” لاتؤدبوا ابناءكم على اخلاقكم فانهم خلقوا لزمان غير زمانكم” هكذا ينقل بالنص او المعنى عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه وأله افضل الصلوات, ليرسم خارطة طريق واضحة لتعاقب الاجيال واختلافها بكثير من التفاصيل الحياتية، لتتمكن من العيش في زمانها الذي تعيشه، كي لاتبقى عامل تعطيل لمسيرة الحياة.
هذا التحدي يتسع ويصبح عبأ اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا على التعايش بين الاجيال، ومظهر هذا واضح وجلي في الحياة اليومية، فكم أب يشكوا ابنائه لمظهر خارجي ولعلاقة اجتماعية او لرؤية سياسية او اقتصادية وهؤلاء سيكونون آباء يوما ما ليشكون ابنائهم تحت نفس الذرائع والمبررات التي يشكوها ابائهم اليوم!
نعم الناحية الاجتماعية تكون ابرز في هذا المجال على اعتبار ان النواحي الاقتصادية والسياسية تحمل اهداف ثابتهة في الاغلب؛ اقتصاديا يسعى الانسان الى العيش الكريم والقدرة على توفير مقومات الحياة، سياسيا وهو ما يعنينا فقليل من يهتم بها ويحاول تغيير اهدافها لتناسب المرحلة التي يعيشها، حيث تتجمد فيها القوالب حتى تصبح مقدسة دون الالتفات حتى الى تغيير الاليات للوصول لهذه الاهداف التي تتحول في مراحل لاحقة الى شعارات لاتغني ولاتسمن.
اقليم كردستان جزء من العراق منذ تشكل الدولة العراقية، وخاضت الاجيال الكردستانية المتعاقبة نضال مرير لأجل الحصول على حكم ذاتي يسمح لها بموجبة التحدث بلغتها وتعليمها لابنائها وادارة بعض تفاصيل في الاقليم، لكن دون جدوى حتى عام ١٩٩٢ عندما اقر مجلس الامن الدولي منع النظام البعثي من ممارسة سلطته في الاقليم ليصبح شبه دولة لم تعمر, وسرعان ماانقسمت بين السليمانية واربيل حتى عام ٢٠٠٣، حيث اقر النظام الفدرالي في العراق وعاد الاقليم جزء من العراق اقتصاديا وعسكريا وخارجيا، لكن الحلم الكردي في الدولة المستقلة رغم عدم واقعيته ظل يداعب مخيلة بعض الساسة الاباء، ليصل الى الاستفتاء عليه جماهيريا بعد شحن العواطف وتحريكها ضد المركز وباقي مكونات الطيف العراقي، هذا الاستفتاء الذي واجه رفضا عراقيا وحتى كرديا واقليميا ودوليا لتنتكس الاحلام ويصاب الاقليم بشلل في كل مفاصله؛ وصل في بعض المراحل الى الحرب الداخلية.
اليوم حيث تتصدى طبقة سياسية جديدة يقودها الابناء من رئيس الاقليم الى رئيس وزراءه، ينبغي ان يترك للابناء حرية اختيار حلمهم وتغييرهو من الدولة الى الانصهار في جسد الدولة العراقية والتعاون مع الحكومة الاتحادية لتقديم الخدمة للمواطن الكردستاني الذي ذاق الامرين في المراحل السابقة, من عوز مالي وتهديد امني، فالمرحلة التي يمر بها العراق والمنطقة غير قادرة على ضبط ايقاع اعلان دولة يعارضها العالم برمته، وهكذا حلم سوف يضع البلد واقليم كردستان امام تهديد وجودي حقيقي. دعوة للابناء الى تغيير الياتهم وتجميد حلم الدولة طويلا والتحرك بعيدا عنه لخطوات باتجاه المركز لتجاوز المرحلة وتصحيح العلاقة مع المركز من خلال التعاون في سن القوانين التي تشكل سبب مستمر للتأزم بين الطرفين، لاثبات ان احلام الابناء ليست بالضرورة تشابه احلام الاباء..