بدون تردد ممكن نقول ، إننا ، أهل هذه المنطقة ( مهد الحضارات ! كما نقرأ ذلك في الكتب ، ونحن كنا نتباها بذلك ، وبعضنا لا يزال ) نعيش أسوأ وضعية في كافة جوانب الحياة ، ونمر بفترة ممكن تسميتها بعصر الجنون ، من نوع المضحك و المبكي ، كل العلامات والإشارات الدالة فيها واضحة إلا علامات البناء فإنها تدل على أن الناس هنا تتطلع إلى غد مشرق …
هل قلت (الناس ؟) …. وهل ما يجري في العراق وسوريا والمناطق التي انطلقت منها ( إشعاعات ربيع الشعوب ..!!) ترى من بيدهم تيسير الأمور (ينطق أو يعمل أو يوجه ) بشيء يدل على رغبة ضمان ( أمن ، استقرار ، خبز ، … حرية .. بما فيها حرية اختيار طريقة الموت !!) لأحياء متبقية في حدود سلطاتهم من الناس ؟ هل ممكن لأحد من هؤلاء السادة مرموقين في الكلام والملبس وهم يتحدثون ليلاً ونهاراً من خلال الشاشات ( الفضية ) يؤكد عكس تلك الصورة التراجيدية التي رسمها أحد الأقلام الحزينة على الخلق في هذه المنطقة من خلال حديثه عن جنون ما يحدث لنا مقدماً بسوريا نموذجاً بقوله : ليس عابراً الاستعراض الاحتفالي اليومي هنا لاغتيال العقل لم يعد الأمر مجرد نسق سلطوي استنسخته أطياف واسعة من المعارضة نتيجة تطبّعها مع سلوك النظام أو استيرادها نماذج فكرية موتورة من الخارج ، لقد تجاوز الأمر ذلك بأن أضيفت إليه طقوس تشبه نعي فاقد الإدراك لحظة الجنون لفقيده ، وما الفقيد في هذه الحال إلا السلوك العاقل ، بحده الأدنى ، وفق ما استقر عليه الاجتماع البشري على مراحل ، لو كان ميشيل فوكو حياً ، لربما هاله المشهد برمته ، ومن يدري ، فلربما أضاف إلى كتابه حول «الجنون والحضارة» فصلاً جديداً ، هكذا فكل من بيدهم قدرة تحريك الأمور يرغبون بتسخيف كل الأحداث في هذه المنطقة ، وليس فقط في سوريا ، وذلك بقصد تسهيل ابتلاع كل ما يحدث ، الكل يعتبر مقابله كافراً ، ولكن هو مبارك ومعصوم ، والكل يعتبر مقابله مرتشي ، ويأخذ من خارج الحدود ، وهو كادح لا يقترب من فمه إلا لقمة من إنتاج تراب البلد ، ولا يلبس إلا من حياكة الخيوط المحلي عملاً بتوجيه الهندي الطيب الذكر (غاندي) وإلا كيف هزم الغرب من قلب الشرق ؟!! ويدعي أنه يريد تطبيق ما كان يدعو له رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعي أنه وريث عمر الذي ما كان ينام إلا وهو يناجي الله أن يغفر له إذا ترك أحد مواطنيه من رعية الدولة الإسلامية جائعاً وهو خليفتهم ولا يدري ، نعم هكذا يدعي انتماءه لهذا النهج ، ولكن يدعو لقتل وأكل كبد من هو ليس من الممكن الشك في انتمائه الإسلامي عند أي مواجهة ، والمقابل ، يدعي أنه من شيعة علي وعدالته وشجاعته وعصمته وتقواه ومنور بنور الرسول ، يدعي الانتماء لهذا النهج ، ولكن عند ظهور أي خلاف يوجه بقتل ونسف جسد من يواجهونه حتى ولو بآلة (الدريل) ! وطرفين عينهم على تحرير القدس !!
هل رأيتم العبث بقيم الرسالة كهذا العبث ؟ وصديق الحكام المتنفذين في الغرب (نتنياهو) ينام قرير العين ؟! مستأنساً بربيع شعوب المنطقة ، وعلى عناده الأسد مصر على الترشيح للرئاسة عام 2014 ، إذاً صحيح القول : إن الهذيان أصبح جزءاً من دورة الإقناع والتبرير ، بل وتثبيت قواعد لعبة الدم وتسويغها ، فثمة ما يرجح أن القضية أهَّل هذه المنطقة المنكوبة أن تتجه لمزيد من الجنون لمجرد دوامها من دون أفق ، وثمة ما يشي بأن قابل الأيام يحمل تلاعباً أكبر بحدود العقل ، وإعادة تعريف أوسع لهذه الحدود ، وإننا من حيث نعلم أن كل إشكالات الذين يقودوننا أنهم يتوجهون بنا نحو مزيد من العبث بنا وبكل قيمنا ، وهم مرتاحين لظهورهم البهي ، يومياً وعلى كل شاشات الشهرة في العقد الثالث من عمر البشرية ، منذ نزول ثاني رسالة من السماء …. وإنا الله وإنا إليه راجعون .