23 نوفمبر، 2024 12:48 ص
Search
Close this search box.

التعقلية!!

مصطلح يُراد به إضفاء صفة التعقل على سلوكيات لا تمت بصلة للعقل , فالسلوك البشري مرهون بطاقات الأعماق وخصوصا النفسية التي تحققه وتترجمه وتؤكده , وهذه الطاقات المطمورة يمكنها أن تمتطي العقل لتسخره لغاياتها وتوجهاتها ومنطلقاتها.
فالعقل مطية النفس , وما عدا ذلك نوع من التوهيم والتحريف.
فالسلوك البشري لا يختلف بجوهره عن السلوك الحيواني , ويكاد الأخير يتقدم عليه ويهزمه بمعاني ومكونات الدوافع المؤدية إليه.
وفي الللغة الدارجة يقولون ” يتعيقل” , أي أنه يحاول منطقة ما لا يُمنطق , لتسويغ نزعة أو فعلة منكرة لا تتفق وأبسط المعايير والقيم والضوابط والتقاليد والأعراف التي تحكم المجتمعات.
والتعقلية شائعة في الواقع المهزوم أخلاقيا وقيميا والذي ينتفي فيه صوت الضمير الإنساني الحي , فتجد الناس تفعل ما تمليه عليها رغباتها ونوازعها , وتأتيك بما يبرر ويشجع على تكرار العمل القبيح.
ويساهم في التعقلية العديد من تجار الدين الذين يكون المغفلون بضاعتهم السهلة , فتجدهم يقدمون تعقيلاتهم بما يسمونه الفتاوى , وما هي إلا إنحرافات في التفكير وتعبيرات وهمية عن سلوكيات مقيتة , ولهذا تجد أن النسبة العظمى من الفتاوى تتصل بالرغبات وبالأخص الجنسية منها.
ووفقا لما تقدم فأن القائلين بأن السلوك البشري سلوك عاقل , يجانبون الحقيقة ويبتعدون كثيرا عن صلب الآليات التي تتحكم بالتفاعل ما بين البشر وذاته وموضوعه في المحيط الذي يكون فيه , ذلك أن الواقع السلوكي تطغى عليه إرادة النفس , وخصوصا النفس الأمارة بالسوء والبغضاء , وتضعف فيه إرادة النفوس الأخرى.
وبسبب هذا الطغيان تتحقق الويلات والتداعيات , وتفقد المجتمعات الأمن والأمان , وتغص السجون والمعتقلات بالمجرمين والمجرمات , ويشيع القتل , وتتعاظم المشاكل وتتعقد , وتغيب الأيام السعيدة المطمئنة , وينتفي المعروف , وتموت الرحمة , ويتأسد الفساد , ويتسلط الشيطان الرجيم.
وعليه فأن وعي حقيقة التصرفات القائمة في المجتمع لا يمكن بأي حال من الأحوال إذا إفترضنا أنها عاقلة , وما هي إلا رغبوية بكل ما تعنيه الرغبة من توصيفات , وغريزية يتفوق في تنفيذها أخلاقيا الحيوان على البشر الذي يخدع نفسه بأن العقل هو السلطان.
وتلك فرية ووهم يتوطن رؤوس البشر الحيران!!
فهل من مواجهة جريئة لسلطة البهتان؟!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات