26 نوفمبر، 2024 12:55 م
Search
Close this search box.

واقع حقوق المرأة العراقية في ظل العنف والتحديات الامنية والاقتصادية

واقع حقوق المرأة العراقية في ظل العنف والتحديات الامنية والاقتصادية

الكثير من الدراسات اجمعت على ان العنف ضد المرأة هو أي فعل ينجم عنه أذى أو معاناة تنعكس على حالة المرأة الصحية والنفسية، والذي يمارس من قبل افراد العائلة، أو الزوج، وغالباً ما يكون موجه من قبل فئة الذكور بحق فئة الإناث، ويتدرج العنف من مرحلة الإيذاء وإلحاق الضرر إلى القضاء على الحياة والقتل.

فالمرأة في عراق ما بعد 9نيسان 2003 واجهت مجموعة لا حصر لها من الازمات والتحديات لامثيل لها في تاريخنا المعاصر ، فالنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والاسري في ازمة بالاضافة الى تدهور الوضع الامني في الفترة الاخيرة انعكس بشكل سلبي على حقوقها التي اقرتها بشكل صريح الاديان السماوية والدساتير والاتفاقيات الدولية.فالعنف ضد المراة اتخذ عدة انواع منها على سبيل المثال العنف الجسدي من خلال الاعتداء بالضرب على جسد المرأة، سواء كان ذلك باستخدام القوة الجسدية، أو باستخدام أدوات صلبة وحادة كالسكين، والعصا وغيرها من الوسائل. او العنف الجنسي كالتحرش اللفظي اوالاغتصاب وكذلك العنف الاجتماعي من خلال تقييد حرية المرأة وحركتها، وتقييد علاقتها الاجتماعية، وحرمانها من المشاركة ، والزيارات الاجتماعية وخصوصا بعد تدهور الاوضاع الامنية وزيادة حالات اختطاف المراة. وكذلك هناك نوع اخر من العنف النفسي من خلال التوجه إلى المرأة بالسب والشتائم، واستخدام الألفاظ البذيئة، ونعت المرأة بأسماء وصفات لا تليق بها، مما يترك آثاراً نفسية سلبية على المرأة، ويقلل من ثقتها بذاتها. اما النوع الاخير فهو العنف السياسي الناجم عن تعرض المرأة للعنف من قبل التنظيمات الاسلامية المتطرفة (داعش ) عند احتلالها لعدد من المدن العراقية وخصوصا مدينة الموصل ، وهذا العنف تمثل بعمليات القتل والسجن والتعذيب وزواج النكاح وبيعهن في سوق النخاسة ، وحرمان المرأة من حقها في حرية السفر والتنقل. انتهاك حقوق المراة والعنف الذي ارتكب بحق المراة العراقية كان يقف وراءه عدة اسباب رئيسية منها العادات والتقاليد إذ هناك أفكار وتقاليد متجذرة في ثقافات الكثيرين والتي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى مما يؤدي إلى تصغير وتضئيل الأنثى ودورها وفي المقابل تكبير دور الذكر حيث يعطى الحق دائما للمجتمع ألذكوري للهيمنة والسلطنة وممارسة العنف على الأنثى منذ الصغر وتعويد الأنثى على تقبل ذلك وتحمله والرضوخ إليه إذ أنها لا تحمل ذنبا سوى إنها ولدت أنثى. الى جانب ذلك هناك الأسباب الاقتصادية, فالخلل المادي الذي واجهته الأسرة العراقية نتيجة التضخم الاقتصادي الناجم عن انخفاض اسعار النفط والفساد السياسي للحكومات المتعاقبة انعكس بشكل سيء على المستوى المعيشي لكل من الفرد أو الجماعة حيث يكون من الصعب للمراة الحصول على لقمة العيش والحياة الكريمة التي تحفظ كرامتها الإنسانية , كذلك تعد المشكلات الاقتصادية من العوامل التي تضغط على الرجل لان يكون عنيفا ويصب جام غضبه على المرأة مما ادى الى ارتفاع حالات الطلاق وتفتت النسيج الاجتماعي.

في المقابل لا يمكن تجاهل تداعيات الحروب الكارثية التي مرت على العراق وما خلقته من ثقافة للعنف وشيوع للقتل وتجاوز لحقوق الإنسان وبما افرزته من نتائج مدمرة للاقتصاد والأمن والتماسك والسلام الاجتماعي,وبينت العديد من الدراسات والبحوث المتعلقة باسباب العنف ضد المرأة في المجتمع العراقي منذ حرب الخليج الأولى وحتى العمليات العسكرية لتحرير مدينة الموصل بأنها تنحصر بالاتي: حالات الحرب, الانهيار الأخلاقي, غياب القيم, العوز الاقتصادي, زيادة نسبة الإناث على الذكور. كل هذه العوامل وغيرها أدى إلى زيادة هائلة في حالات الطلاق , إذ بين مصدر قضائي إن العراق سجل “52465 ” حالة طلاق رسمية ، كما بينت الدراسات ان ابرز أسباب الطلاق في الوقت الحاضر كانت ذات طابع طائفي أو عرقي نتيجة التهجير , وهذه أسباب غير معلنة إذ كشفت مصادر موثوقة في محكمة الأحوال الشخصية الخاصة بالزواج والطلاق في الموصل عن تصاعد نسبة الطلاق بشكل غير متوقع خلال العامين المنصرمين نتيجة التوتر الطائفي والعراقي الذي يمر به البلد ولأسباب غير مقنعة.

وعلى الرغم من ان الدستور العراقي لعام 2005 من الدساتير العربية التي انصفت المرأة في مختلف الجوانب الحياتية في مقدمة هذه الحقوق التي منحها الدستور هي من الناحية السياسية التي تمثلت بمنحها الحق بالترشيح والانتخاب كما ضمن لها حق المشاركة السياسية استنادا لاحكام المادة 49/رابعا من الدستور وذلم من خلال تخصيص نسبة 25% من نسبة البرلمان، ونيلها ستة مقاعد وزارية, الا ان التحديات الامنية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العراق في الوقت الحالي منع المرأة من التمتع بحقوقها الإنسانية وحرياتها الأساسية مثل الحق في الحياة والأمن الشخصي والحق في التعليم والحق في الصحة والحق في السكن والحق في المشاركة في الحياة العامة. هذا الانتهاك ابقى المرأة في وضع التبعية ووساعد على استمرار التفاوت في توزيع القوى بين الرجل والمرأة.

للحفاظ على حقوق المراة والحد من العنف ضدها , الحكومة والبرلمان مطالبين بزيادة الوعي التربوي، والوعي الأخلاقي، والوعي الديني، والوعي الثقافي بين الناس بظاهرة العنف وأسبابها وآثارها، والوقاية منها والحلول , إنشاء مؤسسات تعنى بشؤون المراة ، وتحتوي على أخصائيين نفسيين واجتماعيين، للقدرة على العلاج النفسي، وحل المشكلات , محاربة ظاهرة العنف من قبل وسائل الإعلام، كونها وسيلة متاحة للجميع, وضع برامج تثقيفية تتحدث عن حقوق المرأة وحل المشاكل الأسرية، وضع مادة حقوق المرأة والوقاية من العنف، والتصدي له في المناهج الدراسية لكافة المستويات التعليمية. الالتزام بالتعاليم الدينية الإسلامية كافة، والقيام بتطبيقها داخل الحياة الأسرية. القيام بإشباع احتياجات الأسرة السلوكية والاجتماعية والنفسية والمادية. التحدث عن العنف الأسري من خلال خطب المساجد، والقيام بتوعية الناس. إنشاء محاكم خاصة تختص في قضايا المراة ، والحكم في قضايا العنف الأسري، وتشديد العقوبة على القائمين بالعنف. التخفيف من ظاهرة الفقر والبطالة، لأن الفقر والبطالة يدفع الازواج إلى تفريغ غضبهم ومعاناتهم على المراة وإلحاق العنف بهم, تشريع العديد من القوانين التي تدعم حقوق المراة وتحافظ عليها ككائن حي يمثل الشريان الاساسي لعصب الحياة والمجتمع.

أحدث المقالات