بعد أن صار نفوذ وهيمنة النظام الايراني على العراق أکثر من واضح بل صارت حقيقة ملموسة يتندر بها العراقيون في مجالسهم المختلفة وحتى صارت موضع ملاحظة من جانب الاوساط السياسية في المنطقة والعالم، فقد صرنا نسمع بين الفترة والاخرى تصريحات خجولة من جانب بعض الساسة العراقيين بخصوص إن العراق ينأى بنفسه عن سياسة المحاور وإنه لايسمح لأحد بالتدخل في شٶونه، لکن هذه التصريحات تتبدد وتنقشع کالضباب إذا بزغت الشمس!
الاستقلالية المزعومة للقرار السياسي العراقي وعدم خضوعه للنظام الايراني، يصبح موضع سخرية مع الموقف الاخير المثير للسخرية لوزارة الخارجية العراقية من المنشور الذي أصدرته السفارة الأمريكية لدى بغداد واتهمت فيه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي ونظامه بالفساد وتجويع الشعب الإيراني وإستحواذه على 200 مليار دولار.
هذا المنشور الامريکي الذي هو يذکر معلومة قديمة نسبيا وقد تم ذکرها وترديدها من جانب شخصيات واوساط دولية بارزة، خصوصا وإنه قد جاء بعد نشر قوائم بأسماء مسٶولين إيرانيين وأبنائهم وبناتهم والثروات الهائلة التي يمتلکونها في البنوك ومن بينهم أبن وأبنة المرشد الاعلى الايراني نفسه، ولم يتمکن النظام الايراني من الرد وتفنيد أو تکذيب تلك القوائم، فالحقيقة تصفع النظام بقوة وتٶکد بأن أموال الشعب الايراني يتم الاستحواذ عليها بهذه الصورة المشبوهة وصور أخرى مماثلة لها، ولکن وفي الوقت الذي لم ينبري أي طرف أو جهة أو دولة للدفاع عن النظام الايراني بهذا الصدد، فإن درجة حمية وغيرة وزارة الخارجية العراقية قد إرتفعت کثيرا بحيث لم يعد هناك من أي فرق بينها وبين غيرة وحمية النظام الايراني نفسه!
وزارة الخارجية العراقية التي قالت في بيانها إنها تابعت المنشور الصادر عن السفارة الأمريكية في بغداد، والذي مثل تجاوزا للأعراف الدبلوماسية، والقواعد الدولية التي تحكم عمل البعثات في الدول المضيفة. وأضافت أن قيام بعثة دبلوماسية عاملة في العراق بطرح منشورات تستهدف إحدى دول جوار العراق ورموزها الدينية أو السياسية، يتعارض مع مبادئ الدستور العراقي والسياسة الخارجية للبلاد ولاسيما مبادئ حسن الجوار وسياسة النأي عن المحاور في العلاقات الخارجية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لجميع البلدان. وأكدت الوزارة أن العراق يتبنى سياسة قائمة على مرتكزات أساسية تتمثل في ألا تكون أراضيه ممرا، أو منطلقا لإيذاء ايران، سواء بوسائل إعلامية، أو اقتصادية، أو تجارية، أو عسكرية، أو أمنية.وأشارت إلى أن ما قامت به السفارة الأمريكية يتعارض مع طبيعة عملها في الدولة المضيفة وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، والأعراف الدولية ذات الصلة. لاندري ماعلاقة وزارة الخارجية العراقية بهکذا مسألة تخص النظام الايراني وحده وعليه بنفسه الرد والتوضيح وليس وزارة الخارجية العراقية التي لاتعرف ولن تعرف أبدا شيئا عن هذه الامور.