9 أبريل، 2024 8:46 م
Search
Close this search box.

كمت 9: ستبقى الأهرام سرا غامضا

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة – سماح عادل

في ملف (الحضارة المصرية القديمة)، نواصل قراءة الكتاب الأول في (موسوعة مصر القديمة) للكاتب المصري “سليم حسن”.

ملوك الأسرة الثانية..

أول ملوك هذه الأسرة هو الملك “حتب سخموي”، وفي عهده حدث انفجار أرضي في جهة “تل بسطة” مات بسببه خلق كثير، ومن المحتمل أنه زلزال. وخلفه الملك “نب رع” “كاكاو” ودفن في سقارة إذ عثر على أختام له تشير إلى ذلك، وقد ذكر “مانيتون” أن “كاكاو” دعا إلى عبادة العجل أبيس في “منف”، والعجل منفيس في “عين شمس”، وعبادة الكبش في “منديس”، مما يدل على أن هذه الأسرة كانت متصلة بالسكان الأصليين، ويحتمل أنها أعادت عبادة الحيوان التي كانت في البلاد قديما.

خلفه الملك “نتر إن” وفي 1938 عثرت مصلحة الآثار على جبانة تحت الأرض في سقارة يرجع تاريخها إلى الأسرة الثانية، عثر فيها على بعض أوان عليها سدادات مختومة باسم هذا الملك، وذكر اسمه أيضا على حجر “بلرم” وحكم أكثر من 35 عاما، وقد بنى قصرا وأحضر عجل أبيس في العام السادس من حكمه، وذكر “مانيتون” أن هذا الملك أمر بأن الملك يمكن أن تتولاه أنثى وربما كان ذلك من العادات المندثرة ثم أعيدت ثانية.

وفي عهد خلفه “بر إب سن” حدث انقلاب عظيم، حيث أعاد عاصمة الملك ثانية إلى العرابة، وغير اسمه الحوري الذي كان يعد أقدم لقب للملك إلى اسم الإله ست، وهذا الحادث فريد في التاريخ المصري، وقد دفن “بر إب سن” في العرابة وبقيت عبادته محفوظة في سقارة إلى الأسرة الرابعة، بجانب الملك “سنزي” الذي لا نعرف عنه شيئا، وختمت هذه الأسرة بالملك “خع سخموي” ولم يبق من آثاره إلا بعض الأختام حيث عرف اسمه “الاثنان القويان” أنه يعني الإله “حور” والإله “ست” مما يعني أنه رجع إلى سياسة الحورية دون أن يتخلى عن سياسة ست.

الأسرة الثالثة..

مكث “خع سخموي” 15 سنة تقريبا ثم خلفه في “منف” الملك “نترخت زوسر”، ومن المحتمل أنه كان أخاه الأصغر وليس ابنه، ويعد مؤسس الأسرة الثالثة وحكم 29 سنة، وكان من أهم ملوك هذا العصر القديم حيث أنه أول ملك بنى لنفسه مقبرتين، واحدة بصفته ملكا للوجه القبلي على شكل مصطبة ضخمة من اللبن، مجهزة بمنحدر عميق وتتبعها عدة حجرات تحت الأرض في شمال العرابة المدفونة في بيت خلاف، والمقبرة الثانية شيدت له باعتباره ملكا للوجه البحري، واقعة على الهضبة التي فيها جبانة “منف” والمعروفة بسقارة، وهذه المقبرة تعد أقدم هرم عرف إلى الآن.

ويقول علماء الآثار أن هذا البناء هو الحلقة المتوسطة بين المصطبة والهرم الحقيقي، ويعرف بالهرم المدرج، والمهندس الذي وضع تصميم هذا البناء، الذي يعتبر أضخم بناء من الحجر في عصره في وادي النيل، هو “امحوتب” الذي كان نابغا في الهندسة والطب والإدارة، وكان ذا شهرة في عصره حتى أنه اعتبر إله الطب، وبقى اسمه خالدا حتى عصر اليونان ولكنه حرف إلى “اموتس” ومثلوه بحكيمهم “اسكليبوس”.

وقد عثر على تمثال جميل للملك “زوسر” في سردابه وكشف عن عدة مبان له، وخاصة معبده الجنائزي ومقبرتي ابنتيه، وهذه المباني مميزة في التصميم الهندسي ودقة البناء، فهذه المباني تعد أول خطوة انتقال في تاريخ فن المعمار في تعميم البناء والأحجار في وادي النيل، فعمدها مضلعة تشبه العمد الوريكية في الفن الإغريقي، ومزخرفة بزخرف نباتي، ويظن أن روح تلك المباني منقولة من المباني التي أقيمت بالخشب واللبن في عهد الأسرتين الأولى والثانية، وهذا المعمار الذي يعتبر كأنه نوع من النجارة الدقيقة هو الحد الفاصل بين البناء الأول باللبن والبناء بالأحجار الضخمة التي ساد استعمالها، وبلغت قمتها في الأسرة الرابعة في بناء الأهرام والمصاطب.

وقد أرسل “زوسر” حملات إلى المحاجر والمناجم في شبه جزيرة سينا لإحضار النحاس والفيروز، ويعد “زوسر” أول ملك توغل في نوبيا السفلى فيما وراء الشلال إلى المحرقة في منتصف الطريق إلى الشلال الثاني، وهو الذي ينسب إليه اليونان فتح الإقليم المعروف باسم “دوديكاشين” أي المنطقة التي يبلغ طولها نحو 143 كيلو متر من الفنتين فصاعدا.

وقد عثر في دهاليز الهرم المدرج على أوان من الأحجار الصلبة من المرمر والجرانيت والديوريت والاردواز وغيرها من الأنواع الأحجار النادرة، ويبلغ عددها أكثر من ثلاثين ألفا غير أن معظمها وجد مهشما، وربما يرجع ذلك إلى زلزال أرضي أو أنها كسرت عمدا لأسباب جنائزية، ويظن أن قطع الحجر اللازم لصنع بعض الأواني الكبيرة وتنسيقها ربما استغرق عاما كاملا من مجهود صانع واحد، وقد كان لهذا الكشف أثر كبير في تحويل آراء علماء الآثار إلى الأهرام الكبيرة وعما عساه يوجد فيها من مخلفات.

وقد خلف “زوسر” بعض ملوك ما يزال تاريخهم غامضا أولهم “سانخت”  الذي بنى لنفسه مقبرة واحدة في بيت خلاف، وبعده الملك “حابا” ثم الملك “نفركا” ولا نعرف عنهما شيئا، أما آخر ملوك هذه الأسرة فهو الملك “حو” ويدعى “حوني” ومعناه الضارب وقد أقام لنفسه هرما في دهشور في جنوب سقارة، وهو الحلقة الموصلة بين الهرم المدرج والهرم الكامل.

الأسرة الرابعة..

بقى تاريخ الأسرة الرابعة محاطا بالغموض رغم ظهور آثار ملوكهم وشهرتها في العالم، حتى قامت الحفائر العلمية في منطقة أهرام الجيزة وكان من أهم الكشوف الكشف عن مقبرة الملكة “حتب حرس الأولى” أم الملك “خوفو” بنت “حوني”، وقد تزوجت “حتب حرس” من الملك “سنفرو” أول ملوك الأسرة الرابعة ورزق منها بالملك “خوفو” ثاني ملوك هذه الأسرة.

الملك “سنفرو” هو أول ملوك الأسرة الرابعة وقد قلد “زوسر” فبنى لنفسه مقبرتين متقاربتين وكلتاهما على شكل هرمي، وهما ما تزالان باقيتان إلى الآن، الأولى في دهشور جنوبي سقارة، والثانية في ميدوم في الشمال من مدخل الفيوم، والهرم الثاني يطلق عليه الهرم الكاذب لعدم انتظام شكله، ولا نعرف في أي هرم دفن “سنفرو”، وفي عهده قامت حملة بحرية كبرى إلى المواني السورية رجع منها المصريون بنحو أربعين سفينة محملة بالأخشاب للبناء قطعت من غابات لبنان، لخلو مصر من الغابات، وكانت مصر في عهد “سنفرو” مملكة متحدة ثابتة الأركان، وكل القوة مجتمعة في يد الملك.

ولما كان الملك هو الوارث لمعبود القبائل أصبح القوم يعتقدون أنه إله حقيقي، فعندما يتنقل في أرجاء قصره أو خارجه كان لزاما على الرعية أن يركعوا أمام جلالته ويقبلوا التراب تحت قدميه، وعند تتويجه يقام له احتفال عظيم ويعد يوم التتويج يوم عيد يحتفل به سنويا، ولما كان هو الواسطة بين الشعب وآلهته فكان حقا مكتسبا أن يقوم مقام الكاهن الأكبر في كل المعابد وفي كل الطقوس الدينية، وبعد وفاته كان القبر الذي يضم رفاته موضع تقديس كما يقدس محراب أي اله، وكانت حاشيته وعظماء البلاد تدفن حول قبره أو بالقرب منه حتى يقدموا له خدماتهم في دار الآخرة بنفس الولاء.

وفي عهد “سنفرو” كان لكل مقاطعة حاكم يعينه الملك بلقب “الأول بعد الملك” أي تحت إدارة الملك مباشرة، والملك كان يسكن في الوجه القبلي ولم يندب أحد ليمثله هناك، لكن في الوجه البحري كان ينيب عن الملك موظف كبيرا يلقب بحامل ختم الملك، وكان ينتخب من الأسرة المالكة، وتحت إدارة حاكم المقاطعة عدد من الموظفين أهمهم رجال القضاء والمالية، ويظن أن قانون الوراثة بين أفراد الشعب كان يجري على نظام الأمومة، وكان كذلك عندما ينقطع نسل الذكور في الأسرة المالكة فإن الملك الذي يتولى من غير الأسرة المالكة لابد له من أن يتزوج من إحدى بنات البيت الملكي، وذلك ضروريا حتى يأتي خلفه يجري في عروقه الدم الملكي.

وقد كان للآلهة في هذا العهد معابد من حجر، في حين أن الملك يسكن في مأوى بسيط من اللبن أو من طين النيل المجفف في الشمس، ولم يكن لأحد الحق في أن يسكن في مساكن الحجر إلا الموتى، لأنهم كانوا يعدون كالآلهة. ومعابد الملك كانت منقوشة بنقوش بارزة وغائرة وتلون بألوان زاهية منذ الأسرة الثالثة، وهذه النقوش تمثل مناظر من الحياة اليومية التي كان يشاهدها الميت في حياته، والغرض منها أن تمثل للملك الحياة كما كان يتمتع بها وهو في دنياه، وهذه الرسوم تعطي فكرة تامة عن الحياة الاجتماعية في هذا العصر عند علية القوم وعامة الشعب، كما تعطي فكرة عن الفن في هذا العصر ومقدار ما وصلت إليه الحضارة، وقد بدأ الملوك في استخدام هذه المناظر أولا ثم قلدهم الأمراء وعلية القوم.

الملك خوفو..

ثاني ملوك هذه الأسرة وباني الهرم الأكبر، وقد اختار “خوفو” هضبة الجيزة ليقيم هرمه الضخم، ذلك أن أحجار هذه الهضبة صالحة لقطع أحجار المباني لصلابتها، وبمقارنة هذه الأحجار بأحجار الأهرام وجد أنها نوع واحد، والأحجار التي كانت تكسى بها الأهرام هي التي كانت تجلب من محاجر طره، وكذلك كانت تستعمل أحجار هذه الجهة لصنع التماثيل ولعمل الأبواب الوهمية التي يكتب عليها النصوص الهيروغليفية، لسهولة الحفر عليها.

والكشوف الحديثة برهنت أن المصريين وصلوا في هذا العصر إلى استعمال البكر لرفع الأحجار، وقد عثر في حفائر الجامعة المصرية على بكرتين إحداهما وجدت بجوار الهرم الثاني، والأخرى عثر عليها في إحدى بيوت مدن الأهرام، التي كشف عن جزء منها حديثا شرقي الهرم الرابع.

الهرم..

اختلف علماء الآثار في تكييف شكل الهرم وأصل بناءه وأشكال الأهرام تختلف في منظرها وفي تركيبها، فالهرم المدرج قاعدته مصطبة مربعة فوقها عدة مصاطب تصغر تدريجيا، وهرم آخر قاعدته مربعة وفوقه عدة مصاطب مربعة أصغر ولكن بدون قمة، والهرم الرابع مختلف قاعدته مربعة تحمل فوقها تابوتا، وأحسن بناء هرمي تام أهرام الجيزة ويتبع البناء الهرمي عدة ملحقات مكملة له ومن لوازمه:

أولا : يكون للهرم في الجهة البحرية أحيانا بابان،  واحد في المداميك السفلى والثاني فوقه بقليل وكل منهما يوصل إلى حجرة الدفن.

ثانيا: في الجهة الشرقية من الهرم كان يقام معبد ضخم يسمى المعبد الجنائزي، يتصل بمعبد آخر يسمى معبد الوادي بطريق مبني بالأحجار الضخمة المحلية يبلغ عرضه نحو 25 متر، والطريق بين المعبدين طويل جدا بلغ طوله 600 متر للهرم الثاني.

ثالثا: ومن مستلزمات الهرم أن يقام حوله سور ضخم حتى لا يقرب منه أحد غير الكهنة وهذا السور يبنى بالحجر أو اللبن.

رابعا: كانت تقام بالقرب من كل هرم مدينة مبنية باللبن للكهنة والخدم الذين يقومون بأداء الواجب نحو الملك المتوفى، وقد عثر أخيرا على هذه المدن في الجهة الشرقية من الأهرام، غير أن معظمها ما يزال مطمورا تحت الرمال، ورغم كل ما كشف حول أهرام الجيزة فإن المعلومات ما تزال قاصرة عن الهرم وكنهه، وستبقى الأهرام سرا غامضا.

والهرم الأكبر يبلغ نحو ستة ملايين طنا، وإذا علمنا أن حكم خوفو لم يتجاوز عشرين عاما، فإننا نحتار أمام هذا المجهود الجبار الذي أقام هذا البناء الضخم في السنين القليلة، وكان عددا كبيرا من المصريين يشتغلون في بناءه طول مدة الفيضان من كل سنة، وذلك لخلوهم من أعمال الزراعة في فترة الفيضان، وما تزال المساكن التي يقطنونها تشاهد منحوتة في الصخرة العظيمة الواقعة قبلي الهرم الأكبر، ورغم أن الهرم الأكبر أعجب شيء في مصر إلا أنه لم يكشف عنه من كل جهاته، وما يزال معبده الجنائزي ومعبد الوادي مطمورين تحت الأرض. ويظن أن الطريق الموصل بين المعبدين كان ظاهرا في عهد هرودوت وقد قال عنه أنه أعجب من الهرم نفسه.

وكان ل”خوفو” أعمالا أخرى غير الهرم، حيث له آثار في مدن ملكه مثل “قفط” و”دندرة” و”تل بسطة” وقد ترك “خوفو” اسمه منقوشا في مناجم النحاس والفيروز في شبه جزيرة سينا، وقد حارب الساميين الرحل الجائلين في هذه الجهات، والذين يعرفون باسم “منتيو” وكان “خوفو” يقوم بهذه الحروب ليحمي الحملات التي كان يرسلها إلى هذه الجهات للحصول على المعادن والأحجار.

بعد وفاة “خوفو” قامت منازعات على الملك، إذ نجد في قوائم الملوك أن الملك الذي خلف “خوفو” هو “ددف رع” ولكن بعض العلماء ينكرون ذلك، وقد استمر في الحكم ثمانية أعوام ولم يقم هرمه في منطقة الجيزة بل اتخذ أبو رواش مكانا لإقامة هرمه الذي تهدم، ويظن أن سبب المنازعات تعدد زوجات “خوفو” فكل ملك كان يتزوج عدة زوجات وتكون له محظيات كثيرات.

وبعد ذلك تولى “خفرع” وكان يعاني من المنازعات الداخلية بينه وبين أولاد “ددف رع”، وقد أقام هرم ثان في الجيزة ويبلغ أولاد “خفرع “16 ذكور وإناث، ومعظمهم نحتوا لأنفسهم قبورا في الصخر أما من الجهة الشرقية أو الجهة القبلية من هرمه.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب