شاهد عيان
في صيف 1973 وفي الساعة التاسعة مساء مساءا، كان شارع الدواسة يعج بالشباب وعدد كبير من العوائل والرجال والشباب يقطعون تذاكر الدور الأخير في سينما حورابي. الأماكن المخصصة للعوائل ( اللوجات) كانت ممتلئة بالعوائل والنساء والفتيات، والعوائل التي لم تجد مكانا في اللوجات حجزت مقاعد عادية أو ما يسمى بـ (الكلري). انتهى الفيلم حوالي منتصف الليل غص الممر بالناس وفي المدخل الرئيسي تحديدا نشب شجار بين عدد من الشباب. وجهت مجموعة من الشباب الاتهام الى شاب من مجموعة ثانية بحيث لم يعد لا هو ولا أصدقائه يعرفون كيف يعتذروا أو يبرروا ما حدث. كان الشاب ينكر التهمة الموجهة له، ويقول بصوت متلعثم وخجول لا يتناسب مع ضخامته وشاربه الكث. ” هذا الشيء لم يحدث… أنتم مشتبهين.”
التهمة كانت (أنه أطال النظر الى فتاة ترتدي تنورة قصيرة “ميني جوب”.) اقسم الشاب أخيرا أنه لم يطيل النظر الى الفتاة.
بالمناسبة الفتاة كانت قد غادرت المكان مع صديقاتها لم تكن لا اخت ولا قريبة المدافعين عنها.
في القرن الواحد والعشرين.
حادثة تحرش في عام 2019 في شارع الزهور وفي منطقة سيدتي الجميلة. هذه المدينة التي بناها المرحوم عبد القادر العبيدي ووضع فيها معظم أفكار الحداثة والتطور، كان فيها نادي اجتماعي وسينما ومسبح والساكنين فيها من نخبة المجتمع.
اقترب شاب من فتاة تتسوق عصرا من محلات المنطقة واسمعها بعض الكلمات فلم تتجاوب معه، تجرأ قرص يدها ولمس ما كان يثيره، بينما كانت هي تشتمه. برر المجتمع الموصلي أن ما حدث كان رد فعل طبيعي لأنه لم تكن ترتدي ملابس محتشمة، وقالوا
(اللي يفتح زمبيلو الناس تعبيلو.) والقصد أنها هي من تسبب بهذا السلوك.
بدأت أفكر كيف تتجرأ فتاة أن تسير في شوارع مدينة الموصل بملابس غير محتشمة، يعني خليعة.
فقررت أن اعلم بالضبط ماذا كانت ترتديه الفتاة.
حصلت على الإجابة من شخص أعرفه من سكنة المنطقة وصاحب محل.
– تخيل يا استاذ تمشي في الشارع العام ولابسه بنطلون.
انتظرته أن يكمل شرحه لكنه لم يفعل.
سألته مستفسرا.
– يعني لابسة شي ثاني لو؟
أجابني بعصبية وسخرية واضحة
لا، والادهى والأمر.. محجبة الأخت.