* أرادوا لها معالجات على نار هادئة , فإشتعلت !
* اذا حلّت الثقة حضر الحل !
* المؤسستان التشريعية والتنفيذية عجزتا عن الحل الوطني
الظروف الصعبة التي تغشي بسوداويتها حياة العراقيين ومستقبلهم وتهدد كيان العراق السياسي , أصبحت اليوم على مستوى عال من التعقيد مثل شبكة متداخلة ليس لها من رأس ونهاية .
واذا كنا في مراحل سابقة من مراقبتنا للأحداث , قد حاولنا تشخيص المثالب والارتكابات في اطار ما يدعى ب(العملية السياسية) , صارعلينا اليوم تفكيك ارهاصات تحول الخلافات بين السياسيين , المتحولة الى عداء يبدو انه بات مستحكما بين (رئيس السلطة التنفيذية) وغريمه رئيس (السلطة التشريعية) من جهة , وبين فصائل هامة من الشعب العراقي كسكان المنطقة الغربية , مضاف الى ذلك ما أدركه الشعب العراقي عموما من عجز حكومي واضح , عن تلبية مطالب العراقيين في حياة كريمة مكتفية , في بلد تبلغ عائداته النفطية 15 مليار$ شهريا فحسب , ناهيك عن موارد الدولة الاخرى الضريبية والكمركية ..الى جانب الجريمة العظمى المتمثلة بما وثق عن “حماية رئيس الوزراء للوزراء والنواب ومريدي حزبه ذوي الملفات الموثقة والمدانة قضائيا وهروبهم بألأموال العامة المختلسه من دون ايقاع العقوبات بهم , ورد تلك الاموال الى خزينة الدولة “.
لن يصح اليوم ادانة فلان او علاّن , او جهة محددة من السياسيين ..بل ان الأمر اصبح على وضوح تام , من ان جميع اللآعبين في السياسة العراقية هم اليوم مسؤولون مسئولية مباشرة عن مايجر في العراق !
وعلينا في هذا الصدد القول بصراحة تامة ..ان الغمامة الطائفية الراهنة , ليس للشعب العراقي أية علاقة في اثارتها , بل انها من صنع السياسيين المؤدلجين , الذين اثبتت الوقائع منذ عشر سنوات , انها اصبحت الوسيلة الدافعة لقرارات ومواقف لاتستقيم وهدف تحقيق العدالة والامن, وجعل العراق عصيّا على منافسيه من الدول الإقليمية , التي يخبرنا التاريخ انها ليست مع استقرار سياسي , وازدهار اقتصادي تراه قد تحقق في العراق , لبواعث يطول شرحها , اساسها صراع الحضارات والاثنيات والثقافات, وتسيّد الفكرة الإستحواذية على المصلحة الإنسانية المشروعة الراهنة .
الأخطر في الأمر ..ان مجمل نتائج ارتكابات السياسيين وافتقادهم الى الإستراتيجيات المنطلقة من دوافع وطنية صرف , وممارسة الحراك السياسي, بكثير من القصدية والمزاجية والكذب واسقاط الآخر ومجانبة (الدستور) العليل , وعدم تذكره الّا حيث استلال مايحقق رؤاهم ومصالحهم المباشرة ..كل ذلك افقد الجبهة الداخلية العراقية مقومات صلادتها , وقدرتها على جعل الشعب العراقي في موقف منسجم مع ضرورات حيازة الامن والسلام الداخلي ..واذا ماتذكرنا واقع الثقافة العرقية والمذهبية والشللية السائدة , ندرك خطورة كل هذا على دولة هشّة , خرجت على الأقل (صوريا) من تحت براثن أبشع واكثر الاحتلالات تفردا في الألفية الثالثة ..ولم يبق للعراقيين ( استعادة تشخيصات عزيز علي المبكرة ) التي عجز عن ادراكها سياسيوا (الغفلة) .
لسنا مع مخاتلات رئيس الحكومة.. ولا مع حبكات تصاغ في (ايران او قطر او السعودية) , وكذلك فان الشعب العراقي لن يتفهم او يتطبع يوما ما بالمشاريع الهادفة الى (تقسيم العراق) , ومن ثم تجزأة المقسّم , لتذهب ريحنا ويباد كياننا السياسي , وتداس قيمنا المتوارثة, نتيجة لسياسات عرقية وطائفية ومذهبية رعناء , لاتنسجم ومبدأ التعايش الإنساني, التي لم تجلب للعراق غير الدمار والخراب ,وهو البلد الذي كان يمكن ان يصبح أغنى دولة في المنطقة , يعيش شعبها افضل مستوى من الحياة المعاشية , لو توفر له سياسيون شرفاء يضعون الله امام اعينهم , ويتألمون لوخز الضمير الوطني اذا كان حيا ..
لا يهم سواد الشعب العراقي من يكون الرئيس؟ ومن يكون رئيس الوزراء ؟ كما لن يهمه ان كان لديه مجلس (نوام ) او (أعيان ) او صاحب فخامة او معالي او سعادة و( كلها اصطلاحات غريبة لاتتفق ومعايير ثقافتنا االإجتماعية ) , بل يهمه من يعمل بنقاء ضمير , ويتغلب على الهامش السلبي من نوازع الانسان الكامنة الفاسدة والأنانية , والنظرة الى المواطن الآخر نظرة الدخيل لا الشريك ,تحدوه قصدية الإنتقام بدعاوى جريمة فرد او مجموعة, من دون النظر الى متطلبات مرحلة تستوجب سيادة العدالة بين العراقيين بكافة انحداراتهم !
اليس لذلك كله الدور الهام في تحول العراق الى كيان على تشظية وضعف ؟ أتاح للطامعين فيه من دول الجوار والدول الإقليمية شراء ذمم ضعاف الايمان والوفاء لعراقيتهم , حيث يتم تسخيرهم لقتل الابرياء في مدارسهم واسواقهم ودور عباداتهم ومشافيهم ,تحت مختلف الشعارات والتسميات الوافدة والمبتدعة ..وأزاء هذا بقيت سلطة القانون تعاني العبث والإلتواءات والتوجيه المقصود نحو تحقيق الاهداف الضيقة للحاكم .
نحن نقر حقيقة ..بأن ماتشهده بعض المحافظات من تظاهرات واعتصامات , لم تلق استجابة تتناسب ومبدأ تصحيح أخطاء الحكومة, التي راحت تماطل وتسوّف وتراهن على الوقت , من اجل انهاء الإحتجاجات, التي وجد من يركب موجتها ,ويحولها الى صياغة اهدافه الخاصة , وقد ادركت بعض قيادات التظاهرات حقيقة حرفها عن اهدافها الإبتدائية المحددة , بمعالجة البطالة وتحقيق العدالة وتنشيط الخدمات , رغم ان بعض المراقبين على ادراك بان قيادات هذه التظاهرات , قد بدأت خطة مبرمجة على مراحل من اجل الوصول الى ماهي عليه الآن من تشكيل جيوش عشائرية, على أننا ينبغي ان لانغفل استغلال عدد من السياسيين هذه التظاهرات بدوافع انتخابية .. هنا لايهمنا حقيقة.. من تصدر, وتظاهر, ورفع صوته , وهدد او توعد , وهذا كله لايتناسب مع سياسات او مواقف من المفترض تكريسها , ضمن مجتمع متعدد الأثنيات والثقافات كالمجتمع العراقي , كما ان ما ارتكبته الحكومة من اجراءات اتسمت بالقسوة والعنف , وما جوبهت به من تصرفات مقابلة وجهت من قبل سياسيين , هو الآخر امر كان ينبغي ان يعالج بالحكمة , بسبب من ان الحكومة ,هي الطرف القوي , والاكثر اقتدارا , على اتخاذ القرارات وتنفيذها , فانهاهي الملومة شرعيا وقانونيا في عدم معالجة الامور بسياقات واجراءات تهدا ولا تصعّد , وكان المتمنى لحل كل ذلك , هو الحوار بنوايا حسنة , التي يفيد رئيس الوزراء ومريديه ” انها جوبهت برفض وتعنت من قبل الشخصيات التي (خطفت) اهداف التظاهرات” من ذوي النوايا الحسنة .. إذ استهدف رئيس الوزراء انجاز (طبخة) ما على نار هادئة !
وفي حكاية (الرجل الذي لصق بالكرسي) نجد
في رؤية واقعية .. ان اية اجراءات ذات طبيعة سلمية او ديموقراطية , لاتجد لها اي نصيب من النجاح , قبل انقضاء الدورة البرلمانية الراهنة , التي جاءت الحكومة من رحمها , ومن تحت عباءة اتفاقية (اربيل) وهي في حقيقتها اتفاقية بين سياسيين , ولم توقع في مابين مؤسسات تنفيذية او تشريعية عاملة في البلاد , وهي لاتعدو كونها ورقة خلت من ما يوثق , ربما لأنها جاءت في وقت لم يعد (الكلام وبرم الشوارب وعدا ووفاء) , تم التنصل عنها من قبل اطراف عديدة ومن بينها المالكي , للتحول تلك الاتفاقية الى ورقة (زواج عرفي) لايعترف بها القانون , كما لايستحبها المجتمع ويكفرها المتدينون !
نوري المالكي لاينام ليله , ودرجة ضغط دمه تتعالى ,ولا أحد يتوقع سلامته من جلطة قلبية اخرى قادمة ..كما ان (رئيس الجمهورية) الذي طال غيابه ,اجلسوه من اجل صورة تظهر نصف وجهه , ولاتنبأ ان الرجل يمكن ان يكون على قدر مناسب من عافية تؤهله في وقت قريب , لممارسة دوره في( رأب الصدع) .. ورئيس مجلس النواب غاضب, ويثرثر ,متهما رئيس الوزراء.. ورئيس الوزراء حاقد على رئيس مجلس النواب . بينما يتوالى كشف ملفات الفساد الإداري والمالي , في أجهزة يشرف عليها رئيس الحكومة عالج قليلها باجراءات لاترقى الى مستوى الإجراءات المشددة لقطع دابر الفساد . ساعدته في ذلك (تخريجات) قضائية أمّنت لوزراء ونواب فاسدين ومحكومين باحكام قضائية الإفلات من العقاب ..فان اية كلمة فاضحة للفساد تقض مضجعه , حتى لو جاءت من مذيع في قناة تلفزيونية..وهناك على رمال (الانبار وسامراء والفلوجة ) وتحت خيمها المعرضة للحرق , وساحاتها التي تنتظر الإنتقام ..يتحشد أناس ربما توفر او لم يتوفر لهم الفهم الصحيح لما يجر من تطورات , ربما تصل الى استخدام السلاح الخفيف في مواجهة سلاح ثقيل ومتوسط تمتلكه القوات الأمنية ..وعند ذلك تحدث الكارثة التي لا أحد من العراقيين المفلسين من النوايا النفعية يريد لها التفجر, على أمل تحقيق رغبات بعض متصدري التظاهرات من أن الوصول الى بغداد لايتطلب غير (هوسات ورايات) تفتح لهم بعدها بغداد !
المشكلة الحقيقية التي يعاني منها الشعب العراقي تكمن في سياسييه غير المتمتعين بادنى نسة من الثقة فيما بينهم ,وهم يتصدون لأعمال تتوقف عليها حياة الشعب ومستقبله وصلادة كيانه السياسي ..ومن الطبيعي ان هذه الثقة لايمكن تحقيقها من دون نوايا تعود مرابطها الى اهداف العراقيين السياسية والإقتصادية والإجتماعية , ولا تتأثر بأي من رغبات دول الجوار في رؤية (دولة مريضة) , يتاح لتلك الدول استثمار مايتاح لها من منافع ..فالقوم لاهون بقتال بعضهم ! لم لا يعمل منافسوهم على التمدد والإستحواذ ؟ وهذا مانراه اليوم كحقيقة على الأرض في تصرفات (الكويت وايران وتركيا ) ..ومثل هذا الأمر قد حفل به تأريخ العلاقات بين مختلف الدول والأمم .
اذن .. يمكن لنا اعتبار ما اوصلتنا اليه السياسات القائمة , جرائم وطنية لايمكن التغاضي عنها ..ولكن من يشخص , ويحاسب , ويعاقب ؟ إذ ان جريمة واحدة من الجرائم المرتكبة وهي (الاتصال بأجنبي) , توجب عقوبة الإعدام على وفق (قانون العقوبات البغدادي), (وقانون السلامة الوطنية ) المعمول بهما لحد الآن , سواء كان المرتكب رئيسا للوزراء أو رئيسا لمجلس النواب , او وزيرا أو نائبا تجاوز مسئولياته الدستورية , اومواطنا سال لعابه لمال أو منفعة ! فمصلحة العراقيين في بلادهم الحرة , التي تؤمن الرفاهية والكفاية والعدالة الإجتماعية . وفي الدول الليبرالية وبعض دول العالم الثالث ,التي يتوفر لها هامش من الشفافية, يمنع القانون احتفاظ المسئول بأية هدايا تهدى له من دول أجنبية , حيث تضم الى الخزينة العامة . كما ان تمويل الحملات الإنتخابية , يعد جريمة كبرى تسقط المستفيد حتى في حالة فوزه بأعلى الأصوات !
لقد أصبحت الكتابة والتنبيه واستجلاء الأفكار من قبل قادة الرأي , أمر ينطوي على العبث , فلا أحد يصغي , ولا أحد يريد أن يعمل بما يستقيم مع أهداف العراقيين , المنطلقة من حقوقهم الشرعية والدستورية , بسبب من ضياع بوصلة الأهداف العامة , وتشتتها نتيجة التقاطعات والتناقضات , بين مختلف الكيانات والتوصيفات التي تتصدر المشهد السياسي.
وهذا ما خططت وعملت له الولايات المتحدة الأمريكية , وفق سياسة (التقسيم الناعم) في اعقاب غزو (الكويت), الموضوعة من قبل (ديك شيني ) والمعمقة المكساة بظروف الزمن الراهن , من قبل (جون بايدن) نائب الرئيس الأمريكي ,وهي ايضا تعتمد في أساسياتها على استراتيجية اليمين الامريكي المتصهين, التي تؤمن في النتيجة النفوذ والنفط وتشغيل مصانع السلاح الامريكية , وتنفيذ مايدور في الثقافة الصهيونية عن حلول موعد معركة (هرمجدون) على الارض العربية , التي قال(بوش الابن) من “ان الرب قد اختاره من اجل توفير ظروف اعلانها”
السؤال الأن .. هل علينا التجمل بالصبر ؟..وهل يمكن أن ينقذ الصبر العراقيين مما هم فيه ؟ او يحبط ما يخطط له (جيرانه الأعداء) وبعض أبناءه العاقّون !
الاجابة الصحيحة في عالم الغيب !