الساسة وبسبب تلونهم، فان كثيراً منهم تنوب عنه وسائله الإعلامية، في نقل مواقفه السياسية، التي غالباً ما تكون خجولة، لخشيتهم الظهور امام الاعلام المرئي، ليعبروا عن موقفهم ازاء القضايا المصيرية المهمة، سياسية كانت او غيرها، التي تحتاج الى موقف حقيقي معلن، فغالباً ما يتحدث نيابةً عنهم السوشيال ميديا, وفي احسن الأحوال الوسائل الإعلامية التابعة لهم.
ذهاب عمار الحكيم الى قلب كردستان, وفِي جلسة تأدية اليمين الدستوري لرئيس الإقليم, وامام الاعلام المرئي والمسموع، لا لمباركة, والاستعراض, او رد الجميل، وانما لإرسال رسالة ذات مضامين عميقة، يوصل من خلالها رأيه بصراحة متناهية، بعيدة عن التقول او التصريح، وامام ساسة الإقليم، وعلى مسمع ومرئ من الشعب الكردي، ليخبرهم عن سبب قدومه اليهم.
وكان من اهم ما جاء فيها:
تذكيرهم بفضل المرجعية الدينية عليهم، عندما افتت بحرمة مقاتلة الأكراد في شمال العراق، إبان الحرب ضد ضدهم في ستينات القرن الماضي، والإبادة التي تعرضوا لها، من الحكومة العراقية في حينها، وتحريم قتالهم، والمحافظة على دمائهم.
كما اوصل الرسالة الأهم، وهي دعوتهم لنسيان الدولة المستقلة، والتوحد ضمن العراق الواحد، فإن قوتهم بقوة العراق، ووجودهم بوجوده، وان قرار الآباء قد لا يرغب فيه الابناء من الشعب الكردي، ولكي لا يصبحون محط استهداف من دول الجوار، وان لا يكونوا نقطة صراع إقليمي جديد، كما يحدث مع العراق اليوم.
لم تكن مواقف الحكيم ازاء وحدة العراق وليدة اللحظة، ولَم يكن رفضه الانفصال من بنات افكار اليوم، وانما هي رسالة واضحة العنوان، باننا سنرفض الانفصال ان حدث في الغد كما رفضناه في الامس.
لكي لا ننسى موقفه الرافض للانفصال الذي دعى اليه من مصر العربية، اثناء زيارته لها، الذي اخذ صدى واسع في الاعلام الدولي والمحلي، فيأتي اليوم ومن قلب كردستان، وفِي اهم مناسبة لديهم، وهي اداء اليمين الدستوري لرئيس الإقليم، بعد صراع سياسي طويل بين الاحزاب الكردية، كما ذكرهم بذلك وسط حضور واسع للقيادات الكردية، وتواجد كبير من ممثلين للدول العربية والأجنبية.
لم يفكر الحكيم في عدم رضى الأكراد, وزعل بعضهم, او عدم مناسبة طرح الموضوع، بقدر تفكيره في وحدة العراق أرضاً وشعباً.
الأهم في ذلك هو إرسال الرسالة الى المعنيين، واستلامهم إياها في هذا الوقت، وان هيمنة الحزب الديمقراطي على سلطة ومقررات الإقليم لا تعني امتلاكهم جميع القرارات، وإعطاء الحق لأنفسهم بتقرير مصير الشعب الكردي، وان تلك المسألة ليست مسألة حزب معين، وانما هي مصير شعب بأكمله.
وصلت رسالة الحكيم, وفهموا ما بين سطورها، وعرف المقابل حجمه الحقيقي, وادرك الأكراد ما لهم وما عليهم, وان القرار السياسي يختلف كثيراً عن القرار المصيري لبلد بأكمله, ومن يريد ان يفكر في مصالحه الضيقة، عليه ان يعرف ان هناك حدود لا يمكن لأي شخص ان يتخطاها، وهذا الامر مطلوب من جميع السياسيين العراقيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والدينية والقومية.