خاص : كتبت – نشوى الحفني :
عادت الحرب الكلامية لتطل من جديد على ساحة “إسرائيل” و”حزب الله”، ففي حوار تليفزيوني أعلن الأمين العام لحزب الله، “حسن نصرالله”، الجمعة الماضي، أنه تم خفض عدد عناصر الحزب الذين يقاتلون في “سوريا” بشكل علني، منذ العام 2013، موضحًا أن الجيش السوري “استعاد عافيته”، مهددًا بقصف إسرائيل في حال اندلعت حرب أميركية ضد “إيران”.
وقال “نصرالله”، لقناة (المنار) التابعة لحزبه: “نحن متواجدون في كل الأماكن التي كنا فيها، ما زلنا فيها، ولكن لا داعي للتواجد هناك بأعداد كبيرة طالما لا ضرورات عملية لذلك”، معتبرًا أن الجيش السوري “استعاد عافيته بشكل كبير؛ وهو وجد أنه اليوم ليس بحاجة إلينا”.
وأضاف: “قمنا بإعادة انتشار وإعادة تموضع”، مشددًا على أن: “كل التعاطي مع الملف السوري لا علاقة له بالعقوبات أو التقشف المالي”. وقال: “إذا دعت الحاجة لعودة كل من كان هناك سيعود”.
وبعد حسمها معارك على جبهات عدة بدعم من حليفيها، “روسيا” و”إيران”، باتت قوات النظام السوري تسيطر على أكثر من ستين في المئة من مساحة البلاد.
وقال “نصرالله” إن مقاتلي حزبه لا يشاركون حاليًا في المعارك التي تشهدها محافظة إدلب، (شمال غرب)، موضحًا أن: “ما يسمعه الإيرانيون والسوريون من الروسي أنه غير مقتنع، حتى الساعة، بوجوب أو ضرورة خروج حزب الله أو المساعدة الإيرانية وبقية أفرقاء محور المقاومة”.
ورأى أنه: “حتى الساعة لا مصلحة لروسيا أن تخرج إيران من سوريا”، لافتًا إلى أن: “الروس يحاولون تدوير الزوايا والوصول إلى تسوية معينة تمنع مواجهة بين إسرائيل من جهة وحزب الله أو إيران في سوريا”.
لن تترك إسرائيل إذا ضربت إيران..
وفي نفس المقابلة؛ أكد “نصرالله” أن “إسرائيل” لن تكون “محيدة” في حال اندلاع حرب أميركية ضد “إيران”، داعمته الرئيسة.
وسأل “نصرالله”، عبر قناة (المنار) التابعة لحزبه: “إذا حصلت حرب على إيران، من قال إنه سيتم تحييد إسرائيل ؟”، مهددًا بالقول إن: “أول من سيقصف إسرائيل هي إيران”، معتبرًا أنه: “عندما يفهم الأميركي أن هذه الحرب يمكن أن تطيح وتزيل إسرائيل فسيعيد النظر”.
وأكد “نصرالله” أن كل المنشآت والمرافق والوزارات والمصانع والمطارات الموجودة في المنطقة الممتدة من “نتانيا” إلى “أشدود”، “تحت مرمى صواريخنا ونستطيع أن نطالها”، مشيرًا إلى أن “حزب الله” قادر على الوصول “إلى أبعد من إيلات”.
“نتانياهو” يهدد حزب الله بتوجيه ضربة مدمرة..
ردًا على تهديدات “نصرالله”، توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، “حزب الله”، بتوجيه ضربة “مدمرة” إليه إذا ما هاجم “إسرائيل”.
وقال “نتانياهو”، خلال مجلس الوزراء الأسبوعي: “سمعنا خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، يتباهى بخططه لشن هجوم، ولنكن واضحين. إن تجرأ حزب الله وأخطأ بمهاجمة إسرائيل، فسوف نسدد إليه ضربة عسكرية مدمرة”.
وكثّفت “إسرائيل”، في الأعوام الأخيرة، وتيرة قصفها في “سوريا”، وتقول إنها تستهدف مواقع للجيش السوري وأهدافًا إيرانية وأخرى لـ”حزب الله”، وهي تُكرّر التأكيد أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات “إيران” الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في “سوريا” وإرسال أسلحة متطورة إلى “حزب الله”.
ويقاتل “حزب الله”، المدعوم من “طهران”، إلى جانب قوات النظام في “سوريا”، منذ العام 2013، وساهم تدخله في حسم معارك عدة لصالح “دمشق”.
وخاض “حزب الله”، الذي يتلقى المال والسلاح من “طهران” وتسهل “سوريا” نقل أسلحته وذخائره، حربًا ضد “إسرائيل”، في العام 2006، اندلعت إثر خطفه جنديين بالقرب من الحدود مع “لبنان”. وردت “إسرائيل” بهجوم مدمر، إلا انها لم تنجح في تحقيق هدفها المعلن في القضاء على “حزب الله”، ما أظهر الحزب في نهاية الحرب داخليًا بموقع المنتصر.
كما يتزايد التوتر بين “الولايات المتحدة” و”إيران” وسط تصعيد في منطقة الخليج ومخاوف حول استمرار “الاتفاق النووي” الإيراني، المهدد منذ انسحاب “واشنطن” منه في خطوة أحادية وإعادة فرضها عقوبات على “إيران”.
طلب إسرائيلي لموسكو بإبعاد حزب الله عن الجولان..
بالتزامن مع هذه الحرب الكلامية؛ كشفت وسائل إعلام عبرية، تقدم “إسرائيل” بطلب إلى “روسيا” بالعمل على إبعاد “حزب الله” اللبناني عن “الجولان” السوري المُحتل.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن “تل أبيب” طلبت من “موسكو” تطبيق خطوات اتخذتها سابقًا، لمنع تموضع القوات الإيرانية في المنطقة، دون تفاصيل بشأنها.
وأضافت أن معلومات استخبارية كشفت، قبل 4 أشهر، عن تموضع قوات للحزب في الجزء السوري من الهضبة، بهدف “إقامة بنية إرهابية”.
وتابعت الهيئة أن الجهود الإسرائيلية عرقلت مساعي “حزب الله”، دون التمكن من إنهائها، ما دفع “تل أبيب” إلى طلب تدخل “موسكو”.
تهديد منتظر.. ولن تجروء إسرائيل على ضرب لبنان..
عن هذه الحرب الكلامية بين الطرفين، يقول رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة في “لبنان”، العميد دكتور “هشام جابر”، إن: “هذا التهديد الإسرائيلي منتظر؛ وليس بجديد، ويكفي ما قاله ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، تعقيبًا على تهديد نتانياهو، وتأتي هذه التهديدات من الطرفين سواء نتانياهو أو حسن نصرالله في إطار الحرب النفسية”.
وأكد “جابر” أن “إسرائيل” لن تجروء على توجيه ضربة لـ”لبنان”، لأنها تعلم إمكانيات “حزب الله”، وما يملكه من صواريخ (أرض-أرض)، و(أرض-بحر)، وإمكانية تغيير قواعد اللعبة، كما أن “إسرائيل” تعلم، منذ 2006، أن قدرات “حزب الله” قد تضاعفت عشرة مرات، تجعلها تصل إلى أماكن مختلفة في “إسرائيل”.
يستغل التوتر لشغل الرأي العام عن أزماته..
كما أشار العميد “هشام جابر”، إلى أن “حزب الله” يمكنه توجيه ضربة إلى “إسرائيل” في حالتين، الأولى أن تبادر “إسرائيل” وتوجه ضربة إلى “لبنان”، والثانية حال نشوب حرب بين “إيران” و”الولايات المتحدة الأميركية”.
مضيفًا أن “نتانياهو” يستغل حالة التوتر الحاصل في المنطقة حتى يشغل الرأي العام الداخلي في “إسرائيل” عن أزماته.
تهديد مقابل تهديد.. ودعاية انتخابية..
من جانبه؛ قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، “سعيد بشارات”: “إن هذه التهديدات تأتي في إطار الرد على تهديد السيد، حسن نصرالله، ولا تعد خطوة عملية، كما أنها تأتي في سياق الحملة الدعائية لنتانياهو قبل الانتخابات المقبلة، ولن يستطيع تنفيذ ما هدد به، لأنه لا يمتلك القدرة على ذلك باعتباره رئيس وزراء انتقالي”.
وأعرب “بشارات” عن عدم تفاؤله بأن تنتهي هذه الحرب الكلامية بين الطرفين قريبًا، طالما استمر هذا التوتر الحاصل في الخليج العربي.