«أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِكُم؛ هُنَّ لِباسٌ لَّكُم وَأَنتُم لِباسٌ لَّهُنَّ، عَلِمَ اللهُ أَنَّكُم كُنتُم تَختانونَ أَنفُسَكُم فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم فَالآنَ باشِروهُنَّ.» (2 البقرة 187)
بينما تتطلب المساواة أن يكون النص كالآتي: (أُحِلَّ لِلرِّجالِ مِنكُم لَيلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِهِم [أو أَزواجِهِم]، وَلِلنِّساءِ الرَّفَثُ إِلى أَزواجِهِنَّ، هُنَّ لِباسٌ لَّهُم وَهُم لِباسٌ لَّهُنَّ، عَلِمَ اللهُ أَنَّكُم كُنتُم تَختانونَ أَنفُسَكُم فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم، فالآنَ لِيُباشِرِ الرِّجالُ أَزواجَهُم وَالنِّساءُ أزواجِهِنَّ.)
«وَلا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ، وَلأَمَةٌ مُّؤمِنَةٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكَةٍ وَّلَو أَعجَبَتكُم، وَلا تُنكِحُوا المُشِرِكينَ حَتّى يُؤمِنوا، وَلَعَبدٌ مُّؤمِنٌ خَيرٌ مِّن مُّشرِكٍ وَّلَو أَعجَبَكُم …» (2 البقرة 221)
في البداية علينا توضيح بعض المفردات: «لا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ» يعني (أيها الرجال المسلمون لا تتزوجوا النساء المشركات ما لم يُسلِمنَ)، و«لاَ تُنكِحُوا المُشِرِكينَ حَتّى يُؤمِنوا» يعني (أيها الرجال المسلمون لا تزوجوا بناتكم أو أخواتكم أو غيرهن من النساء المسلمات للرجال المشركين ما لم يُسلِموا). فالنكاح الذي يعني بالأصل الجماع، أي العملية الجنسية، استُخدِم بمعنى الزواج، اختزالا للعلاقة الزوجية بالعملية الجنسية، فيما كان عرب ما قبل الإسلام يستخدمونه حسب الظاهر، فاستعاره الإسلام دون ابتكار مصطلح جديد، ليعطي للزواج معنى أوسع من كونه مجرد نكاح وجماع وجنس، مع أهميته، كما فعل في الكثير من الأمور، كابتكاره لتحية خاصة بعبارة (السلام عليكم)، وجوابه (عليكم السلام)، مع الإضافات المعروفة. وليس هذا ما يهمنا هنا، بل ذكرته عَرَضا، إنما الذي أردت قوله إن الفعل الثلاثي للجذر (ن.ك.ح) أي (نَكَحَ، يَنكَحُ، نِكاحاً) يعني فيما يعني (تَزَوَّجَ، يَتَزَوَّجُ، زِواجاً)، والفعل الرباعي (أَنكَحَ، يُنكِحُ، إنكاحاً) يعني بنفس الاستخدام (زوّج، يُزوِّجُ، تزويجا). فالرجال الذين يريدون هم أن يتزوجوا يُخاطَبون من الله القرآني خطاباً مباشراً فيما يتعلق الأمر بهم أنفسهم، ثم يُخاطَبون ثانية فيما يتعلق الأمر بالنساء اللاتي يُزّوَّجنَ (لا اللاتي يتزوجن)، فإرادتهن ليست بأيديهن، بل بأيدي أولياء أمورهن من الرجال، ثم هنَّ لا يُخاطَبنَ من قبل ربهن الله خطابا مباشرا، بل إن الله القرآني كأنه يستنكف من مخاطبة النساء، كما تفرضه العقلية القبلية، أو هل أقول (يستحرم) أو كما يُعبَّر (يستشكل شرعا)، كما تفرضه العقلية التدينية، أن يوجه خطابه إلى النساء بشكل مباشر، تعالى الله علوا كبيرا، وتسامى سموا بالغا، وتنزه تنزها متناهيا، عما نسب إليه القرآن وسائر الأديان بغير حق.