قد أصبح واضحا بعد إعلان نتائج الانتخابات المحلية، ان ائتلاف الحكيم كان متصدرا بقية منافسيه، رغم دخوله حلبة التنافس منفردا، وخروج منظمة بدر من تحت خيمته، وهو أمر أعتقد كثيرين أنه سيقصم ظهره، سيما وأن “قبيلة” بدر غادرته لتحط رحالها في بادية المالكي المقفرة المنافس التقليدي للحكيم.. ويدعم هذا، أن قراءات المختصين بالشأن السياسي التي قرأناها وسمعناها في فترة الإعداد والدعاية للإنتخابات، كانت تذهب صوب هزيمة مؤكدة سيمنى بها إئتلاف الحكيم، وفقا للمقاربة الآنفة…
لكن وخلافا لذلك كله، أثبت الحكيم أن السنتين ولنصف تقريبا، والتي أمضاها الحكيم بعمل دؤوب لأنجاز بنية تنظيمة واعدة، كانت فترة مثمرة جدا، حيث إستعاد خلالها قاعدة جماهيرية توهم كثيرون أنه فقدها، ليتحول الى منظمة مجتمع مدني منكفئة على ذاتها يديرها الحكيم تحت إسم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، ليعيش مع ذكريات صنعها أسلافه من آل الحكيم..
لقد كان الحكيم يدير أدواته بكفاءة ودربة..وحجز 65 مقعدا في المحافظات التي جرت فيها انتخابات، وعزز ذلك بإدارة كفوءة لتحالفات ما بعد الأنتخابات، حيث ألتف حوله كل عشاق التغيير والباحثون عن عمل منهجي في تقديم الخدمات لمحافظتهم، وهذا ما وجدوه في برنامج إئتلاف المواطن الذي يتزعمه الحكيم، ومن المؤكد أن هذا الإئتلاف سيتحول الى قوة كبرى سيخوض بها غمار إنتخابات مجلس النواب القادم، وهذا مما يقلق منافسيه ويجعلهم يضربون أخماسا بأسداس باحثين عن أسرار إنتصار الحكيم…, فهل ثمة خفايا واسرار كانت وراء هذا الإنتصار الذي أعاده الى الصدارة ..؟!
للإجابة على مثل هذا السؤال الملغوم بالتشكيك، سنحاول النظر في الوجه الخلفي للصورة:
أن المشككين هم الساسة الذين خابت نتائج كتلهم، وموضوع التساؤل والتشكيك هو تيار الحكيم ونتائجه الإنتخابية، لكن صناديق الأقتراع هي التي دحضت التشكيك، إذ أن الناخب قال كلمته وأدار ظهره للمشككين ..
لقد كان الحكيم يعمل الممكن في الزمن المستحيل والمستحيل في الزمن الممكن، لا كما يعمل الأخرون على الممكن في الزمن الممكن. فقد كان يعمل بواقعية سياسية ألمت بكل جوانب الحال العراقية، وتوصل الى نتيجة مؤداها: أن السياسة يجب أن توظف في خدمة الأهداف..ولقد كان هدفه واضحا: خدمة المواطن، أي بمعنى أن توظف السياسة لتقديم الخدمات للمواطنين، ولذلك كان شعاره الذي رفعه في الأنتخابات هو”محافظتي أولا”..هذا الشعار الذي فهم الناخبون مغزاه فذهبوا نحوه، فيما ألتبس فهمه على الساسة فخسروا مواقعهم قبالته، ففاز الحكيم..
…الأهداف الكبيرة لا يحققها الصغار..