خاص: إعداد- سماح عادل
“منصور عبد الوهاب” أستاذ الدراسات العبرية بكلية الألسن جامعة عين شمس- قسم اللغات السامية، وهو مترجم رئيس الجمهورية السابق للغة العبرية منذ عام 1999، ورئيس قسم الترجمة العبرية للمنظمة العربية المناهضة للتمييز، ومحلل سياسي متخصص بشئون الصراع العربي الإسرائيلي، ومترجم مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بجريدة الأهرام
له أبحاث كثيرة عن المجتمع الإسرائيلي والقدس منها:
– بحث عن صورة العربي في مناهج التعليم.
– حرب أكتوبر وانعكاسها على المسرح الإسرائيلي.
– شبه جزيرة سيناء بين الفكر الديني اليهودي والوجدان الإسرائيلي.
– فتاوى الحاخامات- رؤية موضوعية لجذور التطرف في المجتمع الإسرائيلي.
– شخصية العربي في المسرح الإسرائيلي المعاصر بين حتمية الحرب وصراع السلام.
– المرأة الإسرائيلية بين الفكر الديني اليهودي والمجتمع المدني في إسرائيل.
ويعتبر “منصور عبد الوهاب” أشهر مترجم للغة العبرية في مصر، حيث عمل مترجما بالقوات المسلحة المصرية بعد حرب يونيو 1967 حتى ما بعد حرب أكتوبر 1973، وقام بإجراء العديد من الاستجوابات للأسرى الإسرائيليين بعد انتصار أكتوبر. كما كان له دور هام في الإذاعة المصرية، حيث أسند إليه الإشراف على الإذاعة العبرية الموجهة لإسرائيل، قبل أن يشرف على الخدمة العبرية بقناة النيل الدولية.
وبدأت علاقة عبد الوهاب بالسينما من خلال توظيف اللغة العبرية في العديد من الأعمال السينمائية والدرامية مثل فيلم “الطريق إلى إيلات”، وفيلم “أولاد العم”، ومسلسل “فرقة ناجى عطا الله”، ومسلسل “الصفعة”، وفيلم “الممر”، فضلا عن أنه شارك بمشاهد بسيطة في فيلم “أولاد العم” في دور الحاخام الإسرائيلي، وكذلك مسلسل فرقة “ناجى عطا الله”.
المترجم الرئاسي..
في المحاضرة العلمية بعنوان “المترجم الرئاسي بين الإبداع والمنهج العلمي” يوضح “منصور عبد الوهاب” أن: “المترجم الرئاسي يجب أن يكون على يقين تام أنه يؤدي واجب قومي من الطراز الأول لخدمة مصر، وهو لا يحظى بأي مميزات خارج حدود وظيفته في ترجمة وقائع الاجتماعات، مشددا على ضرورة أن يعتبر المحادثات التي دارت داخل أروقة القصر الرئاسي من ضمن أسرار الدولة العليا التي يجب أن تدفن في أعماق عقله مدى الحياة، كذلك التحلي بالموضوعية التامة في ترجمة الرسالة السياسية دون استخدام العاطفة أو التحيز لأي رأي لما في ذلك من خطورة قد تتسبب في تبعات على مستوى عالٍ من الخطورة.إن المترجم الرئاسي يجب أن يتعامل من المواقف بسرعة بديهة مع التحلي بأقصى درجات الحذر، كذلك الالتزام بالبروتوكولات المتعارف عليها في المظهر العام والانضباط، وإدراكه التام بأنه في حضرة رئيس الجمهورية ووفودًا أجنبية مهما اختلفت مستوياتها”،
ويضيف مستشهدا بأحد المواقف التي تعرض لها خلال ترجمته لأحد الاجتماعات مع الرئيس الأسبق حسني مبارك مع وفد إسرائيلي حينما قام بتقديم ورقة للرئيس مبارك بخط مزخرف كنوع من أنواع التقدير له، فعلى الفور وجد نفسه في مأزق ولكن سرعة البديهة أوحت إليه بالطلب من المسئول الإسرائيلي بقراءتها بنفسه للرئيس مبارك كنوع من أنواع الاحترام والتقدير له: “المترجم الرئاسي يجب أن يتقن لغتين بجانب العربية، كذلك التحلي بمهارات خاصة تتيح له إمكانية تجاوز المواقف الصعبة التي تعرض لها خلال ترجمته الفورية لاجتماعات ومباحثات على قدر كبير من المسئولية ومن أهمها سرعة البديهة والاطلاع الواسع على ثقافة المجتمع صاحب لغة الترجمة وأحدث التطورات والأخبار المطروحة على الساحة الإعلامية الخاصة بتلك المجتمعات، كذلك عليه أن يعي أنه ليس طرفًا في النقاش؛ بل هو مجرد مترجم فقط ولا يسعه الدخول في مجريات الأحاديث أو إبداء رأيه مطلقا”.
الدراما والسينما..
في حوار معه أجراه “سيد جبيل” يقول “منصور عبد الوهاب”حول دوره في الأعمال الدرامية والأفلام السينمائية المصرية التي تتناول المجتمع الإسرائيلي: “ببساطة أنا عين المخرج في نقل صورة إسرائيل بدقة، وليس هناك مشهد خاص بإسرائيل إلا ويكون لي دور فيه، يبدأ بقراءة النص وإبداء الملاحظات على التفاصيل، التي من شأنها أن تعطى صورة منطقية عن الحياة والشخصية الإسرائيلية، مثل شكل الشوارع، والأوراق النقدية، ولوحات السيارات، واللافتات، وضبط المصطلحات، إضافة طبعا للغة العبرية، وهذه الملاحظات قد تعدل مشاهد، وقد تلغى مشاهد أخرى، لكن طبعا كل ذلك يتم من خلال مخرج العمل، وفى مسلسل «ناجى عطا الله» مثلا كانت تجمعني جلسات يومية بعادل إمام والمخرج رامي إمام لمراجعة النص قبل التصوير، ولو قارنت، بعد هذه الجلسات، بين النسخة النهائية، والنسخة التي كتبها يوسف معاطى ستجد الفرق واضحا.. هناك مشاهد كثيرة، وكلها مرتبطة بتفاصيل الحياة والثقافة الإسرائيليتين التي لا يكون المؤلف، مهما بذل من جهد، مدركا لها بشكل كامل”.
الاستخبارات الإسرائيلية..
عن الاستخبارات الإسرائيلية يقول “منصور عبد الوهاب” في لقاء مع برنامج “نقاط ساخنة”، المذاع على قناة Extra News الفضائية:”أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت في الماضي تسعى للحصول على معلومات عن الأماكن العسكرية، ولكن الأمر اختلف الآن.. بعد تقدم التكنولوجيا بدأت إسرائيل تفكر في الحصول على معلومات عن الشخص العربي والمصري بشكل خاص، وكيف يفكر في كل المراحل العمرية.. إن الاستخبارات الإسرائيلية تهتم بمعرفة كيف يفكر الشباب المصري، وكان كل همهم في أحداث ثورة يناير معرفة رأي الشباب في الشارع، كيف يفكر ويرى قياداته والوضع الذي بات فيه”.
ويوضح أن: “أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ثلاثة أفرع، هي “الموساد”، ويشبه المخابرات العامة في مصر، و”الشاباك”، يقابل في مصر الأمن الوطني، و”أمان” ويعني المخابرات العسكرية. هذه الأفرع أنشأت أقساما باللغة العربية للتعامل مع جيرانها والمجتمع المصري بشكل خاص، ولديها ميزة، وهم المهاجرون من أصول عربية، وبالتالي من يجلسون على مواقع التواصل الاجتماعي ويديرون الاتصالات يفهمون نفس اللكنة التي ينطقها الشخص العربي، الأمر الذي يجعله يطمئن له.إنهم يبدأون معهم في الحديث بمعلومات عادية بسيطة، إلى أن يتحدثون عما يدور داخل المجتمع، وكيف يتعامل المواطن مع دولته وجيشه”.
فيلم الخروج..
وعن فيلم “الخروج: آلهة وملوك” الذي منعت وزارتا الثقافة المصرية والمغربية عرضه لما به من أكاذيب دينية وتاريخية يقول “منصور عبد الوهاب”: “أن الفنانين والكتاب في العالم الغربي يعتبرون الكتب الدينية كتبًا تاريخية قابلة للنقد ويزيحون القدسية عن النص الديني، فيضيفون ما يشاءون وما يترأى لهم مثلما ورد في الفيلم من مغالطة شق البحر وجعل السبب في حدوثها زلزال كبير وليس معجزة إلهية قام بها النبي موسى عليه السلام، وهو ما يتناقض مع المعتقدات الدينية الإسلامية التي تؤمن بمعجزة شق البحر.. أما فيما يتعلق بأكذوبة بناء اليهود للأهرامات فإن الحاخامات أنفسهم يعلمون أن اليهود لم يقوموا بوضع حجر واحد، مضيفا أنه في عام 2006 ألقى حاخام في إسرائيل محاضرة يؤكد فيها أن اليهود لم يكونوا بمصر وقت بناء الأهرامات كما لا يوجد نص واحد يذكر ذلك. إن المصريين القدماء كانوا يدونون جميع أشكال حياتهم على الجدران ولا يوجد نقش واحد أو بردية واحدة تؤرخ ذلك..إن الفيلم ذو الفكر الصهيوني يهدف إلى تأصيل وجود اليهود في مصر لهدف أكبر وهو اختراع أكذوبة أن لهم كيانًا تاريخيًا في أرض كنعان أو فلسطين الآن”.
وفاته..
توفى “منصور عبد الوهاب” يوم الثلاثاء 9 يوليو 2019.