التحدي قدرنا , والمجالدة والمكابرة والإصرار , لأن القوى الأخرى , تجدّ وتجتهد في الإستثمار بالتيئيس والتنكيد والإحباط , للوصول إلى حالة القنوط والإستسلام والإذعان , وإستلطاف دور الضحية والإتكالية , والتغني بالمظلومية , والإعتماد المطلق على الآخر.
وتوقف تفاعلات الأمل والتواصل مع الحياة والسعي لصناعتها , يبدو كضربة إحباطية , وتعزيز لإرادة التيئيس والتثبيط .
والعلوم النفسية من الميادين الأساسية في هذا الصراع والتحدي القائم في عالمنا المضطرب , المشحون بالقلاقل والتفاعلات السلبية الهادفة إلى إنتزاع الذات من كيانها , والروح من جوهرها , والعقول من أفكارها , والنفوس من خيرها.
إنها هجمة الإمعان في صناعة الأسباب اللازمة للتفتيت والتمزيق , والسحق الحضاري المتوحش , في طاحونة الإنقضاض على طاقات الآخرين , وإستثمارها لتحقيق إرادات أخرى وأهداف غابية فتاكة ومدمرة.
وفي هذا الخضم المحتدم والصراع المضطرم , تحولت ثوراتنا واحتفالاتنا وأهدافنا إلى مواطن للتشكي والتظلم والأحزان , وإلى طاقات تدمير للأمل , ومنع للطموح والإنطلاق إلى ما هو أفضل , وأكثر تنويرا وتوهجا وتحقيقا لإرادة الحياة.
وإنه لمن المؤلم حقا أن نعيش في زمن التداعيات المتوالية , والمخاطر المتنامية , والثورات المتهاوية في قيعان التلاحي , والإنفراط العقائدي والوطني , والتحول إلى صناعة المآسي والخطايا والمآثم , التي صارت عقيدة السلوك في أرجاء الوطن المبتلى بنا أجمعين.
فالعيب فينا وليس في الوطن والدين والتأريخ.
وأي مساهم في محاولات إيقاد شموع الأمل ومشاعل التفاؤل , يدرك بأن التوقف عن دوره , يعني
الإستسلام والخضوع لقدرات التيئيس , فإذا إنطفأت المصابيح المنيرة , فأن ميادين الظلام ستزداد , وتتنامى فيها الآفات والخفافيش.
إن الإتجاه نحو الإنكماش والإنحسار والتردي في خنادق القنوط , هو السلوك المطلوب , الذي تهدف إليه القوى الضاغطة , والساعية لمحق الوجود وتدميره , وشحنه بما هو سلبي.
فليس من معاني إرادة الحياة إشاعة اليأس , وتجاهل طاقات الأمل , قلا بد من التحدي والإصرار على أن نكون , وقل ” أنا أتحدى أنا موجود”!!