضيق هرمز”، وبينها بريطانية.. مؤكدًا أنه حاول تفكيك هذه الأزمة، وقدم تصور “العراق” لأهمية التهدئة، وتجنيب المنطقة خطر الحرب. وأوضح أن التجاوب مع هذا المسعى من قِبل الإيرانيين كان إيجابيًا.

وشدد على ضرورة الإلتزام بسيادة الملاحة الآمنة والحرة في المياه والممرات المائية الدولية، بما في ذلك في الخليج و”مضيق هرمز” و”بحر عُمان”، وفق القانون والاتفاقيات الدولية.

وأكد على أن “العراق” يستطيع أن يلعب دورًا مهمًا بين الأطراف المختلفة؛ “فهو يريد أن يكون صديقًا للجميع، وليس محورًا للحرب، وهو ليس جزءًا من منظومة العقوبات الاقتصادية على إيران، وهذا ما يعزز دور العراق”.

أخذ ضمانات بعدم إقحام العراق في التوتر..

وقال وزير عراقي في الحكومة العراقية؛ إن رئيس الوزراء حصل في زيارته إلى “إيران”، أمس، على ضمانات إيرانية جديدة بعدم إقحام “العراق” في التوتر الحالي مع “الولايات المتحدة”، و”أهمية مراعاة الظرف الأمني الهش في البلاد”.

مساعي لعقد قمة إقليمية..

وقد ذهبت وسائل الإعلام الإيرانية، إلى إعطاء تفسير آخر للزيارة المفاجئة، مؤكدة أنها تأتي في إطار مساعي “العراق” لعقد قمة إقليمية، تضم الدول الجارة والصديقة لـ”بغداد”.

وأكدت تلك الوسائل، أن هذه القمة، في حال عقدها؛ “قد يتم فتح قنوات مباشرة، تناقش التحديات المشتركة التي تواجهها بلدانهم، بعيدًا عن التأثيرات السلبية للجهات والأطراف الخارجية”.

المراقبون للشأن الإقليمي اعتبروا أن طرح عقد “قمة إقليمية” قد يجد ترحيبًا من قِبل “الجمهورية الإسلامية” في “إيران”، مؤكدين على أن القمة ستكون فرصة مناسبة لتعزيز الحوار العربي الإيراني.

ويرى المراقبون أنه في حال مشاركة “إيران” و”السعودية” وباقي بلدان الجوار العراقي في القمة المحتملة، فمن المؤكد أن قنوات مباشرة ستفتح للحوار بين مسؤولي هذه الدول، لمناقشة التحديات المشتركة التي تواجهها بلدانهم، بعيدًا عن التأثيرات السلبية للجهات والأطراف الخارجية.

ويستند هؤلاء المراقبون، في تحليلهم لما قد تسفر عنه قمة “بغداد” للجوار العراقي؛ إلى مواقف وتصريحات رئيس الوزراء العراقي، التي طالما أكد على ضرورة تجنيب المنطقة الحروب والنزاعات، وقام بخطوات متعددة للتقريب بين دول المنطقة، بل حاول أيضًا أن يتوسط بين “إيران” و”أميركا”.

دعوة “ظريف” بدأت تلاقي ردود أفعال..

وفي هذا السياق؛ يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، “علي الجبوري”، أن الدعوة التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، لإنشاء “منتدى للحوار الإقليمي” بدأت تلاقي صدى واسعًا في دول كان موقفها أكثر سلبية نحو هذا الإتجاه.

وأضاف “الجبوري”، بعد الأوضاع التي وصلت إليها المنطقة قد تكون هناك جدية في مجال التهدئة، موضحًا أن زيارة “عبدالمهدي” لـ”إيران” قد تأتي في إطار التهيئة نحو إنعقاد مؤتمر إقليمي قد تستضيفه “بغداد” يجمع دول المنطقة؛ منها الدول الخليجية كـ”السعودية” و”الإمارات” و”قطر” ودول أخرى، وكذلك “العراق” و”الجمهورية الإسلامية”، من أجل بحث هذا الموضوع.

وأكد على أن أمن الملاحة وأمن المنطقة لا يتحقق بزيادة القوات العسكرية؛ ولا من خلال تجييش البحر بأسلحة وفرقاطات، وإنما يتم من خلال عملية التفاهم ومن خلال الحوار المتبادل.

مضيفًا أن أمن المنطقة هو مصلحة للجميع؛ وربما يكون مصلحة لـ”الولايات المتحدة” وللغرب أكثر مما هو مصلحة للدول المُصدرة للطاقة في المنطقة، مؤكدًا أن فرص تهدئة المنطقة هي أقرب بكثير من فرص تصعيد التوتر.

مثل فيها دور ساعي البريد..

ويرى الخبير في الشأن العراقي، “هشام الهاشمي”، أن: “زيارة رئيس الوزراء إلى إيران مثل فيها دور ساعي البريد، وجاءت بعد اتصال من وزير الدفاع البريطاني بشأن التوتر مع إيران، إذ تأتي تلك الزيارة لمعالجة قضية احتجاز السفن البريطانية في مضيق هرمز، ولا أعتقد أنها أوسع من تلك المهمة”.

وأضاف “الهاشمي” أن: “الولايات المتحدة طالبت بريطانيا بحل مشاكلها مع إيران وحماية سفنها بنفسها، لذلك رأت بريطانيا أن العراق ورئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، هو الوسيط الأمثل لإيصال رسالة إلى الإيرانيين بشأن السفن المحتجزة”.

في إطار الضغط من واشنطن..

من جهته؛ يقول المحلل السياسي، الدكتور “آزاد حسن زنكنة”: “أن زيارة السيد، عادل عبدالمهدي، إلى إيران هي زيارة تحمل في طياتها الكثير من الشكوك، ولا تتعلق بقضية تهدئة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وإنما تأتي ضمن إطار الضغط الكبير على الحكومة العراقية من قِبل واشنطن، لأجل إبعاد الأذرع الإيرانية الموجودة على الأراضي العراقية، والمتمثلة ببعض الفصائل والقوى السياسية العاملة بإتجاهات محددة، تحقق من خلالها تطلعات الحكومة الإيرانية”.

وأشار “زنكنة” إلى أن: “دعوة السيد، عادل عبدالمهدي، لزيارة واشنطن قوبلت بالرفض، حيث أن الحكومة الأميركية لديها بعض التوجس من حكومة عبدالمهدي، نتيجة التصرفات الأخيرة للحكومة العراقية، والتي إنعكست على الواقع السياسي العراقي، ما دفع بواشنطن إلى البحث عن بدائل سياسية لحكومة عبدالمهدي”.

مضيفًا أن: “سفر السيد عبدالمهدي إلى طهران، يدخل كذلك ضمن إطار تلطيف الجو بينه وبين الحكومة الإيرانية، على خلفية قرار حكومته بدمج قوات الحشد الشعبي بالقوات النظامية العراقية، الأمر الذي دفعه بعد ذلك إلى التراجع عن هذا القرار، بأن جعل الحشد الشعبي أحد فصائل القوات المسلحة العراقية”.

وأضاف “زنكنة”: “أما قضية الوساطة بين طهران ولندن على خلفية احتجاز ناقلة النفط البريطانية من قِبل القوات الإيرانية، فإن السفارة البريطانية؛ وعند توجه السيد، عادل عبدالمهدي، إلى طهران، قامت بالاتصال به لغرض التوسط في إطلاق سراح الناقلة البريطانية، ولم تكن إحدى ملفات الزيارة الأساسية”.

تأتي لتأمين مصالح واشنطن في المنطقة..

من جانبه؛ اعتبر الباحث الاستراتيجي، “هادي محمدي”، أن زيارة “عبدالمهدي” إلى “طهران” مرتبطة بما تريده “الولايات المتحدة” من تأمين مصالحها في المنطقة.

وقال “محمدي” إن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، نقل رسالة واضحة للبريطانيين؛ بقوله أن الأميركيين ليسوا مستعدين لحماية السفن البريطانية.

وأضاف أن ما تعتبره “الولايات المتحدة” مصالح لها تختلف إلى حد ما عن دائرة المصالح البريطانية.

واستنتج الباحث قائلًا: إذاً؛ وفي هذا الإطار ستكون زيارة لوفد من “سلطنة عُمان” إلى “طهران”، خلال الأيام القادمة، كما أن القسم الأول من زيارة “عبدالمهدي” يهدف إلى إنعقاد اجتماع لدول المنطقة من أجل خفض التصعيد في المنطقة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة