خبنتُ عباءتي لسترِفتقٍ بدا فيها من الزمن العقوق *
واخشى انها بالخبن تفنى اذا واليت اخفاء الفتوقِ
ترامب ورط نفسه في موضوع شائك ومقلق انفرض عليه نتيجة لسياساة من سبقوه من زعماء وادارات الولايات المتحدة الامريكية . بداياتها اقدامهم الخاطئ على احتلال العراق وبدعم وتحشيد عالمي وعربي , امريكا لها اولويات اساسية ومنهج متمسكة به عدواني استعماري معتمدة في ذلك على قوتها العسكرية والاقتصادية وضرورة استخدامها في تنفيذ اطماعها وطموحاتها كما تعتقد . وهذه السياسة هناك من يعمل على تنفيذها ويروج لها من الداخل الامريكي ” مصالح شركات ” . تدخلها في شؤون العالم والمنطقة العربية والشرق اوسطية مبني على هذا الاساس . من المعروف ان امريكا لاتحل مشكلة بالعالم بل انها تسعى لخلق المشاكل وتطويرها او الامساك بخيوطها وتوجيهها لخدمة مصالحها .
الولايات المتحدة خلقت ” الخمينية ” كحركة باطنية مذهبية طائفية عنصرية للدور الذي تلعبه حاليا في المنطقة العربية ومنذ بدايتها كان واضحا ذلك ” رفع شعار تصدير الثورة و طريق تحرير القدس يمر عبر كربلاء ” . استخدمت حالة الطائفية المذهبية منذ نشوئها وهي حالة منطقية بالنسبة لمثل هذه الحركة لها تأثير في الوسط الاسلامي بشكل عام والعربي بشكل خاص . فشلت في زمن صدام حسين من فرض منهجها العدواني الغير سليم على العراق كون محافظتي النجف وكربلاء العراقيتين تشكلان المركز الروحي للمنهج الذي تنتهجه هذه الحركة وتلعب به وعليه . فقابلهم صدام بمنهجه الوطني القومي . اثناء الحرب الايرانية العراقية حاول استغلال عرب الاحواز فشكل منهم جبهة تحرير الاحواز ومن داخلهم شكل جيش تحرير الاحواز سماه ” فرقة صدام العسكرية ” وأنشئ لهم قرى داخل الراضي العراقية .
فشلت ايران فشلا ذريعا فيما كانت تضمره من اجتياح واكتساح للعراق , في حسابات الحركة الخمينية سيكون ذلك سهلا , لكن العراق فاجئ الجميع بصموده الاسطوري حرب ثمان سنوات مع دولة تفوقه بثلاثة اضعاف مساحة وسكان وجيش واسلحة ” فما بالك لو كانت مثل هذه الحرب مع اسرائيل ” . كانت امريكا واعوانها من العرب وغيرهم يتمنون انكسار النظام العراقي لكنهم في الوقت نفسه لا يحبذون سطوة ايران على المنطقة . عندما احتلت ايران ” الفاو” العراقية قال رفسنجاني في تصريح قاسي وخطير جاء فيه ” على حكام الكويت ان يدركوا الان بأننا اصبحنا جيران على الارض ” وهذا الكلام له مدلولات عميقة وخطيرة على الكويت وعلى دول مجلس التعاون . لكن العرب لم يعوا خطورة توجهات النظام الايراني في شكله ومظمونه المستقبلي فكانوا يقحمون انفسهم بين كلا الطرفين ايران والعراق بصور مختلفة الاشكال . حتى انكسرت ايران وانتهت الحرب لصالح العراق , وهذا ما اذهل الحميع الاعداء والاصدقاء . وبذلك شكل العراق المصدر الاول للقلق الامريكي واسرائيل واتباعهم والكثير من الدول العربية وخاصة دول الخليج التي لم تكن جادة في نصرة العراق , كذلك ليبيا القذافي التي تملقت لايران ومصر الغير معنية بهذا الاشكال وسوريا التي حسمت موقفها للصالح الايراني من البداية . اللهم فقط الاردن التي ” تحزّمت للعراق ” من زمن المغفور له الملك حسين بن طلال رحمه الله . عند انحسام الموقف للطرف العراقي بدأت سواعد الدول ” الجافلة ” من الانتصار العراقي تعمل في الخفاء للحفر تحت اقدام النظام مثل حسني مبارك حاكم مصر والكويت والسعودية وكل دول مجلس التعاون بتحريض من الولايات المتحدة ودعم منها ورسم صورة مظلمة عن مستقبل سلوك ومنهج النظام العراقي تجاه العرب واسرائيل المرتبطين بعلاقات استراتيجية معهم والخوف من منهجه في والوحدة والاشتراكية . وهذا يهدد و يخيف و يثير حفيظة امريكا واسرائيل ودول المنطقة الفاعلة والمؤثرة . حاول العراق بنظامه المحارَب تحسين مواقفه وصورته امام العالم , مثل امريكا ودول المنطقة و بالاخص دول مجلس التعاون وبالخصوص المملكة العربية السعودية , في تصريح لصدام حسين , لو ان الاتحاد السوفيتي اعتدى على السعودية فأن العراق سيكون اول المتصدين له دفاعا عن السعودية . وكان الاتحاد السوفيتي يعتبر من اول اصدقاء العراق ومرتبط معه بأتفاقية تعاون في كل المجالات . اغضب هذا التصريح الاتحاد السوفيتي في حينها بالرغم من ان صدام حسين لم يقصد الاساءة لكنه كان يعني شئ آخر . معنى الكلام اعطاء الاولوية للحالة القومية قبل الصداقة . في الجانب الاخر كان صدام يحاول تطمين السعودية ويكسب ودها فكان الاتفاق والتعاون الشامل حتى بلغ حد تجميد النشاط المخابراتي لكلا الطرفين فبادر العراق بسحب منتسبي محطة المخابرات في السفارة العراقية في السعودية التي كان يرأسها السيد ” ح ” القيادي البارز في جهاز المخابرات العراقية . وفي نفس الوقت كان العراق يعمل على تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية . لكن بالمقابل كان يهيئ للاقتصاص من حكام الكويت نتيجة مواقفهم السلبية تجاه العراق اثناء حربه مع ايران . فكانت الكارثة . اجتياح الكويت ” كان القصد والهدف تأديبي ” اكثر منه الطمع في الكويت وما تحتويه كانت حالة غباء من قبل رئيس النظام العراقي . انقلبت الدنيا عليه وتخلى الجميع عنه , خطوة غير محسوبة بالشكل الصحيح وكأنه سقط في فخ معد له بعد ان توهم باشاعة سواتر دخان تعتم على ما ينويه ويفعله . هذا ما كانت تتمناه امريكا واسرائيل وايران . انسحب العراق من الكويت مرغما , وبعدها كانت كارثة الاحتلال . حكام الكويت تمادوا واوغلوا في اذية العراق وخاصة في استلابهم لجزء كبير من اراضيه في محافظة البصرة . مدعومين من قبل الولايات المتحدة وحلفاءها . على حكام الكويت ان يحسبوا حسابا خاصا لمستقبل العلاقة وان يتذكروا ان من اهم اسباب الحرب العالمية الثانية هو الموقف المجحف لفرنسا تجاه المانيا في الحرب العالمية الاولى . وستعاد هذه المعضلة بين العراق والكويت مستقبلا و ستطالب بها حكومات العراق المستقبلية وان لم تفعل ستكون عشائر البصرة هي الداعي لذلك , بل وحتى لو اخذت ايران البصرة فرضاً ستطالب ايران بأراضي البصرة المغتصبة . وعلى حكام الكويت ان يتذكروا ” الملك غازي ملك العراق وعبد الكريم قاسم وصدام حسين ومن سيأتي بعدهم ” . . . ايران بسبب تعاونها مع المحتل الامريكي ودورها في اسقاط النظام وبتشجيع منها ” اي امريكا ” وسّعت نشاطها السياسي والعسكري التخريبي في المنطقة العربية متكئة على الركيزة الطائفية المذهبية المرتكزة على الفلسفة العنصرية السلفية الصفوية املا في بعث الامبراطورية الصفوية من جديد . لكنها اصطدمت بنفس المنهج الشائك المربك وسقطت بنفس الوحل . يعجز ترامب في قيادة هذا القطار الجامح الذي يسير بمقودين وعلى سكة متقاطعة مختلطة متشابكة تؤدي في نهاياتها الى وادي الهلاك الوعر الذي سيتحطم الجميع فيه ومن خلاله .