لم اكن أفقه وانا صغير معنى التعددية القومية والدينية لمجتمعنا العراقي فدارنا البغدادية كانت مفتوح ، منذ نعومة اظفاري، لاصدقاء يترددون على مجلس والدي على مختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية.
كان مجلسهم يضم بين ٥ الى ٨ اصدقاء يجتمعون في غرفة الخطار المترامية الأطراف تدفئه “صوبات علاء الدين” شتاءا وتبرد حر صيفه “المبردة” ام الحلفا.
وفي ليالي رمضان كانت صواني البقلاوة والزلابية وغيرها من حلويات الشكرجي تزين مركز الصالون وقوري الجاي يجلس كالتاج على السماور عرشه ليتمتع الحضور باستكان سنكين بعد عشاء دسم كان يتراوح بين السمج المسكوف والفشافيس التكة والمعلاك.
كان الجميع يلتفون حول المذياع (ابو اللمبات) التي كانت ابرته تتنقل بين الإذاعات وعلى رأسها هيئة الاذاعة البريطانية “هنا لندن” . أما ليالي خميس اول كل شهر فكان لها وقع ومكانة خاصة فالابرة كانت تستقر على إذاعة صوت العرب التي كانت تنقل حفل كوكب الشرق ام كلثوم والكل يصغي لابداع “الست” لتكون ليلة من العمر.
هكذا كان بيتنا “قوس قزح” بألوانه العراقية الزاهية يلمع في سماء الرافدين.
كانت ايام طرب فيها الجميع لاسطوانات القبانجي، يوسف عمر ، حوريش صالح وداود الكويتي وسليمة باشا.
كانت ليالي وايام خلت رحم الله من توفاه الله وأمد في عمر من معنا.