في كل عَقد يمر على العراقيين تظهر على مَرّه الظواهر والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية ، وجميعها تسبب الذعر، ابتداءً من ظهور قطيع الخنازير في جنوب العراق والذي تسبب بمقتل واصابة العديد من الأشخاص ، فضلاً عن تدمير مزروعاتهم وحقولهم مما كبدهم خسائر كبيرة ، ولم ينعم ذلك الجنوب بالخلاص من ذلك القطيع إلا ظهرت التماسيح وبشكل مفاجئ وهي تباغت المنازل في القرى مسببة الرعب لدى الأهالي ومن يعتاش على صيد الأسماك فباتت الأنهر غير آمنة الى ان تم معالجة الأمر من قبل وزارة البيئة ، لكن هاجس الخوف من ظهور التماسيح مازال يراود الناس .
أيضاً لا يخفى على الجميع ، بعد اعلان “الإكتفاء الذاتي” من الأسماك في العراق جاء الرد من قبل من له مصلحة في ضرب ذلك الإكتفاء لتحويله الى فاقة تطيح بالإقتصاد العراقي بجريمة “نفوق الأسماء” التي يمكن ان نسميها (جينوسايد الأسماك العراقية) ، حيث بدأها من نهر الفرات في قضاء المسيب شمالي محافظة بابل ولم ينهِها ، وبذلك تسبب ذلك النفوق خسارات هائلة لأصحاب الأسماك تعدت مئات آلاف الدولارات فضلاً عن تلوث النهر والأمراض المصاحبة له للقريبين على الفرات .
واليوم نشهد موجات حرائق الحنطة والشعير في محافظات عراقية في غرب البلاد وشرقها، حيث ارتفعت المساحات المحروقة لغاية 4/6/2019 إلى 20730 دونماً مربعاً ، وهو رقم مخيف قابل للزيادة حيث يشار إلى أن الدونم هو وحدة قياس للأرض الزراعية ، ويساوي مساحة كيلومترين مربعين ونصف كيلومتر مربع.
لاسيما ان الموسم الزراعي شهد في العام الحالي غزارة في الأمطار، ما تسبب بوفرة في إنتاج الحقول الديمية في تلك المحافظات لمحصولي الحنطة والشعير ، وحسب تقديرات وزارة التجارة فإن إنتاج هذا العام يغطي الحاجة المحلية لأكثر من عامين.
أشارت أصابع اتهام وزارة التجارة الى تنظيم داعش بإضرام النار في الحقول ، معتبرة أن ذلك استهداف إرهابي لأمن البلاد الغذائي ، وذلك ينفي ان تلك الحرائق شبت بسبب تماس كهربائي او سيجارة كما صرحت بعض الجهات ، فقد أظهرت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لأدوات تسبب الحريق كإستخدام الصواعق المتفجرة المحلية الصنع وايضاً استخدام عدسات المكبرات العاكسة لأشعة الشمس مسببة الشرارة للإحتراق الكامل .
بينما اشارت أصابع اتهام أخرى الى جهات مخربة غير معروفة غايتها إبقاء العراق مستورداً لغذائه !! لاشك من سيعرض حنطته وشعيره لبيعها للعراق فسيكون داخل دائرة الشبهات في كل ما حصل و من سيساعد المتضررين جراء هذه الجرائم دون مقابل فـ (رايته بيضا) .
كل التعرضات التي صابت العراق جراء تلك الحرائق قد تختلف بغايتها ربما، وهذا ظاهر في حرق المحاصيل الزراعية في قضاء سنجار (شنكَال).
في التأريخ المشؤوم 3/8/2014 يوم الإبادة الجماعية للسنجاريين الإيزيديين بالدرجة الأولى ثم المسلمين والمسيحيين من قتل وخطف وسبي واعتقال واعتداء على المحرمات والرموز الدينية وجعل المدينة وجزء اكبر من أهلها ركاماً من رفاة ممزوجة مع احجار منازلهم والجزء الآخر في تابوت النزوح الى يومنا هذا ، كانت غاية داعش الإرهابي اتباع سياسة الأرض المحروقة عندما فقدوا الأمل من البقاء ونهايتهم باتت محتومة وبسبب عدم رضوخ اهالي المنطقة الى حكمهم وترك المنطقة بالكامل إلا بعض القرى المحيطة بقصبة قضاء سنجار ، فكان الثأر لعدم تقبلهم ومعارضتهم وقتالهم حد الموت هو اتباع أساليب شنعاء لإعتراض أهالي المنطقة من العودة الى ديارهم ، فاستخدموا اساليب التفجيرات المتفرقة والإغتيالات و الخطف خلال الفترة المنصرمة لكل من يقترب من المنطقة، وبعد المحاولات لإعادة الحياة ومحاولة لإعادة الناس الى منازلهم بدأ بعض المزارعين بزراعة أراضيهم لمحصولي الحنطة والشعير كخطوة أولى لكنها سرعان ما اكتملت للتحرك بالخطوة الثانية سرعان ما اوقفتها عصابات الشر والظلام لتبث الخوف في قلوب الأهالي وتقطع الأمل للعودة الى المنطقة وذلك بإحراق المحاصيل الزراعية راح ضحيتها مجموعة من المواطنين الإيزيديين أصحاب الأراضي كانوا يقفون على حصاد الزرع .
هذا العمل المقت هو امتداد لتلك الإبادة البشرية ، من سيلتفت لها ؟ من سينظر الى الضحايا التي زهقت ارواحها ؟ من سيعوض المزارعين ؟ هل سيكون مصيرهم مصير المخطوفين والمخطوفات لدى داعش الإرهابي ؟ والأطفال العائدين من معتقلاتهم ؟ والناجيات ؟ والمعتقلين الناجين ؟ و .. و.. الخ ، سلسلة الـ (و) لن تنتهي ، إلا بإنتهاء آخر سنجاري ربما ! فهل السنجاري فيض على هذا العالم يا ترى ؟ الله اعلم .