22 نوفمبر، 2024 7:50 م
Search
Close this search box.

مخدرات أشكال وكلاشي !

مخدرات أشكال وكلاشي !

غالباً ما تذكر تقارير الشرطة عن تجاوزرات جنائية ناجمة عن تأثيرات الكحول على ادمغة شاربيها كسبب لعنفيّتهم, بينما لا تذكر اسباب جرائم اخرى يرتكبها متعاطو مخدرات او تتغاضى عن ذلك. ربما لأن تعاطيها وتجارتها أصبح ظاهرة اكثر من طبيعية في مجتمعنا بحيث لا تستحق الأشارة اليها, لاسيما مع عدم وجود تحريم شرعي لأستهلاكها.
فنحن لم نرْ يوماً تقريراً مفصلاً عن مرتكبي الجرائم تحت تأثير المخدرات او الكحول, رغم ما لظاهرة الأدمان من عواقب مدمرة على المجتمع…
على العموم, تتجنب الأجهزة الحكومية او الهيئات التابعة للأحزاب الأسلامية الحاكمة الكشف عن اسباب لجوء شبابنا الى تعاطي المخدرات او شرب الكحول, فهي تعزوها, على الأغلب, الى سوء تربية عائلي اوانحراف أخلاقي, رغم ما يتلقوه هؤلاء الشباب من جرعات المواعظ الدينية والتهديدات الشرعية التي تبثها فضائيات الأسلام السياسي ومنابر الجوامع ودروس التربية الدينية في المدارس, اضافة الى الكم الهائل من المناسبات الدينية التي تزدحم بها روزنامتنا السنوية, والأبتداع المستمر لطقوس جديدة وتلفيق أضرحة لأئمة جدد, يعطوك مرادك.
كل ذلك ينبغي ان يكون عاصماً لهم عن الأنحراف, لكنه لا يعالج المشكلة. فجذرها يكمن في مكان آخر… في الظروف الأقتصادية الصعبة التي يعيشها هؤلاء الشباب, بسبب البطالة والفقر وإنسداد الآفاق امام أي تحسن لواقعهم الأجتماعي المتدهور, لكن المجموعة الحاكمة من أحزاب الأسلام السياسي لا تود الأعتراف بذلك, ولا تُعير الأمر أهمية, لاسيما مع وجود تقارير رسمية كثيرة تثبت تورط ميليشيات تابعة لها تسيطر على المنافذ الحدودية في تمرير هذه السموم, وحتى قيام بعضها بزراعتها ( وطنياً ) لتحقيق الأكتفاء الذاتي في بعض مناطق البلاد الخاضعة لنفوذها.
مسؤولون حكوميون رفيعون أكدوا, بدورهم, وجود مصادر جديدة لتوريد المخدرات, غير المعروفة تقليدياً, في اشارة الى الأرجنتين التي اكتسحت مخدراتها مدننا المقدسة وشبابنا اللاطم الباكي, لكنهم لم يذكروا اجراءاتهم الرادعة لوقف تهريبها عبر المنافذ الحدودية.
كنت لأقترح على حكومتنا الموقرة حلاً متداولاً في دول عديدة للحد من ظاهرة التعاطي, باستيراد الدولة لهذه المنكرات, مع تقنين انواعها وكمياتها والتحكم بمقادير تناولها, اضافة الى ضمان وصول ايرادات الضرائب الكمركية المتحصلة من استيرادها الى الخزينة العامة بدلاً من تسربها الى جيوب تجار المخدرات, لولا ان هذه الأجراءات تكون مترافقة, في تلك الدول التي تتمتع حدودها بسيطرة صارمة للأجهزة الحكومية المعنية عليها, مع تقديم حلول لمشكلة البطالة والفقر وتوزيع مناسب للثروة الوطنية, مع حملات توعية مكثفة بأضرارها الصحية والأجتماعية, وتهيئة أمكنة لتأهيل المدمنين واستعادتهم الى المجتمع… وهذا ما تعجز حكومتنا عن تحقيقه, بسبب غياب الأرادة واستمرار التحاصص لسرقة المواطن.
هناك من يسعى لتكريس معاناة هؤلاء المواطنين وزرع اليأس في نفوسهم ودفعهم الى دروب الضياع, لكي لا تنهض البلاد من كبوتها وليبقى المواطن العراقي, متسمّعاً لمواعظهم, لاهثاً ورائهم مُغيّب العقل, مجتّراً لمآسيه.

أحدث المقالات