نصوص تخصيص الرجال بنعيم الجنة والحور العين
التمييز بسبب الجنس في القرآن لم يقتصر على الدنيا، بل هو متواصل ومستصحَب إلى ما بعد الدنيا، لنراه متجلّيا بأوضح صوره أخرويا. وهذه نصوص تؤكد هذه الدعوى.
«وَبَشِّرِ الَّذين آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالحاتِ أَنَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ، كُلَّما رُزِقوا مِنها مِن ثَمَرَةٍ رِّزقًا قالوا هذا الَّذي رُزِقنا مِن قَبلُ وَأُتوا بِهِ مُتَشابِهًا وَّلَهُم فيها أَزواجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَّهُم فيها خالِدونَ.» (2 البقرة 25)
«قُل أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيرٍ مِّن ذالِكُم لِلَّذينَ اتَّقَوا عِندَ رَبِّهِم جَنّاتٌ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَأَزواجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَّرِضوانٌ مِّنَ اللهِ، وَاللهُ بَصيرٌ بِالعِبادِ.» (3 آل عمران 15)
علمنا أن المصطلح القرآني (الأزواج)، ومفرده (الزوج)، يعني في أغلب حالات الاستعمال في القرآن بلغة العصر (الزوجات)، ومفرده (الزوجة). من هنا فالكلام في النصين أعلاه وفي نصوص أخرى عن «الَّذينَ اتَّقَوا» على الأرجح خاص بالرجال دون النساء، بدليل تبشيرهم بـ«أزواج مطهرة» أي (زوجات مطهرات). «الأزواج» استخدمت في القرآن اثنتين وعشرين مرة بمعنى الزوجات، ومرتين بمعنى الأزواج، وأربع عشرة مرة بما يحتمل المعنيين، أي معنى الزوجات، أو ما يحتمل الأزواج والزوجات. ومفردها «الزوج» استخدمت خمس مرات بمعنى الزوجة، ومرة واحدة بمعنى الزوج، وأربع مرات بما يحتمل المعنيين، أي الزوجات، أو الأزواج والزوجات.) ومع هذا يمكن إسقاط الاستشهاد بهاتين الآيتين على أصالة الذكورة في القرآن، وحتى لو أسقطناهما، لكفت سائر الأمثلة الأخرى المستفيضة التي أشرنا إليها.
«وَبَينَهُما حِجابٌ وَعلى الأَعرافِ رِجالٌ يَّعرِفونَ كُلًّا بِسيماهُم، وَنادَوا أَصحابَ الجنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيكُم لَم يَدخُلوها وَهُم يَطمَعونَ.» (7 الأعراف 46)
بقطع النظر عن تفسير (الرجال) الذين سيكونون على (الأعراف)، نسأل لماذا مقتصر الأمر هنا أيضا على الرجال؟ لماذا لم يجر الكلام عن (أشخاص)، أو (رجال ونساء)، أو (جماعة)، أو (قوم)، أو (أفراد)، أو (طائفة من الناس)، بقطع النظر عن ذكورتهم أو أنوثتهم؟
«إِنَّ المُتَّقينَ في مَقامٍ أَمينٍ، في جَنّاتٍ وَّعُيونٍ، يَّلبَسونَ مِن سُندُسٍ وَّإِستَبرَقٍ مُّتَقابِلينَ، كَذالِكَ وَزَوَّجناهُم بِحورٍ عينٍ، يَّدعونَ فيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنينَ، لا يَذوقونَ فيهَا المَوتَ إِلَّا المَوتَةَ الأولى وَوَقاهُم عَذابَ الجحيمِ، فَضلًا مِّن رَّبِّكَ ذالِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ.» (44 الدخان 51 – 57)
«إِنَّ المُتَّقينَ في جَنّاتٍ وَّنَعيمٍ، فاكِهينَ بِما آتاهُم رَبُّهُم وَوَقاهُم رَبُّهُم عَذابَ الجحيمِ، كُلوا وَاشرَبوا هَنيئًا بِما كُنتُم تَعمَلونَ، مُتَّكِئينَ على سُرُرٍ مَّصفوفَةٍ، وَّزَوَّجناهُم بِحورٍ عينٍ.» (52 الطور 17 – 20)
إن «المُتَّقينَ» حسب النصين أعلاه إذن هم الرجال، ودليل ذلك أنهم سيُزَوَّجون «بِحورٍ عينٍ». فهل من دليل أوضح من هذا؟ فإذا جرى التشكيك بالاستشهاد بالآيتين التي تذكر الأزواج، كون ذلك يمكن ولو باحتمال ضعيف أن يشمل الجنسين، فلا يمكن التشكيك بالآيات التي تعد المتقين أو الأبرار أو الذين آمنوا بالحور العين، فلم نعلم أنْ للنساء حور عين من الذكور، خاصة وإننا كما سنرى عندما نواجه وصف تلك الحوريات في آيات سنتناولها لاحقا، فلا يمكن إلا أن نفهم أنهن حوريات وليسوا حوريين.