امتاز العراقيون منذ الأزل بأنهم سياسيين محنكين لا ينافسهم احد على قيادة دولتهم , فكانوا أول من وضع الركائز الأساسية لبناء الدولة، وقيادة مجتمع يتصف بكل مزايا السلم الاجتماعي،وتركوا الاوائل لنا تلك الأسس منحوتتاً على صخر حجر الصوان لانهم كانوا على علم ودراية بما سيحل بالعراقيين بعدهم..!
اجدادنا الاوائل كانوا من الحكمة والدراية بما يؤهلهم لتشريع القوانين، وتنظيم الميادين لتكون الدولة دولة عدل، في وقت كان ما حولهم يعيش ظلام الهمجية،لقد راكموا لنا ما كانوا يعتقدوننا نستحقه،ارث كبير.. معارف.. علوم.. ادوات..صناعة..تشريعات، كل هذا يقودنا الى ان الشعب العراقي” كان ” شعباً سياسياً محنكاً بنى نظاما ً متكاملاً للدولة هدفه اسهام حضاري لطالما تحدث عنه الكثيرين.وفي ما تلا من وقت ولان الدول مثل الكائنات الحية اضمحل ما صنعه الاجداد فيما استفاد منه أمم اخرى ومنها أمم الغرب.
فمجلس النواب او ما كان يعرف آنذاك “بالكاروم “هو ملتقى سياسي اشوري جمع وجهاء القوم وزعماء البلاد ليتحول الى نظام قادر على إدارة شؤون البلاد، وتسير أمور العباد وإرساء العدل ونبذ العداء. لكن أين “الكاروم” ألان ؟ ولماذا أصبح نتاج إسلافنا ملك لغيرنا ؟ فربما نحن قصة لمثل شعبي من نتاج أجدادنا أيضا ( يا من تعب يا من شكَة يا من على الحاضر لكَة ) هذا ما تدمى له قلوبنا وتدمع لأجله عيوننا !!
في يوم من الأيام كانت الكوفة عاصمة للعالم، اخذ العدل ينتشر والمساواة تضع ملامحها وترسي ركائزها في نفوس شعبً تعرض لمختلف الحروب، ومورست بحقه الكثير من الأساليب التي تقشعر لها الأبدان، كانت العيون تترقب أن يولد حاكم يغير واقع الحال يحاسب الظالم وينصف المظلوم، لا يفصل الشعب فيه عن الحاكم جداران ..أجهزة امن الحاكم مصباح سحري يهتف شبيك لبيك متى ما احتاج له المواطن.. سلاما يا أبا الحسن فبعدك أصبحت الأيتام يتضورون جوعاً ، والأرامل يستجدين لاطعامهم ، وباتت قلوبنا من حجر وبيوتنا صفيح وطين، ليأخذ الغرب نهجك وارثك فما لبثوا أن يكونوا دولاً تدار بالعدل وحتى حشرات مزارعهم لها حقوق، في الوقت الذي بتنا فيه شعباً بلا حقوق .
لقد جسر الغرب فراغات المعرفة السياسية لديه، بأن أنتهل من تراثنا السياسي الذي تركناه منشغلين، بالتسبيح والحمد لطغاة اعتلوا ظهورنا خمسة عشر قرنا ً..فهل علياً منا نحن معشر العرب ام من أمم الغرب ؟! فما بالك لو بعث علياً من جديد ليجد أن ما وضعه واثبت ركائزه قد أخذته شعوب لا تمت للإسلام والمسلمين بصلة كالتي نمتها بها نحن،فيما اصبحنا عرضة للنقد والاستهزاء على منصات مؤتمراتهم الدولية وهم يستعرضون ارث أمير المؤمنين علي(عليه السلام).. وما وصلوا اليه بفضل ذلك الإرث، وحسبنا الإعلان الأخير لمجلس حقوق الأمم المتحدة..الذي يوصي الشعوب العربية بالعودة إلى وصية أمير المؤمنين عليه السلام إلى مالك الأشتر في عهده الشهير أبان توليته مصر.
فصه يا صوت الظالم ليعلوا صوت المظلوم ويطالب سلاطين قوما ً ما برحوا أن يكونوا دعاة مصالح شخصية حزبية فئوية لم ولن تقدم ما يطمح شعب عانى ما عاناه ليوصل الحاكم إلى مبتغاه .
النظر الى الماضي كالنظر في حوض سباحة لا يعطي العمق الحقيقي ..