التجارب التي نعيشها في حياتنا اليومية اثبتت الكثير مِن الحقائق والبراهين “المؤكدة” لكونها لا تقبل القسمة على اثنين، مثلا الافعى التي عرفها الانسان منذ وجوده على “ارض المعمورة” وضربت فيها الأمثال عن “الغدر والخديعة” ونظم العديد من الشعراء فيها قصائدهم كتحذير من الوقوع ضحية “لملمس” جلدها الناعم كما يقول عنترة بن شداد “ان الافاعي وان لانت ملامسها عند التقلب في انيابها العطب”، لكونها تمتلك القدرة على التخفي واستبدال جلدها بما تفرضه طبيعة مصالحها والبحث عن أهدافها في البيئة التي تلائمها.
تلك المعلومات وماذكرته ليس درسا في علم الأحياء او معرفة اسرار الطبيعة انما صفات حقيقية يتمتع بها العديد من “قيادات” عمليتنا السياسية الذين يمتلكون القدرة على تمثيل مختلف الأدوار مرة بدور البطل واخرى بهيئة “المظلوم” وأبرزهم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني “دكتاتور” الاقليم مسعود البارزاني، الذي “كشر” عن انيابه ونفث سمومه خلال سيطرة تنظيم داعش على المدن المجاورة لكردستان “مستغلا” حالة الفوضى التي رافقت وجود التنظيم في تلك المناطق ليعلنها في اكثر من مناسبة بان “حدود الاقليم سترسم بالدم ولن يتراجع عن المناطق التي استولى عليها بعد 2014″، لتدفعه بعدها غريزته “بالغدر” تحت عنوان مصالح الكرد الى اجراء استفتاء الانفصال من اجل تحقيق حلمه بتنصيب نفسه قائدا اوحد لإقليم كردستان، لكن جاءت الرياح بمالا تشتهي سفن “دكتاتور الجبل” ليكون الفشل مصيره وليدفع ثمنا غاليا وضعه بحجمه الحقيقي بعد خسارته لمنصبه و”هزيمته” في كركوك.
تلك “الضربة” التي تلقاها على يد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي لم تستهدف رأس الافعى مباشرة لتقطعه وتريح “عُبَّاد الله” من مؤمراته التي لا تنتهي، صحيح انها اصابت أطرافه بالشلل وقطعت “أذنابه” في كركوك وبعض مدن محافظة نينوى، لكن رأس الافعى بقي سليما وسرعان ما استعاد عافيته بعد وصول عادل عبد المهدي الى كرسي رئاسة الوزراء كنتيجة للانتخابات البرلمانية التي جرت في ايار من العام الماضي 2018، حتى ان السيد البارزاني كان اول المهنئين حينما وصف عبد المهدي بانه “صديق الشعب الكردي ومناضل عتيد” ليكون ثمنها تنصيب مدير مكتب البارزاني الخارج من خسارة منصب رئيس الجمهورية فؤاد حسين وزيرا للمالية ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، على الرغم من إعلان عبد المهدي خلال حديثه عن برنامجه الحكومي بعد تأديته اليمين الدستورية “الغاء” مناصب نواب رئيس الوزراء، لتكون اول مخالفة تسجل ضد “المناضل العتيد” .
نعم.. وجود فؤاد حسين على رأس الخزينة المالية للبلاد اعاد لافعى كردستان نشاطها وأخرجها من جحرها مرة اخرى “مستغلة” ضعف دولة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وطريقته في القيادة التي تعتمد على ترضية الجميع وعدم المواجهة “لحسابات” تتعلق أبرزها في البقاء بالمنصب، لترفع صوتها مرة اخرى بالتراجع عن جميع الالتزامات التي تعهدت بها سلطات كردستان بعد “فشلها” في استفتاء الانفصال لتسجل نقطة اخرى بمرمى الحكومة من خلال تعديل حصة الاقليم في الموازنة لتصل الى 21 بالمئة بعد ان خفضت في 2018 الى 12 بالمئة كاستحقاق يمثل اصل “العدالة” بسبب “الفاسدين” من قيادات حزب السلطة في الاقليم الذين “ينهبون” النفط ويتعمدون عدم ارسال أمواله الى الحكومة المركزية، لكن عبد المهدي منحهم فرصة اخرى للمزيد من السرقات حتى وصل الامر الى امتناع حكومة الاقليم عن ارسال واردات النفط المتفق عليها ضمن الموازنة الى بغداد رغم استمرار وزير المالية “مدير مكتب البارزاني سابقا” بإرسال الاموال الى قيادة حزبه تحت عناوين مختلفة ومن دون سند قانوني وآخرها كانت 724 ملياراً و819 مليون دينار ، في وقت يرفض السيد الوزير تخصيص مبالغ مالية لاعادة المفسوخة عقودهم من وزارتي الدفاع والداخلية على الرغم من اقراره في قانون الموازنة، بحجة تسديد الديون.
الخلاصة… الصمت الذي يمارسه عبد المهدي وبعض “جهابذة” السياسة من اصحاب المصالح المشتركة و”حجيج” مصيف صلاح الدين سيدفع البارزاني لارتكاب المزيد من “الحماقات” والتي كانت اخرها تدخله في اختيار محافظ نينوى الجديد منصور المرعيد مقابل “صفقات” لا يعلمها سوى اصحاب “المزادات والمساومات” والتي ستتضح معالمها خلال الايام المقبلة وقد تكون كركوك الأقرب لظهورها… اخيرا… السؤال الذي لابد منه… من سيقطع رأس أفعى كردستان؟..