خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن هناك تغييرًا واضحًا في إتجاهات “إقليم كُردستان العراق”؛ فبعد مرور عامين على فشل مساعي الاستقلال التي دفعت “كُردستان العراق” إلى اضطرابات استمرت شهورًا، قال رئيس الوزراء الجديد للإقليم إن أولوياته تتمثل في تعزيز العلاقات مع “بغداد”، مما يشير إلى أن أحلام الاستقلال يجب أن تنحى جانبًا.
“مسرور برزاني”؛ الذي أدى اليمين، أمس الأول، رئيسًا لوزراء الإقليم، قال إن التركيز تحت قيادته سينصب على إقامة “علاقات قوية وبناءًة” مع “بغداد”؛ مما يشير إلى تنحية مسألة الاستقلال جانبًا في الوقت الراهن.
وقال “برزاني”، متحدثًا في قصره في قرية “صلاح الدين” قُرب “أربيل”، عاصمة الإقليم: “حدث ذلك، (الاستفتاء على الاستقلال)، في الماضي، وهو إنعكاس لتطلعات الأمة”.
مضيفًا: “لكن تركيز حكومتي سينصب على كيفية إقامة علاقات وشراكة أقوى مع بغداد”، وأضاف أنه يتطلع لإصلاح “تلك الأمور التي تبقينا متباعدين”.
وكان “مسعود برزاني”، والد “مسرور”، قد قاد مسعى الاستقلال وتنحى عن رئاسة “كُردستان العراق”، في 2017، بعد أن أثار استفتاء على الاستقلال رد فعل عكسي تمثل في هجوم عسكري شنته “بغداد”.
خلافات قديمة بانتظاره..
ويواجه رئيس الوزراء الجديد، خلافات قديمة، بشأن الاستقلال وصادرات “النفط” والمشاركة في الإيرادات والأمن والأراضي، مما تسبب في توتر العلاقات بين “بغداد” و”أربيل”، منذ الغزو الذي قادته “الولايات المتحدة” وأطاح بحكم “صدام حسين”، عام 2003.
وكان دور “برزاني” رئيسًا في ترتيب استفتاء، أيلول/سبتمبر عام 2017، الذي أجري رغم اعتراضات “بغداد” وقوى إقليمية، واعتبر تتويجًا لجهود المنطقة على مدى سنوات.
إلا أن رد الفعل جاء سريعًا ودفع البلاد إلى شفا حرب أهلية هددت بالقضاء على الحكم الذاتي غير المسبوق الذي يمتع به الإقليم على مدى سنوات، وتحسنت العلاقات بعد ذلك مدعومة بتغيير الحكومة على الجانبين.
ملف النفط من أهم المشكلات العالقة..
وكانت صادرات الإقليم من “النفط”، على مدى طويل، مصدر توتر مع “بغداد”، وكان الأكراد، الذين يملكون خط الأنابيب النفطي العراقي الوحيد في الشمال، يصدرون “النفط” بشكل مستقل، منذ عام 2013.
وأستؤنفت الصادرات، في 2018، بعد تجميدها على مدى عام؛ وسط خلافات ما بعد الاستفتاء على الاستقلال.
ووافقت حكومة الإقليم، في ميزانيتي عامي 2018 و2019، على إرسال 250 ألف برميل يوميًا للسلطة الاتحادية في مقابل أن تدفع “بغداد” رواتب العاملين في الحكومة، إلا أن المسؤولين العراقيين، ومنهم رئيس الوزراء، شكوا من أن الإقليم لم ينفذ إلتزامه بموجب الاتفاق؛ إذ لم يرسل برميلًا واحدًا من “النفط” لـ”بغداد”.
وأكد “برزاني” إن المفاوضات الخاصة بـ”النفط” و”الغاز” جارية بالفعل، وإنه يرى فرصة “لإحراز تقدم سريع” في هذا الملف.
وقال أن: “هناك فرصة كبيرة لنتوصل إلى وضع مربح للطرفين.. بالعمل معًا والتعاون فيما بيننا يمكننا زيادة إنتاج النفط”.
تأسيس آلية أمنية مشتركة..
والمزايا المتبادلة بين الطرفين؛ موضوع كثيرًا ما يردده “برزاني” فيما يتعلق بالأمن في المنطقة.
فبعد نحو عامين، منذ إعلان “العراق” النصر على مقاتلي تنظيم (داعش)، شهدت البلاد تدهورًا في الوضع الأمني في المناطق المحيطة بـ”إقليم كُردستان العراق”.
فقد قال “برزاني”، وهو الذي كان يتولى في السابق مسؤولية أمن الإقليم، إن التهديد الذي يمثله تنظيم (داعش) لم ينته بعد، وتابع أن التنظيم استغل الخلاف بين “الأكراد” و”بغداد”، وكان الطرفان قد حاربا جنبًا إلى جنب لهزيمة مقاتليه، في 2017.
ويتطلع “برزاني” إلى تأسيس آلية أمنية مشتركة؛ فيما يطلق عليه الأراضي المتنازع عليها، وهي المناطق التي تطالب بها كل من “بغداد” و”أربيل” لسد الفجوة.
و”منصور”؛ هو الأحدث بين أفراد عائلة “برزاني”، الذي يرأس حكومة الإقليم، وما زال والده، “مسعود”، وهو أيضًا ابن زعيم كُردي بارز، يتمتع بنفوذ كبير على الساحة السياسية.
وكان ابن عمه، “نيجيرفان برزاني”، يتولى رئاسة الوزراء، حتى الشهر الماضي، عندما أدى اليمين رئيسًا للإقليم بعد انتخابات برلمانية، في أيلول/سبتمبر 2018.
وتُعتبر عائلة “برزاني” واحدة من أسرتين تهيمنان على الحياة السياسية في الإقليم منذ عقود، ورغم تمتع كل منهما بتأييد قواعده الشعبية، أثار وجودهما في السلطة لسنوات مزاعم بين الناخبين عن فساد وسوء إدارة.
وقال “برزاني” إن كسب التأييد يحظى بالأولوية الأولى؛ إلى جانب مكافحة الفساد، وأضاف: “أريد إصلاحات.. لضمان تنامي ثقة الناس في الحكومة”.
وكان “نيجيرفان برزاني”؛ قد أكد أنه اتفق مع السلطات الاتحادية في “بغداد”، على فتح صفحة جديدة من العلاقات، وحلّ الملفات العالقة بين الجانبين، بالإستناد إلى الدستور العراقي.
توجه جدي لحل الإشكاليات العالقة..
من جهته؛ قال المستشار الإعلامي لرئيس “إقليم كُردستان العراق” السابق، “كفاح محمود”، تعليقًا على المنحى الجديد الذي إتخذه “برزاني” تجاه “بغداد”؛ إن: “خطاب رئيس وزراء إقليم كُردستان الأول؛ بعد منحه الثقة لحكومته، أكد على أن المهمة الأولى التي تواجههم بعد الإنتهاء من ترتيبات تشكيل الحكومة؛ هو ترأسه لوفد رفيع المستوى إلى بغداد”، مضيفًا أن هذا “يؤشر على أن هناك توجهًا جديًا لدى القيادة الكُردستانية لحل الإشكاليات العالقة بين بغداد وأربيل، والتي تراكمت عبر دورتين لحكم، نوري المالكي، ودورة ثالثة من حكم حيدر العبادي”، كما لفت إلى أن: “وجود رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، والذي يحظى بمقبولية كبيرة من القيادة الكُردستانية، هيأ جوًا إيجابيًا ربما يساعد على حلحلة الكثير من الأمور”.
يجب مشاركة “البيشمركة” في الملف الأمني..
وأوضح “محمود” أن هناك العديد من الملفات التي سيناقشها الطرفان، خلال الزيارة المنتظرة لوفد “إقليم كُردستان” إلى “بغداد”، وفي مقدمتها ملف “النفط” والموازنة والمناطق المتنازع عليها، مؤكدًا على أن هناك حاجة لآلية أمنية مشتركة في المناطق المتنازع عليها، خاصة بعد تعرض “كركوك” وبعض الأقضية، التي كانت تحميها قوات “البيشمركة”، إلى سيطرة قوات “الحشد الشعبي” والقوات المسلحة العراقية عليها؛ دون التفاهم مع “كُردستان”، لذلك لا يمكن حدوث الاستقرار في هذه المناطق ما لم تكن قوات “البيشمركة” شريكة في الملف الأمني،على حد قوله.